أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - التطور التكنولوجي وارباح الراسمالية















المزيد.....

التطور التكنولوجي وارباح الراسمالية


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 09:25
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كتب لي قارئ عزيز رسالة جاءت فيها العبارة التالية:
"قرأت لستالين عبارة اشكلت علي وهي (ان الرأسمالية تقف في وجه التقنية الحديثة وتدعو للعودة الى العمل اليدوي اذا لم تلوح لها التقنية الجديدة بأرباح اكثر) هل يمكن ان يحدث ذلك على ارض الواقع حقيقة ونحن نرى الراسمالية تطور التقنيات من اجل ان تستغني عن العمال وتقلل عددهم وبالتالي تقلل من نفقات الاجور وتحصد اعلى الارباح من خلال السلع المتطورة تقنيا وهل حدث شيء من هذا القبيل فيما مضى؟؟؟؟؟"
كتبت الى هذا القارئ انني لن اناقش عبارة لستالين اذا لم تكن موثقة اي ان تكون مقتبسة نصا مع ذكر المصدر والصفحة وحتى اللغة التي اقتبست منها اذ ان هذا امر ضروري في الاقتباسات العلمية. ولكني كتبت له ايضا انني ساحاول مناقشة الموضوع لا باعتباره اقتباسا من ستالين بل لابدي به رايي الخاص مما يجعل الموضوع بيني وبين القارئ وليس بين ستالين وبين القارئ.
في الحقيقة ان مسيرة الراسمالية التاريخية تشهد على الكثير من الحالات التي اشار اليها القارئ في رسالته اي تخلي الراسمالية عن التطور التكنولوجي او معارضته لان الراسمالية ترى فيه تقليلا لارباحها. وهذا الامر قد يتخذ اشكالا مختلفة. قد تتخذ هذه الظاهرة شكل المنافسة بين فئات من الراسماليين. وفي هذا الخصوص توجد حالة تاريخية شهيرة اوردها على سبيل المثال. فحين اعلن اديسن عن رغبته في انارة نيو يورك بالنور الكهربائي قامت فئات الراسمالية المسؤولة عن انارة نيو يورك في حينه بمقاومة هذا التطور الكبير لانه يحرمها من ارباحها الناجمة عن انارة نيو يورك بالوسائل القديمة الى درجة انهم قدموا اديسن والشركة التي كانت معه الى المحاكم بتهمة الغش والخداع. وثمة حالات تاريخية معروفة تقوم الشركات الراسمالية فيها بشراء اختراعات يؤدي استخدامها الى فوائد كثيرة للمستهلكين لكي يتلفوها ويمنعوا انتاجها وليس لكي يستخدموها في الانتاج. ولكن امر التطور التكنولوجي لابد ان يتقدم بسبب المنافسة بين الراسماليين من اجل الارباح. ان تخلف شركة راسمالية عن الاخذ باخر التطورات التكنولوجية ومحاولة اختراع تطورات جديدة يؤدي الى افلاسها. ولكن الظاهرة التي نشاهدها في عالم اليوم ان التطورات التكنولوجية لا توجد في الدول الامبريالية ذاتها وانما تنتشر في البلاد التابعة. فاعلى مظاهر الثورة التكنولوجية تأتي من اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وغيرها من الدول التي تسود فيها الايدي العاملة الرخيصة. نشاهد اليوم التقدم التكنولوجي السريع او ما يسمى الثورة التكنولوجية بحيث نرى كل يوم تطورات كبيرة لم نكن نحلم بها قبل سنة كما نراه في التلفونات المحمولة والحاسبات والكامرات بحيث اننا حين نشتري الكمبيوتر الاحدث قبل سنة يصبح قديما ونضطر الى شراء كمبيوتر احدث منه ناهيك عن التقدم في الانسان الالي (الروبوت) وادخاله في الانتاج بحيث نرى مصانع تقوم بها الروبوتات بالانتاج ويقتصر دور الانسان فيها على الاشراف على عمل الروبوتات.
