أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم خليل - المجتمع المدني كجوهر ثقافي في حياة الشعوب















المزيد.....

المجتمع المدني كجوهر ثقافي في حياة الشعوب


كرم خليل

الحوار المتمدن-العدد: 5954 - 2018 / 8 / 5 - 17:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحياناً ننظر إلى الواقع الهش الذي نعيش فيه , ونأسف متسائلين ما سر هذا التردي والانحطاط المستمر في واقعنا العربي عموماً و(السوري خصوصاً), ما الشيء الخاطئ الذي نقوم به , ولم ندركه للآن ؟!,والذي حال دون تطورنا كمجتمعات , ودون تطورنا كدول , للأسف إنها التربية !
فللتربية دور مهم في حياتنا كأفراد وفي حياة مجتمعنا وتطوره , فإلى أي مدى استطعنا النمو بالفرد ليكون في مكانه الصحيح له والذي يجعله منتجاً بحق! , لا مجرد رقم جديد يضاف إلى آلاف الأرقام السابقة عليه , والتي ظهرت وحذفت دون أي بصمة تذكر لها , هل هذا هو نحن ؟ وهل هذا هو الذي نسعى إلى تحقيقه ؟
نحن دائماً نتغنى بأمجادنا السابقة وندعو الأجيال للسير على خطاهم , ولكننا بذلك أهملنا جانباً مهماً , أي عوامل التغير في الزمان والمكان , والتطور الفكري والعلمي الحاصل في العالم أجمع , إذ إننا وللأسف لازلنا نعتبر أنفسنا مركز العالم ومحوره , ولذلك لازالت حكوماتنا منذ حقبة من الزمن وللآن تدعي الاهتمام بالتربية والتعليم, انطلاقاً من القيمة المزيفة لشعوبنا ,ولكنها في الحقيقة لا تهتم إلا بالربح المادي لها وللواصلين في مؤسساتها والذي يرسخ نفوذها في ظل منظومة أهملت المجموع وضحت به لأجل الفرد , فليس اهتمامها نابعاً من خطة سياسة تهدف إلى بناء المجتمع وتطوره, وإنما تتمحور ضمن سياسة الفرد الواحد والخصخصة وفق مصالح فئة معينة بذاتها ولذاتها , فنرى هذه الفئة القليلة من الشباب التي تابعت تحصيلها العلمي , تتجه وبدافع من أسرها والواقع الاجتماعي الذي رسخ الأنا وحب الذات إلى التحصيل العلمي العالي , لكن الهدف ليس العلم وتطوره , بل البحث عن مجال للعمل يدر أرباحاً وفيرة على الفرد أكثر من مجال الأعمال الحرة والسفر , الذي تعتنقه الغالبية العظمى من شبابنا العربي , كفرصة لرفع مستوى معيشتهم كأفراد , وهذا ما أدى إلى الاهتمام الزائد بمجالات الطب والهندسة على تنوعها, فلم يعد اهتمام الفرد والأسرة هو السعي لبناء المجتمع وتطوره , بل كيف أحصل على المال , وما المجال الذي يحقق لي ذلك ؟!
للأسف أدرك العالم الغربي سر تراجعنا وتردينا في غياهب الجهل والضياع, إلا أننا وللآن ما زلنا عاجزين عن رؤية الحقيقة , فها هي السفيرة البريطانية (جين ماريوت) تقول في تقريرها عن التعليم في العالم العربي في مجلس العموم البريطاني :
إنّ النظام التعليمي في العالم العربي والسوري خاصة يؤدي إلى مفارقات مدهشة بالنسبة إلى الخريجين :
فطلاب الدرجة الأولى من الأذكياء يذهبون إلى كليات الطب والهندسة, بينما خريجو الدرجة الثانية يذهبون إلى كليات إدارة الأعمال والاقتصاد وبذلك يصبحون مدراء لخريجي الدرجة الأولى , في حين خريجو الدرجة الثالثة يتجهون للسياسة فيصبحون ساسة البلاد ويحكمون خريجي الدرجتين الأولى والثانية, وهذا يعد فشلاً بحد ذاته حين يتطبع الجيل بأفكار مغلوطة , فلا يكون عمله بناء على قدراته وإمكاناته , وإنماً وفقاً لما يُتاحُ له من فرص , فمن الناحية العلمية ليس التحصيل العلمي وفق منظومة تعليمنا المزري دليلاً على النجاح والتفوق , فهي تقيس القدرات الفردية للطلاب وفق سوية واحدة تهمل التنوع والفروق الفردية , التي هي جانب مهم يكشف ميول الطلاب لاختيار الاختصاص المناسب وفقاً لقدراتهم ليبدعوا فيه , وهذا سبب رئيسي في تضاءل أعداد الخريجين النظاميين إلى نسب لا تتجاوز 10% أو أقل من ذلك ,إضافة إلى الانتشار الكبير للرشوة والوساطة, مما أدى بالبعض إلى ترك التعليم بعد يأسهم من تحقيق النجاح فيه .
أما الفاشلون في دراستهم فيلتحقون بالجيش والشرطة فيتحكمون بالسياسيين، فيطيحون بهم من مواقعهم أو يقتلونهم إن أرادوا, وبذلك يصبح الحكم بيد مجموعة من الأشخاص الذين لا يفقهون شيئاً , سوى القتل والتدمير لكل من يعارضهم في الرأي ,أما المدهش حقاً والملفت للنظر هو أن الذين لم يدخلوا المدارس أصلاً سيصبحون شيوخاً , يعتلون منابر المساجد مسيسين وفقاً لمصالح فئة معينة ليأتمر الجميع بأمرهم , فيصبح الحكم وتصريف شؤونه بيد هؤلاء الذين يحكمون باسم الله لصالح فئات لا تمت لله بصلة , وذلك نتيجة لضحالة ثقافتنا ووعينا بما هو حق , وتبعيتنا العمياء لرجال الدين المزعومين .
