مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6105 - 2019 / 1 / 5 - 05:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاقصاء , القمع , الاستبداد , باسم الثورة , بل باسم الحرية , لم يكن في الممارسة أقل من الاستبداد باسم الوطن , الزعيم , القائد الخالد , الأبد , باسم الاستبداد .. التخوين باسم الحرية و الثورة لم يكن أقل منه باسم الاستبداد .. تماما مثل من يصفونهم عبيد الاستبداد , يرتل الثوار , الأحرار , صلاة واحدة , حكاية واحدة , من لا يرددها فهو ليس حرا و لا ثائرا .. هناك نسخة واحدة , دائما نسخة وحيدة فقط , سمها ما شئت لكنها وحدها المعتمدة , المقبولة , المسموح بها , النسخ الأخرى مجرد هرطقة , أما إذا فكرت لوحدك خارج كل النسخ المتوفرة فإن هذا ليس مجرد هرطقة و كفر بالشعب أو الوطن أو الثورة أو الحرية , إنه جريمة لا يمكن السكوت عنها و عقابها المستحق هو الاستئصال , الإبادة , شيء يفوق أقسى أحكام الإعدام المعروفة .. الفساد الذي جاءت به الثورة ( أقصد هنا الثورة السورية حرصا على مشاعر الثوار ) لم يكن أقل من فساد الأنظمة الاستبدادية .. فساد عسكر الثورة لا يقل عن فساد عسكر أعتى الطغاة , و استهتارهم بحياة جنودهم و حياة من يدعون حمايتهم لا يقل عن استهتار أغبى الجنرالات , و متاجرتهم بدماء قتلاهم , "شهدائهم" , "جماهيرهم" لا تقل عن متاجرة الطغاة بفلسطين أو بمجازر الهنود الحمر .. لولا أقدمية الطغاة الموجودين في الحكم لما أمكن تمييز القتلة و العسكر و الطغاة من بعضهم البعض .. الفرق الوحيد بينهم حتى اليوم هو في ارتكاب المجازر الكبرى و الأقدمية في الاستبداد , الفساد , القمع , و إنتاج النسخة الواحدة الموحدة من "الشعوب و الأوطان و الثورات و البشر" ..
حاول أن تنتقد أي ثائر أو حر و ستفتح عليك أبواب الجحيم .. التشبيح ليس مهارة خاصة بالطغاة القدامى وحدهم , و لا العصمة شيئا اختصهم الله بهم وحدهم دون غيرهم .. نحن شعوب مبتلاة بالأئمة المعصومين ..
بعض الرفاق اليساريين يعيشون حالة انفصام حقيقي عن الواقع , يرددون عبارات الجماهير المفقرة بينما تتجه هذه الجماهير المفقرة نحو اليمين فأقصى اليمين سواء في أوروبا أو في شرقنا .. يؤسفني أن أخبركم أيها الرفاق أن الإسلاميين و العنصريين , النازيين هم ثوار هذه الأيام .. للأسف فإن القمع الهمجي من كل الأطراف اليوم , من يوصفون بالمستبدين و من يسمون بالثوار حرم أغلب الرفاق اليساريين من ترف إشهار يساريتهم بارتداء كوفية مزركشة بألوان علم فلسطين أو المجاهرة بانتقاد الأنظمة العربية و مطالبتها أن تحرر فلسطين أو مطالبة الحكام أن يغيروا جلودهم أو أن يتحدثوا عن جلادين أفضل و سجون تبنى على العدل أو أن يطالبوا الغرب الاستشراقي الامبريالي الكافر بحل مشاكلنا متناسين أو غير مدركين أصلا ربما أن الحرية تعني أن تكون مسؤولا عن أمورك , سيد نفسك و حياتك .. فقط كيلا تضيعوا مواهبكم الثورية أو عمركم , كي تكونوا ثوارا حقيقيين في هذه الأيام أنصحكم أن تذهبوا إلى اليمين , طولوا ذقونكم , اشتموا الشيعة و الأقباط و كفروهم , و اهتفوا لمحمد قائدا إلى الأبد .. ألم يقل لينين و تروتسكي و ماو و خوجة أن تكونوا مع الجماهير حيث تكون .. أنا أيضا يجب أن أكون واضحا حتى الموت : لن نطلب من كل جنرالات الأرض و حكامه التافهين أن يأتوا لنجدتنا و أن يمنحونا حريتنا , بكلمة : إننا نملك فقط ما نستطيع انتزاعه من هذا العالم ..
