أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية















المزيد.....


الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 10:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


افرزت الحياة السياسية في ظل الاحتلال الكثير من المفاهيم الجديدة على السياسة مثل حكومات المحاصصة والائتلافات الدينية والطائفية وتقسيم العراق الى شيعة وسنة واكراد واقليات اخرى والعملية السياسية واشتراك اطياف الشعب العراقي وفقا للتوزيع الجديد الديني لاطيافه الى اخره. وبعد الانتخابات الاخيرة ونتائجها المناسبة للبعض وغير المناسبة للبعض الاخر بصرف النظر عن شرعية الانتخابات في ظل الاحتلال والسيطرة الاميركية ونزاهة الانتخابات ام تزويرها واستقلالية مفوضية الانتخابات "المستقلة" ام تحيزها، نشات لغة الاستحقاقات.
فقائمة الائتلاف الشيعي الفائزة في الانتخابات فوزا حاسما تدعو الى التمسك بالاستحقاقات الانتخابية وتعارض مفهوم حكومة الوحدة الوطنية او حكومة التوافق الوطني وتصر على حكومة المشاركة وفقا لما اعلنه عبد العزيز الحكيم. وتدعو القوائم الخاسرة في الانتخابات على لسان علاوي والباججي الى مفهوم الاستحقاقات السياسية وعدم الاخذ بالاستحقاقات الانتخابية مما يؤدي الى حكومة تمثل جميع اطياف الشعب العراقي او حكومة وحدة وطنية او حكومة توافق وطني، اي حكومة محاصصة تضم شيعة وسنة واكرادا وتركمانا وغيرهم او حكومة تبنى على اساس المحاصصة السياسية لا على اساس المحاصصة الطائفية.
في برنامج لقناة الديمقراطية الفضائية يوم الخميس الموافق ۲٦ كانون الثاني كان موضوع الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية الموضوع الاول الذي سيطر على كلام مقدم البرنامج اذ كرر السؤال عشرات المرات ولم يجبه اي من ضيوفه على السؤال اجابة شافية له رغم ان ضيوفه الثلاثة وحتى المشاركين تلفونيا كانوا كلهم من المناهضين للاحتلال ويعتبرون زوال الاحتلال اهم مطلب للشعب العراقي. ولم يسمح مقدم البرنامج لهم بالكلام عن المقاومة واعدا بتخصيص برنامج كامل عن المقاومة وتداعياتها. وجاء البرنامج يوم اعلان انتصار حماس الساحق في الانتخابات الفلسطينية واعلان ابو مازن الاعتراف بهذا الانتصار وطلبه من حماس تاليف حكومة جديدة بعد ان اعلن قريع استقالته وقبلها ابو مازن. فهذا كان حسب كلام مقدم البرنامج مثلا رائعا على الاستحقاقات الانتخابية اي ان القائمة الفائزة في الانتخابات هي التي تؤلف الحكومة وكان تساؤله لماذا لا تستطيع القائمة الفائزة في العراق تشكيل الحكومة كما يجري في سارئر البلدان الديمقراطية وتشكل القوائم غير الفائزة معارضة في داخل البرلمان؟
المألوف في الدول التي تسمي نفسها او يحلو لنا تسميتها الدول الديمقراطية خصوصا في اوروبا واميركا يؤلف الحزب الحائز على ٥۱ % من الاصوات او اكثر حكومة وتكتفي الاحزاب الخاسرة او الحزب الخاسر بتكوين كتلة برلمانية معارضة او تأليف حكومة ظل كما تسمى في بريطانيا تناقش الحكومة على كل القضايا التي يجري بحثها في قاعة البرلمان رغم ان التاريخ يعرف ان الحكومات تنفذ سياسات وتعقد اتفاقات ومعاهدات سرية لا تدخل في نقاشات البرلمان وبعيدة كل البعد عن الديمقراكية المزعومة. وهذا ما اضفى صفة الديمقراطية على الانتخابات الفلسطينية اذ طلب رئيس الدولة الفلسطينية (غير الموجودة التي يطالبون اسرائيل واميركا بايجادها) من حماس ان تؤلف الحكومة لكي تبقى فتح في المعارضة اذا لم تشترك في الحكومة كما اعلنت بصرف النظر عما من المتوقع حدوثه من مؤامرات ضد حكومة حماس لغرض استعادة الامتيازات والسلطات التي فقدتها فتح. (قبل ارسال المقال الى النشر سمعنا ان ابو مازن اعلن انه لا يكلف حماس بتأليف الحكومة الا اذا اعلنت اعترافها باسرائيل والتزامها بجميع الاتفاقات السابقة).
