أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - حسقيل قوجمان يستفيق من نوم الكهف















المزيد.....



حسقيل قوجمان يستفيق من نوم الكهف


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1488 - 2006 / 3 / 13 - 10:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في يوم ٤ آذار ظهر في الحوار المتمدن مقال بعنوان "السيد قوجمان واسطورة الوحدة الوطنية" بقلم صباح جاسم انتقد فيه مقالي المعنون "اسطورة حكومة الوحدة الوطنية" المنشور سابقا في الحوار المتمدن ايضا.
ان الاخ صباح جاسم كان في الواقع قد وجه انتقاده لمقالي الاخير شخصيا في رسالة الكترونية باللغة الانجليزية. كانت رسالة رقيقة بها بعض عبارات المدح والمودة والتذكير بمراسلات سابقة وبها انتقاد لمقالي "اسطورة حكومة الوحدة الوطنية" وقد اجبته على رسالته باللغة العربية بما يلي:
"عزيزي الاخ صباح
ِ اشكرك على رسالتك الرقيقة واشكرك اكثر من ذلك على انتقادك لمقالي الاخير. ولكن الواقع هو ان المقال بعد نشره في الحوار المتمدن وقرأه اكثر من الف شخص لم يعد ملكي وانما اصبح ملك القراء. لذلك اعتقد ان الانتقاد يجب ان يكون على نفس المكان اي في الحوار المتمدن لكي يطلع قراء المقال على محتواه ويقدروه سلبا او ايجابا. ولكن مع الاسف جاءت الرسالة باللغة الانجليزية. اعتقد ان من الافضل ان تقوم انت بترجمتها او اعادة صياغتها. وارسالها الى الحوار المتمدن لان هذا من حق قراء مقالي وليس من حقي اذ ان المقال هو ملكهم وليس ملكي وليس بمقدوري ان انقل رسالتك الى الحوار المتمدن بهذه اللغة.
ساعيد قراءة رسالتك وساحاول مناقشتها ولكني افضل ان يكون ذلك بعد نشر رسالتك او انتقاداتك في الحوار المتمدن لكي يكون بمقدوري ان اناقش ما جاء في الانتقاد وليس في الرسالة وحدها."
ليس في نيتي مناقشة المقال المنشور في الحوار المتمدن والرسالة الانجليزية التي ارسلها لي الاخ صباح لان المقالين، مقالي ومقال الاخ صباح منشوران في الحوار واعتقد ان القارئ هو الذي بامكانه ان يقارن ما جاء فيهما وان يكون رأيه في محتوياتهما. لذا اكتفي بابداء ملاحظات على بعض ما جاء في مقال الاخ صباح وفي الرسالة الانجليزية.
أبدأ اولا بالعنوان. كان عنوان مقالي "اسطورة حكومة الوحدة الوطنية" فجاء عنوان مقال الاخ صباح "السيد قوجمان واسطورة الوحدة الوطنية". لا اعرف اذا كان حذف كلمة "حكومة" من عنوان مقالي مقصودا ام كان سهوا. ولكن حذف هذه الكلمة يمكن ان تكون له بعض الدلائل.
كان محتوى مقالي كله ينصب على عدم امكانية تحقيق حكومة وحدة وطنية بين العناصر المتفاوضة على تشكيل الحكومة الحالية وبينت الاسباب التي توصلت بها الى هذا الاستنتاج موضحا ان كل هذه العناصر التي تتفاوض على تشكيل الحكومة واقعة تحت سيطرة الاحتلال وان الحاكم الحقيقي للعراق اليوم هو المحتل المتمثل في زلماي خليل زاد رغم كل ما يتشدق به هؤلاء السياسيون حول السيادة والاستقلال والديمقراطية والانتخابات الحرة والحرص على مصالح الشعب العراقي. حاولت ان ابرهن على ان المطلبين الضروريين لتشكيل حكومة وحدة وطنية، الوحدة والوطنية، غير متوفرين في اية كتلة من الكتل المكونة للحكومة المقبلة ايا كان اعضاؤها.
