أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - عقدة النقص بين الاستلاب الديني و السياسي














المزيد.....

عقدة النقص بين الاستلاب الديني و السياسي


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5814 - 2018 / 3 / 13 - 02:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقالتي اليوم ليست سوى استكمالاً لما كنت قد بدأته سابقاً ، و أعني بذلك المقالات الثالثة السابقة ، و التي تتحدث كلها عن موضوع واحد متشعب إلى أقسام عدة ، و هو موضوع العلاقة الوثيقة بين الخضوع الديني الثقافي و الخضوع السياسي ...

لماذا بعض الشعوب لا ترغب بالثورة ، أو إن صح القول ، قسم كبير من تلك الشعوب لا يرغب ؟؟
لماذا لا يشعر ذلك القسم الكبير ، بالظلم و استلاب الكرامة و القيمة ؟؟
لماذا يصل بهم الحال أحياناً أن يدافعوا (حتى بأرواحهم) عن تلك الأنظمة التي تستعبدهم ؟؟

أجابت المقالات السابقة عن بعض الأسئلة ، حيث تحدثت فيها عن أفكار ثقافية و دينية تساعد على انعدام الشعور بالحاجة إلى الثورة ... فتلك الأفكار تعمل كمخدر طويل الأمد ، يبدأ عمله منذ الطفولة و يستمر أحياناً حتى انقضاء الأجل ... و كأمثلة عن تلك الأفكار ، ذكرت فكرة الأضحية ، و فكرة العيب (كعادة و ثقافة متبعة) و فكرة الفضيحة ...

أما اليوم فأود التحدث في نفس النطاق ، عن فكرة أخرى تساعد بشكل كبير لتفعيل ذلك المخدر إلى أطول فترة ممكنة ... و أقصد بذلك فكرة (أو عقدة) النقص و عدم الثقة بالذات ، و التي يتم زراعتها في نفوس أفراد تلك المجتمعات منذ مراحل متقدمة جداً (الطفولة) و يتم ترسيخها و تعميق أثرها فيما بعد ، عن طريق التخويف و الترهيب الديني و الثقافي ....

تبدأ عملية التكوين الأولى لتلك المشكلة ، في اللاوعي الطفولي الذي يكون مستعداً و مجهزاً لتلقي أي شيء ، جيداً كان أم سيئاً ... فاللاوعي كما هو معروف علمياً ، لا يفرق بين ما هو جيد أو سيء ، و إنما يفعل دائماً ما يظن أنه الأفضل و يصب في مصلحة الفرد ، و الذي يعني طبعاً : المعتاد ، أي ما اعتاد عليه منذ البداية كحل سحري نافع ...

و المجتمعات المتخلفة تعمل منذ المراحل العمرية الأولى على تأكيد عقدة النقص و تدعيمها في نفوس أفرادها ، فعن طريق قناعات دينية معينة ، تجعل جميع هؤلاء الأفراد يقتنعون بأنهم لا يمتلكون الملكات العقلية اللازمة و الضرورية لتمييز الخطأ و الصواب ... و أن أي محاولة لمنطقة الأشياء (أي فهمها قياساً للمنطق البشري العلمي و الرياضي) هي محاولة للنيل من المعتقد العام ، و بالتالي محرمة تماماً ...

يتم تلقين الأفراد أن هناك أفراداً مميزين بينهم (الشيوخ و فقهاء الدين) هم الأقدر و الأجدر ، و هم فقط من يستطيع أن يبت و يشرّع و يسن القوانين الأخلاقية و الاجتماعية ، لأنهم تعمقوا و تبحروا في الشريعة الدينية التي هي أصلاً من الله ، و ليست مدنسة بأيدٍ و عقولٍ بشرية !!

لو جرب أحدكم أن يناقش صديقاً متديناً ، باستعمال الحجج المنطقية العلمية فقط ، دون الاعتماد على النصوص الدينية و المعتقدات الميتافيزيقية ، فإنه حتماً سيصل معه إلى طريق مسدود ، حيث سيحتج الصديق المتدين أنه غير متعمق في أمور الدين ، و أن هناك من يفهم أكثر منه ، والذي بالتأكيد يستطيع الاجابة عن التساؤلات التي استحالت عليه !!

هذه الثقافة و هذه الطريقة في الاعتراف بالنقص تظهر عندما يتباحث هؤلاء الأفراد في أمور تم تلقينها و تحفيظها لهم منذ الصغر دون البحث في مدى صحتها أو قياسها بالمنطق العلمي ... و هنا يأتي السؤال : كيف لا يقبل الفرد ، الذي تعلم دائماً أن هناك أفراداً آخرين يعلمون أكثر منه الطريقة التي سيعيش بها و يموت بها حتى ، كيف لا يقبل أن هناك أفراداً آخرين يعلمون أكثر منه في شؤون السياسة و الحكم ، و كيفية تسيير شؤون الدولة و الاقتصاد ، و أن عليه أن ينصاع لقراراتهم مهما كانت مجحفة بحقه و حق الآخرين ؟؟

هكذا تسهل على هذه المجتمعات أن تخضع للديكتاتور الحاكم و تسلّم له و لجماعته ، شؤون حياتها و تقرير مصيرها ... فعدم الثقة بالذات ، كذات فاعلة متفاعلة ، و ذات مفكرة و قادرة على تقرير مصيرها ، ينمو شيئاً فشيئاً منذ الطفولة و يصبح فيما بعد أمراً اعتيادياً يلجأ له العقل اللاواعي عند الأزمات (كالثورات و الحروب) ، حيث تتغذى عقدة النقص (في مراحل السلم) كل يوم على القمع والتحريم الديني في المساجد و القنوات الفضائية و الكتب التي يعاد بها اجترار التراث دون تجديد (إلا من حيث اللغة و التعابير) ، و عندما تتعرض تلك الشعوب للقمع السياسي ، تقبله بلا نقاش أو احساس بالاستلاب الفكري و الانساني ...



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الفضيحة وهشاشة المجتمعات المتخلفة
- قصيدة : الظهور الأخير
- تساؤلات ضرورية (3)
- ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي
- هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...
- فادي عزام : خسرت البوكر و ربحت قلوبنا
- العصبية و الخطر الوجودي
- جرأة الرواية العربية المعاصرة
- التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟
- السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة


المزيد.....




- سجال حاد بين أمريكا وألمانيا بعد اتهام برلين بـ-الاستبداد-
- كيف أصبحت الهوية الكشميرية -لعنة- على أصحابها؟
- أكسيوس: اتفاق قريب بشأن إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة
- إسرائيل تشن7 غارات على محيط دمشق وترسل مقاتلاتها فوق أجواء ح ...
- البنتاغون يعلن عن نجاح تجربة نموذج أولي لصاروخ فرط صوتي بحري ...
- الجيش البريطاني يمنع قواته من إطلاق طائرات مسيرة أثناء التدر ...
- الاستخبارات الأمريكية تنشر فيديو للتغرير بمسؤولين صينيين على ...
- أكبر حصيلة منذ 15 عاما.. وفاة 216 طفلا بموسم الإنفلونزا هذا ...
- إدارة ترامب تعتزم تسريح 1200 موظف في وكالة الاستخبارات المرك ...
- كبرى شركات الأحذية الأمريكية تحث ترامب على رفع الرسوم الجمرك ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - عقدة النقص بين الاستلاب الديني و السياسي