أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - الجحيم لم يأتي بعد العقدة والحل















المزيد.....

الجحيم لم يأتي بعد العقدة والحل


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 04:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم اقصد ان اكون متشائما ولا اريد ان اثير المخاوف لاحد من عواقب الامور ، انما هي الحالة بعينها، تفصح بنفسها عن نفسها ، ولان اهلنا وشعبنا في عراقنا الحبيب هم من يدفع الثمن اليومي والاسبوعي والشهري والسنوي ، يدفعون اعمارهم كلها مرة واحدة ، اوبالتقصيط غير المريح ، في شواء هذا الطقس الجهنمي الذي جر اليه العراق جرا، بحيث صار ينزلق في كل اتجاه ، فالطريق متشظية ، ومطباتها انفجارات ، واستراحاتها كمائن تؤدي بضحاياها الى دهاليز متوالية يتعرضون من خلالها الى دمار شامل بكل ماتعنيه الكلمة من معاني ، متجلية في دمار الانسان روحا وعقلا وارادة ، بالتوازي مع الفتك ببئته وعمرانها .
اكتب بأسى وحسرة ، واحاول فتح نافذة ما ، حتى وان كانت افتراضية .
لقد دخل العراق منذ 9 نيسان 2003 في صميم دوامة مزدوجة ، داخلية وخارجية ، جعلته في مهب الريح حيث تتلقفه مقاصد المحتلين التي تتشبح على كل منطقة بحرالنفط، من قزوين الى الجزائر مرورا بايران والسعودية واليمن والسودان .
وقبل سقوط بغداد وبسنوات طويلة كان الترويض وسياسة التركيع سارية على قدم وساق للدفع باتجاهين اما التسليم الطوعي او الاحتلال ، فكانت فتائل الحروب التي تغذيها القوى الكبرى المتربصة بأوضاع المنطقة والسيادة عليها لتكون جسرا نحو السيادة الفعلية على مقدرات العالم ، ففضيحة ايران غيت تفضح النوايا الامريكية من وراء اشعال حرب ايران والعراق واطالة عمرها تطبيقا لسياسة الاحتواء المزدوج التي تعاملت بها امريكا مع العراق وايران ، ثم التجييش الامريكي لمحاصرة العراق وتقليم اظفاره بواسطة تأليب الكويت واستفزازها المفتعل ، لتقوم حرب الخليج الثانية ومن بعدها الثالثة لتنتهي باحتلال العراق المخطط له سلفا ، بل منذ النذرالاولى لسقوط اللاتحاد السوفياتي ، وكان مابين حرب الخليج الثانية 1991 والثالثة 2003 ، حربا اقسى وآمر واطول بل انها الحرب الحقيقية ، انها حرب الحصار المدمر الذي فُرض امريكيا ومن ثم دوليا على العراق ولمدة 12 عام لتدمير كامل عوامل النهضة والحصانة والمناعة العراقية ليسهل ويمهد للاحتلال المباشر الذي يجهز على ماتبقى من اسباب قد تؤدي للنهوض الجديد ، من اجل ان يكون العراق مجرد منجم ومخزن للنفط تؤخذ ثرواته منه مقابل ما يرمى له من فتات الغذاء والدواء وبعض الخدمات البدائية ، التي صار مجرد الحصول عليها طموح مترف ! كل هذا من اجل ترويض الناس جوعا واذلالآ ومرضا للوصول الى حالة التسليم بالامر الواقع ، ويبدو ان كل هذه الضغوط لم تفلح ، لذلك يتمادى المحتلون في جعل الخوف عاملا جديدا مضافا من خلال اشاعة الفوضى الامنية واثارة الفتن والنعرات الطائفية والعرقية ليزدهر القتل المجاني واليصبح العراق مشروعا عمليا لمقبرة جماعية ليس مثلها مقبرة ، حتى يرضى ويخنع شعبنا لما يختاره الاحتلال له !؟ .

