أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - الأثر الاجتماعي و السياسي على النص الديني














المزيد.....

الأثر الاجتماعي و السياسي على النص الديني


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5929 - 2018 / 7 / 10 - 01:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



أبدأ هذه المقالة باعتراف شخصي على المستوى المعرفي في ما يخص الذي كتبته سابقا من مقالات في مجال النقد الديني و الاجتماعي ، و أقر أنني أغفلت جانبا مهما جدا في عملية النقد هذه ، فعندما كنت أتطرق إلى موضوع ديني ما ، كنت أنتقد النصوص و ما تقدمه ، مغفلا بذلك ، الأثر الاجتماعي الكبير الذي يوافق النص الديني أحيانا و يعارضه أو يتجاهله أحيانا أخرى ... فما بدى واضحا لي الآن ، كان غائبا عن ذهني و معرفتي ربما ، لذلك أحببت في هذه المقالة أن أسلط الضوء على هذه المسألة ....

عندما ننظر عن كثب ، إلى حال المجتمعات العربية و الاسلامية ، نلاحظ أننا نظلم بعضها ، عندما نشملهم جميعا بوصف واحد أو بدراسة واحدة غير تفصيلية و متمايزة ... فالواقع أن بعض هذه المجتمعات طوعت النص الديني و روضته ليتناسب مع متطلبات الحياة الحديثة التي فرضت نفسها على الساحة الاجتماعية و الثقافية ... و بالمقابل بقيت بعض المجتمعات الاسلامية ملتزمة إلى حد كبير بتفاصيل النص ، و يبدو أن الأمر يعود إلى أسباب اقتصادية و سياسية و إلى صلابة ثقافة المجتمع الأصلية قبل دخول الاسلام إليها ...

و كمثال على ذلك نذكر التجربة التونسية الأخيرة ، أقصد ما بعد الثورة ، حيث درس البرلمان قرار المساواة في الميراث بين الذكر و الأنثى في مجتمع تغلب عليه الهوية الدينية الاسلامية ، و يبدي بطبعه احتراما لشريعة هذه الهوية ... و عندما بحثت في تفاصيل الأمر ، بدى لي أن المسألة لا تتعدى كونها احتيال اجتماعي على النص الديني ، فالحقيقة أن القرار لا يجبر أحدا على المساواة ، و إنما فقط يسمح بالمساواة و لا يعتبرها مخالفة للشريعة الاسلامية ، فمن يريد أن يساوي يستطيع و من لا يريد يعود إلى حكم الشريعة ... و هنا يبدو الأمر لبعضنا بسيطا و ليس له أثر يذكر ، لكن هذه الخطوة تعبر عن تقدم بالغ الأهمية على مستوى العلاقة بين النص و المجتمع ، و قدرة هذا النص على حكم علاقات المجتمع ، فالأثر الذي نتحدث عنه ليس مباشرا و سريعا ، و إنما قد تظهر نتائجه على المدى البعيد ، عندما يتعود المجتمع على المساواة و تترسخ مبادئها في ثقافته حتى لا يمكن لأي نص كان ، دينيا أو غير ديني ، أن يزيحها و يقلل من أهميتها ...

و هنا أيضا أطرح مثالا آخر ، يوضح إلى حد كبير أهمية المثال الأول و صحته ...
فما يبدو طبيعيا و التزاما بالشريعة الإسلامية عند بعض المجتمعات ، يعتبر أيضا عند مجتمعات أخرى ، عيبا و أمر مرفوض أخلاقيا !!
فمسألة تعدد الزوجات مثلا ، تعتبر أمرا طبيعيا في المجتمع السعودي أو المصري ، بينما في مجتمعات أخرى ، كالمجتمع التونسي ، تعتبر أمرا مستهجنا و غير أخلاقي و مرفوض ... و كذلك الأمر بالنسبة للمجتمع التركي ، الذي يعتبر أيضا مجتمعا إسلاميا بامتياز ...
كما أن هذا الرفض ينطبق على عدد من الجماعات الدينية الاسلامية في مناطق مثل سوريا و باكستان و ايران ، كالجماعة الاسماعيليه على سبيل المثال ، التي يندر فيها تعدد الزوجات و يعتبر أمرا معيبا على المستوى الاجتماعي ...

هنا أيضا لا يمكننا أن نهمل جانب استغلال الدين و النصوص الدينية لصالح السلطة في سبيل تحقيق غايات سياسية معينة ...
فهذه العلاقة ، بين الدين و السياسة ، قديمة قدم الدين نفسه ، و الاستغلال بدى واضحا من قبل العديد من الخلفاء و حكام الدول التي تسمي نفسها اسلامية ...
و هنا نطرح مثالا من الواقع المعاصر أيضا ، و الذي هو موضوع قيادة المرأة للسيارة في السعودية ... حيث أن الأمر كان محرما شرعا ، و لم يغفل أي رجل دين سعودي عن ذكر هذا التحريم في خطبة جمعة أو لقاء أو برنامج تلفزيوني ... و كان التحريم يرفق بنصوص دينية تدعمه و تؤكد على حقيقته ، و بقي الأمر مقبولا لدى المجتمع السعودي ، حتى سمح ولي العهد مؤخرا بالقيادة للمرأة ، و عندها خرج نفس الشيوخ و رجال الدين الذين حرموا الأمر سابقا ، ليقدموا لنا نصوصا أخرى مضادة للنصوص الأولى ، و تثبت أن الأمر شرعي و مسموح دينيا ، و أن قرار ولي العهد صحيح تماما ...
هنا نلاحظ التناقض الاجتماعي و الديني الذي سببه قرار سياسي ما ، و يتضح جليا أثر السياسة بالدين و استغلالها له للتأكيد على ضرورة قرارها و صحته و تسهيل قبوله عند العامة ...



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة حبّ
- قصيدة : انتصر ...
- ترويض الشعوب
- الحرية ذات القطب الواحد و الحرية المطلقة
- مقطع من روايتي : الصوت الغريب
- التعليم في المجتمعات المتخلفة
- عقدة النقص بين الاستلاب الديني و السياسي
- ثقافة الفضيحة وهشاشة المجتمعات المتخلفة
- قصيدة : الظهور الأخير
- تساؤلات ضرورية (3)
- ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي
- هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...
- فادي عزام : خسرت البوكر و ربحت قلوبنا
- العصبية و الخطر الوجودي
- جرأة الرواية العربية المعاصرة
- التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟
- السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير


المزيد.....




- مقتل عشرات الفلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة رغم ال ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنرد -بضربات قاتلة- إذا هاجمتنا إسرائيل ...
- فيديو - حاملتا طائرات صينيتان تختتمان تدريبات قتالية في بحر ...
- بسبب زهران ممداني.. ترامب يهدد بقطع التمويل عن مدينة نيويورك ...
- موجات الحرّ تهدّد العالم.. من هم الأكثر عرضةً للخطر وما هي س ...
- بينما يناقش البرلمان قانون الإيجار.. -أمن الدولة- تمدد حبس أ ...
- كيف يمكنك البقاء بأمان خلال موجات الحر؟
- صيف لاهب يضرب جنوب أوروبا والملاحة عبر الراين في أزمة
- فرنسا: مناقشة إصلاح نظام السمعي البصري العمومي من قبل نواب ا ...
- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - الأثر الاجتماعي و السياسي على النص الديني