أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى رسوان - بنت البولفار3















المزيد.....

بنت البولفار3


بشرى رسوان

الحوار المتمدن-العدد: 6046 - 2018 / 11 / 6 - 23:44
المحور: الادب والفن
    


فتحت۫ النافذة مطر خفيف أشعرها باليأس يبدو موسما جافا طوال الشهور الفائتة لم تمطر في الشتاءات السابقة كانت الأمطار أكثر حدة ٬ في السنوات الاخيرة الفصول تتعاقب لكن الجو هو نفسه الحرارة لا تطاق٬ تقول خالتها كالعادة أنه من علامات الساعة أن يتأخر المطر وتضرب كف بكف ثم بايمان شديد تقول الشر ﺈنه الشر هو الذي يحبس المطر في السماء الغضب الﺈلهي٬ أنظري حتى ملابس جيلكم نصفها شاحب و ممزق
الله يحي الأرض بعد موتها ...

في الماضي كان اليهود المغاربة من سكان صفرو ينشرون خرقة مبللة بدم الختان على قبر احد الولاة بغية استنزال المطر
في بعض المناطق الشرقية كانت النسوة تقمن بدحرجة كرة الصوف وضربهابأعواد الزيتون ويقدمن الشموع كهدايا للوالي الصالح في الغالب كانت تصنع عروس المطر من الكتان ويطوف بها الأطفال في الدروب طلبا للمطر ...

في الخارج كل شيء ينبض بالحياة النجار منهمك في تقطيع أعواده٬صوت المطرقة يعلو يعلو فوق كل شيء اخر.
تعتقد أن الأشياء تقود ﺈلى بعضها السلم الذي يقود للباب ٬ الباب الذي يقود ﺈلى الجدران٬ الجدران التي تقود ﺈلى الرواق٬ الرواق الذي ينتهي ﺈلى غرفتها٬ غرفتها التي تطل على الزقاق.... الزقاق الذي يحتضن النجار٬ النجار الذي يكسر رأسها الذي يسحقها٬ هو الذي يحرضها الﺂن على الثرثرة على تذكر أشياء سخيفة٬ كادت تنساها طمستها الذاكرة أشياء يستحيل اعادتها لا تتكرر.في علم النفس يقال أنه مامن شيء متروك للصدف لا توجد صدف كل شيء جاهز سلفا في اللاوعي
تتذكر وبكل وضوح السلوقي الذي قادها بمهارة ﺈلى الوحل٬ و الحمار الذي قرر قضم شحمةأذنها عند البئر القديمة لو كانت عضته تلك كمصاصي الدماء لكانت اﻵن مصاصة دماء ربما هي اﻵن أنثى حمار لا شيء مستبعد..
الأمطار متقطعة الزقاق شبه خالي ﺈلا من العمود المثبت على الناصية عمود وحيد كشجرة جدتها اليابسةظلت جدتها مصرة على قطعها تقول أنها تجمع الفراخ ٬لا يمر يوم من دون أن تعيد صياغة رغبتها حتى استنفذت جميع الصيغ الممكنة ٬ ظلت تحشو رأسها بحكاياعن جدها الأكبر الذي غرس أشجار التين و التين الشوكي عن الجنان و النخلة ودالية العنب ٬ الجد الأكبر عبد الله و أخوه عبيد و أختهما السمراء عايشة٬ كانت تقول أن جدتنا الكبرى لم تحظى قط بأطفال كانت عاقرا لكنها زارت الولي الصالح (م ...ع.. ) تبركت به ثم أنجبت طفلها الأول و أطلقت عليه اسم عبد الله٬ ثم بعدها بسنوات زارت الولي الصالح (م .. .ع ...ش .... )فرزقت بطفلها الثاني الذي سمته عبيد٬ ثم جاءت بعدها عايشة
بدت قصتها أشبه بالخرافة لا تعرف أي جزء هو الحقيقية و أي جزء هو الخيال٬ كانت تۡحسنها في كل مرة تضيف و تنقص الأحداث حسب مزاجها٬ الجد الأكبر عبد الله تزوج أمينة و الجد عبيد تزوج امرأة عاقر ٬ مات مختنقا تحت البئر من دون أولاد٬ ظلت الجدة تحكي لها عن كل شيء حكايا عابقة بأرواح الموتى ٬ تحكي الحكاية لأخرها
تضحك تغضب
تغرق في الصمت
لا تقو على الخروج من ماضيها يعيش تحت جلدها
كانت هي تعرفها تحفظها عن ظهر قلب حتى الأكثر خصوصية منها لكنها تتظاهر في كل مرةبالاندهاش
لأول مرة اليوم تسمعها تتحدث عن احمد قوس النصر خاصتهاتقول
أنذاك كان عمري ثلاثة عشر سنة يوم خطوبتي على احمد الفتى الأسمر الطويل ذو العيون الرمادية قبل قراءة الفاتحة راقبته عن الكثب من خلف الستائر ابتسم هونصف ابتسامة فتح شفاهه و أغلقها
كان احمد وحيد أبويه تزوجته حملني على الهودج مغطاة من رأسي ﺈلى أخمص قدمي ملفوفة في ايزار أبيض لدوار بعيد عن خيمتنا.
لم يكن الدوار كاﻵن كما تعرفينه كان مختلفا كنا نسير ببطءشعرت بحوافر الحمار على ىالطريق المتعرجة سمعت صوت الحصى..مدني احمد بالماء لمحت بريق عيونه الرمادية من خلف الملحفة
عندما أنزلوني عن الهودج لمحت قبة كبيرة و بيت واسع من الطين الأحمر محاط بأشجار الزيتون و اللوز٬ دشنت عالم جديد بالبكاء البكاء طقس من طقوس الفرح عندنا.
في مخدعي روائح شتى البخور الجاوي القرنفل أصوات الدف و الزغاريد تواصلت لليلة كاملة على المائدة طبق من الفواكه الجافة ثمر لوز جوز تين جاف فول سوداني حمص نثروا فوقه بعض الحلويات لا حقت عيني كل شيء٬وسائد و هيادر زربية صوف مخططة بالأحمر و الأسود ٬ وبطان من الشرويط٬ حسكة نحاسية و صندوق خشبي كبير في الزواية سحارة لسبعة أيام بلياليها كنت العروس مزهوة بقفاطيني البيضاء

