أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3















المزيد.....

الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1398 - 2005 / 12 / 13 - 11:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كان الاقتصاد البرجوازي الزراعي ضروريا ومهما للدولة البروليتارية طالما بقيت الزراعة الفلاحية متأخرة. فلم يكن باستطاعة الزراعة الفلاحية الفردية ان تزود المدينة بالمنتجات الزراعية الكافية للصناعة والتغذية. كان على دكتاتورية البروليتاريا ان تبذل قصارى جهدها لتطوير الزراعة الفلاحية باسرع ما يمكن. ولكن هذا التطوير لا يمكن تحقيقه على اساس الزراعة الفردية. فعملت دكتاتورية البروليتاريا على تشجيع الفلاحين على الزراعة التعاونية وانشأت مزارع الدولة اولا من اجل ايجاد زراعة اشتراكية حديثة واسعة الانتاج على اسس علمية وثانيا لتكون مثالا يشاهده الفلاحون الفرديون ليطلعوا على فوائد الزراعة الجماعية. وبذلت الدولة جزءا كبيرا من اقتصادها لمساعدة المزارع التعاونية على تطوير زراعتها الى زراعة حديثة فوفرت المكائن الزراعية والخبرات العلمية للمزارع التعاونية مما دفع الكثير من الفلاحين الى الاتجاه نحو الزراعة التعاونية.
في ۱٩۲٨ اثبتت المزارع التعاونية ومزارع الدولة ان بامكانها ان تنتج ما يكفي من القمح لتغذية المجتمع السوفييتي. كان هذا اشارة الى ان دكتاتورية البروليتاريا تستطيع ضمان العيش بدون الاعتماد على انتاج الراسماليين الزراعيين (الكولاك). وقد اتخذ الكولاك سياسة حرق ودفن المحاصيل للامتناع عن بيعها للدولة السوفييتية وفقا للاتفاقات والقوانين المتبعة خلال تلك السنوات وسياسة تخريب المزارع التعاونية واعاقة تطورها. فاتخذ الحزب قرارا بضرورة القضاء على الكولاك كطبقة مع معارضة عدد كبير من قيادة الحزب البلشفي بزعامة بخارين. كان قرار القضاء على الكولاك كطبقة في الواقع الجزء الثاني من ثورة اكتوبر وهو ما لم تستطع الدولة العمالية تحقيقه في ۱٩۱٧. ولم يكن بامكان ثورة اكتوبر الاشتراكية ان تكتمل بدون القضاء على الكولاك كطبقة. واعلن القرار رسميا على الجماهير واتخذت حركة مصادرة املاك الكولاك نطاقا جماهيريا تم انجازها سنة ۱٩۳۳. وهذا ما راح ضحيته حسب احصاءات الدكتور فالح ۲۰ مليون انسان. وفي الوقت ذاته وضعت الدولة السوفييتية اول برنامج خمس سنوات سنة ۱٩۲٨ الذي تحقق قبل موعد انتهائه بسبب حماس الطبقة العاملة ومثابرتها وابداعها في تنفيذ الخطة. وفي نهاية برنامج السنوات الخمس الاول تحققت لاول مرة امكانية تنفيذ شعار الاشتراكية من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله. اذ من الناحية الاولى تطور الاقتصاد السوفييتي تطورا هائلا خلال هذا المشروع ومن الناحية الثانية جرى القضاء على اخر طبقة تعيش على استغلال العمال. وهذه كانت بداية تحقيق المجتمع الاشتراكي تحقيقا كاملا.
حقق برنامج السنوات الخمس نجاحا باهرا لم تستطع اية دولة راسمالية ان تحقق مثله خلال قرن. وتحول الاتحاد السوفييتي من دولة زراعية متأخرة الى دولة صناعية متقدمة. وقد جرى هذا التقدم في فترة كان العالم الراسمالي كله يمر في افظع ازمة اقتصادية واجهها حتى ذلك التاريخ. فهل حققت شعوب الاتحاد السوفييتي الاشتراكية على الفقر؟ بالطبع ان الاشتراكية لا يمكن بناؤها على الفقر ولم يفكر اي ماركسي في بناء المجتمع الاشتراكي على الفقر. لذا لم يعلن الاتحاد السوفييتي عن بلوغ المجتمع الاشتراكي الا بعد ان اصبح بلدا غنيا صناعيا وزراعيا. وجرى بناء المجتمع الاشتراكي على صناعة وزراعة متقدمة متطورة لم يكن باستطاعة البرجوازية الروسية بلوغها حتى لو بقيت مائة سنة في الحكم.
