أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - تجمع المبعثر بعناية














المزيد.....

تجمع المبعثر بعناية


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6145 - 2019 / 2 / 14 - 23:04
المحور: الادب والفن
    


في لقائي الاخير مع الصديق الشاعر والناقد عبد جبر شنان فوق أرصفة الناصرية وفي مقاهيها التي أعتدنا ارتيادها، أبدى لي برغبته في كتابة مقال ثاني عن انطباعاته حول تجربتي الفنية بعد مقاله السابق والذي كان بعنوان "دهشة الطين" ربما شعر عبد جبر بان هذا المقال سيكون آخر ما سيكتبه قبل رحيله أثناء وعكته الصحية الاخيرة. وخلال موعنا في مقهى الصوافي أعطاني عبد جبر أوراق مبعثرة كانت مدونة بخط يديه المرتعشتين فحاولت جمع الجمل والمفردات المبعثرة ثم قرأت له المقالة قبل الشروع بطباعته ، وبعد بضعة أيام من لقائي بالشاعر في المقهى ابدى موافقته بعد أن أضاف تعديلاته الاخيره حول قراءته النقدية.
وحين مغادرتي العراق بشهر تقريباً سمعت بنبأ وفاة عبد جبر..
رحل الشاعر الذي خسر نفسه وربحته الحروب التي سرقت عمره وفرحه وأحلامه وتركته متألماً تنخر في روحه الخيبات وهو يسعى لنسيان أوجاعه بترياق الخمرة والشعر والتسكع فوق ضفاف الفرات.
انتهت حرب الثمان سنوات العبثية بعد أن تركت ندبة وتهشم في جمجمته وغيرت الكثير من وساومته بشظية قذيفة أمام ملجئه في جبهة المعركة التي كانت تدار رحاها بين العراق وايران آنذاك.
توارى العاشق الاثيري بهدوء مثل عصفور حاصرته أسيجة الكونكريت والتلوث في المدينة بعد أن صودرت بساتينه فحلق باجنحته الواهنة يبحث عن عش صغير في السماء

ما أوحش المدينة برحيلك يا عراب الارصفة والمقاهي ورفيق المعدمين .. وأنت تموت صامتاً كالزجاج وبارداً كالظلال وحزيناً كسرير يتيم.

(تجمع المبعثر بعناية)
عبد جبر شنان
"لقد مضى أخر الازمة الهادئة التي كان الانسان لايقاوم وحوش نفسه" كونديرا.
الفنان سعد محمد موسى منذ بداياته رفض الارتهان لسلطة النموذج وكذلك خلخلة الصورة المقدسة لّلوحة, وجعلها تسعى لاستبطان قوانينها الداخلية من توهج التجربة وأنسنة الاشياء والتكثيف الايحائي والابتعاد قدر الامكان عن المتداول والسائد من التشكيل لذا كان يبحث في أغلب اطروحاته البصرية عن جمال مقصى وعن نص مبتكر, كان يبحث عن معنى مفتوح على لانهائية المعنى بعيداً عن الثرثرة .. كما يقول "ستيتيه"
لقد امتلك الفنان سعد تقنيات صور جمالية وبعد إيهامي حداثوي بتنويعات وتقنيات التشكيل لتشمل المفارقة السحرية ولعبة المرايا والتشظي.
مدينة الناصرية بالنسبة للفنان لم تعد مدينة فحسب بل اختزلت وطن برمته..
يقول ايلوار- على الفنان أن يترك في مروره لا براهين بل أآثاراًتجعلنا نحلم وهذا ما صنعه سعد.
وأكد على أن اللون عنصر من لغة الروح حسبما ذكره الفنان كاندينسكي.
أن لعنة المكان والمزج بين الدنيوي والمقدس ومثلما قاله ريتسوس هو عين الصواب: على ماصنعته وما لم تصنعه الحسرة هي نفسها, أيها الضوء السري المتكاثر في المرايا المهشمة.
يقال أن النظرة الطفولية للعالم وابتكار المكان هو خلفية اللوحة ربما أن الزمان مزيف لكن المكان يحتفظ بملامحه النائية ولا يخدش براءته الاولى.
في كتابه العمى والبصيرة يقول بولديمه سان: أن وسيلة رصد الاخرين وتأويلهم هو أيضاً يؤدي لرصد الذوات وهذه العملية التأويلية المتبادلة بين ذاتيّن في انهماكهما برصد الاخرين وان الذات المرصودة ليست باكثر اثباتاً من الذات الراصدة.
سعد موسى تمطره طفولته النائية فلوحته تحطم دهشتنا وهي ليست مجرد شكل بل ايقاع يتمثل في علاقة الفنان الفنان بعالمه وهو يصطاد اللامتوقع قي تمثيل علاقة الفنان بعالمه وصباه.
الفنان سعد مجنون بكثافة الشخوص والاسماء والامكنة الحاضرة في ذاته والتي شكّل منها بعد معرفي وحاصرها بالمألوف والمصير الفردي وأضحت اللوحة حصته من الصمت الشخصي في ليل الغربة ليل اللعب بالكلمات وبالذكريات والصور دون ان يستمتع بمرارتها وظلت للان صدى أشجانها تردد في أزقة مدينته .. ناصرية ...أوف
فسعد أبدع في تجديد العلاقة بين المتخيل ومرجعياته وتلك حسنة تشير الى قدرته على التعدد وقراءته المبصرة لعتمة شخوصه براءة المكان وصعوبة ترويضة .
مألوفية الخطاب التشكيلي المؤسس بعيداً بعيداً عن البصريات المحنطة للشخوص والاماكنأنه يهيمن على صفاء الدلالة التعبيرية وبصماته تؤرخ تفننه في ترميم آدميته والكائن الذي سحقته الشمولية وهدمته العهود المبادة.
" اني لا أنقل من الطبيعة انما أرسم بمعونتها اني أعرض العالم كما أراه بل كما أفكر فيه" بيكاسو.
يختبأ الفنان سعد خلف لوحته بقسوة ادراكا منه وهو الفنان المدرك لفجائعية اللوحة وأثر الاشتقاق الحسي للمشهد وفداحة غموضها
أيها الفنان انت أرحم من طفولتك عليك.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخروف عوسي
- الحديقة وأسوار الذاكرة
- أرصفة حرية التعبير
- بركة الاسماك وكابوس الغراب
- أحاديث على ضفاف دجلة
- ذاكرة شارع ومدينة
- مشاهد يومية من مقهى
- العقاب والذنب
- حوار مابين رصيف وحانة
- عزلة الفنان في أرض الاحلام
- البومة وطلاسم الليل
- مابين المواجهة والنضال السري
- القنفذ وحجر عرق السواحل
- مساءات السيدة بولين
- يوميات مقهى ورصيف في ملبورن
- حارس معبد عشتار
- ليس للرب وطن
- مابين تعبان وترامب كانت هنالك عذابات بائع رصيف
- مشاهد من ذاكرة الانتفاضة
- اجنحة اليمام وغصن الزيتون


المزيد.....




- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - تجمع المبعثر بعناية