أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - راتب شعبو - يا حيوان ليش ما قلت انك -منهم-؟














المزيد.....

يا حيوان ليش ما قلت انك -منهم-؟


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6194 - 2019 / 4 / 7 - 12:50
المحور: كتابات ساخرة
    


لو لم تسقط بلوزة أحمد عن حبل الغسيل المنصوب على برندة الطابق الثالث إلى الأرض المهملة المحيطة بالبناية، لما كان لهذه القصة أن تكون.
ريح الربيع تسقط البلوزة، الزوجة تنادي زوجها أحمد وتطلب منه إحضار البلوزة، الزوج يتردد ويطلب مهلة للتفكير، تنقضي المهلة ويقول الزوج إنه يفضل خسارة البلوزة على أن يغامر بحياته إذا نزل لإحضارها من أسفل البناية. الزوجة تهدئ مخاوف الزوج بالقول إن اللجان الشعبية تملأ المدينة بالحواجز، فلا تمر سيارة أو بسكليت أو رجل أو امرأة دون أن يتم تفتيشه على أحسن وجه، حتى أنه يجري تفتيش السيارة عدة مرات على الحواجز المتعاقبة، وذلك قبل أن يبتكروا طريقة رفع ممسحة الزجاج الأمامي للسيارة كدلالة على أنها خضعت للتفتيش على الحاجز السابق.
حدث ذلك حين غزت المدينة كائنات بشرية يصعب تمييزها عن أهل المدينة، كائنات بشرية ترتدي ملابس أهل المدينة وتتكلم كلامهم وتركب السرافيس وتتناول السندويش حتى تكاد لا تفرق بينها وبين أهل المدينة بشيء، سوى أنها تضمر الشر لهم. التلفزيون السوري حذر من هذه الكائنات التي غزت المدينة، وراح يبث على الهواء مباشرة شهادات من شاهد هذه الكائنات وأفعالهم الغريبة. أحد الشهود قال إنه رأى في الصباح رجلاً متوسط العمر يرتدي قميصاً أحمر ويقف أمام الفرن ينتظر دوره بطريقة مريبة، غير أن نظراته والتفاتاته فضحت أنه "منهم"، فألقي القبض عليه وتبين أنه من محافظة أخرى ويخفي حقيقة نشاطه بأن يعمل حارساً لإحدى البنايات. الحواجز الشعبية أمسكت الكثير منهم: بائعون متجولون، طلاب جامعات، سائقو سيارات أجرة، عمال نجارة بيتون، أصحاب مكاتب عقارية ..الخ، ولم يُعرف ماذا تكشف بالضبط بعد التحقيق معهم. كما أن بعض هذه الكائنات هرب من حصار الحواجز الشعبية إلى الريف واتخذ هيئة تشبه هيئة أهل الريف تماماً.
بين ليلة وضحاها اكتشف الأهالي أنه ما من شيء بريء في هذه المدينة. الشاب الذي يدخن على مقعد في حديقة عامة، قد يكون "منهم"، وكذلك الصبي الذي يدور على البسكليت من حاوية زبالة إلى أخرى يجمع الكرتون والبلاستيك، أو الرجل الذي يدفع عربة اللوز الأخضر، الحقيقة التي استقر عليها أهالي المدينة هي أنه يجب أن لا تثق بأحد، حتى بجارك الذي عشت معه سنوات طويلة.
في هذه الأجواء تقرر أخيراً أن ينزل أحمد لإحضار البلوزة. كان الوقت مساء والأرض مهجورة، وكان أحمد يمشي بحذر شديد وهو يمد جسده للأمام بحثاً عن البلوزة، حين لمحه فتى صغير ممن شغلهم موضوع الغزو الغريب الذي يتكلم عنه الجميع، وقرر أن يثبت أن حرصه على مدينته لا يقل عن حرص الكبار، فرأى أن فرصته قد حانت، وصاح بحماس: "رأيته، الحقوني".
ركض مجموعة من الشباب الذين ندبوا أنفسهم لحماية الحي باتجاه أحمد الذي لم يدرك ما يجري حوله إلا حين سمع صراخ التهديد يقترب منه وسمع صوت تلقيم مسدس، عندها نسي البلوزة وزوجته وحبل الغسيل، ولَبَدَ في مكانه بانتظار أن يتبين إذا ما كان هو المقصود بهذه الهجمة.
بعد لحظات يضطر أحمد إلى تذوق التراب جراء رفسه قوية على الظهر جعلت فمه يلتصق بالأرض. وبحركة سريعة شاهدها كثيراً في أفلام الأكشن، انقض أحد الشباب المهاجمين وثبت يديه خلف ظهره بمهارة.
كان أحمد على وشك أن ينال جزاء أن يكون "منهم"، لولا أن زوجته خرجت إلى البلكون لتستطلع سبب هذه الجلبة وصرخت: "دخيلكن هادا زوجي". توقف الرهط عن متابعة إجراءات القبض على من افترضوه "منهم"، وصرخ به الشاب الذي رفسه، ويبدو أنه قائد المجموعة: "يا حيوان، ليش ما قلت إنك مو منهم؟" فنظر إليه أحمد بانكسار وقال له بصوت يكاد لا يسمع: "أنا خفت تكونو انتو منهم".



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تموت وتاكل غيرها
- موت الرواية
- أرض الألغام
- عزلة المنكوبين
- الاغتصاب
- العلويون والثورة السورية
- سلعة العداء للامبريالية في سوق العالم الثالث
- صادق جلال العظم، تراجيديا مفكر
- حسين العودات، النهضة العربية المفترضة والهمّ المزدوج
- الصراع القطبي
- النظام السوري: افتراق السياسة عن القيم
- في علمانية اللاعلمانية
- عقدة نقص الدولة الفلسطينية
- العلمانية والديمقراطية وفك الاحتكارات
- عن العلمانية والديموقراطية
- لماذا الصحوة الإسلامية؟
- تعليق على مشروع البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديموقراطي ف ...
- في شأن إعدام صدام حسين
- حول اعتقال علي الشهابي
- حرب لبنان ومأزق -العقلانية- السياسية


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - راتب شعبو - يا حيوان ليش ما قلت انك -منهم-؟