ولكن ما يقصده البعض من التحدث عن بناء الاشتراكية على الفقر او بناء الاشتراكية قبل بلوغ الراسمالية مستوى "ما بعد الراسمالية" هو ان الاشتراكية لا يمكن بناؤها في مجتمع متأخر صناعيا وزراعيا كما كانت عليه روسيا يوم ثورة اكتوبر وبعد حرب التدخل. اي ان الثورة يجب ان لا تتحقق قبل بلوغ المجتمع الراسمالي مرحلة متقدمة. وهذا خطأ فظيع. فاذا كانت الراسمالية تستطيع ان تتقدم صناعيا وزراعيا من المستوى المتردي الذي كانت عليه روسيا قبل الثورة فلماذا لا تستطيع البروليتاريا الظافرة هي الاخرى ان ترفع مستوى الانتاج الزراعي والصناعي الى المستويات التي تستطيع الراسمالية ان تبلغها وباسرع منها؟ لقد اثبت تاريخ تطور الاتحاد السوفييتي خلال مشروعين من برامج السنوات الخمس انه يستطيع ان يطور الصناعة والزراعة بسرع لا يمكن ان تحلم بها اية دولة راسمالية. فخلال تسع سنوات من المشروعين تحول الاتحاد السوفييتي من بلد زراعي متاخر الى ثاني دولة صناعية في العالم.
فما السر في استطاعة هذه الدولة الاشتراكية الفتية تحقيق مثل هذا التقدم الهائل رغم الحصار الاقتصادي الذي فرضته عليها الدول الامبريالية؟ السر النظري هو اختفاء قانون فوضى الانتاج السائد في المجتمعات الراسمالية وظهور قانون اقتصادي طبيعي يتحكم في بناء المجتمع الاشتراكي بدلا منه. ظهر قانون اقتصادي جديد هو قانون التطور المتوازن للاقتصاد الوطني. وهذا القانون شأنه شأن جميع القوانين الاقتصادية سواء في المجتمع الراسمالي او المجتمع الاشتراكي قانون طبيعي يعمل بالاستقلال عن ارادة الانسان. فما هي مستلزمات قانون التطور المتوازن للاقتصاد الوطني هذا؟ هذا القانون يستلزم التطور الاقتصادي بصورة نسبية اي ان يجري هذا التطور بحيث ان كل ميدان من ميادين الاقتصاد يتلقى نسبة مناسبة من الانتاج بحيث ان جميع فروع الاقتصاد الوطني تتلقى الكمية المناسبة من الانتاج الاقتصادي لكي يجري تطور الاقتصاد الاجتماعي كله تطورا متناسقا فلا تجري زيادة التركيز على قطاع معين من الاقتصاد وحرمان القطاع الاخر مما يحتاجه. والقطاع الاقتصادي الاساسي الذي يحقق استقلال وتطور الاقتصاد الاجتماعي كله تطورا متناسقا هو قطاع الصناعة الثقيلة. هذا القانون هو قانون طبيعي يفعل بالاستقلال عن ارادة الانسان الاشتراكي. ولا يجري تقدم المجتمع الاشتراكي تقدما سريعا متناسقا الا اذا استطاعت قيادة الاقتصاد الاجتماعي تحقيق مستلزمات هذا القانون على الواقع الاجتماعي. وكانت برامج السنوات الخمس الثلاثة التي تحققت قبل الحرب العالمية الثانية اقرب ما يكون الى تحقيق مستلزمات هذا القانون. كانت برمجة الاقتصاد هذه من اعظم منجزات القيادة البلشفية وعلى راسها ستالين.