عندما زۡرتۡ عائلتي لأول مرة بعد الزفاف دخول الخيمة * أهدني أهلي بقرة في عادتنا عندما تزور البنت أهلها لأول مرة يهدونها عجلة تكون سندها لتؤسس ثروتها الخاصة و لترفع رأسها أمام عائلة زوجها
كان احمد يهتم بالنوق يحلبها يجمع العسل يبيعه
في المدن البعيدة٬ يرعى الغنم يخلص الحقل من الأعشاب الضارة
الحياة في البوادي صعبة في الخريف كنا نحرث الأرض كان موسى والد احمد يحرث أرضنا ثم يسافر للمنابهة لمسافة يوم من الطريق للحرث
في الحصاد كانت المحاصيل كثيرة كنا نحصد بالمنجل وندرس بالبهائم ثم نبيع الفائض والباقي نشحنه في الشاحنات ثم نخزنه في القبة أو في المطامرلم نكن ننقي أو نغسل القمح كان لنا خدم يقومون بذلك٬ ثم تأتي السنوات العجاف المصائب لا تضل طريقها الينها انها تعرفنا جيدا ٬ كانت تذهب كل الغلل و تكشط الأرض ٬تنفق الحيوانات نجرها ﺈلى جانب الواد و نتركها رياح الشرقي تحمل رائحة العفن ورائحة الجثث الحرارة تقتل الـأخضر و اليابس تتركنا بلا حطب ٬ لاشيء غير الحصى و العقارب و الشوك والدوم أحيانا حتى الدوم يختفي٬الشمس على امتداد البصر كنا نرحل بحثا عن الحياة ٬ نجمع روث الأبقار نكوره نلصقه بالجدران٬ حين يجف وييبس نستعمله كوقود للطبخ و للخبز الأرض والسماء قدرنا.في السنوات التى يجتاح الجراد أراضينا كنا نصطاده و نقليه ثم نأكله ٬ انه المطر اذا شحت السماء نموت قال جدك الأكبر عبد الله أن أسلافنا ماتوا من الجوع ومن الطاعون و من الضرائب التي كان يفرضها الولاة و أنه في بعض السنوات كان الناس يبيعون أولادهم للبرتغالين مقابل حفنة قمح ............