واستنادا الى هذا الاستحقاق الديمقراطي فان من حق قائمة الائتلاف الفائزة في الانتخابات اذا كانت حائزة على ٥۱ % او اكثر من الاصوات ان تؤلف الحكومة وان تصبح الكتل الاخرى معارضة تحاسب الحكومة وتناقشها في قاعة البرلمان القادم على سياساتها. وهذا ما اطلق عليه الاستحقاق الانتخابي. واكثر من ذلك فهناك اتفاق سابق ودائم بين كتلة الائتلاف والكتلة الكردية على تكوين الحكومة المشتركة كما سبق ان جرى في الحكومة السابقة، حكومة الطالباني الجعفري. فالمشكلة محلولة وحق قائمة الائتلاف بالتوافق مع القائمة الكردية حق مشروع ومضمون وفقا لقواعد الانتخابات الديمقراطية. وكان من الطبيعي ان يقوم رئيس الجمهورية المؤقت بتكليف قائمة الائتلاف بزعيمها المعترف به، عبد العزيز الحكيم، بتاليف الوزارة او الحكومة ليقدمها الى المجلس النيابي للتصويت عليها.
فما هي المشكلة اذن؟ ولماذا تقوم قائمة الائتلاف الفائزة وشريكتها القائمة الكردية مع ذلك بالمطالبة بتأليف حكومة اوسع من القائمتين والمطالبة بحكومة مشاركة اصلا ومن حقها ان تقوم بتاليف الحكومة بدون مشاركة قوائم او كتل او شخصيات اخرى؟ ولماذا تطالب القوائم الخاسرة منفردة او متكتلة فيما يسمى مرام او ما اعلن عنه مؤخرا من تشكيل كتلة تضم ٩۰ عضوا من اعضاء البرلمان القادم بتأليف حكومة وفقا للاستحقاقات السياسية وليس وفقا للاستحقاقات الانتخابية المعترف بها ديمقراطيا؟ اترك الحديث الان عن الاستحقاقات السياسية واواصل موضوع الاستحقاقات الانتخابية التي تتطلبها القواعد الديمقراطية.
ان مشكلة قائمة الائتلاف الاولى هي ان القائمة هي ائتلاف وليست حزبا كما هو المألوف في الانتخابات عموما. ففي الانتخابات الديمقراطية التي نشاهدها في جميع البلدان "الديمقراطية" يكون هناك حزبان او اكثر تشترك في الانتخابات. وقبل الانتخابات تعقد مؤتمرات لكل حزب حيث تجري مناقشة برنامج الحزب وتنتخب قيادة الحزب ورئيس الحزب وتجري الانتخابات البرلمانية استنادا الى هذه البرامج المعروفة لدى الناخبين والمعلن عنها في الصحف ووسائل الاعلام. وحين ينال اي حزب اكثرية الاصوات يكون من المعروف مقدما من سيكون رئيسا للوزراء وحتى اسماء اكثر الوزراء لانهم يشكلون قيادة الحزب المنتخبة في المؤتمر. وعليه لا تمضي سوى ايام معدودة وتتشكل الحكومة ويجري التصويت عليها في البرلمان. هل هناك ما يشبه هذا النهج الديمقراطي في الانتخابات العراقية؟
تتألف قائمة الائتلاف من عدة منظمات تسمى احزابا او لا تسمى. فهناك الحزب الاسلامي الذي يترأسه الحكيم وحزب الدعوة الذي يترأسه الدكتور الجعفري وهناك حزب الفضيلة الذي يتراسه نديم الجابري وانضم الى هذه المجموعات الثلاث الرئيسية التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر. ولا ادري عن منظمات اخرى او شخصيات او مجموعات اشخاص اخرى قد تكون منتمية الى قائمة الائتلاف. وطبيعي ان وجود هذه الكتل المختلفة في الائتلاف يعني وجود برامج ومصالح واراء مختلفة بينها اذ لولا وجود الاختلاف لما كان للمنظمات المختلفة وجود. فلدى وجود التطابق في الاراء والبرامج تتحد الفئات في حزب واحد او منظمة واحدة. فوجود الائتلاف هو اول عقبة في طريق ممارسة الاستحقاقات الانتخابية. اذ هناك استحقاقات انتخابية لكل