ولكن قولك " ونحن نرى الراسمالية تطور التقنيات من اجل ان تستغني عن العمال وتقلل عددهم وبالتالي تقلل من نفقات الاجور وتحصد اعلى الارباح" يحتوي على بعض الابهام.
ان تاريخ الراسمالية يبين ان الراسمال المستخدم في الانتاج يتألف من نوعين "الراسمال الثابت" و "الراسمال المتغير". ويقصد بالراسمال الثابت كل الراسمال المستخدم في الانتاج عدا الراسمال المستخدم في شراء قوة عمل العمال اي الاجور. وتسمى الاجور الراسمال المتغير لان استغلال قوة عمل العمال هو وحده الذي يؤدي الى تغير قيمة الانتاج. وان التطور التكنولوجي الدائم في المسيرة الراسمالية يؤدي الى زيادة نسبة الراسمال الثابت الى الراسمال المتغير. اي ان تكاليف بناء المصانع الحديثة يتطلب من الراسمال اضعاف المبالغ التي كانت تستعمل في بناء المصانع القديمة بينما يؤدي وجود المصانع الحديثة الى تقليل الايدي العاملة المطلوبة لادارة الانتاج في هذه المصانع. وهذا ما تسميه "من اجل ان تستغني عن العمال وتقلل عددهم وبالتالي تقلل من نفقات الاجور". ولكن الشق الثاني من عبارتك "وتحصد اعلى الارباح" غير دقيق من الناحية الاقتصادية العلمية.
ان القانون الماركسي المعروف هو ان ارباح الراسمالي كلها هي نتيجة لفائض القيمة الذي يحصل عليه من استخدام قوة العمل. وفائض القيمة كما هو معروف هو الفرق بين القيمة التبادلية للقوة العاملة (الاجور) والقيمة الاستعمالية للقوة العاملة (الانتاج). فارباح الراسمال لا يمكن ان تنشأ من غير فائض القيمة هذا. وعليه فان زيادة الراسمال الثابت بالنسبة للراسمال المتغير (الاجور) يؤدي الى انخفاض معدل الارباح. وهذا قانون اقتصادي ثابت. فهل يصح هذا القانون على الوضع الاقتصادي الراسمالي الحالي مع اننا نشاهد تضاعف الارباح الراسمالية في ايامنا؟
ان قانون انخفاض معدل الربح نتيجة للتطور التكنولوجي وزيادة الراسمال الثابت بالنسبة للراسمال المتغير هو قانون يسري على الانتاج الراسمالي في جميع الاحوال ولا فرق في ذلك بين ايام كارل ماركس والراسمالية التنافسية وايام الانتاج الامبريالي وايامنا ايام الثورة التكنولوجية. ويظهر مفعول هذا القانون واضحا اذا نظرنا الى النظام الراسمالي ككل ولم ننظر الى اجزاء منه. ان الارباح الحقيقية للنظام الراسمالي كله هو مجموع فائض القيمة الذي يستغله الراسماليون من مجموع القوى العاملة المستغلة في الانتاج. ولا تستطيع الراسمالية ككل ان تربح مليما واحدا يزيد على هذا الفائض. ان الفروق الظاهرة في قضية الارباح ناجمة عن كيفية توزيع فائض القيمة الكلي على المشاريع الراسمالية. ولكن زيادة نسبة الراسمال الثابت الى الراسمال المتغير ما تزال وستبقى برهانا على انخفاض معدل الربح. فما السر في زيادة الارباح الراسمالية الذي نشاهده في عالمنا الحالي رغم مفعول قانون انخفاض معدل الربح؟
ان زيادة الارباح الراسمالية تتألف من شقين احدهما حقيقي والاخر وهمي. ان زيادة الارباح الحقيقية تنجم عن توسيع الانتاج وادخال ملايين جديدة من العمال في الانتاج كما نراه يحدث في البلدان المستعمرة والتابعة لحساب الشركات الامبريالية. فزيادة عدد العمال العاملين في العالم هو المصدر الوحيد لزيادة الارباح الحقيقية للطبقات الراسمالية في العالم. ويبقى موضوع توزيع هذه الارباح بين مختلف الفئات الراسمالية هو الكفاح الحقيقي بين الطبقات الراسمالية العالمية وهذا واضح اليوم في زمن العولمة حيث تعمل الراسمالية الاميركية على زيادة ارباحها حتى على حساب حليفاتها الامبريالية عن طريق الاستيلاء الاقتصادي على العالم كله بما في ذلك مناطق النفوذ الاقتصادي لزميلاتها من الدول الامبريالية. وكان واضحا في الحروب بين الدول الراسمالية ومنها الحربان العالميتان السابقتان ولا تشذ عن ذلك الحرب العالمية الثالثة التي يعانيها العالم منذ ۱۱ ايلول ۲۰۰۱ او ما يسمى الحرب ضد الارهاب او الحرب من اجل الديمقراطية.
