أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - اليسار العالمي واليسار العراقي - النكسة















المزيد.....


اليسار العالمي واليسار العراقي - النكسة


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1526 - 2006 / 4 / 20 - 09:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اليسار العالمي واليسار العراقي (النكسة)
في مقالي السابق عن اليسار حاولت ان اضع تعريفا لليسار يختلف اختلافا كبيرا عن التعريف المتعارف عليه عموما في الادب السياسي. عرفت اليسار عبر التاريخ بانه مجموع الكادحين في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع وليس الاحزاب والمنظمات التي تمثله او تقوده. وطبيعي ان يثير هذا التعريف سؤالا ينشأ مباشرة عن هذا التعريف "ما هي ازمة اليسار اذن".
ان اليسار استنادا الى هذا التعريف كان في ازمة دائمة منذ نشوء المجتمعات الطبقية وحتى يومنا هذا. وازمة اليسار بهذا المعنى هي ان اليسار كان دائما موضع استغلال الطبقات الحاكمة والقيادات الدينية. كان العبيد هم نيران ثورات العبيد ولكن تحرر العبيد لم يحرر اليسار من استغلال الطبقات الحاكمة. والامر ذاته يصح في الثورات البرجوازية التي ازالت الاقطاع كليا او جزئيا ولكنها لم تحرر اليسار، مجموع الكادحين، من استغلال الطبقات الحاكمة الجديدة. وبقي اليسار خاضعا لهذه الطبقات التي تواصل حتى اليوم استغلاله والقضاء عليه وجره الى الحروب وتجويعه وهو ما نراه في ايامنا باوضح وابشع اشكاله في عصر العولمة ومحاولة الولايات المتحدة الاستيلاء على العالم.
ولكن هذه التحولات الجوهرية التي طرأت على اليسار والمجتمع كله لم تكن مجرد تغير في الطبقات الحاكمة بل كانت تغيرات نوعية هائلة في كامل المجتمع من الناحية الاقتصادية والثقافية والعلمية والفكرية. فرغم ان اليسار بقي يعاني من الازمة الا ان اليسار نفسه تغير تغيرا هائلا وظهرت طبقات جديدة لم يكن لها وجود سابقا وكان اخرها ظهور الطبقة العاملة العالمية التي نشأت نتيجة لنشوء الطبقة الحاكمة الجديدة، الطبقة الراسمالية بكل اشكالها التجارية والصناعية والمالية. كان في هذه التحولات الاجتماعية جوانبها الايجابية اضافة الى جوانبها السلبية.
لدى ظهور الطبقة العاملة اصبحت اقصى اليسار واصبح واجبها التاريخي ليس المجيء بطبقة مستغلة جديدة تستغل اليسار الاجتماعي وانما ان تقضي على الطبقات المستغلة بكافة اشكالها وتقيم مجتمعا بدون استغلال اسماه ماركس الاشتراكية كمرحلة اولى من مراحل تطور المجتمع الى مرحلة اعلى هي المرحلة الشيوعية. واستطاعت هذه الطبقة اليسارية الجديدة، الطبقة العاملة، ان تخلق من بينها اوعى عناصرها لكي تؤلف احزابا مناضلة دؤوبة على تثقيف جماهيرها وتوعيتهم وتنظيمهم وقيادتهم في النضال الهائل، نضال الاطاحة بالطبقات الحاكمة القائمة وخلق مجتمعات خالية من الاستغلال. ونجحت لاول مرة في تاريخ البشرية في خلق مثل هذا المجتمع في سدس الكرة الارضية، في الاتحاد السوفييتي تحت قيادة الحزب البلشفي سواء حين كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي ام حين اصبح الحزب الشيوعي بقيادة لينين ثم ستالين. وانجز الاتحاد السوفييتي في سنوات معدودة ما لم تستطع الراسمالية انجازه في اربعة قرون رغم الاحاطة الراسمالية والحصار الاقتصادي وحرب التدخل كما يعرفه التاريخ حق المعرفة. واستطاع هذا المجتمع القضاء على اعنف هجوم في التاريخ حتى ذلك العهد، الهجوم النازي على هذا البلد الاشتراكي، واستطاع اليسار السوفييتي، شعوب الاتحاد السوفييتي، الدفاع عن وانقاذ مجتمعهم الاشتراكي وانقاذ العالم من السيطرة النازية ثم اعادة بناء ما دمرته الحرب بسرعة عجيبة.