يمكن تشبيه المجتمع السوفييتي بعائلة كبيرة واحدة. فكما ان العائلة المتوسطة في المجتمع الراسمالي تقوم بتوزيع دخلها وفقا لحاجاتها كالغذاء والملبس ومصاريف ثقافة الاطفال وتسديد ثمن المسكن وتحسين الاثاث فيه وتنظيم الحضانة للاطفال لتمكن المراة من العمل ومحاولة توفير جزء لاغراض متعة العائلة كالخروج مرة الى الاصطياف مع افراد العائلة الى اخر ذلك. وكل هذا يعتمد على دخل العائلة فاذا كان الدخل شحيحا اضطرت العائلة الى التخلي عن الكثير من حاجاتها والانفاق على الحاجات الاكثر ضرورة. كذلك شأن العائلة السوفييتية الكبيرة. فالشعوب السوفييتية تمتلك كل ثروات وادوات انتاج المجتمع. وعليها ان توزع هذه الثروات على حاجات المجتمع بصورة متناسبة. فتخصص الجزء المناسب للصناعة الثقيلة والجزء المناسب للصناعات الاخرى وجزء اخر لتطوير الانتاج الزراعي واخر للمواصلات واخر للدفاع واخر للمواد الاستهلاكية المباشرة. ولكن جميع هذه القطاعات هي ملك شعوب الاتحاد السوفييتي لا يشاركها فيها احد. ففي سنة ۱٩۲۱ لم يكن بامكان الشعب السوفييتي ان يخصص لكل انسان اكثر من ٥۰ غراما من الخبز يوميا اي ما يقرب من الموت جوعا لان زراعته والحصار الاقتصادي المفروض عليه لم يجعل بامكانه ان يخصص لغذائه اكثر من ذلك. اما شعوب الاتحاد السوفييتي في الثلاثينات فقد حققت من انتاجها انطقة من الحياة لم يمكن للطبقات الكادحة في المجتمعات الراسمالية حتى ان تفكر او تحلم بها. حققت شعار "من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله".
ان شعار من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله ليس شعارا ثابتا بل هو شعار متحرك متطور يتغير بتغير ظروف المجتمع. ففي الثلاثينات كان يوم العمل مثلا ثمان ساعات ولكن تطور المجتمع الاشتراكي جعل يوم العمل سبع ساعات وست ساعات للاعمال المرهقة جسديا. وكان بامكان المجتمع الاشتراكي ان يقلص يوم العمل الى اقصر من ذلك لزيادة اوقات الفراع للعائلة وتوفير الوقت لها للهو وللتثقيف المتواصل. كذلك كان المجتمع السوفييتي يرفع اجور العمل بصورة دائمة وفي الوقت ذاته يخفض اسعار المواد الاستهلاكية وفقا لتطور الانتاج. كل هذا كان يعني تقليص مفهوم "من كل حسب طاقته".وزيادة مفهوم "لكل حسب عمله" وهذا يعني ان تطوير المجتمع الاشتراكي كان يعني تقليص مجهود العمل وزيادة المواد التي يتلقاها العامل لقاء عمله. ولكن اجور العامل لم تكن في المجتمع الاشتراكي مقياسا لرفاهه. لان الحقوق التي حصل عليها العمال في المجتمع الاشتراكي كانت اكثر من مفهوم اجر العمل بكثير. فقد تعودنا في المجتمع الراسمالي ان نعتبر دخل العامل هو المصدر الوحيد لمعيشته ولرفاهه. وان على العائلة العاملة ان تحقق كل حاجاتها من هذه الاجور. ولكن مفهوم الاجور في الاتحاد السوفييتي امر يختلف كل الاختلاف عن مفهومه في المجتمع الراسمالي. ان جميع انتاج المجتمع هو ملك المجتمع ولكن انتاج المواد الاستهلاكية المباشرة لهذا المجتمع الاشتراكي لم يبلغ بعد من الوفرة بحيث يجري توزيعه على كل المجتمع وفقا لحاجاته. لذلك استفاد المجتمع الاشتراكي من صورة الاجور والنقود القائمة في المجتمعات الراسمالية لكي ينظم توزيع المواد الاستهلاكية التي يعجز المجتمع عن توزيعها مجانا على المجتمع. ولكن رفاه العائلة العاملة السوفييتية لا يقتصر على ما تتقاضاه من اجور. اذ ان القطاعات الانتاجية التي يستطيع المجتمع توفيرها لافراد المجتمع مجانا لكل حسب حاجته تزداد زيادة كبرى مع تطور المجتمع الاشتراكي.
