|
|
بقايا من الذكريات
شعوب محمود علي
الحوار المتمدن-العدد: 6016 - 2018 / 10 / 7 - 04:41
المحور:
الادب والفن
بقايا من الذكريات سقطت نهضت احترقت انطفأت فررت فعدت أطمئن نفسي وأكتم أجراس حسّي خلال المتاه بتلك الدروب فمن يتكفّل من يرسم الخارطة والعلامات للدرب قبل الوصول أنا المبصر القلب ما أفلت في الظلام عيونيّ زرقاء هذي الأزقة مضروبة القفل بالتعمية وهذي القناديل مكبوتة ومصابة بعمى كلّ ألوان قوس قزح غصت في الظلمات وصفّارة بحّ فيها الصفير يلاحقني رجل الليل عبر الأزقة لاحقني كأنّي لصّ يجوس خلال البيوت فخفت هلعت قلقت انكسرت وفي الدرب ظلّ صفيرك يا حارس الليل وانتهكت حرمتي لم أكن لصّ لم أمتهن سرقات البيوت تظاهرت إنّي لست من الخائفين ولم أرتعش أنكمش ورأسي يرتفع وقلبي لم يضطرب قدمي ثابت ولم ترتعش شعرة وفرائصي لم تختلج فكدت أعدّ النجوم ولم ينتهي العدّ أخطأت ثمّ رجعت الى العدّ أمسكني مطبقاً قبضة فقلت لنفسي علام على الوجه لاح اصفرار ولم يره حارس الليل غطّى عليه الظلام فبادرني من علوّ هبطت من التحت قلّي صعدت تلوح عليك سمات اللصوص وإلّا فقلّي بعد منتصف الليل كيف أتيت لماذا تدور هنا ما تروم تدور كأنّك مخمور فأمشي معي أنت متّهم بالعبور والتسلّق لجدران هذي البيوت القديمة تبقى ملاجئ للفقراء وفي المخفر انتابني الخوف قلت من بلاد الجليد أتيت أنا الآن أبحث عن بيت أهلي فقهقه والنجمات على الكتفين لمعن قال لصّ قديم جديد معي لعبة القط والفأر لا تنجدك فالتمس غيرها ربما زرت بعض المخافر وكم مرّة كنت تنزل ضيفاً وكم لك من سنوات شهور قضيت وأنت نزيل السجون اعترف قبلما تتراقص تلك العصا والسياط وخرائط بغداد ترسم من فوق جلدك ففكّر هل جئت تتعبنا نحن لا نتعبك فهيّا اعترف بعد ان عجزت رهبة الخوف عاد يغازلني بحلاوة سيل اللسان والكلام المنضّد والمفردات التي كان يطلقها بسلاسة أنت لطيف أمين لعنت الظروف التي دفعتك الى وسط انت تنبذه وتدين الذين تجانسوا والسرقات أجل سيّدي إذن فاعترف اكتويت غلى مرجلي وبصوت جهوري صحت سيّدي بعد أن عدت من غربتي في الأزقّة درت اتلمّس بيتي فكان الذي كان يا سيّدي لست لصّاَ قميصي أبيض مثل الحليب وكفّي تدفّق منها الينابيع مثل هطول المطر أناملي ما لمست مياهاً لمستنقع آسن وقد عشت في وطن زرائب كلّ خنا زيره في الجوار قبيل الحصار وبعد الحصار وقد كنت يا سيّدى أدور مع الشمس عند الهزيع الأخير من الليل تحت القمر وكل البيوت هنا مثل بيتي ترحب بي وتجل الغريب القريب محلّتي تلك التي وصفت بالكرم ونبل المشاعر ولست اغاير وجه الحقيقة لست اجاهر إذا قلت حجّي حميد كان مختارها كان يحدب يحمي سماها فسل ايّهم لتكن في مقامك تحمد والحمد لله جئت ولست غريباً فجذري كنخلة بيت الوقف وكتوتة بيت الوقف ولو كنت كلّفت نفسك فاقرأ بقايا الصحف فبيتي هناك في نهاية ذاك الزقاق المسمّى (بدربونة) الكلبة تحشم يا سيّدي الضابط الشهم كعبك أعلى وأنقى وأبهى وأنبل ممن على ذروة العرش ينتشرون كذبابك بغداد ينتشرون حكايا تهم سوّدت صحف العصر يا سيّدي وأن شئت فاسأل نخلنا والقوارب ودجلة والنسوة الجالسات على الجرف يرسلن عند المساء الشموع لعلّ الإجابة تأتي يا محمّد ص وقت المساء يا يسوع الرجاء لبيوت بها الفقر جاورهم وعطر من الله عند المساء يضوع وشعب العراق يجوع
بقايا من الذكريات سقطت نهضت احترقت انطفأت فررت فعدت أطمئن نفسي وأكتم أجراس حسّي خلال المتاه بتلك الدروب فمن يتكفّل من يرسم الخارطة والعلامات للدرب قبل الوصول أنا المبصر القلب ما أفلت في الظلام عيونيّ زرقاء هذي الأزقة مضروبة القفل بالتعمية وهذي القناديل مكبوتة ومصابة بعمى كلّ ألوان قوس قزح غصت في الظلمات وصفّارة بحّ فيها الصفير يلاحقني رجل الليل عبر الأزقة لاحقني كأنّي لصّ يجوس خلال البيوت فخفت هلعت قلقت انكسرت وفي الدرب ظلّ صفيرك يا حارس الليل وانتهكت حرمتي لم أكن لصّ لم أمتهن سرقات البيوت تظاهرت