ولكن زيادة الارباح الراسمالية الناجمة اليوم عدا الارباح الناجمة عن استخدام العمال وجني فائض القيمة هي ارباح وهمية. انها ارباح تظهر في دفاتر حسابات الشركات الراسمالية ولكنها ليست ارباحا حقيقية. وثمة وسائل عديدة لزيادة هذه الارباح الوهمية يصعب تعدادها في مقال قصير كهذا. ولكني اورد بعض الامثلة التي قد تفيدك في فهم مصدر هذه الارباح الوهمية.
ابرز اشكال الارباح الوهمية هو النقود الورقية. حين كان الذهب او الفضة وسيلة التداول المستخدمة في المجتمع كانت كمية النقود في المجتمع تتحدد عن طريق التداول بحيث ان كمية النقود المستخدمة في التداول تزيد ان تنخفض وفقا لحاجة المجتمع عن طريق سك النقود الذهبية مثلا او اعادة صهرها. ولذلك كان سك النقود الذهبية يجري مجانا في تلك الفترة. ولكن حين استخدمت النقود الورقية تغير الوضع. فحين كان بالامكان استبدال النقود الورقية بقيمتها من النقود الذهبية كانت كمية النقود الورقية تتحدد وفقا لنفس القانون. ولكن الوضع تغير واصبحت النقود الورقية مستقلة عن المعدن الذي كان يحدد كمياتها. اصبح اصدار النقود الورقية في ايامنا حرا لا علاقة له بالمعدن الذهبي. اصبحت الدول تطبع نقودها لتشتري بها البضائع والخدمات بلا حدود، مما يعني ان الدولة تشتري البضائع والخدمات بثمن طبع الورق النقدي. ولكن قانون النقود اللازمة لتسيير التبادل في مجتمع معين يبقى ثابتا. وينص هذا القانون على ان قيمة النقود الورقية المتداولة في المجتمع تساوي قيمة النقود الذهبية او الفضية اللازمة لتسيير التبادل في ذلك المجتمع في اللحظة المعينة. وهذا معناه ان زيادة كميات النقود الورقية الموجودة في التداول مضافا اليها الوسائل المصرفية وفي ايامنا التبادل الذي يجري عن طريق البطاقات يساوي في ثمنه الكلي كمية النقود الذهبية او الفضية اللازمة لتسيير التبادل في هذا المجتمع. وهذا يعني ان زيادة كميات النقود الورقية والمصرفية الموجودة في المجتمع تعني انخفاض قيمة هذه النقود الشرائية وهو ما نسميه في ايامنا التضخم النقدي. والتضخم النقدي يعني ان قيمة وحدة النقد الورقية الشرائية تنخفض كلما ازداد عدد الاوراق النقدية الموجودة في التداول. ويتمثل ذلك في زيادة اسعار السلع المتداولة في المجتمع. فما يعتبر زيادة في الثروة معبرا عنها بزيادة كمية الثروة النقدية التي يمتلكها الشخس راسماليا كان او انسانا عاديا لا تعني سوى امتلاكه لكميات من النقود انخفضت قيمتها الشرائية فهي زيادة كمية لا تعبر عن زيادة حقيقية.
