أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي














المزيد.....

ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5808 - 2018 / 3 / 7 - 01:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تكلمت في مقالة سابقة عنوانها (هذه الأنظمة من هذه الشعوب) عن الخضوع السياسي و علاقته غير المباشرة بالخضوع الديني الذي يبدأ بسلسلة تعنيف متصلة تمتد من النصوص الدينية إلى رجال الدين ثم إلى الفرد العادي (رب الأسرة_الأب) ، ثم إلى الطفل ... تشابه إلى حد كبير سلسلة التعنيف المتصلة أيضاً و الممتدة من الدول الكبرى إلى الأنظمة العربية إلى الجيش و الشرطة ثم بالطبع إلى المواطنين العاديين (الشعب) ...

و كنت قد ذكرت علاقة مفهوم الأضحية بمفهوم الخضوع ، و كيف أن تقديم الأضاحي يكون له أثر سلبي على السيكولوجيا الاجتماعية ككل ، و السيكولوجيا الفردية بالتتابع ... بحيث يتعلم الأفراد أن الأضحية هي واجب الضعيف تجاه القوي ، لكي يمتنع الأخير عن قمعه و أذيته ... و كيف أن ذلك يرتبط إلى حد كبير بفكرة الخنوع لحاكم ظالم و تأييد سياساته بالرغم من الظلم الواضح فيها ، حيث تتعامى عيون المؤيدين لذلك الحاكم عن الظلم و القمع الذي يمارسه بحقهم قبل غيرهم ...

أما اليوم فسوف أستكمل شرح الأمر ، و ذلك بالعودة إلى الجذور القديمة لتلك الحالة ، و التي تظهر بشكل واضح في مراحل الطفولة و التربية الأولى ، و التي هي في العمق ليست سوى تربية دينية مستمدة من تراث طويل من التعاليم و الممنوعات و المحرمات ...

نذكر مثلاً : فكرة العيب ، و التي تبين لي من ملاحظات شخصية و قراءات متعددة أنها تنتشر بشدة في المجتمعات الاسلامية ككل و ليس فقط العربية منها ... فالمجتمع التركي يعطي أهمية كبيرة لتلك الفكرة أو ذلك المفهوم (المطاط) الذي يمكن أن يتسع ليشمل كل شيء ...
طبعاً هنا لابد أن نذكر أن الأمور المعيبة قد تختلف بين هذه المجتمعات ، تبعاً لاختلاف الثقافات ، لكن وجودها (فقط لوحده) كان هو حلقة الوصل التي دعت إلى الاهتمام بأصلها الديني و الاسلامي تحديداً ...

تبدأ القصة من خلال الاهتمام بتقوية شعور الخجل من فعل أمور معيبة ، عند الانسان ، في عمر مبكر جداً ، حيث يعمد كل من الأب (الغائب أغلب الأوقات ، و المستخدم كفزاعة للأبناء) و كذلك الأم (الحاضرة دائماً ، و المسؤولة الأساسية عن عملية التربية) إلى تعمّد تنمية شعور الخجل لدى أطفالهم ، بدلاً من شعور الذنب ، و ذلك بفضح أفعالهم أو التخويف من فضحها أمام المجتمع ، أو حتى تعمد التقريع العلني للأطفال ، مما يقوي هذا الشعور في مقابل ضمور الشعور بالذنب و بالتالي ضمور الأنا العليا (بحسب فرويد) ... هنا لابد من الانتباه إلى أن الشعور الطاغي سيكون هو الخجل من المجتمع تحديداً ، و ليس الخجل أمام النفس كما يحدث في شعور الذنب الذي يعمل كرقابة داخلية تساعد على ضبط تصرفات الفرد تلقائياً حتى لو كان غير مرئي أو مكشوف للمجتمع ...
هذا الأمر يسبب حالة فصام يعاني منها كل فرد في ذلك المجتمع ، حيث يضطر إلى التصرف بطريقة علنية مختلفة تماماً عن الطريقة المعتادة عندما يكون بمفره ... و يساعد ذلك إلى حد كبير في تفشي الفساد السياسي و الاجتماعي الذي يحول دون تقدم المجتمع ...

لنعد الآن إلى فكرة العيب ، و لنتحدث قليلاً عن سبب انتشارها و قيمتها الكبيرة في تلك المجتمعات المتدينة برغم اختلاف ثقافاتها ...
تحدثت في مقالة سابقة عنوانها (طفولة عقل) عن فكرة تقول أن العقل العربي مازال يعد ، حتى الآن ، طفلاً بالنسبة لعائلة الانسانية كاملة ... و أنه مازال يحتاج إلى الأب الحامي و المرشد ، و الذي يتمثل في حالته هذه : بالدين كإيديولوجية ، و رجال الدين الذين يلعبون دوراً هاماً في توجيهه و استثماره ...

أما عن فكرة العيب ، فهي الطريقة التي ابتكرتها هذه المجتمعات لممارسة دور الطفل الصالح على بعضها البعض ، أمام الأب الأكبر ، الذي هو الدين (أو التراث الديني) متمثلاً بشيوخه و رجاله ، فكل فرد من هؤلاء يتعامل مع نفسه و مع الآخرين بطفولية بحته ... و بالتالي يعمد إلى تقوية شعور الخجل عند الآخر (كما في تصرف الوالدين المذكور مسبقاً) عن طريق فكرة العيب التي تساعده على انتقاد و فضح تصرفات الآخرين بشرعية (اجتماعية_دينية) متوارثة ... و هذا يؤدي كما ذكرنا أيضاً سابقاً ، إلى غياب شعور الذنب تماماً ، و الرقيب الذاتي يصبح معدوماً في هكذا نوع من المجتمعات ، و هذا ما يساعد على تفشي النفاق الاجتماعي و الديني ، و تفشي ظاهرة الحكم على الآخر و التدخل في شؤونه الشخصية و التعدي على حريته التي لا تلبث أن تختفي تماماً (أقصد الحرية) في ظل هكذا نوع من الأفعال المشروعة دينياً و اجتماعياً ، و حتى لتصبح فيما بعد مشروعة سياسياً ، حيث يسمح النظام الحاكم لنفسه بالتدخل في كل شيء يخص أفراد مجتمعه ، فيمنع و يقمع و يسمح و لا يسمح كما يشاء ، و دون أي تذمر أو احساس بالتعنيف من أفراد المجتمع الذين اعتادوا هكذا نوع من التصرفات بين بعضهم البعض أساساً ...



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...
- فادي عزام : خسرت البوكر و ربحت قلوبنا
- العصبية و الخطر الوجودي
- جرأة الرواية العربية المعاصرة
- التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟
- السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة
- جدوى الحياة
- المثقف العربي و الجنس
- السجين
- المنتخب السوري : بين النظام و الشعب !!


المزيد.....




- مسؤول صحي لـCNN: مقتل عشرات جراء غارة إسرائيلية على مقهى على ...
- -أقود سيارة كهربائية لأنني فقير-
- جدل في سوريا بعد حظر الحكومة استيراد السيارات المستعملة
- الناتو يتحصن خلف -جدار المسيّرات- في مواجهة روسيا
- القضاء البريطاني يرفض طلبا لوقف تصدير معدات عسكرية إلى إسرائ ...
- موقع إيطالي: الهند وإسرائيل وستارلينك من يُدير لعبة التجسس ا ...
- بسبب الجرائم في غزة.. الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تعلق عضو ...
- غينيا تصدّر 48 طنا من البوكسيت في الربع الأول من عام 2025
- كيف تفاعلت المنصات مع فقدان أوكرانيا مقاتلة جديدة من طراز -إ ...
- -برادا- تقلد صنادل كولهابوري الهندية.. ومغردون: هذه سرقة ثقا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي