|
هل العراق بحاجة الى مواكب عزاء ام اعادة بناء
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وكأنهم لايريدون لشعب العراق الخروج من نفق المآسي المتلاحقة ، انهم يريدوه متعايشا معها وكأنها قدر يجب اطاعته، والتلذذ في استحضاره وكأن هناك رغبة جامحة في استعادته ، حتى يستمرئ الناس ويستسيغوا مآسي اليوم ، التي يكيلها المتسلطون بعناوين يدلهم عليها الحاكم بأمره خليفة ابريمر زلماي خليل زادة ، ولا بأس من بصمة سستانية هنا وتنسيق اطلاعاتي هناك " تحت سطح الحدود وعبر مواكب الزيارات التي لاتنقطع الى مراقد الائمة ، الذين لو حضروا اليوم لاستنكروا افعالهم الطائفية ، واعدوهم من خوارج الصفوية " . انهم يسلسلوها غضبا على رؤوس بسطاء الناس وهم الغلبة ، ثم يلقون باللوم على الماضي كي يبررون تقيتهم الانتهازية ، انهم يعلقون غسيلهم المتعفن على " خلطة الارهاب السحرية العجيبة وعلى المظلومية التي لا تنقطع " هذه المظلومية التي تتلاحق من " السقيفة الى بني امية ومعاوية ويزيد والحجاج الى وقت تشكل ائتلافهم غير المقدس " هم لايذكروا مظلومية الشعب كله التي تفوق عدة وعددا اية مظلومية اخرى انها ظلم الاستكبار العالمي الطاغوتي في حصار شعبنا وقتل حوالي مليون انسان عراقي مسلم ، انها احتلال بلادنا والعبث بمقدراتها ، انها مظلومية شعوب الارض قاطبة ، من الطاغوت الامريكي ، حليف من يدعون التشيع وبأسمه يحكمون ، الا تجدون هذا نفاقا ودجلا لاتغطيه اية تقية او مرجعية ؟
اللطم والبكاء السائد ، دفع مرجعي مقصود للتنفيس عن مآسي الحاضر : لتتبدد الشحنات ويتقبل المريدون والمقلدون والاتباع والبسطاء والدهماء دورة البكاء والانكسار والتخلي عن الفعل الحاضر باسترجاع الماضي وتقمص ادواره وكأننا مسيرون على هذا الطريق ، سلبيون لانحسن التفكير، بل التلقي والتقليد وانتظار المنتظر الذي لا يعجل فرجه الا الله ! ان كل هذا نهج غريب في التشيع دخيل على منابعه الصافية منابع العترة النبوية الشريفة التي تعتبر محمدا ( ص ) خاتم الانبياء حتى يوم الدين وليس هناك شئ اخر غير الحساب يوم الحشر ، واذا كان هناك ما يسبقه فليس كما يريد تثبيته ابناء قم من بقايا الصفوية التي تريد اسلاما جديدا تفصله هي على مقاسات تطلعاتها . اليس ملفتا ، اعتبار ولاية الفقيه وكيلا للمنتظر الغائب ؟ وكذلك الامر بالنسبة للمرجعية العليا ! . بين كل موكب عزاء واخر موكب عزاء ! وما اكثر المناسبات الحقيقية والمصطنعة ، انها تتمدد على كل ايام السنة الهجرية والفارسية ، وهنا يتسائل المرء متى يلتحق الناس بأعمالهم ويصرفون شؤونهم الحياتية والاقتصادية ، متى يكون لديهم متسعا للمرح والاقبال على الحياة وممارسة مايربي الذوق والاحساس وينمي التفكير ؟
ان الحزن المزمن هوحزن غير طبيعي ، انه حزن دائري يختصر كل الحول بعاشوراء ، حيث يسترخص الناس اوقاتهم في العمل والخلق والتجاوز ليتلبسوا سوداوية ملطمة بالطين ، انها سادية في جلد الذات ، تستصرخ الغرائز البدائية في الخضوع لثقافة التلقين المنتشية بطقس جمعي يغري بالهياج والتنفيس والتتابع حد الهذيان لينتهي المشهد بالاستسلام الكلي للانهاك المفرغ من شحناته الموجبة . ان الامام الحسين ( ع ) اراد بأستشهاده تحريض الامة على الثورة ضد الظلم ، بالمعرفة اولا والعمل الجاد في التمييزبين الحق والباطل ثانيا، والتنظيم ثالثا الذي يضاعف القدرات للوقوف بوجه قوى الباطل ، ان انجاز الحياة هو ان نحاول عيشها بحق كما نريد بوحي من ايماننا وديننا فنحن مخيرون ويوم الحساب هو يوم الثواب والعقاب على تلك الاختيارات . فالاخرة تحصيل حاصل لسيرة الحياة الدنيا التي يجب التمعن بكل خطواتها .