لنأخذ مثلا شائعا في ايامنا. اذا اشترى شخص بيتا في لندن مثلا بقيمة ٤۰ الف جنيه وباعه بستين الف جنيه بعد خمس سنوات فانه بذلك يربح عشرين الف جنيه. ولكن البيت لم يتغير فيه شيء خلال هذه السنوات الخمس. فمن اين جاء هذا الربح؟ انه جاء بالدرجة الرئيسية عن طريق انخفاض القيمة الشرائية للنقود خلال فترة السنوات الخمس. ولكن هذا الربح يتسجل في دفاتر الراسمالي كربح يدفع عنه الضرائب المطلوبة. هذا شكل من اشكال الارباح الوهمية الكثيرة الحدوث في ايامنا.
والمثل الرائع الاخر للارباح الوهمية هو البورصة بشتى اشكالها التي اصبحت تستغرق جل اعمال الراسماليين في ايامنا الذين لم يعودوا يساهمون في عملية الانتاج في مصانعهم. فما الذي يحدث في بورصة البضائع؟ يشتري شخص بضائع وهمية بسعر معين في موعد لاحق يزيد او ينقص عن سعرها الحالي. ثم يبيعها او يدفع ثمنها بسعر اخر في وقت لاحق بحيث ان البائع والمشتري كلاهما لا يملكان ولا يتبادلان تلك السلع التي تكون عادة مواد اولية. ولابد ان يحدث فرق بين سعر الشراء وسعر البيع فيربح الشاري او البائع مبالغ نقدية عن طريق ذلك. ويصدق نفس الشيء في بورصات الاسهم او بورصات تحويل النقود. فهل هذه الارباح ارباح حقيقية. انها ارباح خيالية اذ يجري فيها تحول النقود من جيب شخص الى جيب سخص اخر بالضبط كما يجري على موائد القمار حيث يربح مقامر نقودا من المقامر الاخر. ولكن هذه الارباح تسجل في دفاتر حسابات المقامرين في البورصة كأرباح وخسائر وتدفع عنها الضرائب كانها ارباح حقيقية. فالبورصات في الواقع ليست سوى كازينوات روليت كبيرة وشرعية تتدفق فيها النقود من جيب الى اخر ويكون الرابح الدائم هو مديرو البورصة او المصرف الذي يجري عمليات البيع والشراء السريعة شأنه في ذلك شأن صاحب ملعب القمار او ادارة سباق الخيل او سباق الكلاب او غير ذلك من اشكال المقامرة الكثيرة.
وشكل اخر من اشكال الارباح الوهمية هو السرقة والنهب. فحين تقوم الشركات الامبريالية بنهب ثروات الشعوب الضعيفة المستعمرة فانها تقوم بنقل ثروات هذه البلدان الى ارباح لها. ولكن ليس في هذا ارباح حقيقية بل هي مجرد انتقال ثروات بلد الى ملكية هذه الشركات الامبريالية. لنأخذ على سبيل المثال ما يجري في العراق اليوم. تقوم شركة هاليبرتن بمنح نفسها عقدا لانشاء مشروع ما يمكن انجازه بمائة مليون دولار ولكنها تفرض سعرا للعقد يبلغ عدة مليارات فانها في الحقيقة تقوم بنهب ثروات العراق وليس بربحها. ولكن هذه السرقات تسجل ارباحا في دفاتر شركة هاليبرتن. وحين يتقاضى نائب رئيس الجمهورية في العراق مليون دولار شهريا كراتب فانه بذلك يسرق اموال العراق ولا يربحها كربح حقيقي. ولكن نائب رئيس الجمهورية يصبح مليارديرا اذا بقي في منصبه مدة كافية. ونشاهد بام اعيننا هنا في لندن اشخاصا عراقيين كانوا قبل الاحتلال يعيشون على ما تتصدق عليهم به الحكومة البريطانية من مخصصات اللاجئين السياسيين وغير السياسيين يأتون بعد سنتين من الاحتلال الاميركي لشراء شركة ب ٤۰۰ مليون دولار فهل هذه ارباح حقيقية ام هي ارباح وهمية ليست سوى سرقة لاموال الشعب العراقي؟
