أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مازن كم الماز - مكاشفات














المزيد.....

مكاشفات


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 6022 - 2018 / 10 / 13 - 16:50
المحور: سيرة ذاتية
    


أنظر إلى "صديقي" الجالس قربي و أتذكر كل غضبي .. ها هو "يكذب" من جديد , يبدأ بعده محمود , يحاول أن يعرف من يملك بعض النقود في جيبه ليقترح عليه شيئا ما , شراء شيء أو رحلة فقط كي يقاسمه تلك النقود .. بقدر ما أكره النقود و أعشق طريقة محمود في الاستيلاء عليها بقدر ما تنفرني أحاديثه عن الأخلاق .. بقدر ما أعشق القتلة لكني أكره القتلة الأغبياء , بقدر ما أعشق الشياطين أكره من يعتقد أنه يبدو أجمل في زي الملاك المضحك .. أعرف جيدا من "نحن" .. هل يعقل أني غاضب لهذه الدرجة من البشر الذين عشت بينهم قرابة أربعين عاما حتى أنتقدهم بمثل هذه السخرية المرة أم أني غاضب من كل البشر بلا استثناء .. أتذكر أني لا أحب أيضا أولئك البيض ذوي الشعر الأشقر جدا , و كم أشعر بتفاهتهم و هم يرمقون "أمثالي" بتلك النظرات .. لا يحتاج السوبرمان الحقيقي إلى تافهين أمثالنا كي يشعر بتفوقه .. إنهم مثلنا , مجرد حثالة .. يقول أميل سيوران أن كره الآخرين ضروري لكي نعشق أنفسنا .. لكن كره الآخرين عندي هو مدخل لكراهية نفسي .. تفاهة الآخرين هي فقط عزاء نفس تحدق في هاوية العدم .. في غرفة العناية المركزة اكتشفت الحقيقة على مهل , حقيقتنا : حقيقتكم , و حقيقتي .. العجوز البالغ من العمر مائة عام و هو يحدثني عن السفربرلك و عن صحراء لا يعرف اسمها و رشاشه و البحث عن قطرة ماء و اعترافه و هو يغمض عينيه , أمامي أنا الطبيب - المحقق , أن الموت بعد مائة عام هو موت كأي موت آخر .. في لحظة العدم تتساوى كل الأشياء .. لا مساواة إلا أمام العدم .. رأيتكم تنوحون , تضحكون , تسخرون , تصمتون , تسجدون , تتمردون , ثم تغمضون أعينكم بهدوء طفل جائع يمص ثدي أمه .. رأيتكم تناشدون كل آلهة السماء , تصرخون ألما و يأسا بينما تحتفظ هي بهدوئها , عاجزة حتى عن البكاء أو الشماتة .. هل يعقل أني أستطيع أن أرى ما لا ترون , أم أني فقط أكرهكم , و أن هذا الكره هو ما يبقيني على قيد الحياة , أو عاقلا , بنظركم .. من أنا في النهاية .. لست إلا بعض الجينات من أجداد لم أخترهم و لا أعرفهم , أعيش و أعشق و أكره تماما كما تأمرني تلك المورثات , و أني مجموعة من الحموض الأمينية تجتمع و تتخاصم فترسم لي أفكاري و أحلامي و أحزاني .. أنا مثلكم , فلم أدع أني مختلف , أو أني أفهم .. أنظر في وجوه الشباب الثائر , أستمع بقلق لكلماتهم الهائجة , و أتأمل وجوههم جيدا و أحاول أن أحدس : أحاول أن أميز بينهم تروتسكي و تأخذني الرعدة و أنا أسمعه يأمر بسحق كرونشتادت و أرى جيدا الأسلاك الشائكة تبدأ بكرونشتادت و تمتد لتحيط بكل شيء و ألمح وراءها أشلاء بشر , عمال - عبيد , غولاغ و متآمرين و برجوازيون , ليسوا سجناء عاديين , أشباه أشياء , بقايا بشر نسوا الدفء و الشكوى و مغازلة الحبيبة .. و أرى الأب غابون و الخميني و روبسبير و على