تدعوش الثوار السوريون , أكثرهم شرفا و صدقا كان الدواعش الفعليون , التعبير الأصدق عن طائفيتنا و غبائنا , أي عن هويتنا , عن محمد قائدنا للأبد ( قائدكم إلى الأبد ) .. التعبيرات الأخرى كانت تعبيرات مبتذلة , تافهة , جبانة , و مفرطة في غبائها عن داعشيتنا المتأصلة و لذلك لم تلهم الجماهير أو تجتذبها .. الأبويون , الذكوريون , الطائفيون أو بتعبير أوضح : الإسلامو سوبريماست , السني سوبريماست , العرب سوبريماست , الذكر سوبريماست , لن يجدوا أفضل من الدواعش الحقيقيين , أنتم مجرد نسخ تافهة عن الأصل ..
توقفوا عن الضحك على ذقون السوريين , لا اقول ألا تسترزقوا بل أقول توقفوا عن بعض الهراء , العالم لا يطيقنا بينما أنتم ترددون أساطير شعب الله المختار و الشعب العظيم .. لماذا يحتاج الطغاة دائما شعوبا و أمما عظيمة ذات رسالة خالدة
حتى بالنسبة للسردية الثورية الوحيدة للثورة السورية أصبح رفع العلم ذا النجوم الثلاثة و الهتاف باسم سوريا هرطقة إذا أزعج هذا عسس الخليفة التافه إردوغان و كلابه .. لكن لا تجزعوا يا شباب الإخوان و الإسلاميين فإن مازوخية سادتكم و معليمكم , ليبراليين و قومجيين و إخونجيين , تجاه إردوغان لا تختلف أبدا عن مازوخية الشيوعيين العرب تجاه خليفتهم في موسكو .. و لن تتخلصوا من عبادة الرجل على تفاهته حتى يسقط كما حدث مع خليفتنا الموسكوفي .. و بعضكم سيبقى يسجد باتجاه قصر إردوغان حتى بعد أن تبلى عظام الرجل تماما كما يحدث اليوم مع ستالين و صدام .. هنيئا لنا و لكم أيها "الرفاق"
تقولون أننا نملك شيئا ما نقدمه لهذا الغرب الاستشراقي الكافر الامبريالي .. أتمنى أن تكونوا محقين , هذا سيكون رائعا بالفعل لو كان حقيقيا .. لكني لا أعتقد أن اللحم "الحلال" ( أي الذي يذبح باسم إله محمد ) أو حجاب المرأة و سحق رؤوس المثليين بالحجارة و رجم المرأة الزانية و سبي الإيزيديات و تفجير أطفال الشيعة سينقذ البشرية فعلا .. كان القوم يعتقدون بمثل هذا الهراء ثم اكتشفوا ببساطة أنه هراء , نحن نمارسه بشكل غريزي لأننا لقناه تلقينا و كأنه حقيقة ترى بالعين المجردة .. إذا نظرتم بتجرد ستجدون أن أوهامهم الجديدة , النازية و العنصرية , أكثر معقولية و قابلية للتصديق من أوهامكم هذه , أوهام محمد .. أنتم لا تستطيعون مخاطبة القوم مباشرة لتشرحوا لهم "مزايا" اللحم الحلال و حجاب المرأة و قتل المثليين , تختبئون خلف حكايات "حقوق الإنسان" و "التعددية" و هي أشياء لا علاقة لها بمحمد و لا بنا ربما , ربما و لا حتى "بهم" أيضا .. يحزنني فعلا أن أتحداكم جميعا , دواعش إسلاميين و قوميين و ليبراليين و يساريين , أن تشرحوا أوهام محمد للغرب الكافر الاستشراقي الامبريالي ... الباب مفتوح على مصراعيه أمامكم لفعل هذا .. ليس فقط إخوانكم المسلمين و بعض عتاة الدواعش العروبيين و بعض الدواعش مستحدثي الليبرالية يعيشون في هذا الغرب منذ عقود و هم يؤكدون أنهم يعرفون جيدا ماذا خسر العالم بتخلف المسلمين , يمكنكم فعل ذلك خاصة أنه ما زال بإمكان أي تافه أن يقول ما يريده في الغرب , بل سترحب بكم الصحافة الليبرالية التي تستمع باهتمام لأي غبي يتحدث عن مستقبل أفضل للبشرية إذا سارت وراء أوهام و خزعبلات محمد .. الغرب , العالم , الشرق , أينشتاين و الفضائيون و الكومبيوترات المتطورة , حتى أنا أيضا , سنكون سعداء جدا إذا تمكنتم بالفعل من حل هذا اللغز المحمدي
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