يستنتج من هذا ان خفض عدد العمال في الانتاج ليس هو مصدر الربح بل هو تقليل مجموع فائض القيمة الذي تستغله الراسمالية من العمال ويعني انخفاض مجموع ارباح الراسمالية الحقيقية ككل. انما زيادة الارباح الحقيقية لا تتاتي الا عن طريق زيادة عدد العمال المستخدمين في النظام الراسمالي ككل او زيادة استغلال العامل بزيادة فائض القيمة الذي ينتجه عن طريق اطالة يوم العمل او تخفيض الاجور وغير ذلك من وسائل زيادة فائض القيمة المستغلة من العامل. وان ما يسجل عن ارباح النظام الراسمالي الاخرى ليس سوى ارباح وهمية. فنحن نقرأ ان الشركة الفلانية رفعت ارباحها بكذا من الملايين ولكن المليون جنيه اليوم لا يعادل مائة الف جنيه قبل عشر سنوات ولا يعادل الف جنيه قبل عشرين او ثلاثين سنة من حيث قوته الشرائية.
ثم ان العبارة التي وردت في سؤالك " تقلل من نفقات الاجور وتحصد اعلى الارباح من خلال السلع المتطورة" هي الاخرى غير صحيحة علميا. لو كانت هذه العبارة صحيحة لكان معنى هذا ان الراسماليين بعد تقليل نفقات الاجور بتقليل عدد عمالهم يبيعون السلع المنتجة بنفس سعرها السابق على الاقل لكي تزيد ارباحهم عن هذا الطريق. ولكن ما يحدث في الواقع غير ذلك تماما. ان قانون القيمة يعمل بالاستقلال عن ارادة الانسان. وهذا يعني ان الانتاج الجديد الذي يحتوي على مقدار اصغر من ساعات العمل لابد ان تنخفض قيمته وفقا لقانون القيمة. ان قيمة السلعة تتحدد بساعات العمل الضرورية لانتاجها. فكيف يمكن ان نلاحظ ذلك في الواقع؟ قبل ۱٥ عاما اشتريت الكمبيوتر الاول بسعر الف جنيه في لندن وكان الشخص الذي ركب الكمبيوتر صديقا لي وعاملني معاملة خاصة اذ وضع لي ذاكرة تساوي ميغابايت واحد. واشتريت اخر كمبيوتر بذاكرة تبلغ ۳٧ غيغابايت وبسرع لا يمكن قياسها مع الكمبيوتر الاول بسعر لا يتجاوز ۲٥۰ جنيه. لو كان الامر كما تقول بان تقليص عدد العمال يؤدي الى زيادة الارباح من خلال السلع المتطورة لكان من اللازم اي يكون ثمن الكمبيوتر الاخير الذي اشتريته مساويا لثمن الكمبيوتر القديم على الاقل. ولكن قانون القيمة يفعل مفعوله رغم ارادة الراسماليين ولذلك اصبح عليهم اي يبيعوا الكمبيوتر المتطور بجزء من ثمن الكمبيوتر القديم. وهذا يصح على جميع السلع التكنولوجية الحديثة كالكامرات الرقمية والتلفونات المحمولة واجهزة التلفزة وغيرها الكثير.
ان موضوع استخدام التطور التكنولوجي استخداما دائما يعتمد على القانون الاساسي للنظام الذي يستخدمه. فالقانون الاساسي للنظام الراسمالي كما هو معروف هو جني اقصى الارباح. ولذلك فان استخدام التقدم التكنولوجي او عدم استخدامه ينجم عن طبيعة هذا القانون. فاذا كان استخدام التقدم التكنولوجي يؤدي او يبشر بزيادة الارباح فان الراسماليين يرحبون باستخدامه اما اذا كان استخدام التكنولوجيا المتقدمة يبشر بانخفاض الارباح فان الراسماليين يفضلون عدم استخدامها. قرات قبل سنوات ان الشركات البريطانية التزمت ببناء مدينة مقابلة لهونغ كونغ على الاراضي الصينية فاستخدمت العمل اليدوي بدلا من استخدام احدث الطرق التكنولوجية في بناء هذه المدينة لانها توقعت زيادة ارباحها بهذه الطريقة.