كل هذا الكلام عن اليسار وعن ازمة اليسار مخالف للمفاهيم الدارجة عن اليسار في الاعلام العالمي وفي النقاش السياسي الجاري في العالم كله. ان ما يتحدث عنه الناس عن ازمة اليسار هو الفشل الذي تعانيه الحركات السياسية اليسارية في عالمنا. ولذلك فان هذا المقال يكون خاليا من كل معنى اذا لم يناقش هذا الموضوع ويشرحه وفقا لهذا المفهوم لليسار العالمي.
ولكن ليسمح لي قرائي الكرام بان اسمي هذا "النكسة" وليس الازمة. لانه فعلا يشكل نكسة هذه المرة وليس ازمة. ففي الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي لدى نشوء وتطور الاتحاد السوفييتي الاشتراكي نشأت في العالم كله احزاب شيوعية من صفوف اليسار الجديد، الطبقة العاملة وحلفائها، وانجزت اعمالا باهرة خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها. فقد قامت الثورات ضد النازية في اوروبا الشرقية وظهر المعسكر الاشتراكي في اوروبا، واعلنت الثورات ضد الامبريالية في معظم بلدان اسيا، في الهند والصين والفيتنام وسيام والملايو وبورما واندونيسيا وكوريا ونجحت الثورات في الفيتنام وكوريا الشمالية وظهرت اكبر دولة ديمقراطية شعبية في الصين وكانت الحروب الثورية مستمرة في سائر البلدان الاسيوية التي لم تفلح في القضاء على الاستعمار وتكوين دولها الثورية. وتحولت افريقيا من مستعمرة مباشرة الى الحصول على الاستقلال الشكلي والغاء الاستعمار المباشر وكان العالم يسير قدما في تقدمه بمساندة الاتحاد السوفييتي الذي اصبح دولة عظمى من النواحي الاقتصادية والصناعية والثقافية. ولم يكن دور اليسار في اوروبا الغربية المحتلة باقل من غيره اذ ان الطبقة العاملة بقيادة الاحزاب الشيوعية هي التي قادت المقاومة الباسلة ضد الاحتلال النازي ولكن الراسماليين استغلوا الانتصارات التي حققتها الطبقة العاملة في هذه البلدان لان الولايات المتحدة فرضت ذلك فيما يسمى مشروع مارشال لاعادة بناء هذه الدول.
في اذار ۱٩٥۳ توفي ستالين او قتل. وفي اعقاب وفاته استولت زمرة تحريفية انتهازية على قيادة الحزب والدولة. وفي هذه اللحظة بالذات اصبح الحزب الشيوعي السوفييتي عدوا لليسار السوفييتي، لشعوب الاتحاد السوفييتي، والعدو الاخطر لانه يتحدث باسم اليسار والطبقة العاملة والاشتراكية والشيوعية والماركسية ويعمل على تدميرها جميعا في الوقت ذاته. وفي المؤتمر العشرين للحزب سنة ۱٩٥٦ جاء الخطاب السري (العلني) ضد ستالين ليشق الحركة الشيوعية العالمية ويبعدها عن طريق النضال الحقيقي لمصالح الطبقة العاملة. ومنذ ذلك المؤتمر اشغلت القيادة الخروشوفية الحركة الشيوعية بالنضال ضد عبادة الشخصية وفي احصاء الملايين التي قتلها ستالين والتي اخذت تتضاعف يوما بعد يوم حتى بلغت ارقاما خيالية في ايامنا الحالية وحول الاشتراكية ذات الوجه الانساني والانتقال الى الاشتراكية بطريقة سلمية والطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية وتحقيق المجتمع الشيوعي الكامل سنة ۱٩٨۰ وبضرورة نجاح الاشتراكية في العالم عن طريق المنافسة مع الراسمالية وغير ذلك من الترهات التي كان الحزب السوفييتي يروجها. وكل ذلك كان لاخفاء ما يجري في الواقع من تحطيم الاشتراكية وتدمير اليسار السوفييتي وتحويله مرة اخرى الى طبقات عاملة مستغلة من قبل الراسمالية الروسية الجديدة.
