أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - تموت وتاكل غيرها














المزيد.....

تموت وتاكل غيرها


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6193 - 2019 / 4 / 6 - 14:52
المحور: الادب والفن
    


قال عبد الحميد وهو يعطي صديقه كامل ورقة رسمية مليئة بالتواقيع والأختام:
- "هل تخيلت هذا؟"
استلم كامل الورقة بيد مرتجفة وبدأ بقراءة الورقة، ارتبك قليلاً، فتشاغل بتثبيت النظارة على عينيه، وخرجت من فمه كلمة واحدة ممطوطة: "معقول؟".
ذات يوم تحدث كامل أمام جمع من أصدقائه عن صديقه عبد الحميد الذي خرج منذ فترة قصيرة من المعتقل فقال:
- "كان عبد الحميد، قبل اعتقاله، مدرس جغرافيا يحب الوطن العربي كثيراً ويرسمه على السبورة بخط متواصل دون أن يرفع يده حتى تلتقي نقطة البداية بنقطة النهاية، وكان .."
فقاطعه أحدهم قائلاً بلغة فصيحة:
- "دون أن يرفع يده! هذه إلى حد ما مبالغة يا صديقي، كيف سيرسم البحرين إذن؟ دع عنك طنب الكبرى وطنب الصغرى، أم أنه يسلم بأنها جزر فارسية؟"
ابتسم كامل الذي كان حريصاً على رضا الحضور، وأصلح نظارته فوق أنفه وهمّ إلى متابعة الكلام معتبراً أن ما قيل هو مجرد دعابة، فجاءه عن اليمين صوت حاد آخر أجبره على إصلاح نظارتيه مجدداً والالتفات إلى جهة الصوت الذي يقول:
- "يحب الوطن العربي! الأحرى به أن يحب العالم وليس الوطن العربي فقط. هنا تكمن العلة، العالم بات قرية صغيرة يا صديقي إما أن تحبها معاً أو تكرهها معاً".
استطاع كامل أن يمر بين سهام هذه التعليقات ليصل إلى غايته: "قضى عبد الحميد أربعة عشر عاماً متواصلة في السجون، من اللاذقية إلى حمص إلى دمشق فتدمر فدمشق. خرج أخيراً بعفو رئاسي ولكنهم لم يسمحوا له بالعودة إلى سلك التدريس، ولا إلى أي سلك آخر، فراجع المسؤولين واستعان بأشخاص لهم دخلات في الدولة، ولكنهم جميعاً دخلوا وخرجوا صفر اليدين. والكلمة التي كان يرددها كل من حاول أن يمد يده للمساعدة في قضية عبد الحميد هي: "قصتك عويصة أخي، ما بيحلها غير أبو أنس".
انشدّ جمهور الحضور للقصة وهدأت التعليقات، فسرّ كامل وأصلح وضع نظارتيه على أنفه وتابع بهدوء أكثر:
- "الآن ليس أمام عبد الحميد سوى اللجوء إلى أبي أنس طالما .."،
انفجر على نحو مباغت صوت أجش يقول:
- "هل يريد حقاً اللجوء إلى أبي أنس!؟ أرايتم كيف أننا نشجع الفساد ونحن نزعم محاربته؟"
سكت الحضور، ولكن كامل وجد شيئاً يقوله:
- "الرجل لديه عائلة، من أين يعيلها؟ هل يتسول؟".
- "ومن قال لك إن التسول أسوأ من الفساد؟ تلك هي المشكلة" استأنف صاحب الصوت الخشن، "الفساد يحل مشكلة عائلة عبد الحميد، ولكنه يخرب بيوت عائلات أخرى يا صديقي".
قال يوشع بصوته المتقطع:
- يا جماعة، لعبد الحميد حق على الدولة، ولا بأس أن يلجأ إلى وسيلة نعتبرها قذرة لتحصيل حقه المسلوب. لنجمع له "تسعيرة" أبي أنس، وندعو له بالتوفيق.
وكان ما اقترحه يوشع. ذهب عبد الحميد إلى أبي أنس، وضع بيده "التسعيرة"، فوضع أبو أنس في يد عبد الحميد ورقة تحمل أربع كلمات فقط (لحل مشكلة حامل الورقة). أعطى عبد الحميد الورقة للوزارة، فكان كأنه ضغط على زر جهاز كمبيوتر لإنجاز عملية معقدة. دارت الآلة بتثاقل، واستقر الأمر عند المستشار القانوني الذي عليه الإجابة على المسألة التالية: مدرس انقطع عن وظيفته 14 عاماً ومحروم من العودة إلى وظيفته أو إلى أي وظيفة أخرى، ما هي حقوقه؟ كتب المستشار القانوني قراره على ورقة وسلمها إلى موظف كان ينتظر القرار. دارت الورقة في أروقة الوزارة وعادت مليئة بالتواقيع والأختام وانتهت أخيراً إلى يد صاحب الشأن عبد الحميد، الذي فتح الورقة وقرأ فيها:
"يعامل باعتباره ميتاً منذ لحظة اعتقاله، ويعطى مستحقاته على هذا الأساس".



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت الرواية
- أرض الألغام
- عزلة المنكوبين
- الاغتصاب
- العلويون والثورة السورية
- سلعة العداء للامبريالية في سوق العالم الثالث
- صادق جلال العظم، تراجيديا مفكر
- حسين العودات، النهضة العربية المفترضة والهمّ المزدوج
- الصراع القطبي
- النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم
- في علمانية اللاعلمانية
- عقدة نقص الدولة الفلسطينية
- العلمانية والديمقراطية وفك الاحتكارات
- عن العلمانية والديموقراطية
- لماذا الصحوة الإسلامية؟
- تعليق على مشروع البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديموقراطي ف ...
- في شأن إعدام صدام حسين
- حول اعتقال علي الشهابي
- حرب لبنان ومأزق -العقلانية- السياسية
- سوريا السوريالية


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - تموت وتاكل غيرها