منظمة من المنظمات المكونة للائتلاف. ولا يمكن حل قضية تاليف الحكومة قبل حل مشكلة الاستحقاقات الانتخابية لكل حزب من احزاب الائتلاف. ولا اريد هنا التطرق الى كون هذه المنظمات ليست لها صفات الاحزاب السياسية المعروفة لانها مبنية على اساس طائفي ديني ولهذا فان الخلافات فيما بينها تتخذ هذا التميز الطائفي الديني. فمن المفروض ان قائمة الائتلاف تمثل الشيعة في العراق. ولنفرض جدلا ان هذا صحيح ولو انه غير صحيح لان الشيعة العراقيين لم ينتخبوا هذه المنظمات او الاحزاب وليس ثمة ما يبرهن على ان هذه المنظمات تمثل شيعة العراق. ولكن وجود عدة منظمات في الائتلاف يدل على ان الشيعة الذين يمثلهم حزب الحكيم هم غير الشيعة الذين يمثلهم حزب الدعوة وغير الشيعة الذين يمثلهم حزب الفضيلة او التيار الصدري. وهناك منظمات شيعية معارضة ومقاطعة للانتخابات في ظل الاحتلال الاميركي لاعتبارها انتخابات غير شرعية وشيعتهم يختلفون عن شيعة كل احزاب قائمة الاختلاف. ان الادعاء بوجود ممثل للشيعة العراقيين ادعاء زائف وكاذب ولا اساس له من الصحة خصوصا وان من الشيعة من لا يؤمن بالمرجعيات الدينية اطلاقا ومنهم العلمانيون والشيوعيون والاشتراكيون واليساريون وغيرهم.
لناخذ اولا قضية رئاسة الحكومة. من المألوف في الحياة الديمقراطية ان يكون زعيم الحزب الفائز في الانتخابات هو رئيس الحكومة بلا منافس. ولكننا نرى قبل كل شيء النقاش الجاري حول من سيكون رئيس الحكومة وهناك كما نعلم وكما هو معلن ثلاث او اربع شخصيات على الاقل تتنافس على رئاسة الحكومة. والاغرب من كل ذلك ان هذه الشخصيات لا تضم الرئيس المعترف به للائتلاف. فالاستحقاق الانتخابي الطبيعي يجب ان يعطي الحكيم حق تأليف الحكومة بدون منافس. فالحكيم هو الزعيم المعترف به للائتلاف وهو بعد خليل زاده الامر الناهي في كل القضايا الحاسمة. فهو صاحب فضيحة مجلس الحكم في اصدار القانون ۱۳٧ حين كان دوره في التناوب على رئاسة مجلس الحكم. وهو الذي اعلن عن ضرورة انشاء اقليم الجنوب الشيعي من تسع محافظات وهو الذي اعلن عن تعويض ايران بمائة مليار دولار عن خسائرها في الحرب العراقية الايرانية وهو الذي اعلن الان ان حكومة الوحدة الوطنية او التوافق الوطني تعني قراءة الفاتحة على الديمقراطية. وهو الذي اعلن عن حكومة المشاركة مع الالتزام بالاستحقاقات الانتخابية. وهو الذي اعلن عن ثوابت الحكومة القادمة مثل عدم المساس بالدستور او محاولة تغييره وموضوع اجتثاث البعث وغير ذلك. فلماذا لا يصبح هذا الزعيم رئيسا للوزراء ولماذا يجري التنافس على رئاسة الوزراء بدونه؟ انا لا اعرف الاشخاص لاني بعيد عن العراق وعن الحياة السياسية اكثر من خمسين عاما. وهناك بين المتحدثين في الفضائيات اشخاص يعرفون كل شخص من المتنافسين حق المعرفة ويعرفون تاريخهم السياسي وتقلباتهم السياسية وتفاصيل حياتهم وحتى يعرفون ظروفهم الاقتصادية قبل الاحتلال وما اصبحت عليه بعده. لذا فان نقاشي لا يعتمد على معرفة هؤلاء الاشخاص انما يعتمد على التحليل النظري لما يحدث. فاذا كان الحكيم هو الزعيم او القائد المعترف به لقائمة الائتلاف كان من الطبيعي جدا ان يقوم هو بدون منافس بتأليف الحكومة بدون المشاكل الطويلة التي قد تستغرق شهورا في الاتفاق على من سيقوم بتشكيل الحكومة. ترى هل يعرف الحكيم ان ما يملكه لا يتجاوز العمامة التي يعتمرها على راسه ولذلك يتنازل عن رئاسة الوزارة الى شخص تكون له شهادة دكتوراه لكي يقال الدكتور الجعفري او الدكتور عادل عبد المهدي او الدكتور فلان؟ وهل يعني اختيار الشخصية المتفق عليها في النهاية ان تكون هذه الشخصية خاضعة الى اوامر الحكيم اضافة الى خضوعها لاوامر زاده ان وجد بعض الخلاف بين الارادتين؟ ان الصراع على اختيار احدى الشخصيات المتنافسة على رئاسة الوزارة ليس نقاشا حول الاكفأ فيهم وانما صراع على اعتبار المنظمة التي يمثلها اكثر الفئات استحقاقا لحصتها في كعكة الحكومة القادمة.
بعد الاتفاق على الشخصية التي ستؤلف الحكومة تأتي الاستحقاقات الانتخابية لكل جماعة من الجماعات المكونة للائتلاف. ونعلم ان اراء وشعارات هذه المجموعات تختلف عن بعضها خصوصا جماعة التيارالصدري التي تعلن عن مناهضتها للاحتلال وتشترط ادخال موضوع الجدول الزمني لخروج الاحتلال شرطا لاشتراكها في الوزارة وهو ما لم تفكر فيه الادارة الاميركية بعد. وسمعنا اخيرا عن تهديد الدكتور الجابري بانسحاب حزب الفضيلة اذا لم يكلف هو بتاليف الحكومة القادمة بينما اشيع سابقا بانه تنازل عن ترشيح نفسه لرئاسة الوزارة. وبعد اختيار رئيس الوزراء المنتظر يجري الصراع على حصة كل من الاحزاب الائتلافية من كعكة الحكومة. فهي حكومة محاصصة ليس فقط بالمعنى الطائفي والديني والقومي، شيعة وسنة واكراد، بل بمعنى المحاصصة لدى الكتل التي تؤلف قائمة الائتلاف. وحل هذه المشكلة ايضا يتطلب بعض الوقت، شهرا او شهرين، والشعب العراقي المسكين ينتظر تأليف الحكومة التي انتخبها لكي تحل مشاكله الحياتية الكثيرة. وقد طلع علينا وزير السجون السرية "محبوب الجماهير" امس في احدى الفضائيات ليعلن وهو يرفع ابهامه علامة الانتصار ان قائمة الائتلاف قررت ان تكون حصتها نصف الوزارات ومنها ثلاث وزارات سيادية هي الدفاع او الداخلية والنفط والمالية. ويبدو ان قائمة الائتلاف الشيعية تخلت عن مبدأ النصف زائدا واحد الذي كان مبدأ تشكيل مجلس الحكم وربما يرجع ذلك الى ان عدد الوزارات المقرر زوجي وليس فرديا كما كان في مجلس الحكم. (بعد كتابة هذه الفقرة قرأت مقالا يفيد ان الوزير اصر فعلا على النصف زائد واحد).
بعد انهاء معركة المحاصصة داخل قائمة الائتلاف تظهر الى السطح معركة المحاصصة بين القائمتين الرئيسيتين. فقائمة الاتحاد الكردي المؤلفة من الحزبين هي الاخرى ليست خالية من التناقضات والصراعات. فلكل حزب من الحزبين المكونين لقائمة الاتحاد الكردي استحقاقات انتخابية وصراعات داخلية كانت قبل الاحتلال احيانا تؤدي الى القتال والحروب التي تزهق الاف الارواح. وهذه الحروب ليست خفية على الناس بل هي معروفة ومنها قضية احتلال اربيل والاستعانة بصدام من اجل اعادتها من الطالباني الى البرزاني. ثم تأتي مشكلة الاستحقاقات الانتخابية للكتلة الكردية ككل وقائمة الائتلاف حول الحصص المخصصة لكل من القائمتين. فرئاسة الجمهورية مضمونة للطالباني ووزارة الخارجية مضمونة لخال البرزاني ويجري الصراع على المطالب الاخرى ومنها قضية كركوك والحقوق السياسية والاقتصادية والمالية والدبلوماسية للحكومة الكردية المنفصلة عمليا عن الحكومة المركزية.