فمثلا موضوع التعليم والثقافة كان متوفرا لجميع افراد المجتمع مجانا الى حد الدراسات الجامعية المتقدمة. بل ان طالب الجامعة كان يتقاضى اجورا كما لو كان يقدم خدمة للمجتمع. ومثل اخر هو حق كل عائلة بقضاء عطلة مجانية في احسن مصائف ومنتجعات الاتحاد السوفييتي. ومثل اخر هو توفير العلاج الطبي مجانا لكل حسب حاجته. وتوفير دور الحضانة للرضع في كل معمل وكل مؤسسة اي توفير الحضانة لكل المرضعات مجانا. ولا يمكن تعداد كل هذه الامتيازات التي حصل عليها المجتمع السوفييتي مما لم يتوفر لاية طبقة كادحة عدا كادحي الاتحاد السوفييتي. ان كل خطوة في التقدم في هذا المضمار هي خطوة نحو تحقيق الجانب الاقتصادي لشعار المجتمع الشيوعي "من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته" فلو اصبح بامكان المجتمع السوفييتي ان يوزع ملابس الاطفال مجانا مثلا لكان هذا خطوة في سبيل تحقيق شعار "لكل حسب حاجته" ولو امكن جعل السفر في المترو مجانا لكان هذا خطوة اخرى نحو تحقيق شعار "لكل حسب حاجته". وكان الاتحاد السوفييتي تحت قيادته الحكيمة سائرا سيرا حثيثا ثابتا وبصورة تدريجية نحو تحقيق هذا الشعار في النطاق الاقتصادي تحقيقا كاملا واذ ذاك لا يبقى وجود للاجور ولا للنقود في المجتمع. (لا اناقش هنا موضوع الشروط الاخرى غير الاقتصادية اللازمة لتحقيق المجتمع الشيوعي). لم تظهر لحد ذلك الوقت اية اشارة الى ان الدولة السوفييتية "مرشحة للانهيار" كما علمنا الدكتور فالح مستندا الى فطاحل مهاجمي الاتحاد السوفييتي وثورة اكتوبر والتجربة الاشتراكية.
غير ان الامبريالية لم تتح للاتحاد السوفييتي فرصة مواصلة السير في هذا الاتجاه بل فرضت عليه حربا شعواء شنتها جيوش النازية بعد ان استولت على اوروبا كلها بدون مقاومة تقريبا. وفي اوروبا لم تلتحم النزعة الدفاعية الوطنية مع الراسمالية للدفاع عن بلدانها تجاه الاحتلال النازي بل كان العديد من قادة هذه الدول جزءا من الرتل الخامس الذي كان يخدم هتلر والطغمة النازية. وحين شن هتلر هجومه على الاتحاد السوفييتي كان الاعلام الاوروبي يتوقع ان تنهار هذه الدولة التي كانت تعيش منذ ثورة اكتوبر تحت "الدكتاتورية الغاشمة التي لم تستطع مواصلة حكمها للشعوب السوفييتية الا بقتل الملايين. اما في الواقع فقد التحمت البلشفية بالنزعة الوطنية الدفاعية للمرة الثانية للدفاع عن هذا الوطن الاشتراكي. واضافة لهذا الالتحام التحقت به مئات القوميات السوفييتية التي تآخت لاول مرة في التاريخ فحاربت جيوش هتلر كشعب واحد متعدد القوميات. وعلينا الا ننسى ان بعض هذه القوميات كانت لدى تحقق ثورة اكتوبر تعيش في العصر الحجري ولم تكن لها حتى لغات مكتوبة فانجبت العلماء والقادة العسكريين والسياسيين حتى ان يوري غاغارين، اول رائدي الفضاء كان منها. وكان ضحية هذه الحرب الدفاعية التي انقذت البشرية من العبودية الهتلرية ۳۰ مليون انسان اخرين لم يدخلوا في حساب ملايين ضحايا ثورة اكتوبر في دفتر حسابات الدكتور فالح.