كان على اليسار السوفييتي ان يخلق قيادة جديدة ويحارب هذا الحزب الذي اصبح اشرس عدو له. ولكن المشكلة ان الكثير من الشيوعيين استمروا بتسمية الحزب الخروشوفي الحزب القائد، حزب لينين، وتسمية الاتحاد السوفييتي صديق الشعوب ونصير السلام وهذا كان ضعف الحركة اليسارية الحقيقية في الاتحاد السوفييتي مما ادى الى النكسة الكبرى وتحول الاتحاد السوفييتي الى مجموعة من الدول الراسمالية كما نشاهده اليوم. واذا تتبعنا الاحداث في هذه الدول الراسمالية نجد ان اليسار اخذ يستفيق من سباته واخذت تنشأ حركات يسارية ثورية تدعو الى اعادة الاشتراكية في دول الاتحاد السوفييتي السابقة واعادة الاعتبار الى ستالين باعتباره مهندس الاشتراكية. ولكن عودة الاشتراكية اليوم الى اية دولة من دول الاتحاد السوفييتي السابقة لم تعد تختلف عن اية دولة اخرى خارج الاتحاد السوفييتي، اي قيام ثورة مثل ثورة اكتوبر وبظروف اشد قسوة من ظروف ثورة اكتوبر. وهذا ما اسميه النكسة، لان الاتحاد السوفييتي في الحقيقة فقد مجتمعا اشتراكيا متطورا ليعود قرنا او قرنين الى الوراء.
ومنذ المؤتمر العشرين انجرفت معظم الاحزاب الشيوعية العالمية وراء السياسة الخروشوفية فتحولت الى احزاب تحريفية معادية لليسار ومنفصلة عن نضالات الطبقة العاملة والكادحين. اصبحت احزابا معادية للطبقة العاملة واشد اعداء الطبقة العاملة شراسة. ومثل هذه الاحزاب لا تبقى لها قواعد جماهيرية ولذلك تبحث عن مصادر اخرى للقوة. وقد قدم لها الحزب السوفييتي هذه القوة بان برجز هذه الاحزاب. فقد خصص الحزب السوفييتي لهذه الاحزاب رواتب ضخمة لم تكن تحلم بها حين كانت احزابا نضالية حقيقية للطبقة العاملة يقتصر دخلها على ما يقتطعه العامل من قوت اولاده ليقدمه الى الحزب. اصبحت هذه الاحزاب احزابا متبرجزة تبحث عن المزيد والمزيد من الاموال وهذا كان همها الرئيسي.
ان ما يهمنا في هذا المجال هو الحزب الشيوعي العراقي. كان الحزب الشيوعي العراقي منذ المؤتمر العشرين من الاحزاب التي سارت في ركاب الحزب الخروشوفي. وطبيعي ان الخروشوفيين كان من مصلحتهم تدمير الحركة الشيوعية العالمية وابقاؤها حركة شكلية تخفي التدمير الذي تقوم به. فكانت اول خطوة يقومون بها برجزة الاحزاب السائرة في ركابهم. من المعروف ان الاحزاب الشيوعية في عهد الاممية الثالثة كانت تعيش على ما يتبرع به العمال من رزق اطفالهم لكي يستطيع الحزب تدبير نفقاته اللازمة لاخراج جريدته السرية ولمعيشة الكادر المحترف عيشة بسيطة. ولكن الحزب الشيوعي السوفييتي الخروشوفي خصص لكل حزب راتبا سنويا يبلغ مئات الالاف من الدولارات. وكان راتب الحزب الشيوعي العراقي حسبما جاء في احدى الصحف البريطانية ۳٧۰ الف دولار سنويا. ولدى تخلي الحزب عن مهامه في تنظيم وتوعية وقيادة نضال الطبقة العاملة اصبح همه الاول هو جمع المال وزيادته. وجمع المال لا يتم عن طريق العمال والكادحين وانما يتم عن طريق اعداء العمال والكادحين ومستغليهم.