ازمة سياسية ام ازمة شاملة ؟ :

الازمة عامة وشاملة وليست ازمة سياسية عابرة كما هي الحالة في اغلب البلدان ، يمكنهم بعد ايام التوصل لاتفاقات على تشكيل حكومة جديدة وسيشترك بها فرقاء المنطقة الخضراء ، ولكن العلل ستبقى هي هي والمشاكل ستتضاعف وستأخذ منحنيات اخرى فالبلاد لا تخضع الا لقانون الاحتلال "قانون ادارة الدولة" ودستورها الذي طبل له كثيرا ونظم استفتاء عام عليه ، هو ذاته مصدر خلاف وشلل حقيقي ، اما الانتخابات النيابية العامة التي يفترض على ضوء نتائجها يجري تشكيل الحكومة الدائمة ، والتي صوروها على انها الحل المنقذ الذي سيحل مشاكل العراق ، وانها تتويج للمسيرة نحو الاستقرار الدائم والمتلائم مع الاعمار القادم !؟ فلا الاستقرار حل ولا الاعمار اطل ولا الفساد قل ، بل صار العراق اقرب من اي وقت مضى للكارثة المطبقة افلاس سياسي واقتصادي وانهيارامني وخدمي ، وسنأتي على المزيد بالتدريج والتفصيل .

الهجرة الى خارج العراق اذا كان مجموع المهجرين والمهاجرين خلال 35 سنة حوالي ثلاثة ملايين ، فانه ومنذ 9 / 4 / 2003 ولحد الان قد تصاعدت وتائر الهجرة وبارقام مخيفة ، بل صار اغلب القادرين على العمل يخططون لترك العراق بصحبة عوائلهم نتيجة للتردي الشامل وانسداد الافاق في استقرار الوضع وعلى كافة النواحي ، لقد تكدس مايقارب مليون ونصف المليون مهاجر عراقي في اصقاع المنافي القريبة والبعيدة ، في سوريا والاردن ولبنان وتركيا ، وغيرها من الدول العربية والاسلامية ، ثم الى بلدان اللجوء في اوربا وغيرها ، وهؤلاء من مستويات وانتماءات ومناطق مختلفة من العراق ، اكراد وتركمان وعرب من الجنوب والوسط ، ومسيحيون ومسلمون ، شيعة وسنة ، لقد توحد وتضامن العراقيون حتى في تنوع هجرتهم ، ان الاخطر في هذا الموضوع هو الهجرة المتواصلة للعقول العراقية ، الثروة الحقيقية لعراقنا الذي سبيت كل خصوصياته ، واذكر هنا بعض الاحصائيات الموثوقة والصادرة عن المنظمات الدولية ذات العلاقة ، 2500 استاذ جامعي وعالم قد تركوا العراق منذ احتلاله ، 300 استاذ جامعي وعالم قد قتلوا خلال السنوات الثلاث الماضية! ، 3000 الاف طبيب هاجر فعلا خلال نفس الفترة، 150 طبيب قد قتل لحد الان ، اكثر من 100 صحفي واعلامي وفني قد تم تصفيتهم ، والمسلسل لم ينتهي بعد ، بل ان اسوء حلقاته لم تظهر بعد ، والحبل على عهدة الجرار!؟ .

