|
زوربا الأشوري ..
جوزفين كوركيس البوتاني
الحوار المتمدن-العدد: 5900 - 2018 / 6 / 11 - 12:04
المحور:
الادب والفن
يرقص بخفة.برشاقة يدور في وسط الجموع التي تكتلت حولهِ وهي تدبك بجنون لفت إنتباه الحاضرين بقامته المديدة وبرقصته الرائعة يدور حول نفسه.لا تعرف إن كان حزينا أم فرحا يرقص شاردا.ًكمن أضاع عزيزاَ غلفة في وسط الزحام. شاردا.لا أعرف لما تذكرني رقصته برقصة الدراويش حضرتها مرة في إسطنبول كيف كانو يدورون ويلفون حول أنفسهم لساعات وساعات يدورون حول الكرة الأرضيةوالكرة تدور بهم وبلا وعي بشكل يبهر الحاضرين.أشتد الرقص وتوسعت حلقة الرقص أشتدت قفزاته البهلوانية يرقص بجنون مما أذهل الحاضرين والمقعدين من أمثالي.وعلى رأسه تتتربع قبعة الأجداد قبعة صوفية مدورة الشكل تتخللها ثلاثة رياش ملونة.تذكرني بقبعة جدي التي لازالت معلقة في (الديوان) كان يرتديها في مثل هذه المناسبات رحل جدي وبقيت القبعة حيث هي هناك معلقة على حائط متصدع في بيت مهجور.في يديه خنجرين من الفضة مرصعين بالأحجار الكريمة تتلألأن مثل وجهه السمح.هذا الذي يذكرني بوجه (الممثل رسل كرو ) يتنطط بين المدبكين بطريقة حد الذي يجعلني أضع يدي على صدري فزعةخشية من أن يصاب بالأذى من أحد الخنجرين يبدو الحماس أنساه أن ما يحمله للتباهي قد يؤذيه.هذا الذي لاأعرفة ولا اريد أن أعرفه ولا يهمني إن كان ابن عم العريس أو ابن عم العريس .شدني إليه كما شد كل الحاضرين برقصته الرائعة وبمناديلة الثلاثة الملونة المتدلية على خصره النحيل كأنه هيئها لمن ستشاركه الرقص.وأنا المقعدة نفسيا والمعقدة اجتماعيا.وبثوبي الأخضر كقلبه الأخضر.تراني جالسة كطالبة خائبة في الصف الأخير تأبى أن ترفع يدها.جالسة أراقبه كثعلب ماكرأتعبته المقالب. وبقلب منكسر وجسد طاعن ومطعون من الخلف بسكين ممن نسميهم أقرب من حبل الوريد.وبصدري المثقوب برصاصة طائشة من نيران صديقة.وبحكم الزاد والملح.أقنعت نفسي إنها من التائهات ويا مكثر التائهات في بلدي. ونفسي الشكاكة تحاول جاهدة تصديقي أو بالاأحرى فقط لألطف الجو المكهرب هذا لا أكثر.وعلى طاولتي كأس لبقايا خمريذكرني بمعصرة جدتي و كرمة جدي المحيطة حول ذلك البيت الكبير أقصد كان هناك بيت كرمةو معصرة.هه ماذا دهاني ما دخل كل هذا بذاك ربما أثار النبيذ خلط كل الأشياء ببعضها.ها هو يزيد من قفزاته وأشتدهياج الراقصين وصوت الأقدام وهي تدق على الأرض بقوة كأنها تدق في رأسي الذي أجتاحته سرباًمن النحل منذ أن غادرت الوطن .أستقرت هي في رأسي و أستقريت أنا هنا في قلب المذلة الأسم الجديد المرادف للغربة.ومن يومها لا شيء في رأسي يحمد عليه سوى صوت طنين النحل وصور باهتة لبيت كبير بباب مخلوع.فاحت من داخلي رائحة دجاجة مذبوحة وأخذت ترفس والدم يتطاير من حولي الدجاجة تنتفض وأنا أنتفض معها تهتز وأنا أهتز معها في مكاني.حتى لمحني من بعيد قدم نحوي داعيا أياي للرقص مدا لي مناديله الملونة.دسها في يدي التي ترتجف منذ أن غادرت الوطن بسبب وبدون سبب ربما أرتخاء في الأعصاب.وأدخلني حلبة الرقص وشاركته الرقصة وبدأت أرقص بجنون كيف وأنا المقعدةهه؟.