فعلى سبيل المثال حملة التبرعات للحزب التي اثارها الحزب في الذكرى العاشرة لاعدام الرفيق فهد في ۱٤ شباط ۱٩٥٩. فقد طبع الحزب دفاتر تشبه دفتر الشيكات على كل بطاقة منها صورة للرفيق فهد وبالوان مختلفة. ويختلف سعر كل لون عن الاخر وكان السعر الادنى على ما اتذكر دينارا واحدا وهذا بحد ذاته كان صعبا على العامل لانه قد يبلغ اجر اربعة ايام او ثلاثة ايام في مستوى الاجور في تلك الايام. وكانت هناك دفاتر تحمل سعر عشرة دنانير وخمسة وعشرين دينارات واظن ان السعر الاعلى كان ۲٥۰ دينارا (واعتذر اذا كان ذلك خطأ فهو من الذاكرة). وطبيعي ان المتبرع بمبالغ كهذه يجب ان يرى فائدة في هذا التبرع والا فما الفائدة من تبرعه؟
وتاريخ الحزب الشيوعي خلال الفترة كلها زاخر في استجداء القوة اي الحصول على الاموال من شتى المصادر. سواء اذا كان ذلك اثناء الجبهة مع حكومة صدام ام بعد ذلك خارج العراق باللجوء الى الرفيق الاسد والرفيق القذافي وخادم الحرمين وبعد اختفاء الراتب الاساسي من الحزب الخروشوفي لم يبق الا اللجوء الى مصدر اكثر سخاء منه هو الولايات المتحدة الاميركية.
ليس للحزب الشيوعي العراقي اليوم قاعدة جماهيرية لانه ابتعد كليا عن خوض نضالات الجماهير الكادحة من زمن بعيد. فهو اليوم مزدهر بما انعم عليه بريمر من شخصيتين فيما يسمى العملية السياسية سواء في مجلس الحكم الطائفي الذي دخله سكرتير الحزب الشيوعي بصفته شيعي ليرجح كفة الشيعة بصفته الشيعي الثالث عشر ام في الانتخابات السابقة التي خاضها كقائمة مستقلة وكانت دعايته تصور بانه سيحوز على نصف اعضاء البرلمان وفي الانتخابات الاخيرة التي لم يتجرا على خوضها بصورة مستقلة فانضم الى قائمة علاوي الذي انفق المليارات على حملته الانتخابية فلم يفز باكثر من ۲٥ نائبا واستطاع الحزب الشيوعي بهذه الطريقة ان يحتفظ بشخصيتيه.
ان اليسار العراقي اليوم بكل فئاته حتى اقصى اليسار، الطبقة العاملة العراقية، يمر باصعب فترة في تاريخه. فاضافة الى نكسة اليسار العالمية وتاثيرها على اليسار العراقي يعاني العراق اليوم من ابشع احتلال عسكري مدمر يتطلب من اليسار الكفاح اليومي المستمر البطولي من اجل تنغيص حياة المحتلين واجبارهم على مغادرة العراق خائبين مخذولين. وفي سبيل هذا النضال العظيم يحتاج اليسار الى كل انسان مناضل، الى كل انسان ثوري، الى كل انسان يشعر بظلم الاحتلال ومأساة الشعب العراقي، الى كل امرأة تهفو الى التخلص من الظلم المضاعب الذي ترزح تحته للنضال المباشر اليومي المتواصل. ان اليسار العراقي لا يحتاج الى مناضلين ينتظرون الى ان تتحول قيادة حزبهم الضرورة الى قيادة ثورية في المؤتمر الثامن او المؤتمر الثامن عشر لكي يتحولوا الى النضال في سبيل تحرير العراق من الاحتلال الاميركي البريطاني. ان بقاء اي مناضل ثوري في مثل هذا الحزب يبعده عن النضال الحقيقي القائم يوميا في العراق شاء ام ابى ولذلك فعلى كل عضو مناضل حقيقي في الحزب ان يساهم في النضال اليومي الحالي، في نضال مقاومة الاحتلال بجميع اشكالها المدنية والعسكرية سواء ابقي عضوا في الحزب وتحديا للحزب ام تركه. هذا هو في رأيي الموقف الصحيح لكل انسان مناضل ثوري يحب شعبه وبلاده وطبقته العاملة وكادحيه.