الفوضى الامنية الشاملة والمقادة القوة العسكرية المنظمة الوحيدة والقادرة في كل انحاء البلاد هي قوة الاحتلال العسكرية ، اما الشرطة والجيش العراقي فهما يذكراننا بالفصيل الاول الذي تشكل في عام 21 فصيل موسى الكاظم ، انهم عبارة عن مجاميع ترتدي الزي العسكري وتستخدم ما خف وزنه من السلاح الذي يمن به عليهم جيش الاحتلال ، فليس هناك قوة جوية او بحرية او نهرية اوبرية او صاروخية او مدفعية، اوسلكية ولا سلكية ، انما كتائب للمشاة التي تستخدم السيارات العسكرية في تحركاتها ، والحقيقة ان هذا الامر متسق مع الهدف الاحتلالي ، لانه لا يمكن لجيش الاحتلال ان يقيم جيشا حقيقيا للبلد المحتل ، لانه وببساطة قد يخوض حربا ضده في اي مرحلة من مراحل التجاذب المحتملة ، ولكن الغير مفهوم هو هذا الاستغباء الذي يربط مابين خروج الاحتلال وقيام جيش عراقي قادر على تحمل المسؤولية الامنية ليحل محله ، والمفارقة هنا ان هذه المهمة مناطة بجيش الاحتلال ذاته !، والمعروف ان لجيش الاحتلال اجندة خاصة به ، فكيف يتم تحقيق هذا الهدف المستحيل ؟ اذن انها مجرد تخريجات لحقيقة نوايا الاحتلال في اقامة قواعد دائمة ، تساعد القوات العراقية المتقزمة في البر والجو والبحر على قمع اية تمردات محتملة ، وعليه فسوف لن يكون هناك اي تطور حقيقي في موضوعة جاهزية الجيش العراقي ، ان مبدأ الفوضى المقصودة والمقادة لاجل مراقبة اتجاهاتها وعناصرها ومراكز ثقلها ليتم التعاطي مع الفاعلين فيها ، ومن ثم تجريب الاستدراج والتحييد ، واعادة الكرة وهكذا ، مع تشتيت المجهود الوطني بمعارك جانبية اغلبها مفتعل بطريقة مخابراتية ، غاضة الطرف فيها عن الميليشيات وافعالها حتى تكون غطاء لعملياتها عند الحاجة ، اضافة الى اشعال الفتن الطائفية والسياسية بالتزامن مع الانشغالات الاخرى ، وما حصل في سامراء وتداعياته هو احد الامثلة على هذا الطريق .
لقد قتل اكثر من 200 الف مدني واكثر من 50 الف عسكري واعتقل نحو 78 الف مدني وعسكري منذ اندلاع الحرب على العراق ولحد الان، وقد اضحى الوضع العراقي بحالة حرب دائمة واحكام عرفية قاسية ، رغم الاعلان الرسمي على انتهاء هذه الحرب ، ان التعذيب الوحشي والاهانة المقصودة والاذلال الجنسي والقتل العشوائي والسرقات العلنية كلها اساليب تستخدم لتحرير العراق من كرامته وارادته الحرة المقاومة ، وما حصل في ابو غريب هو عينة ، وما حصل في الجادرية عينة اخرى بيد جلاوزة امريكا وايران للانتقام من شعبنا ، وما خفي كان اشد وطئة واكثر ايلاما .

انهيار حقيقي للخدمات مثل الماء الصالح للشرب ، الكهرباء ، البانزين ومشتقات النفط ، تفاقم ازمة المجاري والصرف الصحي ، الاختناقات المرورية بسبب تحطم الطرق نتيجة للاعمال الحربية واستخدام الاليات الثقيلة داخل المدن " الدبابات والمدرعات " وكثرة الحواجز والطرق المغلقة ، تحول الساحات والفراغات في المناطق السكنية الى مستودعات كبيرة للنفايات والقمامة ، انعدام الرقابة الصحية على الوارد من المستوردات وعلى المطاعم والمقاهي .
الفساد يخترق كل المستويات من اعلى هيئة ومسؤول الى اصغر وحدة ادارية وعامل في اصغر حي شعبي ، الرشوة والابتزاز وشراء الذمم ، وغيرها من القيم المنحطة التي حطت على العراق الامريكي ، لتعمم سيادة روح الانعزال والتحاقد محل التضامن والاعتزاز بنظافة اليد ، لكل تعيين جديد تسعيرة وعمولة ، ولكل خدمة عامة مقابل ، واذا كانت سرقات وعمولات رجالات العهد الجديد بنسب محسوبة مع امراء الاحتلال قد بلغت بالمليارات فان الزيادات الوهمية في رواتب الموظفين والمتقاعدين قد اكلتها زيادات غلاء المعيشة والرشوى وارتفاع الاسعار، فشتان بين لص ولص اوبين فاسد وفاسد .
البطالة تشمل اكثر من 70 % من القادرين على العمل ، لقد سرح مئات الالوف من العمال والعسكريين بعد ان اغلقت مؤسساتهم ودوائرهم ، اضافة للاعداد المتزايدة من الخريجين والشباب الذين لا يحصلون على اي مورد ، ان محاولة جعل معظم منتسبي المؤسسات الوطنية السابقة كمتقاعدين وبرواتب تشبه رواتب الاعانة الاجتماعية في اوربا هو امر مثير للسخرية ، لان افراغ اجهزة الدولة من كوادرها وعمالها بعد اهمال صيانة معاملهم ودوائرهم والاستفادة من خبراتهم هو احد عوامل عدم الاستقرار والتلكوء التي تعم كل اركان ماتبقى من الدولة ، التي يسيطر عليها الجهلة والاميون والكسبة والمرتشين من منتسبي احزاب التحرير الامريكي ! ، اما نهج الاجتثاث الاستأصالي فهو قد زاد الطين بلة وبسببه عزلت اكثر الكوادر مهنية وعلمية مما افقد العراق ثروة يصعب تعويضها ، وقد تسرب الالاف منهم الى الانطواء باعمال لا تناسبهم او هاجروا الى خارج العراق ، طيارون وصيادلة ومهندسون وعلماء وقضاة وعمال مهرة ومدرسون ومحامون وتكلفة اعداد بدائل لهم باهضة وتقدر بمئات الملايين .

