أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - جمال محمد تقي - احتلال المرأة















المزيد.....

احتلال المرأة


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 1483 - 2006 / 3 / 8 - 09:05
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات
    


صدقوا عندما قالوا قديما وحديثا ان المرأة واهبة الحياة ، واذ تقهر وتستعبد وتحتل فكأن الحياة كلها قد قهرت واستعبدت واحتلت .
ان مثل المجتمع البشري كمثل كائن حي يسير على قدمين هما المرأة والرجل فأن اعيقت احداهما اوكلاهما فالسير يكون معوجا واعرجا واحيانا مشلولا وكسيحا ، والاخيرة هي الادق في وصف حالة المجتمع البشري الذي انطلق بالتعثر والاعوجاج
منذ ان تراكمت التمايزات الاجتماعية الناتجة عن تقاسم العمل ووظائف الانتاج وظهور الفائض القيمي وسيادة الملكية الخاصة الذي ادى الى تبلور مجتمع الطبقات الاول مجتمع العبودية حيث نتج عنه والاول مرة في التاريخ البشري ظاهرة استعباد الانسان للانسان أمرأة كانت ام رجل ، واصبح الاستغلال والاستعباد والاحتلال هو شريعة الحياة في المجتمعات البشرية حتى يومنا هذا ، وعليه فان طبيعة المنظومة القسرية للطبقات السائدة هي المسؤولة عن عبودية المراة والرجل معا .
كان للانحطاط الذي لحق بالاطراف المحرومة من التمتع بفائض القيمة بحكم تدهور مواقعها في عملية الانتاج ـ هزيمة اقتصاد المنزل وجمع الثمار امام اقتصاد الزراعة والتعدين ـ الذي شمل كلا الجنسين دوره الحاسم في جعل المراة تتقهقر عن موقعها الطبيعي لتتضاعف وتزدوج المعاناة فهي الاكثر تضررا ـ عبدة للسيد حالها حال الرجال العبيد وتابعة ومقيدة بمؤسسة الزواج التي تجعل من الذكر هو السيد والامر الناهي في الاسرة ان كان عبدا او سيدا ـ فالظلم المزدوج قد تجسد في وضعها كنتيجة تتابعية لمجتمع الملكية الخاصة (المقدسة) التي اعتبرت المرأة جزء من ملكية الرجل بشكل عام وخاص، وهي منتجة للخيرات المادية حالها حال الرجال العبيد ومنتجة للبشر ايضا ، لقد اختزلت حقوقها بمؤسسة الزواج التي جعلت منها مجرد تابع للرجل وقراراته بقوانين منصوصة او عرفية مقابل ـ الحماية والكفالة ـ وهي حقوق مجتزئة وغير مجدية لانها مرهونة بما يتيحه الرجل نفسه من تفعيل او تعطيل ، وهذا الحال جاء بعد دهر من التكامل كان فيه الجميع احرارا والمراة والرجل يكمل بعضهما الاخر بل كانت للمرأة حظوة مضافة لقدرتها على الانجاب .

من اين يأتي عذاب وارهاب المرأة ؟ :

