أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - الثقافة الاحتجاجية (6)














المزيد.....

الثقافة الاحتجاجية (6)


رشيد برقان

الحوار المتمدن-العدد: 6039 - 2018 / 10 / 30 - 02:11
المحور: الادب والفن
    


إن السؤال الذي سنحاول مقاربته الآن يتعلق بالمنظور؛ فإذا كان معلوما أن كل قول يشكل موقفا صادرا عن شخص معين يتبنى فيه منظورا سواء كان هذا المنظور مباشرا صريحا منسجما مع موقع الشخص الاجتماعي، أو خفيا مضمرا عملت الأيديولوجية على مسخه وتحويله عن أصوله وجذوره الاجتماعية. فما هو يا ترى المنظور الذي تنطلق منه الثقافة الاحتجاجية؟
تعتمد الثقافة الاحتجاجية دائما منظور إنسان فقير أمين نزيه بسيط، له تطلعات في التطور، وفق كفاءاته العقلية وقدراته الطبيعية، ووفق ما تتيحه الموارد الطبيعية التي تحيط به. وبذلك تعبر هذه الثقافة عن وجهة نظر الفئات المسحوقة والمتطلعة إلى التغيير. وهي بذلك تتماهى مع نموذج قديم مترسخ في الثقافة الإنسانية يعكس طموح الفقراء والفئات المتطلعة نحو الأفضل. وقد تجلى هذا النموذج في السرد خصوصا القصص التي كانت تحكي عن الشاب الوسيم الفقير الذي أحبته ابنة الملك وغامر من أجل الظفر بها متجاوزا بذلك العراقيل التي كان يضعها الوزير لمنع تسرب الفقراء إلى الطبقات العالية.
وخلال رحلته هذه التي يهدف من خلالها إثبات كفاءاته ومنظوره للعالم يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الثروة والجاه والتقاليد، ويتوجب عليه دحر السحر والشعوذة، وكذلك فضح التحايل والاعتماد على السبل غير المشروعة. كل هذا اعتمادا على قوة العقل والعمل، واستنادا إلى التضامن الذي يلقاه البطل من فئات تعيش الوضع نفسه وتتقاسم معه الطموح ذاته.
كما يظهر هذا النموذج في القصص التي تحكي عن الفتاة الجميلة المتواضعة المغمورة التي يصادفها الأمير ويحبها، أو يحب بساطتها وقيمها التي افتقدها في عالمه المليء بالتصنع المثقل بالتقاليد، فيقرر الزواج بها وإلحاقها بعالمه. فتضطر لخوض معركة ضد الدسائس والتراتبية الاجتماعية، من أجل فرض قيمة البساطة والتواضع.
إن هذه الحكايات التي لا تخفي حمولتها الأيديولوجية تعكس في الحقيقة طموح الفئات الفقيرة التي لا تملك من العالم إلا قوّتها العضلية والذهنية، وتؤمن بأن العمل هو القوة المحرّكة للعالم، وأن كل إنسان يستحق الوضع الذي أوصلته إليه إمكانياته وكفاءاته. ولكنها مع ذلك تلاحظ أن المفارقة عظيمة بين العمل والثروة والجاه. وأن الجاه والثروة تعمل على قلب الموازين وبخس العمل كل قيمة أو فائدة. ولأنها كانت بسيطة التفكير متشبعة بالثقافة السائدة، فلم تكن تملك سوى الحلم والتخيّل، المتمثل في السرد، باعتبارهما الوسائل الكفيلة لرسم أفق، حتى إن لم يكن حقيقيا واقعيا، فإنه سيكون حلميا تعويضيا، يحافظ للذات على تماسكها وتصالحها مع قساوة الواقع، ويعطيها مبررا للاستمرار. ويتساوق هذا مع رؤية الفئات المسحوقة والمحرومة للعالم، رغم أنها لم تستطع تكوين رؤيتها العلمية للعالم، إلا أنها لا ترتكن إلى هذا العجز، ولكنها تعمل على رسم أفق لأحلامها ومدى لتخيّلاتها، ولعل في السرد متنفسا كبيرا.
بطبيعة الحال وقعت في العصر الحالي تعديلات وتحويرات في هذا المنظور، حيث حلّ العقل محل الخيال، وأصبح التطلع نحو المستقبل يتم بواسطة أدوات عقلية ووسائل عملية، مما أعطى للثقافة الاحتجاجية بعدا جديدا ملموسا وفعالا.



#رشيد_برقان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة الاحتجاجية (5)
- الثقافة الاحتجاجية (4)
- الثقافة الاحتجاجية (3)
- الثقافة الاحتجاجية (2)
- الثقافة الاحتجاجية (1)
- مناصفة الإرث جرأة في الطرح أم هروب إلى الأمام
- مانفع المهرجانات
- تسريب الامتحانات أو فن صناعة الأبطال
- الزين اللي فيك أو جرح الكرامة
- لكل مقام نفاق مناسب
- الزين اللي فيك محروق
- من أجل 20 فبراير ثقافية
- حول 20 فبراير و المثقف
- عودة إلى المشهد الثقافي بالمغرب
- من أجل مشهد ثقافي هادف
- المثقف و الممانعة
- وصفة خارقة للريادة الثقافية
- من أجل ثقافة بديلة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - الثقافة الاحتجاجية (6)