ونتيجة لهذا التفكير المتخلف امتلأت حقبتنا بالمفارقات الكبرى، والتي أعطت الصلاحية في ظل غياب رواد الإصلاح أو تغييبهم لرموز التطرف الأصولي , باعتبارهم يقدمون الأيديولوجية الشعبية الأبسط من جهة والصورة الأردأ من جهة أخرى عن الإسلام والمسلمين لكل خصم, فَصُنِعَ الخطاب المنغلق والمتأخر, وذلك لأننا لا نعلم بكتابات المتنورين الذين يعنون بحقوق الإنسان في الإسلام , وهذه الحالة من التعتيم هي حالة تجاوز حقوقية، وصيرورة معرفية مبتذلة وغير مجدية , لمجتمع لا يقرأ بل يأخذ معرفته بالتلقين والتطبيع .
والسؤال هل ستكون هناك ولادة للإنسان الحق , الذي يعصف بكل الأفكار والمعتقدات التي منعت العقل العربي من التنوير والوعي, ليتجاوز كل المشكلات الاجتماعية والسياسية , ويحتفل كما الشعوب الأخرى بيوم لايمحو ذكراه الزمن .
حيث يصبح هذا اليوم سبباً ليحتفل العالم المتحضر به كل عام , يحتفل بالعالم العربي الذي أنجز مشروعه الوطني الديمقراطي والإنساني وأصبح سيد حياته ومصيره, وقادراً على إعادة صياغة العالم وفق مصالحه , بتحرره من السياسات الرجعية المتخلفة , ومن العقائد والخرافات الاجتماعية التي تحط من قيمة العقل الإنساني وتجعله منغلقاً لا يتجاوز حدود أنفه في الرؤية , لينضم إلى النظام العالمي الذي تحكمه أنظمة ديمقراطية ليبرالية تحترم الإنسان وتصون حرياته العامة والخاصة من خلال قوانين مدنية إنسانية تساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات أمام القانون, بغض النظر عن الدين والعرق والطائفة والجنس فما يهم هو الإنسان - والإنسان فقط - فيصبح هذا العيد رمزاً لحرية المواطن وحرية تلك المجتمعات ككل, ولكن وللأسف مازلنا محرومين من الاحتفال بهذا الانجاز,لماذا ألا يحق لنا أن نحتفل بولادة هذا الإنسان ؟ للأسف - لا- لا نستطيع الاحتفال أمام ما نعيشه من واقع مزري و مجتمع مقموع ومهزوم ومأزوم ومغتصب ومستعبد بكل فئاته ومكوناته,تغيب فيه المساواة أمام القانون بين الجنسين وتغيب فيه الحقوق والحريات ويغيب فيه الإنسان ككل.
ووضع المواطن (السوري )فيه مثال صارخ للذل والحرية المستعبدة والمستلبة , هل يمكن لنا أن نربي جيلاً من الأحرار في وضع كهذا ؟!,لا بل سننتج مجتمعاً من العبيد للطاغية الأكبر (الحاكم بأمره) لذلك فإن عيدنا نحن في كمواطنين عرب وسوريين مرهون بحريتنا, وحريتنا مرهونة بوعينا - أي بحرية ووعي المجتمع ككل -,ولذلك وفي ظل هذا التردي علينا أن نقيم الحداد وننكس الأعلام ما دمنا تحت نير الاستبداد الشمولي وتحكمنا قوانين الأحوال الشخصية الدينية والمذهبية والطائفية لا الإنسانية (فحتى الحب في بلادنا هو طائفي وقمعي).
ولذلك علينا العمل من أجل تحقيق حلمنا الإنساني بدولة مدنية ديمقراطية لإعادة الاعتبار لحريتنا وإنسانيتنا المغتصبة ولولادة الإنسان الفرد الحر , فأي حلم يتحول إلى حقيقة عندما نؤمن به ونعمل لأجل تحقيقه فخطوة الألف ميل تبدأ بخطوة.
فمعاناتنا تكمن في أن مشكلة الديمقراطية الكبرى, تتمحور حول هشاشة الدولة, وتشوش العلاقة بينها وبين مفهوم الأمة،إضافة لإحلال صراعات الهوية والاستبداد محل الصراع السياسي ,الذي يقوم على الصراع بين القوى السياسية.
لقد مرّت الشعوب الأوروبية بمثل هذا قبل عدة قرون، وخاضت حروباً دموية طويلة الأمد حتى وَعَتْ و وصلت إلى أن سيادة الدولة هي الحل لمسألة الطائفية، وأن الديمقراطية السياسية والاجتماعية هي الحل لمسألة العلاقة بين السيادة المطلقة للدولة من جهة، ونسبية السلطة ومحدوديتها وعلاقتها مع الشعب من جهة أخرى.
ونحن لا نحتاج إلى قرون، للوصول إلى ما وصلت إليه في ظل ثورة الاتصالات الحالية, ولكن يبدو أننا شعوب تأبى التعلم من تجارب غيرها!، لذا نأمل ألا تطول فترة تعلمنا ، لاختصار فترة التجربة المرعبة التي تمر بها المنطقة.
فقد خرج الشباب من المحيط إلى الخليج من مرحلة الاستبداد, وأغلقوا أبوابه للأبد, ولن يعودوا إليها, فهم يشبهون بذلك (طرق الزوجة نورا الباب وراءها عند خروجها، في مسرحية بيت الدمية لإبسن، في مشهد مجازي يصوّر نهاية مرحلة كاملة في التاريخ الأوروبي).
انتهت مرحلة التأسيس عربياً، وها نحن نعيش المخاض الطويل للمرحلة الجديدة, فمثل هذه الأنظمة الفاشلة والدموية لا يمكن أن تغادر التاريخ بسهولة ويسر , ولذا يجب ألا نتوقع الاستسلام و النهاية الوردية لهكذا نظام دموي، يضحي بالفرد وحريته في سبيل مصالحه الخاصة وحمايتها.