اعادة هدم ام اعادة بناء : وبعد الم يحن الوقت ليحط شعبنا رحاله في هذه الماسي المتجددة ؟ ان البناء الانساني والتنمية المستدامة له يتطلب التحرر من عقد الماضي بعد استنفاذ عبره والولوج الى الحاضر بروح ايجابية كلها ثقة بالمستقبل الذي ترتسم ملامحه في اسس الحاضر ، من حيث صياغة ثقافة تعتز بالانسان وحريته وقدرته على تجاوز المحن بعزيمة لاتلين نحو البناء والتقدم ، وكما قال ابو القاسم الشابي : لو الشعب يوما اراد الحياة ـ فلا بد ان يستجيب القدر ، ولا بد لليل ان ينجلي ـ ولا بد للقيد ان ينكسر، ومن لم يتعلم صعود الجبال ـ يعيش ابد الدهر بين الحفر . اشاعة هكذا نمط من الثقافة والدفع باتجاهها هو دواء للعلل المهجنة التي تستفحل في اوساط الفئات المعدمة والفقيرة ماديا وثقافيا ، ان شيوع القدرية وانعدام الرؤيا وتعقد الظروف السياسية ادى الى " تمزق وتخلخل في اطر الانتماء ، والشعور بالعبث واللامعنى " اما الظروف الاقتصادية " بطالة تحوم حول القوى القادرة على الانتاج تصل لحوالي 70% وشلل انتاجي مقابل نزوع استهلاكي افقي وعمودي . والظروف الفكرية " عزلة وشللية ذات روابط بدائية ، دجل وخرافات ، مع تراجع ملحوظ لدور العقل والفكرالعلمي والابداع الراقي نحو السطحية والانتقائية الضيقة والزهدية العدمية. اما الظروف الاجتماعية " اختفاء لقيم الوضوح والاستقامة وحطام طبقي وشرائحي غير معهود لصالح الروابط الاضيق ، العائلة والعشيرة التي لم تنجو بدورها من الخراب القيمي " . ان اعادة بناء الانسان العراقي لنفسه يتطلب اولا ايمانه الراسخ بقدرته على التغيير ، ثم اطلاق العنان لحواسه مضافا لها حاسة التفكير المطلوبة اليوم اكثر من اي وقت كان للتمييز بين ما يراد له وما يريده هو ! الذي يراد له ان يكون تابعا وليس فاعلا مقلدا وليس مبدعا قدريا وليس تغييريا مستسلما وليس مقاوما . اما ما يريده هو فهو: ان يكون حرا مستقلا في اختياره ان يكون منتجا ومبدعا في مجاله وفعالا في محيطه ان يحيا سعيدا مرفها منفتحا على الاخرين من ابناء وطنه وعالمه العربي والكوني . ولكي يتحقق ذلك لابد من من اعادة بناء كل المناحي التي خربها الحصار والاحتلال وحكومات التشابيه الاستكبارية . لنقاوم حتى نوقف الانحدار ، لنوقف سرقة العراق وثرواته ، لنوقف المشاريع الرامية الى جعل العراق شيعا ودويلات و طوائف ، لنوقف عملية سلخ عروبة العراق ودوره الحضاري عربيا واسلاميا وكونيا . لقد تسلط الصعاليك في غفلة من الزمن وبدعم من الاستكبار العالمي ، ليأتونا بمآسي جديدة لم تكن بالحسبان ، لايجدي التحسر والبكاء واللطم وقولة " لوكنا معكم لفزنا فوزا عظيما" ، لنفضح ونقاوم من يريد خداعنا باسم الحسين او الديمقراطية المزيفة او الاتحادية الممحونة والمرادفة بعرف الاغوات للتقسيم .
اين اموال العراق ؟ اين نفط العراق ؟ اين مصانع العراق ؟ اين مدارس العراق ؟ اين مستشفيات العراق ؟ اين كهرباء العراق ؟ اين ماء العراق ؟ اين متاحف وارشيف وتماثيل العراق ؟ اين العراق ؟ يهربون النفط ويبيعوه لايران فينفقون على عصاباتهم ، و" بالفضلات " يقيمون المواكب وولائم المواكب " هريسة ، زردة ، تمن وقيمة " . يسرقون اموال الشعب ويسرقون ما كان حقه المكتسب " مكونات البطاقة التموينية " ! . وزارات وجيش وشرطة لاتعمل الا عل طريقة " شله وعبر " ! . انتخابات ودستور على طريقة " اتريد ارنب اخذ ارنب اتريد غزال اخذ ارنب " ! انها ديمقراطية على حد السكين . نريد وطنا حرا وشعبا سعيد على قولة القائلين : فلا الوطن حر ولا الشعب سعيد فالى اين نمضي ؟
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثنائية الاعصار
-
هوامش في فنون الجدل والدجل
-
الانظمة العربية بين التطبيع مع شعوبها واسرائيل
-
ثلاثية -للمنتظر-
-
كاترينا وين طمبورة وين ؟
-
على الذهب الاسود تدور الدوائر
-
يسار ولكن
-
الحماسة في الاهزوجة
-
مثقفون وسياسيون للبيع
-
من يغذي الارهاب في العالم
المزيد.....
-
وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره
...
-
سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن
...
-
DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
-
دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز
...
-
الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على
...
-
-700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في
...
-
رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب
...
-
زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
-
اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
-
بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|