أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم خليل - في ظل اضمحلال التنوير وسطوة التعصب: كيف يتعامل الإسلاميون مع الشرعة الدولية؟














المزيد.....

في ظل اضمحلال التنوير وسطوة التعصب: كيف يتعامل الإسلاميون مع الشرعة الدولية؟


كرم خليل

الحوار المتمدن-العدد: 5818 - 2018 / 3 / 17 - 14:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوجد اليوم في هذا العالم مسلمين وبوذيين وهندوسيين يدافعون بحزم عن الشرعة الدولية لحقوق الإنسان, في حين يفوز هاينز كريسيتيان شتراخه زعيم الحزب اليميني المتطرف في النمسا في الانتخابات البرلمانية و الذي يرفض المفهوم الوطني أو الأوربي لحقوق الإنسان أو الحديث في حقوق المهاجرين والأجانب باعتبارها من إنتاج الجبهة الماسونية ولولا المهاجرين لما استطاع التلفظ بهذه الكلمة التي كان سيعتبرها هرطقة.
من هنا، نرفض الفكرة الديماغوجية التي تعتبر الشرعة الدولية مؤامرة تستهدف حضارات وأديان معينة لتمنح امتيازات لحضارات وأديان أخرى, ولنأخذ مثالاً بسيطاً، إن الشرعة الدولية لحقوق الإنسان إذا تم احترامها فإنها تعطي الشعب الفلسطيني حقوق وضمانات أكثر مما تقدم له اتفاقيات أوسلو والميثاق العربي لحقوق الإنسان.
  ولذا لا يحترم الإسرائيلي هذه الشرعة ويعتبر القانون الإسرائيلي المرجع كلما تعارض معها.
الإشكالية الثانية هي تصوير الشرعة, وكأنها محاولة إقامة نظام عالمي شمولي يجبر الناس على العيش وفقه, وهنا لا بد من التنويه إلى إن احترام الكائن الإنساني، وكرامته وحقوقه إنما يؤكد هذا الاحترام على حقه في الاختلاف.
فالشرعة الدولية لم تأتِ لفرض مطاعم ماكدونالد على البشر وإلغاء المطاعم الصينية والعربية والمكسيكية إلخ.. ولكنها وبكل بساطة، حظرت تقديم الطعام الضار واللحم الفاسد والاعتداء على الزبائن وحمت حقوق المستهلك.
إن الإشكالية الإسلامية مع الشرعة الدولية ناجمة برأينا بشكل أساسي؛ أولاً، عن ظروف دخول العالم الإسلامي القرن العشرين والمشكلات التي رافقت انهيار الخلافة العثمانية, وتجزئة بلدان المنطقة وانتصار المدرسة الوهابية كمذهب سلفي محلي في الجزيرة العربية وغياب مراكز إسلامية كبيرة للاجتهاد, الأمر الذي وضع المسلمين في مواقع دفاعية جعلت منهم ضحايا مواقف فقهية قديمة لم تعد تنسجم مع روح العصر خاصةً في ظل غياب المرجعيات الفردية المتميزة القادرة على خوض معركة الإصلاح منذ وفاة جمال الدين الافغاني.
ثانياً عن وجود أنظمة حكم غير ديمقراطية تفتقد الى الشرعيتين المحلية والعالمية, وتحتاج إلى غطاء أيديولوجي لطبيعتها التسلطية. ثالثاً عدم تحرر ردود الفعل على الاستبداد من المنطق الاستبدادي والشعبوية التبسيطية التي تعتبر خلاصها, فالشعارات التعبوية أكثر منه في المناهج العقلانية المبتكرة, فمن الملاحظ إن قرننا قد حمل معه مفاهيمه القومية والتحررية التي قضت على مفاهيم أساسية في اسلام الخلافة التاريخي مثل دار الإسلام ودار الحرب، وتعريف المواطنة، مفهوم أهل الذمة، القانون الجنائي في الإسلام، مفهوم ملك اليمين والعبودية، وصلة القضاء بالخليفة إلخ.. وقد بلغ الخلاف مثلاً بين وضع المرأة في السعودية أو إيران من جهة وتركيا وتونس من جهة أخرى حداً يفوق الخلاف بين الأخيرتين وجمهورية ايرلندا الكاثوليكية.
كما نجد من الحكومات التي تحمل رايات العلمانية من يمنع المدافعين عن حقوق الانسان من العمل ويعتقلهم كما هو الحال في سورية وتونس في ظل أسرة الأسد وبن علي, رغم أن حركة حقوق الإنسان قد ولدت فيها قبل المنظمة العربية لحقوق الإنسان بعشرين عاما في سورية وبأكثر من عقد زمني في تونس.
في حين لم تحل اسلمة الدستور الباكستاني دون وجود حركة حقوق انسان متقدمة في هذا البلد، حركة تعتبر الشرعة الدولية مرجعها ودستور عملها رغم صعود التطرف الديني والمذهبي.
إن حقبتنا مليئة بالمفارقات الكبرى، وهذه المفارقات أعطت في ظل غياب رواد الإصلاح أو تغييبهم لرموز التطرف الأصولي المرجعية الأولى باعتبارهم يقدمون الأيديولوجية الشعبية الابسط من جهة والصورة الاردأ عن الإسلام والمسلمين لكل خصم, وبذلك صرنا نسمع بالخطاب المنغلق والمتأخر وقلما نعلم بكتابات المتنورين.
حقوق الإنسان في الإسلام لا يمكن إن تخرج المسلم والإسلام من التاريخ بل تعيدهما إليه. فهي حالة تجاوز حقوقية، وسيرورة معرفية طويلة وغير منجزة. وبوصفها كذلك، فهي تستفيد من خبرات الثقافات والشعوب بالأمس وتوجه أنظارها وطموحاتها نحو الامام. وهي بهذا تتقاطع مع المتنورين والاصلاحيين من المسلمين، ولكن تبتعد عن المدارس النصية والمنغلقة والمتطرفة والاستئصالية إسلامية كانت أو بروتستنتية أو كاثوليكية أو يهودية الخ.. لاعتمادها قيماً حقوقية تتعارض مع مفهوم التفوق ومفهوم التمايز.
ولكي نكون واضحين مع أنفسنا والناس نقول إنه لو جاء الامام الشافعي ليقضي في الناس بأحكام عصره فلن يقبل به حتى من طلب طلاق نصر حامد أبو زيد: فليس هناك عبيد يُحكمون بنصف العقوبة ولا نساء شهادتهن بالنصف ولا يستمتع أصحابهن بهن ولا أحكام تختلف باختلاف الاعتقاد. وفي جملة ما جاء ذكره حكم قرآني يمكن فهمه في نطاق زمانه ومكانه ويمكن اختزاله بتعميمه لكل زمان ومكان. صار الامام الشافعي من أكبر أسماء الإسلام لتعبيره عن روح عصره، ولهذا ننسى في كل قرن علماء سبقوا لأنهم عجزوا عن بلوغ عبقرية استيعاب المكان والزمان، وكأن النساء قد عقمت عن ان يلدن مثل الائمة الأربعة منذُ عشرة قرون؟
العالم يتغير، ونحن جزء من هذا العالم، وكل من يرفض هذا التغيير ويحاول التمسك بمفهوم مختزل وضيق للدين والدولة يحول دون خروجنا من مستنقع القرون البائدة.

اضحملال : ضعفها، تلاشيها، تضاؤلها.



#كرم_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب في مواجهة الهوية: سوريا نموذجاً
- سرطان البيروقراطية.. النمسا نموذجاً
- الألم ديدن الإبداع ودفق الحياة
- فوضى الإسلام السياسي: بين حماقة الأداء واستغلال المنهج
- حديث مستفيض في ماهية الحب
- إيران من تصدير الثورة إلى تدمير المنطقة
- الأسلمة ومعارك الصراع الأيديولوجي بين الفكر الحداثي والتقليد ...
- عجز دولي لمواجهة التمدد الإيراني في الشرق الأوسط
- أستراتيجيات دول المشرق العربي بين الغباء والتواطئ
- هل يعود المسيح من بوابة السيطرة اليهودية على أوروبا
- راديكالية الجماعات الإسلامية وأساطيرها الجهادية
- الاسلاميون وحقوق الأنسان
- الشيوعية والصهيونية: الولادة من خاصرة اليهودية
- الحل السياسي في سوريا بين الممكن والمستحيل
- فن صناعة وتسويق الإرهاب كظاهرة عالمية
- هؤلاء المرتزقة العبيد
- استراتيجية داعش وغباء المعارضة .
- داعش من ظاهرة الى حقيقة .
- الاسلام السياسي لايزال وفيا لطبائع الاستبداد .
- النظام السوري مدرسة في أرتكاب الجرائم


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم خليل - في ظل اضمحلال التنوير وسطوة التعصب: كيف يتعامل الإسلاميون مع الشرعة الدولية؟