ودعوت في مقالي الى ضرورة قيام وحدة وطنية من عناصر الشعب العراقي، من القاعدة، من العمال والفلاحين والمثقفين والمراتب الوسطى (البرجوازية الصغيرة كما يسمونها) يكون هدفها الموحد هو مقاومة الاحتلال.
من ناحيتي انا فقد ميزت بين مصطلح حكومة الوحدة الوطنية ومصطلح الوحدة الوطنية وبينت ان الوحدة الوطنية الحقيقية لن تقوم الا لدى الجماهير الشعبية في ظروف العراق الحالية على ان يتوفر للوحدة هدف يمكن للجميع الاتحاد عليه ولم اجد مثل هذا الهدف في ظروف العراق الحالية غير مقاومة الاحتلال. واترك للاخ صباح ان يشرح ما اذا كان يميز بين مفهوم حكومة الوحدة الوطنية ومفهوم الوحدة الوطنية.
يشير الاخ صباح وهو على حق الى اني اعود الى جيل سابق يعود الى عهد سلام عادل. ولكن الواقع هو اني اعود الى عهد اسبق من عهد سلام عادل. انا اعود الى عهد الرفيق فهد. كنا في ذلك العهد نتحدث عن وجود طبقة عاملة وفلاحين ومثقفين ثوريين وطلاب ووجود صراع طبقي ونعتبر ان الشعب هو صانع التاريخ وان على الطليعة الواعين ان يرفعوا من وعي هذه الجماهير الشعبية وان يثقفوها ويطلعوها على امكانياتها العظيمة وعن دورها في صناعة التاريخ. كنا نعتبر ان الطليعة لا تستطيع هي ان تنجز مهمة تحريك التاريخ وحدها وان دور الطليعة هو في تثقيف الجماهير وتنظيمها وخلق قياداتها من بينها لكي تستطيع القيام بهذه المهام العظمى.
ولكن يبدو انني كنت في سبات عميق مثل سبات اهل الكهف لمدة ستين عاما واستيقظت الان لكي اكرر نفس الاراء التي كنا تنحدث عنها سابقا. لذا تصورت ان هناك ما تزال في العراق جماهير عمالية وفلاحية ومثقفة تستطيع ان تشعر بظلم الاحتلال واعوانه وان تنظم نفسها من اجل مقاومة الاحتلال. فافاقني الاخ صباح من سباتي وبين لي في رسالته الانجليزية ما يلي (باخطائها الاملائية)"
“…you advised that national unity could be fulfiled among the mob rather than the Intellegentsia.
What I wish to tell is that the mob or the base people you think worthwhile to concentrate on the idea of national unity has been no more the like of those old days!”
ويستطيع القارئ ان يجد نفس المعنى في مقال الاخ صباح المنشور في الحوار المتمدن ولكنه لم يترجم كلمة "mob " التي كررها مرتين باللغة الانجليزية وأكد عليها في المرة الثانية وبين ان قصده منها هو الجماهير الشعبية الذين سماهم "the base people ". وترجمة الكلمة لمن لا يجيد اللغة الانجليزية هي "الرعاع" او "الغوغاء". وطبيعي انني في وضعي الكهفي لا استطيع تسمية الشعب العراقي بالرعاع واترك ذلك للاخ صباح واعتذر له عن بلادتي واصراري على المفاهيم التي تعلمتها اثناء نضالي في عهد الرفيق فهد.
فقد عانى الشعب العراقي، اي جماهير القاعدة او من اطلق عليهم الاخ صباح اسم الرعاع من ظلم حكم صدام ويحتاجون الان الى المثل الاعلى الذي ينبههم الى ما يدور حولهم.
" Iraqi people - the base itself- has been suffering deeply under the rule of old regime- dictatorship-. In other words, you need the example to let them know of what is going around "
واستنادا الى مفهومي للمثل الاعلى الذي ينبههم الى ما يدور حولهم يجب ان يكون المثقفون الواعون الذين يستطيعون ان يرفعوا من وعي وثقافة هذه الجماهير التي عانت من ظلم صدام من اجل ادخالهم من جديد الى حومة النضال ضد دكتاتورية المحتلين الجديدة والاكثر قسوة من دكتاتورية صدام. ولكن يبدو ان الاخ صباح يفكر بشيء اخر هو ترك هذه الجماهير على غيها الى ان تشعر بالتجربة بان قياداتها الدينية ليست هي المنقذ والاكتفاء بنضال المثقفين حاليا لانقاذ العراق من مأزق الاحتلال الذي يمر فيه.