إنّي لست من الخائفين ولم أرتعش أنكمش ورأسي يرتفع وقلبي لم يضطرب قدمي ثابت ولم ترتعش شعرة وفرائصي لم تختلج فكدت أعدّ النجوم ولم ينتهي العدّ أخطأت ثمّ رجعت الى العدّ أمسكني مطبقاً قبضة فقلت لنفسي علام على الوجه لاح اصفرار ولم يره حارس الليل غطّى عليه الظلام فبادرني من علوّ هبطت من التحت قلّي صعدت تلوح عليك سمات اللصوص وإلّا فقلّي بعد منتصف الليل كيف أتيت لماذا تدور هنا ما تروم تدور كأنّك مخمور فأمشي معي أنت متّهم بالعبور والتسلّق لجدران هذي البيوت القديمة تبقى ملاجئ للفقراء وفي المخفر انتابني الخوف قلت من بلاد الجليد أتيت أنا الآن أبحث عن بيت أهلي فقهقه والنجمات على الكتفين لمعن قال لصّ قديم جديد معي لعبة القط والفأر لا تنجدك فالتمس غيرها ربما زرت بعض المخافر وكم مرّة كنت تنزل ضيفاً وكم لك من سنوات شهور قضيت وأنت نزيل السجون اعترف قبلما تتراقص تلك العصا والسياط وخرائط بغداد ترسم من فوق جلدك ففكّر هل جئت تتعبنا نحن لا نتعبك فهيّا اعترف بعد ان عجزت رهبة الخوف عاد يغازلني بحلاوة سيل اللسان والكلام المنضّد والمفردات التي كان يطلقها بسلاسة أنت لطيف أمين لعنت الظروف التي دفعتك الى وسط انت تنبذه وتدين الذين تجانسوا والسرقات أجل سيّدي إذن فاعترف اكتويت غلى مرجلي وبصوت جهوري صحت سيّدي بعد أن عدت من غربتي في الأزقّة درت اتلمّس بيتي فكان الذي كان يا سيّدي لست لصّاَ قميصي أبيض مثل الحليب وكفّي تدفّق منها الينابيع مثل هطول المطر أناملي ما لمست مياهاً لمستنقع آسن وقد عشت في وطن زرائب كلّ خنا زيره في الجوار قبيل الحصار وبعد الحصار وقد كنت يا سيّدى أدور مع الشمس عند الهزيع الأخير من الليل تحت القمر وكل البيوت هنا مثل بيتي ترحب بي وتجل الغريب القريب محلّتي تلك التي وصفت بالكرم ونبل المشاعر ولست اغاير وجه الحقيقة لست اجاهر إذا قلت حجّي حميد كان مختارها كان يحدب يحمي سماها فسل ايّهم لتكن في مقامك تحمد والحمد لله جئت ولست غريباً فجذري كنخلة بيت الوقف وكتوتة بيت الوقف ولو كنت كلّفت نفسك فاقرأ بقايا الصحف فبيتي هناك في نهاية ذاك الزقاق المسمّى (بدربونة) الكلبة تحشم يا سيّدي الضابط الشهم كعبك أعلى وأنقى وأبهى وأنبل ممن على ذروة العرش ينتشرون كذبابك بغداد ينتشرون حكايا تهم سوّدت صحف العصر يا سيّدي وأن شئت فاسأل نخلنا والقوارب ودجلة والنسوة الجالسات على الجرف يرسلن عند المساء الشموع لعلّ الإجابة تأتي يا محمّد ص وقت المساء يا يسوع الرجاء لبيوت بها الفقر جاورهم وعطر من الله عند المساء يضوع وشعب العراق يجوع
#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على سكّة الغدر والقتل
-
القرون وسدرة جدّي
-
فاتحة القاتل للقتيل
-
غزا العراق الشيب
-
غزا العراق الشيب
-
لغة الرمز
-
حين يحزن نخل العراق
-
فاتحة القاتل للقتيل
-
الهمس وعيون الترقب
-
وطني سجين
-
من صبح قابيل الى الطوفان
-
وطن الورود والقدّاح
-
على الجرح كنت تعض
-
الإزميل والمطرقة
-
الريشة والوتر
-
ادبج في قلمي
-
نشك في خلاصىة النسل وفي الهويّة
-
هذيان حد الاختناق
-
وكلّ القوم قد كفروا
-
أردّد بغدادمرحى
المزيد.....
-
اتحاد الأدباء يحتفي بالشاعر عذاب الركابي
-
من أرشيف الشرطة إلى الشاشة.. كيف نجح فيلم -وحش حولّي- في خطف
...
-
جدل بعد أداء رجل دين إيراني الأذان باللغة الصينية
-
هل تحبني؟.. سؤال بيروت الأبدي حيث الذاكرة فيلم وثائقي
-
الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية
...
-
الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية
...
-
-سيرة لسينما الفلسطينيين- محدودية المساحات والشخصيات كمساحة
...
-
لوحة للفنان النمساوي غوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يُب
...
-
معاناة شاعر مغمور
-
الكويت تعلن عن اكتشافات أثرية تعود لأكثر من 7 آلاف سنة
المزيد.....
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|