أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسقيل قوجمان - ساسون دلال















المزيد.....

ساسون دلال


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1457 - 2006 / 2 / 10 - 10:57
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


كتب لي قارئ عزيز رسالة جاءت فيها العبارة التالية:
"قبل فترة كتب عن الماضل الشيوعي ساسون الدلال والذي اعدم عام 1949 ... السؤال هو هل اعدم مع الرفاق فهد. حازم .صارم ام لا واذا الجواب يكون بنعم فلماذا لم يذكره الحزب الشيوعي العراقي في ادبياته رغم ان فهد عرف عنه بدفاعه الشيوعي عن اليهود؟"

أخي العزيز
ان اليهودي الذي اعدم مع الرفاق الثلاثة هو يهودا صديق وليس ساسون دلال. اما ساسون دلال فقد جرى اعتقاله في ۱٩ شباط ۱٩٤٩ اي بعد اعدام الرفيق فهد بخمسة ايام وجرى تنفيذ حكم الاعدام فيه في ايار من نفس السنة.
سؤالك الثاني هو سؤال ذو شجون. ان عدم ذكر يهودا صديق مع اسماء الشهداء الثلاثة هو ان يهودا كان قد انهار تحت التعذيب واخبر عن بعض اعضاء الحزب ومقراته. وهو سبب يعطي الحزب الشيوعي الحق في تفادي ذكر يهودا مع الرفاق الثلاثة او اعتباره شهيدا من شهداء الحزب. ولكن لم يكن ضد ساسون دلال نفس ما كان ضد يهودا. فحسب علمي وبتأكيد زكي خيري كان ساسون دلال مخلصا لمبدئه حتى لحظة اعدامه ولذلك لم يكن في سلوك ساسون دلال ما يبرر تحاشي ذكره بين شهداء الحزب الشيوعي. قد توجد ضد ساسون دلال بعض الانتقادات حول طريقة قيادته للحزب في الفترة القصيرة التي قاد الحزب فيها والتي لم تتجاوز الشهرين او الثلاثة اشهر. وانا كنت اكثر الاعضاء الحزبيين في حينه انتقادا لساسون دلال تحريريا وشفهيا ليس بعد اعتقاله بل اثناء وجوده على راس الحزب. وكان ساسون دلال شخصيا من اعز اصدقائي. ولكن ليس ساسون دلال الشهيد الوحيد الذي يمكن انتقاد سلوكه في القيادة. فيمكن توجيه مثل هذه الانتقادات الى قياديين حزبيين مثل سلام عادل ومحمد حسين ابو العيس وجمال الحيدري والعبلي وغيرهم ولكن هذا لا ينفي انهم كانوا شهداء للحزب وللحركة الشيوعية. فما السبب في تحاشي ذكر ساسون دلال بين شهداء الحزب؟
ان الرفيق فهد كما قلت في رسالتك لم يكن يميز الشيوعيين وفقا لديانتهم او لقومياتهم وانما كان يميز الشيوعيين وفقا لنشاطهم واخلاصهم للحزب والشيوعية وللطبقة العاملة العراقية. وقد كان اول شهداء الحزب الشيوعي العراقي يهوديا هو شاؤل طويق الشهيد الوحيد في مظاهرة ۲٨ حزيران ۱٩٤٦ وكانت صورته تعلق في المقرات الحزبية تحت عنوان الشهيد الاول. ولكن سلوك القادة الذين تولوا قيادة الحزب بعد الرفيق فهد لم تكن تطبيقا لسياسة فهد الحقيقية في قيادة الحزب. تمثل ذلك في سياسة الحزب ككل وكذلك في موقف الحزب من اليهود.
ففي مؤامرة تسفير اليهود واسقاط الجنسية العراقية عنهم لم يكن موقف الحزب جديا في فضح المؤامرة وتشجيع اليهود على البقاء في وطنهم العراق وقد كان انذاك على راس الحزب بهاء الدين نوري الملقب باسم. ومن تجربتي في الحياة مع بهاء لمدة سنتين على الاقل كان واضحا انه يعاني من بعض التعصب ضد اليهود. ولكن هذه الظاهرة ضد اليهود مع ذلك لم تظهر بشكل واضح في المحيط الرئيسي الذي ضم الشيوعيين اليهود مع الشيوعيين غير اليهود وهو السجون. فبعد تهجير اليهود الى اسرائيل لم يبق في الحزب خارج السجون اعضاء يهود لان كل الذين كانوا اعضاء او مؤيدين للحزب سافروا مع باقي اليهود وحتى واصلوا النضال الشيوعي في صفوف الحزب الشيوعي الاسرائيلي. ولكن العلاقة بين السجناء الشيوعيين اليهود مع السجناء غير اليهود بقيت كما كانت عليه في عهد الرفيق فهد خصوصا وان حميد عثمان الذي قاد منظمة السجون اثناء وجوده في السجن وقاد الحزب لفترة بعد هروبه من السجن لم يكن يعاني من ظاهرة التمييزهذه.