ومن هم النخبة الذين يستطيعون في العراق الحالي ان يصنعوا التاريخ؟ انهم " the Intellegentsia " اي المثقفون. فالمثقفون وليس الرعاع هم الذين يقع عليهم واجب انقاذ العراق من المازق الذي يعيشه والذي وصفه الاخ صباح خير وصف في مطلع مقاله بحيث لم يترك لي ما اضيفه. ومن هم المثقفون الذين يريد منهم ان ينقذوا العراق من مازقه بالعمل على تحقيق الوحدة الوطنية؟ او بكلمات الاخ صباح:
"الوطني الصحيح هو ذلك الذي يتعامل مع العراق الجديد كتحصيل حاصل وواقع مفروض مؤقتا وان يسعى سعيه الحثيث والهاديء لإحلال المواطنة بدل الطائفية ، وهو من يحقن دماء شعبه الغالي والعزيز وهذا ما يعمل عليه الليبراليون واليسار بمعيّة أياد علاوي ومهدي الحافظ والباججي وحميد مجيد ولبراليّ الكرد وصالح المطلك وأمثالهم ممن انتهجوا طريقهم الذي لا طريق سواه .. طريق اللبرالية والديمقراطية هذا هو منطق الأشياء الحقيقي."
هؤلاء الذين ذكرهم هم حسب رأي الاخ صباح امل العراق في تحقيق الوحدة حيث يقول "، وبين أزمة الثقة بالوضع الجديد الواعد الذي جناه الشعب العراقي أثر الاحتلال والمساعي لتدارك ما آل إليه الوضع المزري في تدني الخدمات وتردي الحياة برمتها دعت القوى السياسية والوطنية والدينية إلى توحيد الجهود على أساس الوحدة الوطنية .. وبعد كل هذا الجهد ، يطلع علينا أخونا الكبير حسقيل قوجمان في مقاله الأخير الموسوم ( أسطورة حكومة الوحدة الوطنية) المنشور في موقع صحيفة الحوار المتمدن الغراء بتاريخ 25-2-2006 ليسفـّه أولا رجال سياسة بعينهم ولينصح من أن التفكير بالوحدة الوطنية هو مجرد خيال لا يمكن تحقيقه بالطريقة التي ينادي بها رجال السياسة والدين العراقيين الآن بل يحسن أن تجرى عملية التغيير داخل القاعدة الجماهيرية الواسعة وعلى أساس شعار المقاومة للاحتلال"
ولكن الاخ صباح كتب في مستهل مقاله كثيرا عن دور بريمر ومجلس الحكم وهؤلاء الذين ذكرهم جميعا ربما عدا المطلك ونسي ان يذكر الشيخ الياور الذي اعلن يوم عينه بريمر رئيسا للجمهورية ان الاحتلال قد انتهى ولم تبق حجة لمقاومة الاحتلال شاركوا في مولد بريمر ولا يريدهم الاخ صباح ان يخرجوا من المولد بلا حمص (وهو ما سياتي نقاشه لاحقا). وكان رئيسهم علاوي رئيسا للوزراء وارتبط اسمه بحوادث النجف والفلوجة وقد راينا من يسميهم الاخ صباح الرعاع في النجف كيف استقبلوه في حملته الانتخابية.