المخدرات والمنومات بين كل عشرة شباب هناك ثلاثة من متعاطي المخدرات والعقاقير المهدئة او " المنومة " ، وتزداد هذه النسب في الجنوب الشرقي من العراق اي في محافظات البصرة والعمارة والكوت وايضا في محافظات ديالى والسليمانية ، لقربها من مصادر التهريب المباشر ايران التي اصبحت بوابة العراق نحو الادمان والتعاطي ، اما الادوية المخدرة والمنومة فهي ايضا تلاقي رواجا مذهلا في وسط وشمال العراق ، والتسيب والفلتان يساعدا على صرفها من المستشفيات او شراءها دون رقيب او حسيب من الصيدليات او البسطيات ، فالاستيراد صارلايخضع لاي معايير سوى معايير الرشوة.


العقدة والحل :

الحالة العراقية تدور حول نفسها بمركز ثقل صنعه الاحتلال ، وبما انه مصطنع فان حالة الدوران هذه ليست رتيبة وطبيعية وانما هي قلقة ومربكة وغير متوازنة ولها اثار مدمرة على كل الجسد العراقي ، وبهذا المعنى فان هذا الدوران تقهقري والى ابعد الحدود.

قف ، كف واحدة ، بأصابع خمسة هي ، الانفجار والحصار والدمار والانهيار ثم ابهامها المبصوم ببصمة الاجترار، اي اجترار ماسبق ذكره بدورات مكررة ، كفيلة بارجاع اي بلاد الى حالة العصر الحجري ، بكفوف الرعد والرعب يمررون الى الموت من يشاؤون دون رجعة!؟ .
العقدة تكمن بالاحتلال وارادته المفروضة على مفاصل الحياة العراقية ، ومحاولته تشكيل الوضع العراقي بما ينسجم مع مفردات مشاريعه عابرة القارات ، لتكريس هيمنته على العالم ومصادر طاقته ، وبما ان معرفة السبب تبطل العجب ، فأنه يمكن وبمنتهى الموضوعية والواقعية اختيار اقصر الحلول المفضية الى تسوية تكون مخرجا للجميع من دوامة هذه الازمة المزمنة ، نعم مخرجا للجميع بما فيه الاحتلال ذاته الذي فشل فشلا ذريعا في تبرير احتلاله والايفاء بتعهداته وشعاراته وحتى توقعاته ، والذي يتمأزق كلما توغل في تفاصيل الوضع العراقي وتناقضاته ، ان قدرة الاحتلال مهما كانت من القوة والامكانية فهي غير قادرة على استنساخ شعب مطواع ينفذ ما يطلب منه ويشكر من يقتله ويسرقه ويدوس على كرامته ، فالشعوب تستعمر وتحتل وتقهر ردحا من الزمن وليس كل الزمن ، فكيف بشعب عرف عنه متمردا حتى على نفسه احيانا ، فالزمن في عرف هذا الشعب هو الان وليس غدا ، وكلما ماطل الاحتلال في الزمن كلما ازدادت دفوعاته وتراكمت عليه اللعنات ، وبين الاقتناع بضرورة الحل والشروع في تحقيقه خط مستقيم هو اقصر المسافات بين اي مشكلة وحلها ، اذا توفرت عزيمة على تحقيقه .