الفور تظهر صورة المقصلة أمام عيني .. اعتدت ألا أخشى الموت و أن أضحك أو أتمنى موتا ضاحكا , ساخرا , و ألا أحزن على الموتى بقدر ما أحزن على الأحياء الأغبياء و هم يجترون تفاهتهم و أحزانهم .. و أكاد أصرخ و أنا أتخيل سادة جدد يطردون السادة القدامى ليعيشوا في نفس القصور و يرسلوا متمردين جدد إلى نفس السجون القديمة .. و أستغرب كيف يتشابه الإخوان و الشيوعيون و كل المؤمنين بالإيديولوجيات و كيف أنك لا تحتاج سوى التعود على اللغة الخاصة أو المصطلحات الخاصة بتلك الإيديولوجيا كي تبرع فيها .. و أجدني كالمعري , أبدأ بإني و إن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل , لأنتهي بهذا ما جناه علي أبي و ما جنيت على أحد .. و أجد متعتي الأخيرة في الاستمتاع بنوادر عالم غبي حتى الثمالة : عندما يرجم مستوطنون إسرائيليون امرأة فلسطينية حتى الموت كدواعش يرجمون سيدة تحتضن عشيقها مرة واحدة إلى الأبد أو عندما يملأ البشر فراغ أرواحهم بقصة تقطيع أوصال الخاشقجي و بذكرياتي عن لحظاتكم الأخيرة و مزاعم ممرضات العناية المركزة عن الأشباح و عن مستشفيات تشبه القبور و الكابوس الذي ينتاب معظم أطباء العناية عن محاولة إعادة مريض ما إلى الحياة قبل أن تعلن الوفاة بعد فترة الإنعاش المفترضة ليكتشف أنه هو ذلك المسجى على السرير غارقا في دمائه .. كيف ولدت أحلامنا و كيف ماتت و كيف اكتشفنا أننا نلاحق الأوهام .. و أنتفض مرة أخرى , صحيح أن الثورات لن تنتهي , و لا التاريخ , و لا الأحزان , و لا الأكاذيب , و أن النفي المطلق هو وحده الذي يحمل لنا الحقيقة بكل مرارتها , نفي كل شيء , و أني لهذا أحتفظ بوصمة الأناركية بكل فخر و اعتزاز رغم كل الهزائم و السجون و تفاهة كل الأسماء و كل شيء , لكننا جنس موبوء بالأمل , جنس يبني أوهامه فقط لكي يحطمها مرة تلو أخرى .. و هكذا يصعد سيزيف إلى القمة , فقط ليسقط في الهاوية , ثم ليبدأ من جديد .. و أصاب بالحزن على حبيبتي , أفتش عن كلمات كي أقول لها أن الحب ليس هو الحقيقة , أنه مجرد وجه آخر للعدم لكني أعشق عدمي في عينيكي و بين يديكي



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل مشروع الحداثة
- حوار مع افتتاحية موقع حزب الشعب الديمقراطي السوري عن ميليشيا ...
- الملهاة السورية
- أخذتنا البصرة على حين غرة
- من استبداد إلى استبداد و من سجن إلى آخر و من كذبة إلى أخرى
- 1793دي ساد : التماس لدعم ( ديانة ) عبادة العقل
- إيريكو مالاتيستا : فكرة الحكومة الجيدة
- أنطونين أرتو راثيا فان غوخ
- الإسلام صالح لكل زمان و مكان
- حلوا عن مي سكاف
- فلسطين التي لا تموت
- محاولة أنثروبولوجية للإجابة على سؤال : من نحن
- الثقافة العربية المعاصرة : ثقافة من دون سوبرمان
- نقاش في صفات الله و أسمائه الحسنى
- السلطويون
- بين القطيع و الفرد
- في انحطاط المعارضة السورية
- ما رأيته و تعلمته في معسكرات كوليما - فارلام شالاموف
- كل هذا العويل و الصراخ على كرونشتادت
- إذن أنا موجود


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مازن كم الماز - مكاشفات