وعلى اية حال لنفرض ان هؤلاء تابوا واكتفوا بما نالوه من الحمص ولا يريدون منه المزيد والله يغفر للتائبين لانه غفور رحيم وقرروا ان يجعلوا مصلحة العراق ومصلحة الرعاع وليس المحاصصة الطائفية هدفهم لتحقيق الوحدة الوطنية. فمع من يمكنهم تحقيق الوحدة الوطنية، هل مع الطالباني الذي اعلن قبل يومين مع ابي زيد ان المحتلين لن يتركوا العراق ام مع الجعفري الذي طلب من مجلس الامن السماح لجيوش الاحتلال بالبقاء حتى بدون اخبار البرلمان بذلك ام مع الحكيم الذي يرفض اصلا اطلاق اسم حكومة الوحدة الوطنية ويطلب تسميتها حكومة مشاركة؟
وما رأي الاخ صباح في المقاومة؟
"المقاومة أمر مشروع حقا لكنها ليست تلك التي يفبركها حلم السيد قوجمان إذ من سيسمح بنمو مثل هذا الحلم الجميل والجماهير ما تزال تفتقر للثقافة التي عهدها السيد قوجمان سنوات الخمسينيات وما قبل تربع الدكتاتور على ناصية الحكم في العراق؟"
لا يسعني قبل ان اناقش موضوع المقاومة الا ان اجيب على السؤال الذي وضعه الاخ صباح بكلمة واحدة"المثقفون".
ولكن النقاش هنا هل توجد مثل هذه المقاومة التي يعتبرها الاخ صباح امرا مشروعا و"يفبركها حلم السيد قوجمان" ام لا توجد؟ تختلف الاراء في هذا الموضوع اختلافا كبيرا.
الاخ صباح يعتبر "إن المقاومة التي تحدث عنها (قوجمان) بدأت على يد بقايا صدام ثم تطور الأمر كي تصبح مجرد ردود أفعال للمعالجات الأمريكية في لم المقاومة الصدامية وليس الوطنية منها." "هناك حقيقة أقولها وبمرارة: إن مقاومة الأمريكان بالشكل المسلح الانتحاري ومن مبدأ (عليّ وعلى أعدائي) الذي يشهده كل العراقيين يعني تدمير الشعب العراقي. وما عرفه العراقيون عمليا وليس بحدود(العنتريات) إنما هو مجرد مقاومة شوهاء :( طريق الصد ما رد ) وهذا ما عمل على تشويه المقاومة. العراقيون دون استثناء لا يرغبون بالاحتلال بل يرفضوه تماما كما لن يرتضوا بسيل دماء أبنائهم النازف كي يعودوا بالتالي إلى مربعهم الأول من جديد."
وهناك عراقيون يختلفون مع الاخ صباح في رؤيتهم للمقاومة. بعضهم يعتقد ان الولايات المتحدة عند اجتياحها للعراق كان هدفها الاساسي جعل العراق مستعمرة مباشرة مثل الهند قبل الحرب العالمية الاولى. ولذلك قام بريمر بحل الجيش العراقي والشرطة العراقية وحرس الحدود العراقي وجميع الوزارات عدا وزارة النفط وشجع على تدمير كل المؤسسات العراقية من متاحف ومكتبات عامة وجامعات ومدارس لان ذلك كان شرطا من شروط تحويل العراق الى مستعمرة. ولكن المقاومة التي ابداها الشعب العراقي للمحتلين هي التي اضطرته الى تكوين مجلس بريمر او مجلس الحكم ثم تشكيل وزارات ومنح الاستقلال الشكلي لحكومة عراقية لم تكن في الواقع بكل تشكيلاتها الثلاث سوى مديرة اعمال للاحتلال الاميركي وهذا ما سيحدث في التشكيلة الحكومية القادمة. وهناك اراء تتوسط بين راي الاخ صباح وهذا الراي يعبر عنها المتحدثون في مختلف الفضائيات العربية ووسائل الاعلام العربية وغير العربية.
وتختلف الاراء حول الارهاب الذي يجري يوميا ويطال المدنيين والمساجد والحسينيات وغيرها. فبعضهم يرى ان هذه المجازر وهذا الارهاب هو من صنع المقاومة وحدها والمقاومة هي المسؤولة عنها ويرى البعض ان الارهاب غير المقاومة وان المقاومة بعيدة كل البعد عن قتل العراقيين وان جل نضالها يقع ضد المحتلين وعملائهم وان الارهاب هو من صنع المحتلين وجاء معهم ومن السي اي اي والموساد ومخابرات جميع الدول المشاركة في احتلال العراق وفرق الموت والمليشيات الممولة من دول اجنبية ومرتزقة الامن وشركاتها الموجودة رسميا في العراق ومغاوير وزارة الداخلية ومنظمة بدر والبيش مركه. وفي الفضائيات العربية نرى كل يوم اشخاصا تختلف اراؤهم بين هذين الرأيين الاقصيين.