من سيادة وانفلات علاقات السوق العمياء التي حولت كل الاشياء الى سلع بما فيها الانسان فصار الرجل يبيع جسده كما المراة عندما يجد في ذلك مخرجا وحيدا لاعادة تجديد قدرته على البقاء وصارت اسمى العلاقات الانسانية معرضة للهلاك لانها قد سعرت ومن يدفع يأخذ ، اما تجارة البشر اي بيعهم وشرائهم ان كانوا اطفالا ام نساء فانها اليوم بارقام فلكية لم تعرفها البشرية سابقا ، ورغم كل مظاهر التمدن واطلاقية السيرفي الحريات الفردية ( حرية الزواج الطلاق، وحرية الانجاب خارج مؤسسة الزواج ، حرية الزواج المثلي ، حرية تغيير نوع الجنس، حريات فردية بلا حدود ومضمونة ) الا ان كلا الجنسين صار على درجة تكاد تكون واحدة من الاستلاب فكلاهما يفعل ما يريد فرديا ولكن لا يحق لهما قطعا بالتجاوزعلى قدس الاقداس على شكل الملكية السائدة وعلى شكل توزيع الثروة وعلى نمط الاستهلاك السائد ، وهنا تناقض بين انجازات نزعة الحرية الانسانيةالفردية وبين تكثف وتاصل لا انسانية الطبقة السائدة التي تستثمر المجتمع بكليته الفردية والجمعية ، بل العالم بأجمعه ليكونوا بالمحصلة مجرد ادوات في ماكنتها الغولة والمتضخمة عموديا وافقيا .
ان الاحتكارات تبطش بالاخرين بمنتهى الوحشية والانانية فهي تقدس راس المال لانه صك غفرانها للدوس على كل قيم العدالة والديمقراطية بل على اي قيمة انسانية بما فيها قيمة الحياة ذاتها وبمعدل درجات ربحيتها المئوية والالفية التي تنعكس طرديا على حالة ووضع الطبقات المنتجة المسحوقة وعلى المراة كونها عنونا لها، فكلما تضاعفت ارباح الاحتكارات وازدادت نسب تغلغلها واحترابها وهيمنتها اشدت عذابات المرأة ومعها رفيقها الرجل المسحوق واشتد الارهاب عليها لان ارهاب الاحتكارات ينتج ارهابا معاكسا، واخطر انواعه ذلك الارهاب اليائس الذي يبكي دخانه الاسود عيون الامهات والزوجات والاخوات وكل المسحوقين قبل ان يوصل رسائله الى من يهمه الامرثم يأتي دورالحروب الارهابية المنظمة التي تشنها الامبريالية العالمية على الجهات الاربع لتشكل الطامة الكبرى في معناة الانسان بمعزل جنسه او لونه وفي المقدمة منهم النساء والاطفال والشيوخ بل الجميع .
ان الانجازات الانسانية الهائلة التي حققتها القوى المنتجة في البلدان الراسمالية المتطورة ساعدت المرأة على استرداد جزءا هاما من حقوقها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكن ذلك ليس نهاية المطاف ، لان احلال فورة الحريات الفردية محل الحلول الاجتماعية الجذرية امر ملتبس اليوم لانها تبدو وكانها حريات مطلقة ، والحقيقة ليست كذلك لان الحريات الفردية هي جزء من منظومة مقيدة من اعلاها ومستثمرة لخدمة الطبقة السائدة التي لا تتورع عن سحق ابسط حقوق الانسان في البلدان المستعمرة والمحتلة وحتى في بلدانها فهي تسحق وباساليب متطورة وانيقة
اية خطورة حقيقية على سيادة نمطها ، فجرائم الامبريالية خارج حدود بلدانها "الاطراف" لا تعرف بحجمها الحقيقي في المركز ، ولاتسلط عليها الاضواء ما دامت "الاطراف" تدر على المركز بنسغ الثروة الذي لا تشبع منه ابدا، لقد انتزعت المراة مكاسب غالية وعزيزة بتضحيات هائلة قد ادت الى عودة الكثير من حقوقها المغتصبة بالتلازم مع نجاحات الطبقات المسحوقة ولكلا الجنسين ، وكان للاستقلال الاقتصادي للمراة وانتزاعها لحقوقها المدنية والسياسية في البلدان الراسمالية المتطورة اثره الفاعل في التاثير على حركة تحرير المراة في المجتمعات التابعة والمهيمن عليها.

تحرير المراة على الطريقة الامريكية :