ولكن الامور تغيرت في سنة ۱٩٥٤ وما بعدها. فقد شعرنا نحن الشيوعيين اليهود المتبقين في السجون بالتمييز ضدنا ولو بشكل غير ظاهر للعيان او غير معلن صراحة. وقد ساعد على اختفاء هذه الظاهرة ان الحكومة فصلت السجناء اليهود عن السجناء غير اليهود للمرة الاولى بعد المجزرتين في سجن بغداد وسجن الكوت سنة ۱٩٥۳ اذ نقل جميع السجناء اليهود مهما كانت التهم التي حوكموا وحكموا عنها في سجن نقرة السلمان. ولم يبق من السجناء غير اليهود في نقرة السلمان سوى السجناء الاربعة، بهاء الدين نوري (باسم) وصادق جعفر الفلاحي وكامل وباقر. ودام ذلك حتى اواخر سنة ۱٩٥٤ او بداية ۱٩٥٥حين نقلت الحكومة بعض السجناء غير اليهود من بعقوبة الى نقرة السلمان واندمج الشيوعيون اليهود مع الشيوعيين غير اليهود مرة ثانية. وعزل السجناء اليهود عن غير اليهود مرة ثانية في اواخر سنة ۱٩٥٦ في سجن بعقوبة واستمر هذا العزل حتى ثورة ۱٤ تموز.
في تلك الفترة سواء في سجن نقرة السلمان حين عشنا معا ام في سجن بعقوقة حين عزلنا ظهر للعيان ان الحزب كان يتخذ سياسة صريحة ضد اليهود. وقد تجلى ذلك بافظع اشكاله بعد الثورة. فقد وقعنا نحن الشيوعيين اليهود برقية تهنئة لحكومة الثورة مع سائر الشيوعيين ولكن القيادة حذفت اسماءنا من البرقية رغم ان اسماء سجناء سياسيين كانوا قد ساهموا في تعذيب السجناء مع السجانين ادخلت اسماؤهم في برقية التهنئة. وقد عوملنا من بعض السجناء الذين عشنا معهم سنوات عديدة وفقا لسياسية "يهودي نجس" حيث لم يكونوا يوافقون على تناول الطعام في سفرة فيها يهودي ناهيك عن انهم لا يتقربون الينا او يتحدثون معنا. وقامت قيادة السجن بتوصية اليهود الذين اطلق سراحهم بعد الثورة مباشرة بعدم مقاومة التسفير الى اسرائيل بحجة عدم ازعاج حكومة الثورة واخيرا طلب من اليهود المتبقين ان يعلنوا اسلامهم لكي يبقوا في الحزب الشيوعي وفعلا قبل في الحزب من اعلن اسلامه ولم يقبل في الحزب من لم يعلن اسلامه وانا احدهم.
وفي جميع الكتابات التي كتبت عن الحزب الشيوعي وعن السجون كان الكتاب يتحاشون ذكر اي اسم يهودي. ففي يوم ۱٤ شباط ۱٩٥٩ ظهرت جريدة الحزب بعدد خاص في الذكرى العاشرة لاعدام الرفاق فهد وحازم وصارم وكانت الافتتاحية عن حياة السجون فذكر الكاتب جميع فئات الشعب الذين كانوا في السجون كالمسلمين (ولم يكن انذاك بريمر لكي يميز بين المسلمين الشيعة والمسلمين السنة) والاكراد والارمن والصابئة والاثوريين ولكن الكاتب نسي وجود سجناء يهود. كان عدد الصابئة والارمن والاشوريين بمجموعهم يعد على الاصابع ولكن اليهود في نقرة السلمان سنة ۱٩٤٩ كانوا يشكلون ٦۰ % من عدد سجناء المنظمة الشيوعية الذين بلغوا ۲٥۰ سجينا تقريبا. وقد خلت جميع كتابات الحزب الشيوعي في السبعينات من القرن الماضي عند الحديث عن مظاهرة ۲٨ حزيران التي كانت اكبر مظاهرة قادها الرفيق فهد شخصيا عن ذكر شهيدها الاول شاؤل طويق. كان الحزب، خصوصا منذ ۱٩٥٥ فما بعد يعاني من شوفينية واضحة ضد اليهود. واذكر حادثا واحدا فقط للدلالة على عمق هذه الشوفينية ضد اليهود. زرت بعد الثورة مكتب الترجمة العائد للحزب الشيوعي الذي كان يديره عزيز سباهي. رحب بي وتجاذبنا اطراف الحديث بصورة طبيعية وكررت الزيارة بعد ايام نظرا الى ان عزيز سباهي لم يظهر شوفينيته ضدي في الزيارة الاولى فاخبرني بصراحة ان الحزب بنصحني بعدم زيارة المكتب مرة اخرى خشية ان يراني بعثي ادخل مقرا شيوعيا.