ويبدي الاخ صباح رأيه حول المقاومة بالعبارة التالية: " المقاوم الذي تشم رائحته يا سيدي وجلاسك المتفكهين وانتم خارج دائرة النار اللاهبة وشواء الجسوم البشرية المتفحمة ورعب الشيوخ قبل الأطفال وخراب البيئة وشلل العلاقات الاجتماعية هو ليسه ذاك سلام عادل الذي نشر البعث جسمه بالمنشار وما فرّط بمبدئه. هذا الذي تتحدث عنه سيد قوجمان تفتحت عيناه على ورقة الدولار الخضراء وتطاولت مقاومته ليخطف الناس ويطالب بـرزم (الدفاتر)." والمسألة هي من هم الذين تفتحت عيناهم على ورقة الدولار الخضراء؟
ويطلق الاخ صباح على كل المتحدثين في الفضائيات على اختلاف ارائهم "جلاسك المتفكهين وانتم خارج دائرة النار" وهذا من حقه ولكنهم عراقيون ومن حقهم ان يبدوا اراءهم فيما يحدث في العراق ومن حق بعضهم ان يفرق بين الارهاب والمقاومة. ولنتفق جدلا بان هؤلاء جميعا خارج دائرة النار وانهم جالسون وراء موائد البيتزا لذا فان اراءهم لا تروق للاخ صباح ويطلب منهم عدم التدخل في الشؤون العراقية اذ يقول:" نصيحتي الوحيدة : كفى متاجرة بنزيف الدم العراقي. دعوا الناس تجرّب ما ترى فيه فائدتها. فلم تمنح حرية التجريب للعراقيين طيلة تاريخهم الموبوء بالحروب والآهات والآلام." ولكن هناك من هم داخل دائرة النار ومع ذلك يميزون بين المقاومة والارهاب اورد على سبيل المثال فقط الشيخ جواد الخالصي. وهناك مؤتمر القاهرة الذي اجتمع فيه كل الذين في داخل دائرة النار ومع ذلك ميزوا بصراحة بين الارهاب والمقاومة.
يذكر الاخ صباح سعاد خيري وكيفية اثارتها النخوة الامومية حتى في سجانها الذي كان يريد اغتصابها فانقذت نفسها من الاغتصاب. ولكن النساء في السجون الاميركية لم يجدن من يستطعن ان يثرن فيهم نخوة الامومة لانقاذ انفسهن من الاغتصاب فكان مصيرهن الانتحار او القتل حفاظا على الشرف اي معاقبة المجني عليه على جريمة المجرم الجاني. وعلى ذكر سعاد خيري فان العذاب الذي عانت منه في عهد صدام لم يمنعها من رؤية ما يحدث على الساحة في العراق وقد زارته عدة مرات وتمنت لو كان بامكانها البقاء فيه بدون ان تعود الى منفاها في السويد. وهي ليست مثل قوجمان الذي افاق من سبات عميق لانها موجودة في دائرة النار. فلماذا لا يقرأ الاخ صباح مقالاتها في الحوار المتمدن؟
انتقل الان الى "جلاسي المتفكهين" وقد اوردت في مطلع مقالي عددا من الفكاهات التي اوردوها في البرنامج الذي اوحى لي كتابة المقال. في الواقع كانت كل الفكاهات تعبيرا عميقا عن المآسي التي يعاني منها الشعب العراقي والعراق جميعا. ولكني اناقش هنا واحدة فقط من النكات لان الاخ صباح نفسه اشار اليها هي نكتة "ورق تسد"
لا شك ان الاخ صباح يعرف عن سياسة فرق تسد التي مارستها الدول الامبريالية طوال اربعة قرون من تاريخ الراسمالية في شتى المستعمرات. ولا شك انه يعرف ان المستعمرين حتى حين يمنحون المستعمرات استقلالا شكليا يمارسون سياسة فرق تسد كما هو الحال مثلا في وضع كشمير بين الهند وباكستان لكي تبقى الحرب فيما بين الدولتين طوال سبعين عاما ولم تنته بعد. واقرب مثال على فرق تسد في محيطنا هو تقسيم الشرق الاوسط وفقا لمعاهدة سايكس بيكو ومنها تقسيم المنطقة الكردية الى خمسة اقسام لكي تبقى الحرب سجالا بين كل من اقسامها مع الدولة التي وضعت فيها ككردستان العراق وايران وتركيا وسوريا واذربايجان. وتقسيم القسم العربي الى عراق والكويت والاهواز.