اما القانون الاساسي للمجتمع الاشتراكي فيتطلب استخدام احدث انواع التكنولوجيا لزيادة رفاه المجتمع اقتصاديا وثقافيا. ولذلك يكون استخدام احدث انواع التكنولوجيا دائما ومستمرا في المجتمع الاشتراكي لان تقدم التكنولوجيا من شأنه في كل الاحوال تطوير وتحسين حياة المجتمع الاقتصادية والثقافية.
هناك مثل من اروع الامثلة التاريخية حول هذا الموضوع. بعد وفاة ستالين واستيلاء الخروشوفيين على قيادة الحزب والدولة اصبح الاتحاد السوفييتي دولة اشتراكية سائرة في طريق اعادة الراسمالية. ومن المعروف ان الاتحاد السوفييتي كان متقدما من الناحية التكنولوجية على الولايات المتحدة بمراحل ظهرت للعالم حين نجح الاتحاد السوفييتي في اطلاق سبوتنيك اول قمر اصطناعي وما تلاه من ارسال الكلبة لايكا ثم ارسال غاغارين اول انسان ارسل للفضاء الخارجي حين عجزت الولايات المتحدة بوسائلها المتقدمة عن ان ترسل قمرا لا يزيد وزنه عن عدد صغير من الكيلوغرامات.
ولكن مهمة الحكومة الخروشوفية كانت تسير في اتجاهين مختلفين. الاتجاه الاول هو استخدام التكنولوجيا لزيادة ارباحها كما هو شأن الدول الراسمالية الاخرى. والاتجاه الثاني هو افقار الشعوب السوفييتية لتحويلها الى طبقات كادحة تستطيع استغلالها عن طريق سلب جميع الامتيازات التي حصلت عليها شعوب الاتحاد السوفييتي في فترة بناء المجتمع الاشتراكي. وكان هذا يستلزم حرمان الشعوب السوفييتية من مزايا التقدم التكنولوجي. فراينا تقدم الاتحاد السوفييتي الهائل في مجال الصناعات الحربية وفي صناعات غزو الفضاء وتأخر الاتحاد السوفييتي نفسه في التقدم التكنولوجي فيما يتعلق باستهلاك الجماهير الكادحة.
الخلاصة هي ان ارباح الراسمالية العالمية ككل ليست سوى مجموع فائض القيمة الذي تستغله من الطبقات الكادحة. وهذه الارباح تميل الى الانخفاض النسبي عن طريق التطور التكنولوجي الذي يزيد من الراسمال الثابت ويخفض الراسمال المتغير. ولا مصدر للارباح الحقيقية للراسمالية غير فائض القيمة المستغل من كدح الطبقات الكادحة.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الانقاذ الوطني
- الدراسة المنهجية للماركسية - الاشتراكية
- الدراسة المنهجية للماركسية - الاقتصاد السياسي
- رحمة الله عليك يا نعساني
- حسقيل قوجمان يستفيق من نوم الكهف
- 20شباط العيد الوطني لاستقلال المنطقة الخضراء
- الدراسة المنهجية للماركسية - المادية الديالكتيكية
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية 2
- الكولخوزات ودورها في بناء الاشتراكية
- ساسون دلال
- الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية
- المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
- سبب حل الجيش العراقي
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
- نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها ...
- ملحق بمقال -حقوق الانسان وقوانينها- – كمال سيد قادر
- حقوق الانسان وقوانينها
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 4 واخيرة
- صدفة جميلة
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3


المزيد.....




- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - التطور التكنولوجي وارباح الراسمالية