#كرم_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المجتمع المدني في بناء المجتمعات
- الأمل إكسير الحياة ودفقها المتجدد في الروح
- في ظل اضمحلال التنوير وسطوة التعصب: كيف يتعامل الإسلاميون مع ...
- الحرب في مواجهة الهوية: سوريا نموذجاً
- سرطان البيروقراطية.. النمسا نموذجاً
- الألم ديدن الإبداع ودفق الحياة
- فوضى الإسلام السياسي: بين حماقة الأداء واستغلال المنهج
- حديث مستفيض في ماهية الحب
- إيران من تصدير الثورة إلى تدمير المنطقة
- الأسلمة ومعارك الصراع الأيديولوجي بين الفكر الحداثي والتقليد ...
- عجز دولي لمواجهة التمدد الإيراني في الشرق الأوسط
- أستراتيجيات دول المشرق العربي بين الغباء والتواطئ
- هل يعود المسيح من بوابة السيطرة اليهودية على أوروبا
- راديكالية الجماعات الإسلامية وأساطيرها الجهادية
- الاسلاميون وحقوق الأنسان
- الشيوعية والصهيونية: الولادة من خاصرة اليهودية
- الحل السياسي في سوريا بين الممكن والمستحيل
- فن صناعة وتسويق الإرهاب كظاهرة عالمية
- هؤلاء المرتزقة العبيد
- استراتيجية داعش وغباء المعارضة .


المزيد.....




- تُعتَبَر هذه البحيرة الضخمة في إسبانيا إنسانًا وفقًا للقانون ...
- -لا نريد أن نعيش نكبة أخرى-.. شاهد ما قاله رياض منصور عن إخر ...
- هل تؤدي عمليات تجميل الوجه إلى الإصابة بالإيدز؟
- منحته 3 آلاف جنيه إسترليني.. بريطانيا ترحل طالب لجوء إلى روا ...
- شرطة نيويورك تداهم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب
- تقارير: إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة من أجل اتفاق غزة ...
- بيان صادر عن المنبر العمالي العربي المناهض للإمبريالية والصه ...
- طريقة علمية لتجنب الكآبة
- -كلاشينكوف- تكشف عن درونات جديدة بمواصفات مميزة
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم خليل - المجتمع المدني كجوهر ثقافي في حياة الشعوب