الحل ان يكون الملف العراقي برمته تحت اشراف الامم المتحدة ، بتنسيق وتعاون ومساعدة مباشرة وفعلية من كامل اعضاء مجلس الامن وفي المقدمة منهم امريكا، يتم تشكيل مجلس اممي " من ممثلي دول مجلس الامن " للاشراف على خطوات تطبيع الاوضاع في العراق ، يتم تشكيل حكومة انقاذ وطني مؤقتة جلها من الفنيين ولمدة عامين ويختار لرئاستها شخصية مستقلة تكنوقراطية لها صلاحيات استثنائية ، وغير مسموح لطاقمها بالعمل الحكومي بعد انتهاء ولا يتها ، تشكيل مجلس سيادة سياسي مؤقت له صلاحيات سياسية وتشريعية محددة ، ويتكون من اعضاء مجلس النواب الدائم الحالي مضافا له 50 ممثلا عن كل الفصائل المسلحة الوطنية العراقية التي خاضت نضالا مسلحا ضد قوات الاحتلال ، وفيها ممثلين عن الجيش العراقي السابق ، ومنه يتم انتخاب رئيسا له ، ويتم انتخاب رئيس جمهورية من بين اعضائه بصورة مؤقتة وبصلاحيات بروتوكولية ، يكون المجلس قاعدة هيكلية وطنية للمصالحة والمصارحة ، وتشكل لجان شبيهة به وبصلاحيات واضحة في كل المحافظات والمدن ، يجري اصدار عفو شامل عن كل سجناء الفكر والعمل السياسي ، الغاء قانون الاجتثاث ، واصدار قانون خاص للتسويات القضائية بشان الجرائم السياسية والجنائية السابقة والاحقة ومقضاة كل من يثبت عليه جرم ، يتم العمل بالقوانين العراقية السابقة للاحتلال حتى يتم احلال البديل المناسب لها ووفق سياقات يتفق عليها في مجلس السيادة ، بما في ذلك دستور عام 1971 ، يتم خلال السنتين الانتقاليتين الانتهاء من اعداد مسودة جديدة للدستور الدائم ، دعوة كل القادرين من منتسبي الجيش العراقي السابق للعودة للخدمة لاعادة تاهيل الجيش العراقي ، والغاء قرار حله ، وضم الكتائب الجديدة له ، حل كافة الميليشيات والجيوش المحلية وتخييرها بين الانتساب لوزارة الدفاع او الداخلية او التسريح ، يكون العمل في الداخلية والدفاع والمخابرات عمل مهني وظيفي بعقيدة وطنية خاضعة لارادة الشعب ومجالسه المدنية ، الغاء كل القرارات والقوانين التي تتعارض مع نصوص القانون العراقي قبل الاحتلال ، تكون من اولويات عمل مجلس السيادة توقيع وثيقة تفاهم تنظم عملية انسحاب القوات الامريكية والاجنبية الاخرى خلال ثلاثة اشهر من تاريخ توقيع الوثيقة ، وانتزاع قرار دولي بتكوين صندوق تعويضات خاص بالعراق تدفعها الدول التي اشتركت في الحرب عليه لاعادة اعماره ولا تقل دفوعاته السنوية عن 10 مليارات دولار، تدفع نصفها امريكا ولمدة 10 سنوات ، ويتعهد الجانب العراقي بضمان سلامة واحترام كل رعايا دول"التحالف" ومصالحها المشروعة، حتى يتم انسحابهم المنظم دون اية حوادث ، واقامة علاقات طبيعية بين العراق وامريكا وكل دول التحالف بعد تقديم اعتذار رسمي عن كل المعاناة التي سببوها للشعب العراقي ، يجري تنظيم عملية تسوية قضائية مع من يثبت تجريمه من رجالات الحكم السابق ، وفك حبس من لا يثبت ضلوعه في جرم ما ، او تعرضه للاذى اثناء اطلاق سراحه ، ويتم اصدار قوانين جديدة بخصوص الاحزاب والصحافة والانتخابات وتنظيم اجهزة الدولة والفصل بين سلطاتها وبالاستفادة من خبرة واشراف الامم المتحدة ومناقشات مجلس السيادة .

السيناريو الاسوء :

ان يستكين الوضع العراقي في قاع هو اسوء بكثير من قاع الحالة الافغانية ، بل ان المجريات تنبأ عن ممهدات لنظام شبيه بنظم الدويلات او الولايات التابعة للحكم العثماني وقتها ، بحيث تكون مستقلة وغير مستقلة ، فهي مستقلة لانها منفصلة في كل شيء، وغيرمستقلة لانها تدعو للسلطان في خطب الجمعة !
وما يعزز هذا الوضع تواصل التفكك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري، ضمن دائرة ضعفت قوة الدفع الوطني في مركز ثقلها ، وباتت هشة لا تحمل من معاني الوحدة والمنعة والتكامل غير الاسم ، والوحدة الشكلية للدائرة الانتخابية ، المجزئة واقعا بالمحاصصات والتقاسم المتخندق ، وفيها مجلس للنواب يراد له ان يكون شاهد زور على اقرار الامر الواقع ، من خلال مساومات وتمرينات لتمرير بصمة الموافقة على اتفاقية القواعد الامريكية الدائمة في العراق ، انه الواقع الاسوء حين ينجح الاحتلال في تلغيم كل مفاصل الوضع العراقي، بحيث اذا اضطر الامريكان لمغادرة العراق فانهم سينتقمون بجعله ارض محروقة ، واذا استطاعوا وتحملوا البقاء فانهم سيجعلون من العراق بوابة للفتح الامريكي القادم ، مما يعرضه لمخاطر اضافية ليس له فيها ناقة او جمل ، وبذلك كتب على العراق ان لايستقر ، وانعدام الاستقرار هذا يحكم بالاعدام على اي مسعى حقيقي للبناء واعادة الاعمار ، اما اذا قامت المواجهة بين امريكا وايران واستخدم فيها العراق كميدان للاستنزاف فان الدمار هذه المرة مزدوج ومضاعف ، فاليورانيوم الحي سيحل في الجسد العراقي محل اليورانيوم الميت الذي حل فيه وحلل عليه كل المحرمات ، وسيكون الجو حامض بحموضة البارود البدائي ، ومحرقا مثل الليزر المحسن الذي يهيج كل انواع السرطان ولا يقضي عليها ، فلا انعزال اقليم الجنوب المهشم سينفع ، ولا قلعة اربيل ومغارة جبل رايات ستحمي من يتمنون حريقا جديدا قد يعينهم على مكاسب دنيئة جديدة ، من رياح ذرية حقيقية واخرى انقلابية داخلية ، تكون حلبجة امامها وهم صغير، فلا تذهبوا للجحيم بارجلكم كطواويس غبية ، ابعدوه لتحموا انفسكم والعراق ، الذي لن ينسى من يذهب عنه الرجس.



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطينة الفكرية لرجالات العهد الجديد في العراق
- نقطة نظام - حالة الدجيل مسببة حسب القانون العراقي وقتها
- احتلال المرأة
- التحشيش الطائفي والتجييش الامريكي
- العراق في مزاد سياسي مزدحم
- يا أعداء الاحتلال وفتنه اتحدوا
- خبر التفجير والتفسر عند السفير
- دولة فساد أم فساد دولة
- امبراطورية سوق العبيد
- اعادة انتاج العوق جنحة العولمة الجديدة
- وطني ليس للأيجار
- الدولة التي فقدت ظلها
- تعلموا الديمقراطية من هنود امريكا اللاتينية
- خارطة طريق الدولة الكردية
- نهض نوبل منتصرا للمقهورين
- ذكاء خليل وغباء الحكيم
- بغداد اغنية تتقطر بها كل انغام البلاد
- الاعور
- الانتخابات العامة في العراق مذبحة سياسية بأمتياز
- سورية والعشاء الامريكي الاخير


المزيد.....




- مشتبه به في إطلاق نار يهرب من موقع الحادث.. ونظام جديد ساهم ...
- الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟
- بشار الأسد يستقبل وزير خارجية البحرين لبحث تحضيرات القمة الع ...
- ماكرون يدعو إلى إنشاء دفاع أوروبي موثوق يشمل النووي الفرنسي ...
- بعد 7 أشهر من الحرب على غزة.. عباس من الرياض: من حق إسرائيل ...
- المطبخ المركزي العالمي يعلن استئناف عملياته في غزة بعد نحو ش ...
- أوكرانيا تحذر من تدهور الجبهة وروسيا تحذر من المساس بأصولها ...
- ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعدا ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو أثار غضبا كبيرا في ال ...
- مصر.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو -الطفل يوسف العائد من الموت- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - الجحيم لم يأتي بعد العقدة والحل