أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - من أجل 20 فبراير ثقافية















المزيد.....

من أجل 20 فبراير ثقافية


رشيد برقان

الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 01:57
المحور: الادب والفن
    


تمهيد:

انبثقت حركة 20 فبراير من رحم معاناة المغاربة، وشكلت عصارة آمالهم وطموحاتهم، وبدأت تفرض إيقاعها على الحياة العامة، بشساعتها وجماهيريتها، وباحتلالها للفضاء العام عبر المسيرات و الوقفات الاحتجاجية، وبهيمنتها على الرأي العام من خلال النقاش الذي أثارته وردود الفعل تجاهها على اختلاف تصنيفاتها. و الأهم من كل هذا بروز أثرها القوي عبر رفعها لسقف المطالب العامة، وفتحها شهية المطالبات الاجتماعية لدرجة حملت حتى الفئات التي اعتادت الاستماع فقط، و ألفت التموقع ضد المصلحة العامة و التخويف منها، ومن ما يمكن أن يترتب عنها، أقول حملت هذه الفئات على المطالبة برد الاعتبار و الرفع من مستواها الاجتماعي. وشأنها شأن أي حركة اجتماعية سوف يرتفع سقف المطالبة و ستسير المطالبات في كل اتجاه، و ستنشأ زعامات فعلية و وهمية، و ستتعالى دعاوى الإقدام و الإحجام .
لهذا لا بد من تحصين هذه الحركة و تحديد مجال تحركها عبر فتح نقاش عمومي يرصد الأسس و المرتكزات الثقافية و الفكرية التي يجب أن تضعها الحركة نصب عينيها، و تسعى نحوها كقيم عامة و مشتركة تضمن للحركة القوة و الصلابة، و تكفل لها الديمقراطية و الاستمرار.
و المقاربة المطروحة هنا لا تتجاوز المشروع، و لا تريد أن تتجاوز هذا الإطار. و كل غايتها هو فتح النقاش و المساهمة فيه.


من أجل أسس ثقافية ل20 فبراير:

نقترح هنا ثمانية أسس نراها ضرورية لكل حركة تقدمية فاعلة، و نعتبر أن كل تحول لا يرسخها كقيم مجتمعية لن يكون تحولا عميقا و جذريا و لن نظفر منه إلا بالقشور.
1- الحرية: بوصفها تكسيرا لكل القيود، و إفساحا للمجال لكي تنفجر مواهب الناس، و يظهر المكبوت فيهم، الحرية باعتبارها تعبير عن إنسانية الإنسان، و تشكيل لكينونته المفارقة لكل الكائنات. مضى زمن العبودية و الاستعباد، ومضى زمن الرقابة و الحجز. لقد عانينا من انعدام الحرية تحت مسميات عديدة مثل الأبوية، والرقابة و الوصاية و الخوف من الفوضى. و إذا كان المقصود من الحرية فضفاض وعصي عن الضبط، فإن القصد منها في هذه اللحظة بالضبط هو رفض كل أشكال الأبوية و الوصاية، لقد وصل الشعب المغربي إلى لحظة النضج وآن له أن يقرر مصيره بنفسه فلا مشروعية إلا ما يقررها الشعب. هذا من جهة، ومن جهة آخر تعني الحرية رفض كل أشكال الرقابة؛ لأن الرقابة تحجيم للحرية وتحديد قبلي لمجال التحرك على أساس أن هناك حدود لا يجب تجاوزها. و الحقيقة أن الإنسان أو بالضبط الشعب هو الذي يقرر حدوده بنفسه. وهنا يجب الإلحاح على قلب المعادلة المتحكمة في علاقة القانون بالناس بحيث يصبح المصدر هو الناس، ولا وجود لقانون فوق إرادتهم.
2- تقديس جسد الإنسان: شكل الاعتداء على جسد الإنسان بجميع أنواعه أفظع أشكال الإهانة و الاحتقار؛ لهذا فإن كل تطور و تحول مجتمعي يجب أن يرسي ثقافة تسعى إلى تقديس جسد الإنسان حتى لو كان جسد العدو، و منع كل أشكال مسه و الحط من قيمته. و هذه المسألة قبل أن تصبح حقوقية هي بالأساس ثقافية و قيمة مجتمعية يجب أن تستنفزنا جميعا ضدها، ليس فقط من أجل حماية جسد الإنسان، ولكن أيضا من أجل تفتيق مواهبه وإخراج طاقاته الكامنة، وجعله محور الإبداع و الاحتفال.
3- المساواة: و بطبيعة الحال سوف يكون أولها المساواة بين المرأة و الرجل، و معها أيضا تكسير كل أشكال الريع و التمييز. كل ما يُدّعى بأنها حقوق مكتسبة، و ستكون المساواة هي المعول الذي ستتحطم به كل أشكال الريع و التمييز كيفما كان أساسهما، وهي المدخل الأساس لعدم الإفلات من العقاب. و عندما يتعلق الأمر بالمساواة ، و بجميع هذه المبادئ، فإنها لا تعتبر ملحة لأننا نفتقدها و نحتاجها، و لكنها شديدة الملحاحية عندما تتحقق لدي و لا تتحقق لدى الآخر.
4- وعن مبدأ المساواة ينبثق مبدأ التعدد و الاختلاف؛ فما لم نقر باختلافنا لا يمكننا أن نواجه الوهم الذي ظل يفرض علينا أن نلغي جزءا من ذواتنا طموحا نحو التوحد و التماسك الوهمي. وما لم نرتفع باختلافاتنا إلى درجة التنوع المنتج سوف نسقط في تكرار النماذج الاستبدادية الكليانية مهما تعددت الأساليب و الأشكال. و التعدد و الاختلاف اليوم يفرض علينا الإقرار بالتعدد اللغوي في المغرب، و الإقرار بالتنوع الثقافي. وهذا لن يتجسد إلا بالإقرار بالأمازيغية لغة وطنية ، وهنا لن نتجاوز إقرار واقع لا يرتفع؛ فجزء كبير من الشعب المغربي يتكلم الأمازيغية. لهذا يجب رفع هذا الإقرار إلى مستوى الدسترة باعتبار الدستور أسمى وثيقة، و الترسيم عبر الإقرار بها لغة رسمية؛ وأن تتحمل الدولة المغربية كل التبعات المتعلقة بتدريسها و إدماجها في مرافق الإدارة العمومية.
5 ـ العمل: بُنيت كل الحضارات سواء القديمة أو الحديثة على مفهوم العمل؛ لهذا يبدو أمره بدهيا، و لكن القوى المحافظة كانت دائما تنتج مفاهيم تحصر دائرته، و تضيق معناه. لهذا لن تتوقف عملية طلب التوضيح و التفسير، فالمقصود بالعمل هنا أن يصبح هو القيمة الفيصل في تحديد قيمة الإنسان، و عليه يصبح العمل ضد التواكل بكل أشكاله، يصبح العمل ضد الاستكانة لقوى غيبية لكي تتحكم في ظواهر تُخفي سر العمل أو تشوه مساره الحقيقي، و يصبح العمل ضد الاستسلام و الانتظارية مهما كانت الأردية التي تتحلى بها.
6- العقل: وهو أعدل قسمة بين البشر، و هو الكفاءة الوحيدة التي نمتلكها لتحدي كل العوائق، و قد آن الأوان لكي نحكمها في كل ما يصدر عنا، أو يرد علينا من العالم الخارجي، فلا وجود لعالم لا يمكن أن ندركه، و لا يمكننا الإيمان بأشياء تتخطى قدراتنا؛ لأننا، و بكل بساطة، نتعلم من التاريخ أن كل تعطيل للعقل خداع، حتى و لو لم ندركه الآن.
7- المحاسبة: فكل ممارسة للشأن العام، كل تدخل فيه يجب أن ترفق بالمحاسبة، فلا يعقل أن نكون حريصين في أشياءنا الصغيرة على المحاسبة، و على الحيطة و الحذر، و نترك فضاءنا العام غفلا عن كل حساب. لكل عمل مقداره وحسب العمل و مقداره يجب أن تكون محاسبته. و لا مجال فيما يخص الشأن العام للمسامحة أو التسامح، إن قيمة التسامح تصبح متخلفة كلما عطلت قيمة المحاسبة.
8 ـ الحوار: هذه قيم مطلقة قابلة للتأويل و التأويل المضاد. لهذا؛ يكون الحسم فيها عبر الحوار و النقاش العمومي هو الذي يحدد فهمنالها، و الذي لا يمكن أن يكون إلا تاريخيا، وعلى ضوء هذا الفهم ستتكون قيمنا الثقافية، ولا مجال هنا للفرض، ولا مجال للسطو على قيمة الحوار. وكذلك، وهذا هو المهم، على وسائل ترويج الحوار، ومن هنا كل الدعوات لتحرير الفضاء السمعي البصري لتجد كل الآراء و الحساسيات المجتمعية طريقها نحوه، ولكي يسمع الناس ويفهموا. وبعد ذلك يأتي الشعب وسلطاته التي تعتبر وحدها القادرة على تسييد هذه القيم، و بالطريقة التي تراها ملائمة لتطلعاتها وطموحاتها وطريقة فهمها لذاتها و للعالم.

أما بعد:

هذه ثمانية أسس غير مكتملة يمكن أن يُسفر النقاش عن تمديدها أو تقليصها، ويمكن أن تخضع للزيادة و النقصان. ولكن الأساس الآن هو نقاشها، وأن تصبح موضوع تداول ونقاش بغية تدقيقها، لكي تصبح فيما بعد برنامج عمل قوي للحركة، يوازيها فكريا، ويتتبعها ثقافيا، ويحصنها من كل الشوائب التي بدأت تظهر في الساحة.



#رشيد_برقان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول 20 فبراير و المثقف
- عودة إلى المشهد الثقافي بالمغرب
- من أجل مشهد ثقافي هادف
- المثقف و الممانعة
- وصفة خارقة للريادة الثقافية
- من أجل ثقافة بديلة


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - من أجل 20 فبراير ثقافية