نرى من كل ما تقدم ان من حق قائمة الائتلاف التمتع بالاستحقاقات الانتخابية وممارستها بدون اية منافسة ولكن ما يمنعها عن ممارسة هذه الاستحقاقات هو بالدرجة الرئيسية تركيبها بالذات والتناحر بين فئاتها والصراع على تقسيم الحصص لكل منها. وبعد الانتهاء بعد شهر او شهرين ان شاء الله من الاتفاق على تحديد حصص كل من الجماعات والفئات المكونة للحلف الحكومي بين قائمة الائتلاف والقائمة الكردية يجري النقاش عن الموقف من القوائم الخاسرة. فكيف يجري التعامل مع هذه القوائم التي بلغت العشرات بصدد تشكيل الحكومة؟
المشكلة الاولى هي قضية التصويت على الحكومة في البرلمان القادم. فقد نص قانون بريمر او الدستور القائم بموجبه ان على الحكومة ان تنال ثلثي الاصوات وقد لا يكون لاتحاد قائمة الائتلاف وقائمة الاكراد ثلثا اصوات البرلمان. اضف الى ذلك ان اوامربوش وكوندوليزا رايس ورامسفلد وشيني وبلير وسترو وحتى زاده هي ان تكون الحكومة ممثلة لجميع اطياف الشعب العراقي وهذا يعني ادخال من يسمون انفسهم بالسنة او من يطلق عليهم اسم المغيبين او المهمشين الى الحكومة لكي تصبح الحكومة حكومة شيعية سنية كردية. وثانيا لان حكومة تضم جميع الكتل البرلمانية تتخذ مظهر تمثيل جميع مكونات الشعب العراقي مما يشكل حجة مناسبة للزعم بعدم وجود الحاجة الى المقاومة وان ما يسمى مقاومة لجيوش الاحتلال والمتعاونين معها ماهو الا ارهاب وان الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية والاقتصادية الطويلة الامد التي ستعقدها هذه الحكومة مع المحتلين شرعية طالما هي تمثل جميع اطياف الشعب العراقي تمثيلا ديمقراطيا.
هنا، بعد الانتهاء من حميع هذه المشاكل، تنشأ مشكلة الطريقة التي يجري بها اشراك الكتل الخاسرة في الانتخابات في الحكومة المرتقبة. وهنا تظهر اهمية ما اعلنه عبد العزيز الحكيم حول طبيعة اشراك هذه الفئات في الحكومة. فالحكيم يعارض تسمية الحكومة القادمة حكومة وحدة وطنية او حكومة توافق وطني ويصر على انها حكومة مشاركة. ما هو مغزى هذا الاصرار؟ هناك اعتراف بضرورة اشراك الفئات الخاسرة في الانتخابات في الحكومة فما الفرق في ان تسمى حكومة وحدة وطنية او حكومة توافق وطني او حكومة مشاركة؟ الفرق كبير. فتسمية الحكومة حكومة وحدة وطنية او حكومة توافق وطني تعني اشتراك الفئات الخاسرة في الانتخابات باعتبارهم ندا للند مع القوائم الفائزة. تعني المفاوضة بين الفئات الفائزة والفئات الخاسرة كقوائم متساوية في الحقوق. اما حكومة المشاركة فتعني ان القوائم الفائزة تتصدق على القوائم الخاسرة وتمنحها بعض الحصص الوزارية عن طريق التنازل لها رغبة منها في اضفاء الصفة الوطنية الشاملة على الحكومة. وفي هذا اذلال في الواقع للقوائم الخاسرة. ومع ذلك يبدو ان قائمة الائتلاف والقائمة الكردية لا خيار لهما من الخضوع لاوامر الاسياد الاميركيين في تأليف الحكومة مع الفئات الخاسرة سواء أكان ذلك كحكومة وحدة وطنية او حكومة توافق وطني ام كان حكومة مشاركة الفئات الخاسرة في الحكومة الفائزة.