تنتعش الامال في نيل المراة لحقوقها الاساسية كلما انتعشت الامال في تطور المجتمع واستقراره وتحرره ودمقرطة حياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعكس صحيح ، ولنأخذ العراق عينة تطبيقية لهذه الخلاصة ، ان اعاقة تطور البلدان المتحررة حديثا واستنزاف طاقتها ضمن صراعات الاقطاب قد انعكس على واقع الحالة الاجتماعية لتلك الدول وكان سلبيا ، ومن اوجه عديدة خاصة للبلدان التي تحتكم على مصادر شريان الحضارة والمدنية ـ النفط ـ ومنها العراق فقد اتسمت مؤشرات التطور والانفتاح لديها بالتذبذب والانقطاع ومن ثم التشوه ، ولا يكفي حقيقة ان يقام نظام مستقر وباليات ديمقراطية وبتعددية سياسية لتستعيد المراة دورها ومكانتها الحقيقية ولدينا مثال صارخ على ذلك هوالهند والحالة العامة المزرية للمراة والاكثرية الساحقة من المعدمين فيها ، ففيها اكبر معدلات وأد البنات في العالم ، وفيها اكبر معدلات القتل العمد للنساء والاسباب مختلفة ، وفيها اكبر معدلات المعاملة المهينة للمراة ـ الضرب التشويه والمتاجرة والحرمان ـ مع ان انديرا غاندي امراة وكانت واحدة من اعظم القادة السياسيين في الهند والعالم ومع ان هناك احزاب ومنظمات مجتمع مدني ونساء نخبويات بل ومافيات نسوية لها باع طويل في مجالات عديدة تفوقت بها على الرجال ، هذه المفارقات تشي بشيء اساسي هو ان الهند بلاد لا تسودها ديمقراطية اقتصادية واجتماعية على الرغم من توفر مظاهر التداولية والتعددية والانتخابات العامة والفدرالية الخ ، اي على الرغم من توافر ممارسات سياسية ديمقراطية غدت تقاليد واعراف يشار لها بالبنان هناك فان حالة المراة الهندية تزداد سوءا كلما ازداد اندماج الاقتصاد الهندي بالاقتصاد العالمي ذا النزعة الاحتكارية المتوحشة .
اما العراق فلم يشذ عن قاعدة التذبذب في انتعاش او تراجع مكاسب واوضاع المراة عموما ففي العهد الملكي كانت النخب النسوية العلنية او السرية قد تراوح جهادها ومسعاها بين معالجات اجتماعية محدودة من خلال العمل الخيري اوارتباطها السياسي الوثيق بالحركات الثورية والاحزاب الوطنية التي تتضمن برامجها فصول لمطالب واهداف المراة العراقية واسباب تقهقر اوضاعها، ثم انطلاقتها التعبوية والتشريعية والسياسية بعد ثورة 14 تموز الذي استمر حتى نهاية عام 61 حيث بدأ مسلسل الانقطاع والتراجع الملحوظ في الاوضاع العامة حتى عام 72 الذي بدا فيه تواصل ما انقطع من تطور في اوضاع المجتمع والمراة ضمنه ، ليشهد ازدهارا لم يشده العراق سابقا ( قانون راقي للعمل ، محو الامية بين الكبارمن النساء والرجال وكان ناجحا ، قانون متكامل وتقدمي للاحوال الشخصية ،الزامية التعليم الابتدائي للاناث والذكور، نشاط سياسي وثقافي وتنظيمي متنامي) واستمر الحال حتى الانقطاع الجديد الذي ابتدأ منذ اندلاع الحرب الايرانية العراقية ، وازداد تدهورا بعد الحصار الجائر الذي فرضته امريكا وحلفاءها على الشعب العراقي ، وتوج بالتيه والكارثة الشاملة عندما وقع الاحتلال الامريكي على العراق في 9 نيسان 2003 واصبح وضع المراة هو نموذج يقاس عليه شدة مايتعرض له الوطن من الاستباحة والقتل المجاني والتردي الامني وفقدان الخدمات وتفكك الدولة وفسادها وانعكاس ذلك على كل اوجه الحياة في المجتمع ، ان الشعارات البراقة والحرية الكاذبة التي يدعيها البعض ثم مهزلة استقطاع نسب ثابتة للنساء في مجلس النواب ـ25 % ـ وطرحه على انه انجاز حققته المراة العراقية تحت ظل الاحتلال ما هوالا اسفاف ونفاق وعبودية متزلفة لم تفلح باقناع النساء العراقييات المكافحات لانهن لا يثقن بابناء جنسهن من نساء الصالونات والمافيات اومن حاشية الاحتلال او جواري فلان وفلان ، فالوزيرة الفلانية ابنت السيد فلان والاخرى زوجت الشيخ فلان وهذا يشمل الرجال ايضا الوزير الفلاني ابن فلان عضو مجلس الحكم، وهذا ابن خالة فلان والسفيرة فلانة زوجة الامريكي فلان ، وهذه اخذت عقد عمل من بريمر لتطوير المجتمع المدني في المنطقة الخضراء بواسطة فلان ، واخرى لها تجديد ووعيد لتواصل سفارتها من اجل سواد عيونها ومؤهلاتها التي تريح وزير الخارجية ، وهكذا وفي اكثر من مكان ، وهناك مافية نسوية يقودها بعض تجار السياسة يختلط في عملها شفط بعض منح الدول المانحة ، ببعض المكاسب للعمل كبديلات لمليء النسب مع نوع جديد من الصالونات السياسية الضيقة التي يمارس فيها غزل سياسي وتحرر حقيقي من اي نوازع للكرامة الوطنية والاحساس بالمعاناة الجحيمية التي يزيدها امثال هؤلاء بفسادهم وتسلطهم .
لقد حول الاحتلال ابناء شعبنا الى عبيد لا دية لحياتهم ، وحولوا اكثر من نصف المجتمع الى غمامات سوداء تحني رؤوسها بالطين نحيبا على حياتهن وحياة عوائلهن .



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحشيش الطائفي والتجييش الامريكي
- العراق في مزاد سياسي مزدحم
- يا أعداء الاحتلال وفتنه اتحدوا
- خبر التفجير والتفسر عند السفير
- دولة فساد أم فساد دولة
- امبراطورية سوق العبيد
- اعادة انتاج العوق جنحة العولمة الجديدة
- وطني ليس للأيجار
- الدولة التي فقدت ظلها
- تعلموا الديمقراطية من هنود امريكا اللاتينية
- خارطة طريق الدولة الكردية
- نهض نوبل منتصرا للمقهورين
- ذكاء خليل وغباء الحكيم
- بغداد اغنية تتقطر بها كل انغام البلاد
- الاعور
- الانتخابات العامة في العراق مذبحة سياسية بأمتياز
- سورية والعشاء الامريكي الاخير
- حركة التحرر الوطني العربية بين النهوض والسبات
- سمات العصر الراهن والاهداف الجديدة لقوى التغيير العالمي
- هل العراق بحاجة الى مواكب عزاء ام اعادة بناء


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - جمال محمد تقي - احتلال المرأة