كان موضوع اليهود وقبولهم في الحزب الشيوعي منذ الثلاثينات موضوع خلاف بين الرفيق فهد وخالد بكداش قائد الحزب الشيوعي السوري. كان الحزب الشيوعي السوري يعتبر كل يهودي خائنا ولا يمكن ان يكون شيوعيا الى درجة اتهام كارل ماركس نفسه بهذا الزعم. ولكن فهد عامل اليهودي العراقي كمواطن عراقي شأنه شأن اي مواطن عراقي اخر. وكان الرفيق فهد هو المبادر الى تشكيل عصبة مكافحة الصهيونية التي كان لها تاثير كبير ليس على ابعاد اليهود عن الصهيونية وحسب وانما على الحركة السياسية العراقية عموما. ولكن يبدو ان الشيوعيين الذين عاشوا في سورية مدة طويلة تأثروا في اراء الحزب الشيوعي السوري الذي لم يقبل يهوديا في صفوفه فطبقوا ذلك في الحزب الشيوعي العراقي عند عودتهم الى قيادته. وقد تفاقم هذا الاتجاه خصوصا بعد ثورة تموز حيث كان الحزب يخشى ان يتهمه حزب البعث بانه "حزب اخوان اليهود" كما كان اعداء الحزب يسمونه في ۱٩٤٨ بعد اعلان دولة اسرائيل والمظاهرة الكبرى التي جرت يوم الجمعة بعد اعلان دولة اسرائيل حيث كان الشعار الرئيسي للمظاهرة "نحن اخوان اليهود واعداء الصهيونية". ان الشوفينية ضد اليهود ما هي الا الوجه الثاني من العملة الصهيونية. فالحركة الصهيونية تعمل على خدع اليهود والعالم بانها ليست حركة سياسية وانما هي الممثل الحقيقي لجميع اليهود في العالم وانها المنفذ لارادة الله الواردة في التوراة في جمع اليهود في ارض الميعاد. والشوفينية ضد اليهود هي تأكيد الاسطورة الصهيونية بشكل مقلوب هو اعتبار كل يهودي صهيونيا ولذلك فهو خائن بطبعه ولا يمكن ان يكون شيوعيا او وطنيا. ولكن الشعار الذي رفعه الحزب في مظاهرة ۱٩٤٨، شعار "نحن اخوان اليهود واعداء الصهيونية" هو ادق تعبير عن المفهوم العلمي الصحيح الذي يميز بين اليهودية كدين والصهيونية كحركة سياسية عنصرية.
مع تحياتي



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية
- المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
- سبب حل الجيش العراقي
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
- نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها ...
- ملحق بمقال -حقوق الانسان وقوانينها- – كمال سيد قادر
- حقوق الانسان وقوانينها
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 4 واخيرة
- صدفة جميلة
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 1
- من وحي كتاب سفر ومحطات - البعية للسوفييت ودور اليهود 2
- ماركسية ام ماركسية لينينية؟
- دور اليهود العراقيين في الحركات السياسية السرية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - التبعية للسوفييت ودور اليهود 1
- التحول من مرحلة الثورة البرجوازية الى مرحلة الثورة الاشتراكي ...
- من وحي كتاب سفر ومحطات - الطريق اللاراسمالي
- لا ديمقراطية بدون دكتاتورية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - العمل الحاسم


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - حسقيل قوجمان - ساسون دلال