أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - ومضى عهد الراحة














المزيد.....

ومضى عهد الراحة


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1373 - 2005 / 11 / 9 - 13:06
المحور: الادب والفن
    


مضى عهد الراحة،
أخذته الرياح ،
ارتشفتْه في غفلة عن الشوق ِ العظامُ.

اللحظاتُ التي فيها نظراتنُا تغوص في الأحجار،
ذابت في لهاثِ الكلاب،
لا ترقى أيادينا السماواتِ لكي نوشّحها باللمعان ،
ولم تعد البيوت تتكئ على أكتاف الماء لتتخضبُ بأنفاس الصفصاف،
تعبت طيور "جميل" في انتظار رقصات قطط المساء،
وما عادت قبورنا ثملة من أشعّة الرمّان.

مضى عهد الراحة،
عهد َ كانت حشرجة الرعود تنطفئ في عيون الأسماك مثل فقاعات الدماء،
عهد َ كان العشب يحتسي خطاك كالندى،
كأنّ عصفورا مرحا يدغدغ إبطك في كل صباح ،
عصفورا يلتقط حبات النعاس من مآقيك ،
ويتوضأ بساعات الضياع في دهاليز الألوان.

مضى عهد الراحة،
حين كان الثلج الناصع صوفَ الحملان،
يتشح به في ظلمة الليل الذئبُ و الراعي والأغنام،
وتأتيني في الهجيع الأخير ودرعك ريش القمر في المحاق.

في تلك الأيام قطّعنا الضفائر الملتفة بأعناق الصنوبرات
وقد قررت ْ الانتحارَ الجماعي لأنها ملّت ركودَ الكلمات،
ولأن ّ الخبز أمسى يثير الجوع في الأفئدة والأنظار،
و الماءَ بات يأتينا بالمزيد من العطش والنيران.

في ذلك العهد كان يلزمنا القليل من الأرق لندرك أن الظلمة تماس للانهائية النور ،
وبأقل ّ الضوء كنا نفتح كل هذه النوافذ على الأبدية،
وبقلق بارد كنّا نحرّر أوهامنا من الغرق في يم ّ انطواء الطيران،
فكيف لنا أن نعيد كل هذه الخيول إلى المروج بعد أن هرعت راجعة إلى زرائبها؟
كيف لنا أن نطلق هذه الطيور بعد أن دخلت أقفاصها بالمخلب والمنقار؟
كيف لدموع يبست على مبكى الجراح أن تغسل كل هذا النهار من ندم الضوء والظلال؟

مضى عهد الراحة والحلاوة،
حلاوة شاي مقهى الجسر على ألسنة الهيام تنتشر في قلوب الفلاحين المتعبين ،
وعضلات العتالين ، وعيون البقر وهي تلهو بقش الأصيل .
ولم يعد لنا ما يكفي من خفقان لنحتسي بسمات الماء ،
ولم يعد لنا ما يكفي من الشفاه لنرد على قبلات الأزهار.

عهد الذهول توارى عن أنظار الساهرين أمام موقد التفاح،
وتهرأ كنبت البقول في دفء التراب،
لم تعد لظلال الجنيات وأجساد الفراشات أسرار ،
كم كانت بريئة بساتين الرمّان !
كم كانت رحيمة بخضرة الأوراق نجمات المياه!
كم أخاف بسمة َ الأزهار !
كم يجرح أحلامي نور الملاك !
كم أليم هذا التوحد آن أتناول البرتقال!
كم أموت جوعا حين آكل خبز السماوات!
كم أحترق ُ من العطش لحظة ارتشف نبيذ جذور الكلام!
كم يقتلني تلاشي الظلام!

‏07‏‏/‏11‏‏/‏2005‏



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدتا - أكتوبر - و - الأمل- لناظم حكمت
- ولاية الفقيه رغم أنف الديمقراطية
- من غابرييل غارسيا ماركيز إلى غيفارا
- صوت اللقاء وقصائد أخرى لسهراب سبهري
- من أغاني الفنّان الخالد -فيكتور خارا - لجي غيفارا و ماريّا
- في ذكرى الفنان المناضل فيكتور خارا
- الزرقاوي و العروبيون : وحدة الأهداف واختلاف الأساليب
- حي ّ ُ الفراعنة
- الموقف المخزي للحزب الشيوعي الكُردستاني من تظاهرات جماهير كل ...
- خفقان الفجر
- لتكن اللغات العراقية الحيةّ كلّها رسميّة
- مصخّمة الدستور المهزلة ... نضح الإناء بما فيه
- الرأسمالية تتج الفقر و الإرهاب
- آلهة الحرب
- اقرعي! اقرعي! ياطبول!
- نحن كثيرون قصائد للشاعر بابلو نيرودا
- المميزات الأربعَ عشرة للأنظمة الفاشيّة
- قصيدة فروغ فرّخزاد - الوهم الأخضر
- نعاج الله
- مهمات اليسار في العراق شاقّة لكنها ليست مستحيلة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - ومضى عهد الراحة