لو كانت ثورة اكتوبر ووليدها الاتحاد السوفييتي مرشحين للانهيار فقد كانت الحرب النازية افضل فرصة لتحقيق هذا الانهيار. ولكن بدلا من الانهيار كانت وقفة هذه الشعوب وقفة رجل واحد في الدفاع عن وطن الاشتراكية الذي حقق لهم السعادة والرفاه والاستقلال والامل في التقدم الى الشيوعية. ولولا التقدم الصناعي وانتاج الاسلحة الكافية لتزويد هذه الشعوب المدافعة عن وطن الاشتراكية بالكميات الكافية من الاسلحة والمدافع والدبابات والطائرات لما استطاعت هذه الشعوب ان تقف شهرا واحدا في وجه جيوش الصاعقة النازية. ففي هذه الحرب ظهرت حكمة القيادة البلشفية في الطريق الذي سلكته في تصنيع البلاد واعداده لمثل هذه الحرب. فهل دافعت شعوب الاتحاد السوفييتي الجيوش الالمانية تحت تهديد سيف ستالين المسلط على رقابها؟
وكان من نتائج الدفاع عن وطن الاشتراكية ودحر الجيش النازي تحقيق ما كان يتأمله لينين من تحقيق الثورات في بلدان اوروبا الاخرى. فقد سارت جميع بلدان اوروبا الشرقية في طريق بناء المجتمع الاشتراكي. ومن بين هذه الدول الدولة التشيكوسلوفاكية والقسم الاشتراكي من المانيا وهما الدولتان الصناعيتان الكبيرتان في اوروبا. ولكن تحقيق هذا الهدف جاء معكوسا. فبدلا من ان تساعد هذه الدول الطبقة العاملة الروسية في بناء الاشتراكية اصبح الواقع هو ان الطبقة العاملة السوفييتية هي التي تساعد هذه البلدان على بناء مجتمعاتها الاشتراكية.
ولماذا اقتصر حساب الدكتور فالح لضحايا ثورة اكتوبر على ۳۰ مليون انسان ولم يتجاوز ذلك الى الملايين من ضحايا ثورة اكتوبر في حرب التدخل فور اندلاع الثورة وحرب النازية خلال الحرب العالمية الثانية؟ ولماذا اصر الدكتور فالح على عدد ۳۰ مليون انسان؟ لقد اثبت التاريخ ان هذه الاعداد التي اختلف الباحثون على نسبتها كضحايا ثورة اكتوبر انها كانت زائفة. فقد نشرت مئات الكتب عن زيف هذه الارقام الهائلة ودرست المؤلفات التي كتبت عنها تاريخ حياة كاتبيها والمصادر المالية التي شجعتهم على كتابتها وتعمد الاستخبارات الامبريالية واعوانها من وسائل الاعلام تلفيق هذه المزاعم. ولكن الدكتور فالح اصر على اقتباسها باعتبارها الارقام الحقيقية. وقصة اضطهاد المثقفين التي قدرها الدكتور فالح بعشرة ملايين تخص المحاكمات التي جرت بين ۱٩۳٦ و ۱٩۳٨ حيث جرت محاكمات مجموعة من المحسوبين على قادة الحزب البلشفي مثل بخارين وزينوفييف وكامينيف وبياتاكوف وعدد كبير اخر حكم عليهم بالاعدام في محاكم علنية حضرها جميع السفراء الموجودين في الاتحاد السوفييتي وممثلو الصحافة من ارجاء العالم وليس كالمحاكمات السياسية التي تجري في العالم الراسمالي وفيما يدعى العالم الثالث التي تجري تحت سقف المحاكم العرفية ولا يدري احد ما يجري فيها او كالاعتقالات العشوائية والتعذيب الذي يجري في غوانتانامو وافغانستان والعراق وسجون السي اي اي السرية في مختلف بلدان العالم وسجون وزارة الداخلية ووزارة الدفاع السرية في العراق. حوكموا عن الجرائم التي ارتكبوها وليس عن افكارهم وآرائهم ومعارضتهم للخط الستاليني. والغريب في الامر ان سفير الولايات المتحدة الاول، ديفيز، الراسمالي الكبير صديق روزفلت الشخصي