ومنذ اليوم الاول لاحتلال العراق قامت جيوش الاحتلال بنهج نفس السياسة وتصعيدها بخلق تقسيم العراق الى شيعة وسنة واكراد وتثبيت سياسة المحاصصة الطائفية في جميع المؤسسات الحكومية الى حد ما يسميه الاخ صباح حرب المساجد. وليس بعيدا عنا استخدام المحتلين البريطانيين في البصرة نفس الطريقة التي كانوا يستخدمونها في الهند بان ارسلوا ضباطا بريطانيين بملابس عراقية القت الشرطة في البصرة القبض عليهم فانقذتهم قوات الاحتلال بالدبابات قبل التحقيق معهم. وقد جاءت نكتة "ورق تسد" على اساس هذا المصطلح القديم. وورق تسد معناه ان المحتلين يشترون ضمائر الناس بالدولارات لجعلهم عملاء لهم. وليس هذا خافيا حتى على الاخ صباح ويشير اليه بوضوح في مقاله. ولكن الاخ صباح يجد تبريرا لقبول التوريق من بعض العناصر اذ يقول:"نعم لقد خلق الاحتلال الأمريكي حالا اضطر فيه أن يتعاون من كان مقاوما لنظام الدكتاتور مع المعارض الآخر لصدام من (الموالين للولايات المتحدة والمتمولين بدولاراتها). من الطبيعي هي تريد ذلك بل عملت له والآ ماذا تريدها أن تفعل ؟ أن تخرج من المولد بلا حمّص!"
اذن هناك في راي الاخ صباح نوعان من المقاومين لنظام صدام، مقاومون لنظام الدكتاتور (غير الموالين للولايات المتحدة والمتمولين بدولاراتها) وهناك معارضين لنظام صدام من(الموالين للولايات المتحدة والمتمولين بدولاراتها) وقد اضطر النوع الاول من المقاومين الى التعاون مع النوع الثاني من المعارضين، فاشتركوا في احياء المولد ولا يريدهم الاخ صباح بان يخرجوا من المولد بلا حمص.
ولكوني يهوديا لست خبيرا في موضوع احياء الموالد ولكني كتبت عن هذا الموضوع في كتابي الاخير عن المقامات العراقية استنادا الى المعلومات التي تفضل بتنويري بها بعض موسيقيي المقام الموجودين في لندن. ففي موالد الفرح يترتب على شيخ المولد وجماعته ان يقدموا شيئا الى صاحب المولد وقراءة بعض التواشيح الدينية والمقامات قبل ان يحصلوا على الحمص وكذلك الامر في موالد الحزن. ولا يحصل احد على الحمص بدون ان يقدم شيئا الى صاحب المولد. فهل حصل النوع الاول من المورقين على الحمص بدون ان يقدموا شيئا الى صاحب المولد سواء اكان هو بوش او بريمر؟ أترك الجواب على ذلك الى الاخ صباح.
ولكننا هنا في لندن بعيدا عن دائرة النار نرى اشياء قد لا يستطيع الاخ صباح ان يراها. نرى اشخاصا كانوا قبل الاحتلال يعيشون على مخصصات اللجوء التي تتصدق بها الحكومة البريطانية عليهم عادوا بعد عامين من الاحتلال مع الحمص لشراء القصور الفخمة والعمارات والمطاعم والمصانع وحتى الشركات الراسمالية بعشرات الملايين من الدولارات قبل عودتهم لاحياء مولد زلماي خليل زاد للحصول على المزيد من الحمص.