ان اليسار العراقي بكامل درجاته وخصوصا اقصاه، الطبقة العاملة، ما زال يعاني من اثار ونتائج نكسة اليسار العالمية وقد تجلى ذلك باوضح صورة في فترة الاحتلال الاميركي البريطاني. في عهد الازدهار كان اليسار وفي مقدمته الطبقة العاملة اساس وروح مقاومة الاحتلال في جميع الدول المحتلة في اوروبا واسيا. بينما لم يظهر من اليسار العراقي واقصاه الطبقة العاملة العراقية اي موقف ثوري ايجابي في مقاومة الاحتلال.
ولكن المقاومة موجودة وقائمة على قدم وساق بحيث احرجت موقف جيوش الاحتلال. وقد اتخذت المقاومة شكل فئات دينية متعددة وشكل قوات اكثر تنظيما من ضباط وجنود الجيش العراقي المنحل. (بالمناسبة اود ان ابدي ملاحظة على الحديث عن "المقاومة الشريفة" اعتقد ان هذا المصطلح خاطئ لانه يعني ضمنا وجود "مقاومة غير شريفة" وهذا هراء لان الواقع هو وجود مقاومة للاحتلال ووجود اعمال اجرامية تخريبية تدميرية). ان المقاومة بشتى اشكالها القائمة هي مقاومة جيدة وصحيحة. ولكن لها مخاطر مستقبلية سلبية. فلو انتصرت المقاومات الدينية فمن المحتمل ان تتالف سلطة تعيد العراق الى عصر الجاهلية. واذا انتصرت المقاومة من الجيش العراقي فمن المحتمل ان تتألف حكومة عسكرية يكون لها نتائج وخيمة على مستقبل العراق السياسي. لذا من المهم جدا ان تقوم مقاومة واسعة من الطبقة العاملة والكادحين لتوحيد المقاومة ودفعها في الطريق الصحيح.
انني ادعو كل انسان يشعر بظلم الاحتلال وجرائمه، كل انسان لديه شحنة ثورية، كل شخص له المام ولو بسيط بالنظرية الماركسية، كل امراة وشابة تهفو الى الخلاص من الظلم المضاعف الذي ترزح تحته، الى النزول الى صفوف الطبقة العاملة والفلاحين في بيوتهم في المحلة في معاملهم في نقاباتهم في منظماتهم الاجتماعية المختلفة بين صفوف عاطليهم وان يوعوهم وينظموهم ويرفعوا من معنويتهم وان يعملوا على انقاذ الطبقة العاملة والكادحين من اوضاع النكسة التي هم فيها. تحدثوا مع كل ربة بيت وكل شابة لان النساء يشعرن اكثر من غيرهن بظلم واذلال وبشاعة جيوش الاحتلال. ان المرأة قوة عظمى وحيوية لحركة المقاومة بكل اشكالها. ان كسب وتوعية شخص واحد عن طريق الاتصال المباشر اهم من عشرات المقالات والبيانات تنشر في الصحف. ان البيانات والمقالات والقرارات لا فائدة فيها الا اذا اوصلت الى الناس. وفي خضم هذا النضال لابد ان تنشأ عناصر قيادية تتكون منها مجموعة قيادية لهذا النضال العظيم.
وفي ختام هذا المقال ارى من المناسب جدا ان اقترح على اليسار ومناضليه ما اقترحته على اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في آب ۱٩٥٨ بعد يومين من اطلاق سراحي. اقترحت على اللجنة المركزية استغلال الظروف السياسية شبه العلنية بعد الثورة لعقد مؤتمر تكون له مهمتان اساسيتان. المهمة الاولى دراسة الاخطاء وكيفية تصحيحها ومحاسبة المسؤولين عنها. وهذا الاقتراح لم يعد صحيحا اليوم لان الحزب تستر على الاخطاء والتستر على الاخطاء لا يؤدي الا الى المزيد منها بحيث تحولت الى انحراف وتحريفية ثم الى الاتفاق مع اعداء الطبقة العاملة ضدها. على المناضلين اليساريين اليوم ان يدرسوا الاخطاء لتحاشي الوقوع بمثلها في المستقبل.
