أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - شوبنهاور ليس متشائماً














المزيد.....

شوبنهاور ليس متشائماً


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6082 - 2018 / 12 / 13 - 14:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المعروف، في كل الاوساط الفلسفية والفكرية، أن شوبنهاور فيلسوف متشائم، وكل من ارخ للفلسفة وخاض في فلسفة التشاؤم، ذكر هذا الفيلسوف على رأس قائما الفلاسفة المتشائمين. والذي يدرس فلسفة شوبنهاور دراسة معمقة، ويسبر اغوارها، سيجد أنه ليس متشائما ابدا، وانما كان فيلسوفا واقعيا يحب الحياة، ويعشق الجمال، ويؤمن بأن الحياة هي قدر طبيعي محتوم يجب أن نقضيها ونعيشها على علاتها، أي يجب أن نعيشها كما فرضتها الطبيعة علينا. لذلك ادان كل من يعرض نفسه الى الانتحار واعتبر الانتحار حالة من حالات اليأس.
وعليه، فأنا في هذا المقال سأثبت أن شوبنهاور فيلسوف واقعي، وانما كان يعيش وسط مجتمع لا يفهمه، مجتمع كان منطويا على نفسه، مجتمع يعيش التناقضات، ليس للإرادة وللإنسان الحر الذي يحب العزلة ويريد ان يعيش ذاته لذاته، وان يخلو بنفسه لأداء طقوسه النفسية والذاتية وربما حتى الروحية، مجتمع يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، من التي تعنيه ومن التي لا تعنيه، هذا وغيره من القضايا التي كانت لا تنسجم مع فيلسوف كبير بحجم شوبنهاور، اضافة الى ما رآه من المعاملة السيئة المقصودة من والدته التي كانت تركض مع ملذاتها، وارضاء غرورها، وهي امرأة اديبة، جعل منه لا يثق بذلك المجتمع الذي يعيش التناقضات ويقفز على سلم الواقع بأرجل متهرئة، فأحب الاعتزال وفضل الخلوة مع ذاته، ولكون كذلك أن معظم الفلاسفة، الذين عاصرهم، ومن مفكرين ومن سواهم، لم يفهموا فلسفته، ولم ينسجموا معها فأصابته خيبة الامل، فلم يحسن الظن بهم، فاحب الانزواء وعدم الاختلاط بكذا مجتمع يجهله.
الذي يقرأ الفصل الرابع والخمسين الجزء الثاني ص 156، ترجمة وتقديم وشرح سعيد توفيق، فسيجد في هذا الفصل أن شوبنهاور واقعي، وواقعي جدا، يشرح في هذا الفصل معنى الحياة ومعنى الموت، ويسلط الضوء على قضية: أن الموت والحياة هما تبادل ادوار، وهما مسألة طبيعية وانما نمر به نحن البشر لا يدعو الى التذمر والنكوص، ما يعني أنه يبغض التشاؤم ولا يدعو اليه. فيقول: "من السخف أن نخشى الموت لكونه ينزع منا الحاضر... الشخص الذي يخشى الموت باعتباره محاقا لحياته، يبدو كما لو كان يظن أن الشمس يمكن أن تسطع بالليل " (راجع: ص 164، المصدر المذكور). ويضيف في الصفحة التي بعدها: " لا يمكنه أن يتمنى الخلاص من الموت، ولا يمكنه أن ينقذ نفسه بالانتحار". على اعتبار أن الانتحار هو طريق الخلاص من الحياة التي يتحمل الانسان عبئها ويعيش مأساتها مرغما، وهو ما يعني أن ذلك الشخص كان متشائما من عبأ الحياة ويريد أن يختصر تلك المسافة بأن يجعل لها نهاية هو الذي يحدد تلك النهاية ويرسم حدودها بريشته.
شوبنهاور يرفض، رفضا قاطعا، قضية الانتحار ، ويعد ذلك مدعاة التشاؤم ونبذ الحياة، بل أن الحياة فيها محطات كثيرة ويجب على الانسان أن يمر بتلك المحطات، فيها محطات سعيدة واخرى تدعو الى النصب والحرمان، فليس كل شيء في الحياة يسير على وتيرة واحدة.
وطالما أن (العالم ارادة وتمثلا) فأن كل شيء في وجودنا مبني على ارادة، وتتمثل لنا هذه الارادة بكثير من القضايا التي تتراءى لنا ونعيش واقعها "وهي ليست سوى رغبة ملحة عمياء" (ص 156، نفس المصدر). وبحسب شوبنهاور اننا نستطيع أن نتخلى عما نريده اذا كان هذا الشيء هو ما يصعب تحققه فيفضي بنا الى حالة تذمر ومن ثم الى حالة من التشاؤم المقيت، لا سيما لو لم يتحقق لنا تلك الارادة. " وحيث أن الارادة هي الشيء في ذاته، أي جوهر العالم ومضمونه الباطني، في حين أن الحياة، أي العالم المرئي أو الظاهري هو مجرد مرآة للإرادة، فأن هذا العالم يرافق الارادة بشكل ملازم مثلما يكون الجسم مصحوبا بظله". ولنا مزيدا من الايضاح في وقت آخر.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تقرأ؟
- يدعى سعدي يوسف
- اسمها أروى- قصة قصيرة
- اقصوصتان
- ابن سينا في فكر نوال السعداوي
- نقد نظرية (وجد الجنس لغرض الحفاظ على النوع)
- عزوف أفلاطون عن الزواج
- حقيبة الزندقة: ابن المقفع(مقدمة)
- عزوف ديكارت عن الزواج
- الارث- قصة قصيرة
- اسباب عزوف المعرّي عن الزواج
- محنة نصر حامد ابو زيد
- آدم وحواء- قصة قصيرة
- الطوطم معتقد خرافي لايزال ساري المفعول
- الرأي الاخير في قضية المرأة
- المتشائم- قصة قصيرة
- متظاهر- قصة قصيرة
- معاناة دفع رباعي- قصة قصيرة
- تأملات في حضرة الارق- قصة قصيرة
- طه حسين وشيوخ المنابر


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - شوبنهاور ليس متشائماً