بقي سؤال واحد اريد ان اجيب الاخ صباح عليه هو "أين كنتم يومها حين كانت الدكتاتورية تأكل لحم العراقي بعد إن تغتصبه أمام ذويه ؟"
لا استطيع مع الاسف الشديد ان اجيب على هذا السؤال بلهجة الجمع اي "نحن كنا" نظرا الى اني منذ ثورة تموز لم اكن منتميا الى اية منظمة او اي حزب سياسي ولذلك كنت فردا منفصلا عن النضال الجماعي بصرف النظر عن الاسباب التي ادت الى ذلك وهي موضوع مختلف عليه.
كنت يا أخي صباح منذ ثورة تموز الى هذا اليوم انسانا عاديا كأي انسان يعيش في هذا العالم ويراقب الاحداث التي تجري فيه يوما بعد يوم. وبصفتي انسان يفكر كان لابد ان اتوصل عن طريق مراقبتي للاحداث الى بعض الاستنتاجات التي تتفق ومستواي الفكري. والفرق بيني وبين الكثير من الناس الاخرين هو اني كنت في بعض الاحيان ادون هذه الاستنتاجات التي اتوصل اليها وفي اغلب الاحيان بقيت هذه الكتابات غير منشورة. فكتابة هذه الاستنتاجات لم تكن لغرض النشر وانما كانت لغرض التعبير عن ارائي فيما يحدث. ولم ينشر من هذه الكتابات الا القليل وفي نطاق ضيق جدا.
حين هربت من العراق الى اسرائيل بقيت هناك منعزلا حتى عما يجري في اسرائيل ولم اعلم عن العراق الا النزر اليسير. سمعت عن مجزرة ٦۳ وعن انقلاب ٦٨ وعن الجبهة ووجود ثلاثة وزراء شيوعيين في الحكومة ولكن معلوماتي عما يحدث في العراق كانت ضئيلة جدا. واهتمامي فيما يجري في العراق امر طبيعي لاني ولدت وترعرعت وتثقفت وحييت في العراق وانا اشعر رغم وجودي الطويل خارج العراق بان مشاعري هي عراقية ربما رغما عني. كنت في اسرائيل انتظر اول فرصة تسنح لي لمغادرتها وغادرتها وجئت الى لندن في بداية سنة ۱٩٧٥. ولدى وصولي الى لندن اصبحت من قراء طريق الشعب والثقافة الجديدة من الفها الى يائها بالاضافة الى قراءة ما يتوفر عما يجري في العالم كله. قرات في طريق الشعب عن الجبهة وعن حركات الرفيق البكر والرفيق صدام اليومية وعن مشاريع التنمية ومشروع تحقيق بيضة واحدة في الاسبوع لكل طفل عراقي. قرات عن توفر المواد الغذائية على المائدة العراقية وعدم وجود ملح الطعام. قرات مقابلة اجرتها طريق الشعب مع الرفيق عفلق وامجاده النضالية. قرأت عن اعتناق صدام الاشتراكية العلمية وعن اختياره الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية قرات وصف قاعة مؤتمر الحزب الشيوعي وصورتي فهد وسلام عادل مجردتين وفوقهما صورة الرفيق البكر والرفيق صدام معطرتين بالزهور. قرات خطاب عزيز محمد في المؤتمر وعن الجبهة اللامرحلية حتى الاشتراكية وقرأت في نفس الخطاب تجميد المنظمات التي انتخبت الحزب الشيوعي لقيادتها لصالح الجبهة. ثم قرات كيف ركل صدام بقدميه الجبهة والحزب الشيوعي بعد ان استنفد اغراضه منهما وقرات عن اضطرار الحزب الشيوعي الى التحول من خندق صدام الى خندق معارضة صدام ورأيت ان الحزب الشيوعي اصبح في الواقع شراذم تعيش في ارجاء العالم عدا العراق. قرأت عن شعارات الجبهة العريضة والجبهة الشاملة وعن شعار الديمقراطية للشعب والحكم الذاتي لكردستان.
