أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - راتب شعبو - الطبيب المسكين وفخامة الجريح














المزيد.....

الطبيب المسكين وفخامة الجريح


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6195 - 2019 / 4 / 8 - 15:49
المحور: كتابات ساخرة
    


كبرت في رأس ابن عبود أن تدوبله سيارة لم يكن سائقها يعرف أنه يدوبل سيارة ابن عبود شخصياً، فما كان من هذا الأخير إلا أن طار وراء السيارة الجانية ممسكاً المسدس بيد والدركسيون باليد الأخرى الشيء الذي أدى إلى انقلاب سيارته قبل بلوغها الهدف. كان يمكن أن يلملم ذلك اليوم أطرافه ويدخل في الماضي دون أي علامات فارقة لولا حادث سيارة ابن عبود ذاك الذي أربك المدينة وليس فقط المستشفى.
قد يبدو الحادث عادياً جداً ذلك أنه لم يسفر سوى عن جرح سائق السيارة المسبوقة. ولكن القصة كلها تقوم على "سمو" شخصية هذا الفتى وتفرعاته العائلية "التي لا تُحتمل". أرادت أم ابن عبود، التي جعلت المستشفى كله يقف على رجل واحدة، أن تنتقم من القدر على اصطفائه ابنها من دون كل أبناء اللاذقية الذين كانوا يقودون السيارات في تلك الساعة. وكانت المصيبة أن أم ابن عبود لا تعرف طريقاً إلى ذاك القدر كي تعاقبه، فلم تجد أمامها سوى هؤلاء الذين وضعهم القدر في طريقها على شكل أطباء وممرضات وموظفين.
في أول المساء يصل الضجيج إلى قسم الأذنية في الطابق السابع من المستشفى الذي يحمل اسم عائلة ام ابن عبود، الاسم الذي لم تتمكن هذه السيدة من نقله إلى ابنها بسبب جور القوانين التي تسمح لمستشفى أن يحمل اسم عائلتها ويحرم ابنها من هذا الاسم. ضجيج وحركات سريعة على السلالم وكأن فصيلاً عسكرياً ينفذ مناورة احتلال مستشفى.
فتح باب المصعد الكبير في الطابق السابع، وخرجت منه أمم تحيط بنقالة تحمل ابن عبود وهو يتخبط بدمائه شاتماً ولاعناً كل شيء بصوت ضبابي، وسرعان ما خرج صوت هادر من بين الجموع: "وينو هادا؟". كانت كلمة "هادا" كناية عن طبيب الأذنية المناوب. كان من حظ طبيب الإسعاف أنه شاهد الدم يخرج من أنف ابن عبود فوجدها فرصة مناسبة لرمى كرة النار هذه عنه باتجاه طبيب الأذنية باعتبار أن هذا مسؤول عن كل ما يخرج من الأنف.
باشر طبيب الأذنية عمله على "فخامة" الجريح، ثم أخبر الممرضة أن تطلب استشارة الجراحة العصبية. الممرضة بدورها أرادت أن تشعر الجموع المحتشدة بالاهتمام فأخبرتهم بقصة طلب الاستشارة. كانت ام ابن عبود تجلس في منتصف الكوريدور على كرسي أحضرته لها الممرضات الساعيات إلى اتقاء شرها، لتبقى قريبة من ابنها من جهة ولكي تدير عملية تصفية حسابها مع القدر الغادر من جهة أخرى. من على هذا الكرسي وسط كوريدور الطابق السابع في مستشفى أم ابن عبود، أقصد المستشفى الذي يحمل اسم عائلتها، وصلت إلى مسامع قيادات إدارة المرور وقيادة الشرطة وفروع الأمن بأنواعها وصولاً إلى الشرطة العسكرية كل أصناف البهادل والشتائم والتهديدات، فاستنفرت الأجهزة في كل مكان، وارتبك الناس حين شعروا أن أمراً جللاً لا يعرفونه قد وقع في مكان ما من هذه البلاد.
حين تأخر طبيب الجراحة العصبية في الحضور، التفتت السيدة المكلومة ذات اليمين وذات الشمال ثم صاحت: "ما بقى في خرا بهالمشفى؟" (هؤلاء القوم يختزلون ولا يكلفون نفسهم عناء توضيح الكلام، فكما كانت كلمة "هادا" اختصار عن "طبيب الأذنية المناوب" كانت كلمة "خرا" كناية عن "طبيب جراحة عصبية") ما جعل الطابق كله صامتاً كمقبرة سوى من "آهات" ابنها التي يختلط فيها الشعور بالألم الجسدي مع الشعور بالألم المعنوي الذي سببها له سائق السيارة الذي تجرأ على دوبلته. بعد دقائق من نداء "الخرا" كان مدير المستشفى يسعى كطفل مذنب بين يدي السيدة المكلومة، ساعياً إلى خفض بارومتر الغضب لديها.
أخيراً وصل طبيب الجراحة العصبية وتوجه فوراً إلى المريض وسط نظرات احتقار الجموع ورغبتهم بتلقينه درساً يحفر في ذاكرته عن معنى التأخر على مريض كهذا. بين خوفه من انتقام مدير المستشفى ورعبه من انتقام الجموع باشر الطبيب المسكين بتقييم حالة المريض، فوقف فوق رأسه وسأله ليحدد حالة الوعي لديه: "شو اسمك؟" فما كان من أبي رامي الذي كان يحمل كيس السيروم المعلق في ذراع المريض إلا أن هاج صائحاً: "لعمة بقلبك لسا لهلا ما بتعرف شو اسمو؟!"، ولكن ام ابن عبود كانت أكثر تفهماً فوبخت الطبيب قائلة: "حقك ما تعرف اسمو، بس اسألني أو اسأل أبو رامي، ما بيصير تعرف اسمو غير منو يعني؟ ما شايف حالتو؟ ضاربك العمى؟" تكفل مدير المستشفى الوديع شرح الأمر للسيدة الغاضبة، فيما تابع الطبيب تقييم حالة المريض وهو يحمل كيس السيروم بعد أن سلمه له أبو رامي الذي انشغل في تمسيد شعر ابن عبود.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا حيوان ليش ما قلت انك -منهم-؟
- تموت وتاكل غيرها
- موت الرواية
- أرض الألغام
- عزلة المنكوبين
- الاغتصاب
- العلويون والثورة السورية
- سلعة العداء للامبريالية في سوق العالم الثالث
- صادق جلال العظم، تراجيديا مفكر
- حسين العودات، النهضة العربية المفترضة والهمّ المزدوج
- الصراع القطبي
- النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم
- في علمانية اللاعلمانية
- عقدة نقص الدولة الفلسطينية
- العلمانية والديمقراطية وفك الاحتكارات
- عن العلمانية والديموقراطية
- لماذا الصحوة الإسلامية؟
- تعليق على مشروع البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديموقراطي ف ...
- في شأن إعدام صدام حسين
- حول اعتقال علي الشهابي


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - راتب شعبو - الطبيب المسكين وفخامة الجريح