في سنة من تلك السنوات تخاصمنا أنا و احمد منعته من بيع حصتي من الأبقار٬ حملت أبنائي ركبتۡ كرويلة*ورحلت عۡدتۡ لبيت والدي٬حاول احمد اعادتي قال له أهله
(هي غالبة فيك)
و قال أهلي أنه يجب أن أۡطلق ورَفعتۡ عليه قضية طلاق
في تلك الأثناء سمعت الكثير مما تناقله أولاد الدوار قالوا أن بنت الحمرية تلك الفاسقة السمينة الوقحة ما كتحشمش* خشي في عينها عود* لا أحد يعرف لها أصل كأنها نزلت من السماء على الدوار٬ جاءت خادمة عند لالة ربيعة وبعد وفاة لالة ربيعة أخذت مكانها ٬ تزوجت الحاج العربي كان يكبرها بأربعين سنة لكنها أقنعته بالزواج ٬يقولون أنها هي التي قتلت لالة ربيعة و ضعت لها التوكال* في الطعام و أنها هي التي روادت الحاج عن نفسه أغوته الشيء الذي يسهل عليها فعله مع رجل أشيب ٬يقولون الكثير لكن لاأحد يعلم بعد أن ترملت أخذت الخيمة و ضيعة صغيرة ٬ثم سرعان ما خرجت الطريق *كانت لازالت شابة رغم ترملها نبذها الدوار بسرعة وشمت بالزنا كانت تطوف بالدوار قائلة أن احمد أحبها و سيتزوجها
مرت الأيام ببطئ شتاء فصيف ثم شتاء اخرثم عدنا لبعض

احمد كان مثيما بالطلبة بالمديح كان يهوى القرﺂن لا يقرأه ٬ ﺈنما يحفظه تعلمه في الكتاب على يد الشيخ العارف٬ ينشد ويحرك رأسه للأمام و الخلف يهتز جسده بالكامل يغمض عينيه و ينشد يحني صدره ويضرب بأقدامه الله حي ... الله حي خيمتنا لم تكن تخلو من الفوقارا* أبات أنا في المطبخ أحضر أكواب الشاي و الكسكس هو ينشد و ينشد


بشراكـــــــم ســـادتي بشراكــم أحبتي
بشــــرتكم بالآتي أنتـــــم فـي رحمة الله
جمعكم عين الـرحمة جمعكم فيه حكمة
ومـن حبكــم سمى عليكـم رضــــوان الله
الرضي مع الرضوان والرحمة كذا الغفران
أنتم حـــــزب الرحمن أنتـــــم أوليــــاء الله
طـــــــريقكم لا تغــــــور محبكــم لا يبور
تالله لكـــم ظهــــور في جميع خلـــق الله
وقفتـــم فــــي بابه فنيتم فـــــي ذكـــره
بشـــركم بقربه أنتــــــم فـي حضــرة الله*



#بشرى_رسوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشبه منحرف
- بنت البولفار2
- بنت البولفار1
- غرند-مى
- ذكريات ماتيلد
- الحيوات الثلاث ل أنطوان أناكرسيس
- ثرثرة المنسج
- د الجزيري بين تكريس مفهوم النخبة و الهروب الدائري
- ضحكة الأشرار
- حنا
- اساءة الورق
- بعض من...؟
- تصبحون على سلام
- أي مستقبل ينتظرنا ؟
- على خلفية الخدمة الاجبارية
- كل محفل يصنع مفكرين على مقاسه
- العابرون الى قلبي
- جدار القلب
- أنثى المطر
- اقبضوا على أحلامكم جيداً


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى رسوان - بنت البولفار3