أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - التعليم في المجتمعات المتخلفة














المزيد.....

التعليم في المجتمعات المتخلفة


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5815 - 2018 / 3 / 14 - 01:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم أزل مستمراً في بحث كنت قد بدأته منذ فترة و كتبت عنه حتى الآن عدة مقالات ، و هذا البحث لم يكن سوى ثمرة لتساؤلات عديدة عن طبيعة هذه العقلية التي لازالت لا تدرك تخلفها ، و أسبابه ... كما أنها لا تدرك سوء وضعها الانساني و الحقوقي في ظل كل هذا الاستبداد و الديكتاتوية و الطغيان ...

و حاولت في المقالات السابقة أن أربط بين ايديولوجيا الدين و ثقافة هذه المجتمعات ، و بين قبولها أو عدم احساسها بالقمع السياسي و الاجتماعي الذي تمارسه الأنظمة التي تستبد بها ، بينما تدافع هي عن تلك الأنظمة و عن ذلها بكل شراسة و استماتة ...

أولاً لننظر ما معنى الطغيان في قاموس لسان العرب ، فمعناه سيعطينا فكرة واضحة عما سنتكلم عنه ... فالمعنى الذي يطرحه لسان العرب هو : تجاوز الحد ، و منها أطغاه المال ، أي جعله مجاوزاً لحدّه ...

فعندما نتكلم عن طغيان هذه الأنظمة فإننا نتكلم عن تجاوزها لحدودها و تدخلاتها في جميع شؤون أفراد المجتمع (العامة منها و الخاصة) و حرمان الشعب من أبسط حقوقه ، كحق إبداء الرأي مثلاً ، الذي قد يودي بصاحبه إلى التهلكة ...
و لكن سؤالي هنا ، لماذا لا يشعر هؤلاء الأفراد بذلك الطغيان ؟؟ هل اعتادوا عليه ؟؟ و ما مصدر هذا الاعتياد ؟؟

في الحقيقة أن هؤلاء الأفراد قد اعتادوا فعلاً على الطغيان كمبدأ ، فهم يتعرضون له منذ الولادة و منذ زمن طويل ... فالطغيان الديني سبق الطغيان السياسي بقرون ... لأن الشيوخ و النصوص يتدخلون بكل شاردة و واردة و كل تفصيل صغير أو كبير في حياة الأفراد المتبعين لذلك الدين ... حتى دخول الحمام ، و طريقة الاغتسال ، و طريقة الأكل ، و التحدث ، و تحديد الأشياء الممنوع و المسموح التحدث بها أو التفكير بها ... تخيل أنك حتى لست حراً بالتفكير بما تريد ... هل هناك طغيان أكبر من ذلك؟؟

و المشكلة الكبرى أن التعليم في هكذا مجتمعات لا ينجيك من التخلف و لا يغير من طبيعتك الخاضعة و المستسلمة ... فهدف التعليم في هذه المجتمعات هو المكانة الاجتماعية فقط لا غير ، و ليس المعرفة بحد ذاتها ... فنجد أن الطبيب أو حامل شهادة الدكتوراه ، يفكر بنفس الطريقة التي يفكر بها أي متشرد لم يتلقى تعليماً في حياته ...فهو يؤمن بنفس الخرافات ، و يخضع لسلطة الشيوخ و الفقهاء الذين لم يتلقوا حتى نصف تعليمه ...
و يبدو هذا الأمر واضحاً في المجتمعات المتدينة أكثر من غيرها ، كالمجتمعات العربية و التركية ... بينما يبدو أقل تعقيداً و أهمية في المجتمعات العلمانية المتقدمة ... و كمثال على ذلك ، نلاحظ في مسلسل (قضايا) suits ، أن مارك الذي يعرف القانون جيداً ، برغم عدم امتلاكه لشهادة في القانون ، استطاع أن يعمل بأفضل شركات المحاماة ، بينما تغاضى هارفي (المحامي الأفضل في الشركة) و مديرة الشركة عن هذا الأمر ، مقابل ما يقدمه مارك من خدمات قيمة اعتماداً على معرفته و خبرته ... بينما في المجتمعات المتخلفة العربية و التركية مثلاً ، نلاحظ أن الشهادة تكون أهم من الخبرة و المعرفة ... و هذا ما يشجع على اعتبار الشهادة هدفا للتوظيف و المكانة الاجتماعية ، بينما تغيب أهمية البحث و المعرفة !!

مثال آخر على هذه النقطة ، هو عندما طرح (ريتشارد دوكنز) سؤالاً على الصحفي العربي في مقابلة مع قناة الجزيرة ، إذا ما كان _ برغم شهاداته العالية و مكانته المرموقة كصحفي _ يؤمن كغيره من المؤمنين أن هناك حصان ما في زمن نبي الاسلام ، استطاع أن يطير إلى السماء و يتنقل بين دولة و أخرى في ليلة واحدة (مخالفاً بذلك قوانين الفيزياء و المنطق العلمي) ... و قد كانت صدمة دوكنز هائلة عندما أخبره الصحفي أنه فعلاً يؤمن بذلك ، و أن تعليمه طويل الأمد لم يستطع أن يقي عقله من الوقوع في هكذا نوع من الخرافات ...

و ربما يصدم الآن العديد من الأوربيون و الغربيون بالقناعات و طرق التفكير التي يتبناها اللاجئون العرب و الأتراك الذين يقيمون في بلدانهم ، فأي نقاش لاهوتي بسيط ، سيكشف الهوة الواسعة بين طرق التفكير ، و سيظهر السهولة الكبيرة في السيطرة على عقول كهذه إذا ما استخدمنا حديثاً شريفاً أو آية من القرآن أو خطاباً لإمام طائفة معينة أو فتوى لشيخ طريقة ما ، لدعم ما نريد أن نقوم به ، دون التعرض لمعارضتهم أو يقظتهم الفكرية ... فكيف لتلك الشعوب التي تعيش حالة الطغيان في تفاصيل حياتها اليومية ، أن تشعر بطغيان الأنظمة و استبدادها ... كيف لها أن تقف مع الثورة على واقع لا ترى بشاعته و سوئه ؟؟



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة النقص بين الاستلاب الديني و السياسي
- ثقافة الفضيحة وهشاشة المجتمعات المتخلفة
- قصيدة : الظهور الأخير
- تساؤلات ضرورية (3)
- ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي
- هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...
- فادي عزام : خسرت البوكر و ربحت قلوبنا
- العصبية و الخطر الوجودي
- جرأة الرواية العربية المعاصرة
- التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟
- السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي


المزيد.....




- نجا بأعجوبة.. صاعقة تضرب قريبًا جدًا من رجل توصيل
- -هذا هو الهدف الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل في سوريا- - مقال ر ...
- كل ما تريد معرفته عن خليفة حفتر.. رجل ليبيا القوي وحلفاؤه في ...
- أضرار بالغة.. الهجوم الإيراني على مصفاة حيفا كبّد إسرائيل خ ...
- لوحة جدارية عملاقة في فرنسا تنتقد سياسات ترامب في مجال الهجر ...
- اكتشاف علمي سويدي يعيد الجدل حول تجدد خلايا المخ البشري
- فرنسا تطوي وجود عسكري استمر 65 عاما في السنغال
- القوات السورية تنسحب من السويداء وإسرائيل تقصف دمشق.. ما الت ...
- قتيلان وجرحى إثر هجوم على كنيسة كاثوليكية في غزة والبابا يدع ...
- ماذا تريد إسرائيل من قصف دمشق؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - التعليم في المجتمعات المتخلفة