والخبير في القضاء الذي حضر جميع جلسات المحاكمات بدون استثناء وكتب عنها في كتابه الشهير (Mission to Moscow) الذي انتج فلما في هوليود اثناء الحرب العالمية الثانية ابدى رأيه في هذه المحاكمات التي كان من بين المتهمين فيها اصدقاء شخصيين واصدقاء عائلة له فبين انها كانت محاكمات عادلة. وحين سألوه في الجامعة التي تخرج منها حين كان يلقي محاضرة عند هجوم المانيا على الاتحاد السوفييتي "اين الرتل الخامس؟" اجاب لقد قتلوهم. بينما يصر الذين يدعون الماركسية والشيوعية بدون ان يكلفوا انفسهم حتى قراءة نصوص المحاكمات المنشورة على ان هذه المحاكمات كانت صورية وانها ليست سوى رغبة ستالين في التخلص من معارضيه او مخالفيه في الراي. ولكن الضحايا في الحربين الاخرين، حرب التدخل والحرب العالمية الثانية، كانت موثوقة ولا يستطيع احد انكارها ومع ذلك لم تدخل في حسابات الدكتور فالح. السبب الحقيقي لذلك هو ان ضحايا الحربين كانوا من ذوي الدم الاحمر، من الكادحين عمالا وفلاحين، من ضحايا الامبريالية، بينما كان الضحايا الاخرون من ذوي الدم الازرق، من البرجوازيين واتباعهم الذين استغلوا وما زالوا يستغلون كادحي العالم كله. فان ضحايا الدم الاحمر، ضحايا الكادحين، لا يعتبرهم قاتلوهم بشرا، بل مجرد ادوات انتاج ناطقة، لذلك لا يدخلون في حساب الضحايا البشرية ولا يحاسب قتلتهم على قتلهم. بالضبط كما يحصل اليوم في العراق حين يجري التعتيم عن مئات الاف الضحايا الذين تقتلهم جيوش الاحتلال ومرتزقتهم العراقيون في شتى مدن العراق التي جعلوها قاعا صفصفا وجعلوا من تبقى من سكانها لاجئين يسكنون الخيام في بلادهم.
ان ثورة اكتوبر ووليدها الاشتراكي كان مكتوبا لهما الحياة والازدهار والتقدم وشمول اقسام اخرى من العالم كما حصل في اوروبا الشرقية والصين والفيتنام وغيرها. والسؤال التالي هو ما الذي ادى الى انهيار هذا الصرح العظيم ولماذا لم يشعر الدكتور فالح بوجود مثل هذا المجتمع الاشتراكي؟ ولماذا شعرت الدكتورة سعاد بان ثورة اكتوبر حققت الاشتراكية بشكلها الاولي فقط؟
اترك الاجابة على ذلك الى القسم الرابع من هذا المقال.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 1
- من وحي كتاب سفر ومحطات - البعية للسوفييت ودور اليهود 2
- ماركسية ام ماركسية لينينية؟
- دور اليهود العراقيين في الحركات السياسية السرية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - التبعية للسوفييت ودور اليهود 1
- التحول من مرحلة الثورة البرجوازية الى مرحلة الثورة الاشتراكي ...
- من وحي كتاب سفر ومحطات - الطريق اللاراسمالي
- لا ديمقراطية بدون دكتاتورية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - العمل الحاسم
- الثورة البرجوازية وضرورتها
- نظام الاجور في الدولة الاشتراكية
- باسل ديوب-كلمة شكر
- من وحي كتاب سفر ومحطات. عبادة الحزب
- جعفر ابو العيس
- خواطر يهودي عراقي سابق
- من مرحلة اعداد مسودة الدستور الى مرحلة الاستفتاء عليها
- مفهوم الربح في الراسمالية وفي الاشتراكية
- مهزلة الدستور
- جواب الى قارئ اخر


المزيد.....




- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3