أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - صراخٌ في الوادي














المزيد.....

صراخٌ في الوادي


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 6195 - 2019 / 4 / 8 - 16:24
المحور: الادب والفن
    


صراخ في الوادي
عبد الستار نورعلي

إلى روحِ الشهيدة العذراء ميسون حسن،*
التي انفجر بها لغمٌ في الطريق على الحدود مع ايران،
أثناء حملة التهجير 1980 :

"صراخٌ سُمِعَ في الوادي،
بكاءٌ ونحيبٌ شديدْ،
فاطمةُ تبكي على ابنتها
وتأبى أنْ تتعزّى،
لأنّها قد رحلتْ" * *
* * * * *
انفجارٌ يُدوّي ....
صرخةٌ تتعرّى....
رعبٌ يلفُّ الجميعْ...
هدوءٌ... وصمتٌ جليلْ...
لغمٌ يُمزّقُ الجسدَ النحيلَ الجميلْ،
ينثرُ الشظايا في الفضاءْ.
دمٌ يلصقُ فوقَ الوجوهْ.
فاطمةُ تتلفّتُ خلفها...
أينَ التي تسيرُ الهوينى؟
اينَ التي انحسرَ شعرُها،
والتفّتْ عباءتُها بشوكةٍ في الطريقْ؟
فاطمةُ تتلوّى ...
تلعقُ الترابَ ...
تنحبُ في نشيجٍ طويلْ:
أينَ أنتِ، يا مَنْ وجهُها قمرٌ
يرقصُ النورُ فيهِ خيوطاً تشقُّ العيونْ؟
البسي العباءةَ، إنّي أخافُ العيونْ،
عيونَ الكواسرِ التي اقتحمتْ بيتَها ساعةَ الفجرِ،
نفثتْ سُمَّها...
هو يومُ الرحيلْ.

فاطمةُ كانتْ تصلي:
" والفجرِ وليالٍ عشر"
رفعتْ يدَها، رأسَها، صوبَ السماءِ،
استجارتْ بالدعاءْ:
اللهمَّ، ارفعْ هذهِ الغُمّةْ
عن هذهِ الأمّةْ.

فجأةً ...
عرباتٌ... زمجراتٌ... في الزقاقِ،
اقتحامٌ،
وسلاحٌ مُشرَعٌ في الوجوهْ.
وشفاهٌ مثلُ الذئابِ تعوي،
تحتسي القيحَ والدماءْ.

لملمتْ فاطمةُ نُثاراً ....
رعشةٌ في الفؤادِ، اضطرابٌ في العيونْ.
أسرعتْ...
حدّقتْ في زوايا دارها،
أمرَتْ قمرَ البيتِ:
ارتدي العباءةَ،
خبّئي وجهَكِ،
فالكواسرُ لا تعي الفرقَ بينَ الحلالِ والحرامْ،
الجميعُ سواءٌ أمام الذي لا سواءَ فيهِ.

إنّهُ الحشرُ.....!
بشرٌ فوقَ بشرٍ...
شاخناتٌ تتلوّى ...
والطريقُ طويلْ....
المدى سيلُ رصاصٍ ودخانْ....
إنّهُ الرحيلْ !
العيونُ مغروزةٌ في الأرضِ...
دموعٌ جامدةٌ في العيونِ التي ألفَتْ رحلةَ الترابِ،
رفيفَ النخيلِ والمياهْ.
حفاةٌ ....
حياعٌ...
بقايا ثيابٍ...
نظراتٌ مصوّبةٌ في الخواءْ،
نحيبُ النساءِ،
صراخُ الصغارِ،
لهاثُ الكبارِ،
يشقُّ العراءْ.

تلتقي القوافلُ...
تتباعدُ....
تدوسُ الصخورَ... الشوكَ...
تغوصُ في الوحلِ....
تحدّقُ في الجبالِ...
أينَ الطريقُ؟
ما السبيلُ إلى الأفقِ الضبابْ؟
تسيلُ دموعُ السماءِ... تبكي...
رياحاً... دماً....
دويُّ المدافعِ في المدى ....
ودخانْ....

انفجارٌ يُدوّي....
ورعبٌ يلفُّ الجميعْ ...

صراخٌ سُمعَ في الوادي
بكاءٌ ونحيبٌ شديدْ.
هدوءٌ.....
وصمتٌ ثقيلْ.....
تسيرُ القافلةْ......


*ميسون حسن: هي ابنة شقيق حامي هدف منتخبي الجيش والعراق الوطني لكرة القدم السابق ( أنور مراد). كانت في ريعان الشباب.

** تضمين من الانجيل:
"صراخٌ سُمِعَ مِنَ الرامّةِ: بكاءٌ ونحيبٌ شديدٌ ! راحيلُ تبكي على أولادِها، وتأبى أنْ تتعزَّى، لأنّهمْ قد رحلوا !"
(انجيل متى، الاصحاح 2 الآية 18)

عبد الستار نورعلي
الجمعة 9-4-1993



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قال الحكيم بيدبا
- جواد ..؟!
- محمود من حلبچة
- الحقوق
- الثلج ينزل
- الفاشست مرّوا منْ هناك
- هذي حلبجةُ
- ثلاثية حميد الحريزي الروائية (محطات)
- سارق النار
- ليلة أشرق عنترة بن شداد
- الحقيقة
- هاتف هاتف
- يا........ حمد .......!
- حبٌّ Kärlek
- روحي Min själ
- حبٌّ Kärlek
- كيف لي!
- يوم الشهيد الفيلي
- نصوص قصيرة
- مَنْ....؟


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - صراخٌ في الوادي