كنت في كل هذه المدة الطويلة وما زلت مجرد مراقب للاحداث ولكني كتبت ملاحظاتي عن ثورة تموز التي عشتها في كتاب صدر في لندن على نفقتي الخاصة قبل اكثر من عشرين عاما. وقد راى بعض المثقفين او الرعاع الان اعادة نشره حتى بعد صدوره باكثر من عشرين عاما ويستطيع الاخ صباح الحصول عليه من سوق السراي او شارع المتنبي اي شارع المكتبات والكتب. واخيرا تعرفت على الحوار المتمدن الذي اخذ ينشر ملاحظاتي عن الاحداث التي تجري في العراق وفي العالم. وقد اصر منظمو الحوار المتمدن على نشر جميع مقالاتي المنشورة سابقا وغير المنشورة حتى بعد كتابتها بعشرين عاما ويستطيع الاخ صباح قراءتها في موقعي في الحوار المتمدن ويستطيع الحصول على ما جمعه منها بعضهم في العراق في كتابين اخرين لانها موجودة الان في شارع المتنبي.
وباختصار انا انسان ككل انسان اخر الاحظ ما يجري حولي كمراقب واكتب ما اتوصل اليه من استنتاجات حولها ولا اعتقد ان من حق الاخ صباح ان يمنعني عن التفكير او عن تدوين ما يوحيه الي تفكيري. ولكن من حقه طبعا ان ينتقد ويبدي رأيه فيما اكتبه لان هذا من حق كل قارئ مهما كانت وجهات نظره. هنا كنت طوال السنوات وفي الفترة التي سألت عنها وفي الفترة الحالية وما ازال اراقب ما يحدث واسجل ارائي بكل حرية وكل صراحة واخلاص واعتذر عما اذا كان ذلك لا يتفق واراء الاخ صباح.
ارجو من قرائي الاعزاء ان اضيف ملاحظة واحدة بعد كل هذا النقاش الطويل. ليس فيما يكتبه حسقيل قوجمان او ما يقوله المتفكهون من وراء موائد البيتزا على اختلاف اقوالهم التي تتراوح بين اعتبار احتلال العراق تحريرا الى اعتباره استعمارا يجب مقاومته ما يساهم في تحريك المجتمع العراقي الى الامام او الى الوراء. ان تحريك المجتمع يجري عن طريق الممارسة العملية، عن طريق العمل الجماعي الحقيقي، عن طريق المجتمع ذاته، ولا يجري عن طريق المراسلة او توجيه النداءات او التعبير عن الاراء. فتحريك المجتمع يجري عن طريق الاحزاب والمنظمات والحكومات وجيوش الاحتلال يوميا ولا يجري عن طريق الاحاديث في الفضائيات او الكتابة في المواقع الالكترونية. ولا يكون لهذه الاراء تأثير على ما يجري في المجتمع الا اذا كان مرتبطا ارتباطا تاما بالحركات الاجتماعية الموجودة في المجتمع سلبا او ايجابا.
حسقيل قوجمان



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 20شباط العيد الوطني لاستقلال المنطقة الخضراء
- الدراسة المنهجية للماركسية - المادية الديالكتيكية
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية 2
- الكولخوزات ودورها في بناء الاشتراكية
- ساسون دلال
- الاستحقاقات الانتخابية والاستحقاقات السياسية
- المنظمات المهنية والنقابية وانتماءاتها السياسية
- سبب حل الجيش العراقي
- اسطورة حكومة الوحدة الوطنية
- نفقات الحرب ليست مجرد وسيلة لشن الحرب انما هي هدف من اهدافها ...
- ملحق بمقال -حقوق الانسان وقوانينها- – كمال سيد قادر
- حقوق الانسان وقوانينها
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 4 واخيرة
- صدفة جميلة
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 3
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 1
- من وحي كتاب سفر ومحطات - البعية للسوفييت ودور اليهود 2
- ماركسية ام ماركسية لينينية؟
- دور اليهود العراقيين في الحركات السياسية السرية


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - حسقيل قوجمان يستفيق من نوم الكهف