ولكن القوائم الخاسرة كلها اعتبرت منذ اللحظة الاولى لاعلان النتائج الاولية غير النهائية للانتخابات ان الانتخابات كانت مزورة ولم تكن انتخابات شفافية ديمقراطية حقيقية وطعنت في استقلالية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وحتى طالبت بعض القوائم بضرورة اعادة الانتخابات كليا واخرجت مظاهرات واسعة وعديدة للمطالبة باعادة الانتخابات او للتعبير عن ان الانتخابات كانت مزورة ومزيفة. واستنادا الى كل هذه الادعاءات دعيت لجنة تحقيق من الامم المتحدة ومن الجامعة العربية للتحقيق في نزاهة الانتخابات وكان من المفروغ منه سلفا ان يكون قرارها بان الانتخابات كما اعلن بوش هي انتخابات ديمقراطية جرت وفقا للمعايير الديمقراطية الدولية. وما زلنا في انتظار النتائج النهائية المصادق عليها للانتخابات. ولم يعد امام القوائم الخاسرة سوى النضال في سبيل الحصول على حصة لائقة من الكعكة.
ما معنى الاستحقاقات السياسية؟ تعني الاستحقاقات السياسية ان نتائج الانتخابات لا يجب ان تكون اساسا لتأليف الحكومة القادمة. تعني قراءة الفاتحة على الانتخابات ونتائجها وعلى الارادة الشعبية. تعني ان هناك لبعض القوائم الخاسرة مكانة سياسية تفوق الحصة الانتخابية التي نالتها في الانتخابات وبناء على ذلك يجب ان تكون حصتها من الكعكة الحكومية متناسبة مع مكانتها السياسية وغير مرتبطة باستحقاقاتها الانتخابية. ومعنى ذلك ان شخصا مثل الجلبي الذي مارس دعايته الانتخابية بالسفر الى الولايات المتحدة والاجتماع برامسفلد ورايس وغيرهما والذي خسر خسارة كبيرة بانسحابه من قائمة الائتلاف التي خولته نيل منصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة السابقة يجب ان يعامل اثناء المفاوضات على تاليف الحكومة وفقا لمكانته السياسية وليس وفقا لعدد النواب المنتمين الى حزبه في البرلمان. تعني الاستحقاقات السياسية ان قائمة علاوي التي بذلت المليارات من الدولارات على الدعاية الانتخابية وصورت نفسها بانها القائمة الوطنية غير الطائفية وغير الدينية والتي تمثل الوحدة الوطنية وان علاوي هو امل الشعب العراقي في تحقيق جميع مطالبه التي لم يحقق منها شيئا حين كان ريسا للوزراء في الحكومة المؤقتة او في مجلس الحكم والذي كان بطل الفلوجة والنجف وقد عبرت جماهير النجف عن ذلك في الاستقبال الحافل الذي استقبلته به حيث ارتفع حماس الجماهير في الترحيب به بحيث اطلقوا نعالهم في الهواء. ومن المعروف ان التيار الصدري يعارض حتى المفاوضة مع قائمة علاوي في صدد تشكيل الحكومة بسبب قضية النجف. ولكن قائمة علاوي تدعي ان المكانة السياسية التي تتمتع بها خصوصا وان احد مكوناتها هو ما يسمى الحزب الشيوعي العراقي بقيادة حميد موسى هي اكثر بكثير من الاستحقاق الانتخابي وعدد اعضائها في البرلمان القادم حيث كانت القائمة الرابعة في تسلسل القوائم الفائزة. وتدعي القائمة السنية ان مركزها كممثل للسنة العراقيين يجب ان يتناسب وعدد السكان السنة وليس وفقا لعدد نواب البرلمان الذين حازت عليه في الانتخابات. وتعني الاستحقاقات السياسية ان شخصا حصل على نائب واحد في البرلمان ولكنه ذو مكانة سياسية مرموقة تجعل من حقه ان يطالب بترشيح نفسه الى رئاسة الوزارة او على الاقل بنيل وزارة من الوزارات التي تسمى وزارات سيادية. والخلاصة هي ان الاستحقاقات السياسية تعني الغاء الانتخابات وجعل البرلمان صفرا الى اليسار وتجاهل نتائج الانتخابات وتكوين الحكومة القادمة وفقا للمكانات السياسية لكل من القوائم بصرف النظر عن عدد نوابها في البرلمان القادم. ترى من الذي يحدد المكانة السياسية لقائمة ما او لشخصية ما؟ في انتخابات حقيقية ديمقراطية تتحدد المكانة السياسية لاية جهة بالاصوات التي نالتها في الانتخابات. فهل يكفي في وضعنا العراقي الشاذ زعم اية قائمة بان مكانتها السياسية تخولها نيل ستة وزارات مثلا وليس وزيرا واحدا في الحكومة؟ وهل يكفي ان يزعم شخص ان مكانته السياسية تخوله حصة وزارة في الحكومة رغم ان قائمته حازت على عضو واحد في البرلمان؟ يبدو لي ان من سيقرر المكانة السياسية للقوائم الفائزة والخاسرة وللشخصيات السياسية ليس سوى خليل زاده والسي اي اي والبنتاغون. فمهمة الانتخابات كانت تقتصر على اضفاء الشرعية على المجلس النيابي واظهاره بمظهر البرلمان الشرعي الذي من حقه ان يعقد الاتفاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي ستكلف الحكومة القادمة بعقدها. اما الحكومة فسيجري تأسيسها وفقا لمقدار خضوعها لارادة الولايات المتحدة وجيوش احتلالها والمندوب السامي خليل زاده وبمقدار جديتها في تطبيق الاجندة الاميركية وادامة احتلالها.
وطبيعي ان قرار قائمة الائتلاف بحيازة نصف الوزارات زائدا وزارة وربما اصرار القائمة الكردية على حيازة نصف الوزارات المتبقية زائدا وزارة لا يترك عددا كافيا من الوزارات للقوائم والشخصيات الاخرى. فكل من هذه القوائم تضم رؤؤسا كبيرة لان كل قائمة تتألف من عدد من الاحزاب او المنظمات وكل حزب او منظمة لها رؤوسها الكبيرة وكل رأس كبير يجب ان تمنح له وزارة. فما الحل في مثل هذا الوضع؟ لابد في حالة كهذه من خلق وزارات جديدة من اجل تلبية حاجات الرؤوس الكبيرة الى الوزارات المناسبة لها. وعند خلق وزارات جديدة يبقى مبدأ النصف زائدا واحد ونصف الباقي زائدا واحد قائما ولذلك فان خلق وزارة جديدة مناسبة لاحد الرؤوس الكبيرة يتطلب خلق عدة وزارات جديدة لتلبية شروط المناصفة المذكورة. فهل يمكن تقسيم وزارة الداخلية مثلا الى وزارتين سياديتين احداها تكون وزارة السجون السرية واخرى وزارة السجون العلنية؟ او تقسيم وزارة الدفاع الى وزارتين سياديتين احداها وزارة الدفاع عن الجيوش المتعددة الجنسيات واخرى وزارة المداهمات مع جيوش الاحتلال؟ او خلق وزارة تسمى وزارة الاقاليم تقوم بتنظيم العلاقات الدبلوماسية بين مختلف الاقاليم العراقية؟ او خلق وزارة اجتثاث البعث طالما يصر الحكيم على ان التفاوض في سبيل حكومة المشاركة يجب ان يتضمن شرط اجتثاث البعث؟ ربما يكون من واجب الحكيم ان يتخصص في موضوع خلق الوزارات المناسبة طالما لا ينوي هو نفسه المشاركة رسميا في الحكومة.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
- سبب حل الجيش العراقي
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
- نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها ...
- ملحق بمقال -حقوق الانسان وقوانينها- – كمال سيد قادر
- حقوق الانسان وقوانينها
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 4 واخيرة
- صدفة جميلة
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 1
- من وحي كتاب سفر ومحطات - البعية للسوفييت ودور اليهود 2
- ماركسية ام ماركسية لينينية؟
- دور اليهود العراقيين في الحركات السياسية السرية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - التبعية للسوفييت ودور اليهود 1
- التحول من مرحلة الثورة البرجوازية الى مرحلة الثورة الاشتراكي ...
- من وحي كتاب سفر ومحطات - الطريق اللاراسمالي
- لا ديمقراطية بدون دكتاتورية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - العمل الحاسم
- الثورة البرجوازية وضرورتها


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية