أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - طفولة عقل (2)














المزيد.....

طفولة عقل (2)


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5678 - 2017 / 10 / 24 - 12:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لايزال موضوعنا الأساسي (تحليل و تفكيك العقل العربي) جارياً ، و كما أشرت سابقاً ، أنه قد يبقى جارياً حتى زمن متقدم ... لأن ذلك العقل أثبت في هذه المرحلة الراهنة و المصيرية في حياته ، أنه مازال غير قادر على قيادة مصيره و التحكم بالظروف بما يخدم مصالحه ... مازالت الظروف هي التي تتقاذفه من مصير إلى مصير ، و هو من ناحية أخرى ، مازال متشبثاً بنفس الطريقة في التفكير و التعاطي معها ... و لذلك مازالت تجاربه تقدم نفس النتائج التي قدمتها في قرون سابقة !!

ما نراه أمامنا اليوم ، واضحاً و جلياً ، أن الثورات العربية لم تكن ثورات حقيقية ذات منهجية عملية و منظور سياسي محدد ، لم تكن منظمة تنظيماً حقيقياً يضمن نجاحها و استمرارها ، ببساطة لأنه لم يكن مخطط لها أساسا ... كانت صدمة و حدث طارئ على مجتمعات نسيت معنى الممارسة السياسية منذ زمن طويل ... لذلك يطلق عليها أغلب المفكرون المعاصرون اسماً يظنونه أكثر تلاؤما مع ظروفها ، ألا و هو (فورة) ... لأنها كانت ردة فعل أكثر من كونها فعل منظم و مدروس ...

المهم أن تلك الثورات قدمت خدمة كبيرة للباحثين في الشأن العربي ، فهي ساعدت على كشف أسوأ و أفضل ما يمكن أن يقدمه العقل العربي خلال محاولاته الانتفاض على واقعه المتخلف ، و تغيير وضعه ، من مسيّر و مجبر و مفتعل به ... إلى قائد الدفة و سيد الموقف و المصير ...

وعندما تسلم ذلك العقل زمام الأمور ، و كثرت الخيارات أمامه ، ظهر لنا على حقيقته بكامل وضوح صورته ، بدون أي نوع من أنواع الأغلفة المزيفة (التكنولوجية و العمرانية مثلا) التي كان يتقنع بها منذ زمن ، ساتراً بها تخلفه ، و مختبأً خلف إصبعه ...

أهم الظواهر السيئة التي أفرزتها تجربة ذلك العقل في الانتفاض _ نقطة ذكرتها سابقاً و أعيد ذكرها لاعتقادي أنها نقطة هامة جداً و مصيرية في مسيرة ذلك العقل نحو خلع عباءة التخلف و التحرر منها للأبد _ هي طريقة تعامل ذلك العقل مع أضعف مكونات مجتمعه و التي هي المرأة ...
فالحراك العربي لم يقم به رجال فقط ، و إنما شاركت به النساء أيضاً ، في مشهد درامي غريب عن الساحة العربية ، أو يمكن القول أنه مشهد طبيعي أساساً ، و تم إضفاء الغرابة عليه ، على مدى سنوات طويلة ، لأهداف سياسية و دينية ...

شاركت المرأة في ذلك الحراك ظناً منها أن الحرية عندما تتحصل ، فإن خيرها يعم على الجميع ... لكنها صدمت بواقع أن العقل العربي مازال يتعامل مع واقعه بعقلية قروسطية لا تتفق مع المبادئ التي خرج ينادي بها أساساً !!

حيث صدم ذلك العقل بالمطالب النسوية التي أنتجها ذلك الحراك و التي لا تتفق أبداً مع طريقة تفكيره و تعاطيه مع الأمور ... فالمرأة العربية بدأت تثير قضية التساوي بالحقوق و الواجبات بشكلٍ فعال و حقيقي ، كما أنها لم تعد تنظر لنفسها كتابع و تنظر للرجل كوصي عليها ... أصبحت تبحث عن ذاتٍ مستقلة كانت قد فقدتها منذ زمن طويل ، بفعل أثر التيارات الدينية المتشددة التي اجتاحت المجتمعات العربية لعقود عديدة قبل الحراك ... تلك التيارات التي وظفت من قبل الدول الاستعمارية و الانظمة العربية للسيطرة على تلك المجتمعات و إبقائها ضمن دائرة التخلف و التبعية ...

فالمرأة في ظل هذه الأحداث ، أثارت قضايا عديدة ، مثل مسألة الحجاب بأنها مسألة عادات و تقاليد فقط لا غير ، و ليس لها أساس ديني صريح في القرآن ... و كذلك مسألة التساوي في الميراث التي أصبحت ضرورة في ظل ظهور المرأة العاملة و المستقلة ... و مسألة اعتبارها ناقصة عقل و غير مؤهلة للقيادة ، في ظل دراسات علمية حديثة تؤكد أن التفوق العقلي للرجل مجرد خرافة قديمة ، بل إن المرأة قد تتفوق عليه أحياناً !!

هنا شعر العقل العربي بخطورة الموقف ، و صعوبة السيطرة على استقرار مجتمعه عندما تجتاحه الحريات و تمطره التساؤلات و المطالبات من كل حدبٍ و صوب ... فما كان منه إلا أن ارتد إلى قوقعته و عاد إلى تراثه ليستخلص منه حلولاً لذلك المأزق الطارئ ... مما دعا إلى فشل ذلك الحراك في استقطاب الرأي العام الداخلي و الخارجي ... فالإنسان العربي أصبح يفضل حكم الديكتاتور على حكم العقلية الدينية القاسية التي أعطت مثالاً صريحاً عن قسوتها في الإعدامات و الجرائم الانسانية التي ارتكبتها داعش و غيرها من الجماعات المؤدلجة دينياً و المدعومة عالمياً من قبل الدول ذات الأهداف الاستعمارية التي تستخدمها للحفاظ على تبعية المجتمعات العربية لها ، ثم تتخلص منها في مشهد درامي خرافي و مثير للسخرية ...

لذلك مازلنا نوصّف حالة ذلك العقل ، بأنها حالة طفولية و غير مسؤولة ، و غير قادرة على قيادة المصير نحو الأفضل ... و هذا يفسر (برأيي) الارتداد الذي حصل في كثير من الدول العربية و عودتها إلى حضن الحكم العسكري و الديكتاتوري رغم تجربتها السيئة و المريرة معه ...



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة
- جدوى الحياة
- المثقف العربي و الجنس
- السجين
- المنتخب السوري : بين النظام و الشعب !!
- القصيدة العبثية
- عن الهوية و سلطتها على الذات الإنسانية
- عن الهوية و قيمتها الانسانية ...
- نعم نجح الربيع العربي !!
- في التخلف و بعض أسبابه ...
- تساؤلات ضرورية (2)
- رحيل العتمة
- لماذا ينتقد الناس الأديان ؟؟
- التمييز العنصري في الأخلاق الإسلامية
- الثقب الجميل
- الزواج العربي : صراع الفكر و المال
- شيزوفرينيا المجتمع التركي
- تساؤلات ضرورية (1)


المزيد.....




- الجيش الباكستاني يجري تجربة صاروخية ناجحة وسط تفاقم التوترات ...
- مصر تبلغ الولايات المتحدة رفضها التدخلات الإسرائيلية في سوري ...
- من هم أبرز الصحفيين الذين قُتلوا في حرب غزة؟
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد قواته لحماية الدروز في سوريا، ...
- فرنسا ـ محاولة سرقة ساعة فاخرة بقيمة 600 ألف يورو من أمير قط ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن -انتشاره بجنوب سوريا- وبيدرسون يدين ال ...
- البرلمان العربي يندد بانتهاكات إسرائيل
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لغاراته العنيفة الأخيرة على مواق ...
- مراسل RT: الطائرات الأمريكية تشن 6 غارات على مديرية مدغل في ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي نجا من القصف على غزة يوجه ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - طفولة عقل (2)