أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد كشكولي - لماذا قمع حرية الفكاهة والأدب الساخر؟














المزيد.....

لماذا قمع حرية الفكاهة والأدب الساخر؟


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1511 - 2006 / 4 / 5 - 12:34
المحور: المجتمع المدني
    


يعتقد كل إنسان يؤمن بحرية الإنسان وكرامته و حقوقه أنه لا مساومة على حرية الرأي والتعبير ، و يدافع عنها باعتبارها قيمة إنسانية مباحة لكل البشر أينما عاشوا، وأيا كان لون بشرتهم ، و لغتهم و جنسهم و مذاهبهم . فالدفاع عن حرية الرأي جزء من الدفاع عن حقوقنا كبشر في المساواة والحياة الحرة الكريمة، كما لا يمكن تجزئة هذه القيمة السامية بأن يُجعل قسم من الكلام والتعبير عن الرأي محرما ، وخطا أحمر. ولا يجوز بالتالي قبول رأي ناس معينين ، و تحريم رأي آخرين .

وربما ثمة تساؤلات كثيرة تثار ، بعد الرسوم الساخرة التي نشرتها صحيفة " يولاندز بوستن " العنصرية ، منها لم َ يخاف رجال الدين ، و السلطات الحاكمة الفكاهة والأدب الساخر ؟ وما سبب هذه العقوبة القاسية ، بما فيها حكم الموت لمن يخالف الرأي السائد و المسمى بالمقدس ، أو يكتب كتابا في هذا المجال ، أو ينشره ، أو حتى أن يطالعه ؟
ولا أرى مقدسا سوى القيم الإنسانية . الإجابة التي نتلقاها هي إن الضحك يزيل الخوف وحين لا يكون ثمة خوف يفقد المقدس هيبته و تخف حدة الإيمان.

فاليوم لم يعد ثمة ما يميز في الجوهر بين رؤية الشخصية القروسطية للقساوسة ورجال الدين ، وبين أصحاب الفكر الظلامي المتخلف المتفشي في عصر نا هذا، عصر العولمة وثورة المعلومات، حيث ا تقوم أسس الإيمان على الخوف من العقاب الشديد ، ونار الحياة الدنيا والآخرة. و نشهد حتى اليوم أن الثقافة والتنوير القائمة على الشك و النقد والمعرفة العلمية في سبر أسرار العالم المادي ، تتعرض إلى التكفير واللعنة ، و يتعرض أصحابها إلى القمع والملاحقة والاضطهاد.
إن السلاطين ووعاظهم يدركون أنه كلما كان الهزل البديع والأدب الساخر عميقين ، أزال الرماد عن الجماجم وعرضها إلى ضوء الشمس وأوقظ أكبر عديدا من النائمين من غفلة البشر ، وبالتالي أصبح أكثر خطورة على الحكام و أكثر تهديدا لسلطاتهم. فللهزل والفكاهة والأدب الساخر تأثير كبير، غالبا ما تفتقد إليه البحوث والدراسات العلمية المهذبة و الإيجابية، إذ يترك بسهولة أثرا واضحا في ذهنية المتلقي ، أي متلقي ، سواء كان ثريا أو فقيرا معدما، أميا أو متعلما ، شابا أو عجوزا.
وأكثر ما يرعب المتسلطين الذين يتخذون من العقائد الدينية وسائل لتقوية سلطاتهم وتضليل رعاياهم وتخديرهم بأوهام مختلفة من دين وقومية وكرامة وشرف، هو كشف عورتهم و زوال الستائر عن زيفهم وريائهم ، واكتشاف نقاط الضعف فيهم أمام الملأ ، و كشف المستور من مقدساتهم و بالتالي زوال الخوف والرهبة والهيبة التي يمارسون سلطاتهم في ظلها ، و ينهبون البلاد والعباد.
إنهم على يقين أنه حالما زال الستار عن مقدساتهم ، زال الخوف والرهبة منهم ، وبالتالي يزداد رعاياهم جرأة في معارضتهم و مقاومتهم.
الأدب الساخر يقض مضاجع أهل العقائد و الأيديولوجيات الدوجمائية ، و يشكل خطرا كبيرا لجاه ونفوذ المتخفين تحتها ، لأنه تكمن فيه قوة مؤثرة لا يستهان بها .
واليوم أيضا نشهد أن حرق الكتب مثلما في القرون الوسطى يستمر إلى يومنا . واضطهاد الكتاب المختلفين وقتلهم وملاحقتهم على قدم وساق .
مثلما كان في القرون الوسطى قتل ابن المقفع و الحلاج والسهر وردي و غيرهم ، ومثلما احترق برونو و أجبر غاليليه عن التراجع عن رأيه ، شهدنا قتل حسين مروة و عبد الخالق معروف ، وملاحقة سلمان رشدي.
إن الأنظمة والسلطات الدكتاتورية المتسلطة على رقاب جماهيرنا ما كان لها أن تستمر بدون قمع الفكر بإصدار أحكام جائرة في حق المخالفين. فالرأسمالية المتفسخة اليوم ورجال الدين بمختلف ديانتهم ، متآزرون و في حلف مقدس ضد حرية الرأي و الفكر . لهذا نرى أن القوى اليمينية لرأس المال الغربي وبالتنسيق مع القوى الدينية الرجعية المسيحية والإسلام السياسي تقوم بتغيير المناهج المدرسية في العالم بما يتلاءم مع الفكر الرجعي المتخلف و بما يدعم سلطاتهم القائمة على استغلال الإنسان و اضطهاد الشعوب المسالمة. إنها سخرية حقا ! وما أشبه اليوم بالبارحة!
إن كل ذلك يشهد أن الرأسمالية فقدت كل قيمها التقدمية والإنسانية ، وأصبحت عاجزة عن تحقيق أي مكسب للبشرية ، بل أصبحت قوة رجعية حشرت نفسها مع قوى الظلام الديني ، سواء كان إسلاما سياسيا، أو يهوديا دمويا ، أو مسيحيا رجعيا. وقد أصبح النضال ضد الاستغلال بإسقاط الرأسمالية جزء من النضال ضد الخرافة والجهل و الظلام.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولادة المسافات
- ذهول الشقائق في حنجرة الماء
- جراح حلبجة تلتهب
- محاكم ليست لإحقاق الحق وانصاف الضحايا
- إنهن لا بد ّ سيغيّرن العالم
- انتصار ديمقراطية بوش ورامسفيلد في العراق
- البنفسج المراق في عيون الانتظار - إلى ذكرى شاعرة اللانهايات ...
- حرية الرأي والعقب الحديدية لرأس المال
- عاشت اللجنة الشيوعية في المعمل
- القوى اليمينية العنصرية والظلامية ضد مكاسب البشرية
- ثلاث خفقات
- ناظم حكمت في مستوصف السجن
- مغزى وصول اليسار إلى الحكم في أمريكا اللاتينية
- لنؤمنْ بوقع خطى فصل الجحيم
- باول تسيلان يسمع أن الفأس قد أزهر
- هرات تهوي في خريف المؤودات
- فنُّ - هارولد بينتر- لتحرير الإنسان من الظلم والاضطهاد
- أقولها وأموت : 1- مهزلة التوحيد تراجيديا كُردية
- ومضى عهد الراحة
- قصيدتا - أكتوبر - و - الأمل- لناظم حكمت


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد كشكولي - لماذا قمع حرية الفكاهة والأدب الساخر؟