والمهمة الثانية التي اقترحتها في رسالتي هي تحديد الشعار الاستراتيجي لمرحلة ما بعد الثورة. وهذا الاقتراح ما زال حيا اليوم بالضبط كما كان في ذلك الحين. هناك من يتحدث عن تعريق الماركسية. وهذا مصطلح لا معنى له من الناحية العلمية. فليس للماركسية بلد. ورغم ان مكتشف علم الماركسية كان المانيا فلم تكن الماركسية علما المانيا. ورغم ان الماركسية اثمرت في روسيا بثورة اكتوبر وبناء اول مجتمع اشتراكي في تاريخ البشرية فانها لم تكن ماركسية روسية. وليس هناك ماركسية بريطانية او يابانية او كونغولية او هندية. الماركسية علم حركة المجتمع وهي فاعلة حيثما يوجد مجتمع.
ان الماركسية في العراق اليوم في رايي هي تحديد الشعار الاستراتيجي للمرحلة التي يمر بها العراق بوجود الاحتلال الاميركي. لان هذا التحديد يتطلب دراسة التكوين الطبقي للعراق وتحديد الطبقات الثورية التي لها مصلحة في التحرر من الاحتلال والطبقات والمراتب التي ليس من مصلحتها تحرر العراق من الاحتلال. وهذه الدراسة تحدد الطبقات التي يجوز لليسار العراقي ان يتحالف معها بصورة دائمة او بصورة مؤقتة ويحدد الطبقات التي لا يجوز الاتفاق والتحالف معها باي شكل وباي حال من الاحوال. وعلى هذا الاساس تتوصل هذه الدراسة الى الشعار الاستراتيجي الذي يحدد الهدف الذي تصبو اليه الحركة اليسارية عند انتصار المقاومة على الاحتلال.
ان وجود هذا الشعار والاعلان عنه هو كالمغناطيس يجتذب العمال والكادحين لانهم يشعرون بمن يعمل على تحريرهم وقيادتهم قيادة صحيحة. وهذا ما حصل في عهد الرفيق فهد وما سيحدث لو توصل المناضلون اليوم الى الشعار الاستراتيجي. وهذا الشعار هو الشعار الوحيد الذي بامكانه ان يوحد جميع قوى اليسار ويوحد جميع قوى المقاومة ويضمن وصول اليسار الى الشكل الصحيح للحكم بعد الانتصار. وهذا الشعار هو الاساس في تأليف حزب سياسي حقيقي للطبقة العاملة والكادحين.
ادعو جميع المناضلين الى العمل المثابر في تحديد الشعار الاستراتيجي رغم الظروف العصيبة التي يمر بها العراق تحت الاحتلال وادعوهم الى محاولة رفع مستواهم في دراسة النظرية الماركسية للاستفادة منها في هذا العمل العظيم. والى تكتل وتوحد العناصر التي ترغب فعلا في خدمة اليسار العراقي بطبقته العاملة وكادحيه وتأليف حزب حقيقي يستطيع انتشال اليسار من اثار النكسة والسير به الى النضال الثوري بجميع اشكاله من اجل تحرير العراق وتكوين حكومة تعمل لمصلحة اليسار العراقي وليس لمصالحها الخاصة.
حسقيل قوجمان



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار العالمي واليسار العراقي
- عبادة الحزب
- التطور التكنولوجي وارباح الراسمالية
- حكومة الانقاذ الوطني
- الدراسة المنهجية للماركسية - الاشتراكية
- الدراسة المنهجية للماركسية - الاقتصاد السياسي
- رحمة الله عليك يا نعساني
- حسقيل قوجمان يستفيق من نوم الكهف
- 20شباط العيد الوطني لاستقلال المنطقة الخضراء
- الدراسة المنهجية للماركسية - المادية الديالكتيكية
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية 2
- الكولخوزات ودورها في بناء الاشتراكية
- ساسون دلال
- الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية
- المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
- سبب حل الجيش العراقي
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
- نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها ...
- ملحق بمقال -حقوق الانسان وقوانينها- – كمال سيد قادر
- حقوق الانسان وقوانينها


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - اليسار العالمي واليسار العراقي - النكسة