وأخذت أهزٌ المناديل أهزها له وحده تكريما لرقصته الجميلة وبدأ يدور حولي تارة يبتعد وتارة يقترب نحوي حتى كدت أتحسس نصل أحد الخنجرين أحسها تنغرس بي هذا الذي يهبط ويعلو برشاقة.مذكراَ أياي بزوربا اليوناني.ذلك الذي أشتهر برقصه حتى ىٌسميت بأسمه تكريما له.ذلك الذي كان كلما أشتد حزنا يرقص معبرا عن ألمه حتى سميت برقصة الألم وقلة من يجيد هذه الرقصة .إلا الذين يملكون قلباَ كقلب زوربا. و بما أني لا أعرفة قررت أن ألقبه بزوربا الأشوري وآه من هذا الذي لا أعرفه. فقدت الشعور بالمكان وبالزمان وبدأ العرق المخزون لسنين طويلة يتصبب مني حتى أنهكني برقصاته الرائعة وأدركت مدى متعة الرقص الذي حرمت منه منذ سنين.ربما لقلة الأفراح التي بدأت تتلاشى بمرور الوقت.الحروب حنطتنا دون أن ننتبه.وانتهت الدبكة الأشوريةوصفق الجموع أكيد له وليس لي.ثم قادني إلى طاولتي كما هي العادة . وسألته قبل أن يغادر لوأنه يتشرف بالجلوس قليلا وبعدها يمكنه أن يتركني بسلام.جلس قبالتي وأكمل ما تبقيا في الكأس قائلا بصحة رقصتك الرائعة سيدتي ثم أبتسم بلطف أقدم نفسي لكِ أناأشور من الخابور أجيد الرقص منذ صباي منذأن أكتشفت أني لا أصلح لشيء لأني ببساطة لا ظهر لي ليسندني وشعوري بالنقص وأهمال الأخرين لي أجبروني على البحث عن هويتي المسلوبة .عليه أصبحت من هوات جمع الأسحلة القديمة التي تسمى حاليا السلاح الأبيض.بالمناسبة هذه الأسلحة كانت تستعمل للتباهي والأعراس فقط في زمن جدي وجدك وإلا لما وصل بنا الحال إالى هذا الحال نتسكع في مدن غريبة نتوسل بالذي يمنحني جنسية لنثبت أننا لازلنا أحياءكان الأولى بهم لو أنهم أستخدومها للدفاع عن أنفسهم لا للتباهي صحيح هناك من قام بتجريدهم بحلية قبل الأجهاز والتخلص منهم لا أعرف كيف أنطلت عليهم رغم الدهاء الذي كانوا يتصفون به.ومنذ أن نالوا منا لقبنا بالشعب الأعزل ولأني ولدت أعزل وسأموت أعزل. قلت ساخرة وهذين الخنجرين أليسا سلاحا أم ماذا ؟ ردساخراً: كما تعلمين في ذلك الزمان كانت الحروب تدار بالسلاح الأبيض لذا كنا نمييزالفارس من الجبان أما اليوم الحروب تديرها عقول عفنة تتحكم بالمكان وبالعقول وتختار الطرف الذي يناسبها. هذان الخنجران يعودان لجدي وكانت لجده وبالوراثة وصلت إلي في النهاية هي الآن بقايا تراثا لاأكثرتراثنا الذي لم يعد موجود غير في مخيلتنا.ياعزيزتي أنا أرقص اليوم بهما كي ألفت نظر العالم بأن هناك شعب مغمور وتاريخة مطمور وحقوقه شبه موجودة وربما يلتفت العالم يوما إلي كما ألتفت اليوم أنتِ إلي ولو من باب الفضول أو أعثر على من يقدر قيمتي وتراثي ويعيد إلي ما نهب مني القضايا ياعزيزتي لم تعد تحل بالمنازاعات كزمن جدي وإنما بالعقل.صحيح قضيتي عند البعض لم تعد تساوي قرش ولكن من يدري ربما هذان الخنجران سيكونان سببا في عودتنا إلى الأصل إلى حيث يجب أن نكون وإن لم نعد فهذا كل ما تبقيا منا يا سيدتي.بالمناسبة ما أسمك قلت بأنكسار: أسمي شميرام. قبل يدي بأحترام وهو قائلا أستئذنك سيدتي. تاركا أياي أضمد الجرح الذي فتحه بنصل خنجره.هو عاد ليكمل رقصته وأنا عدت مقعدة كما كنت وصوت طنين النحل يعج في داخلي وصور الذين أندثروا وتشتتوا أثر مذبحة همجية مخلفين وراءهم خناجر فضية بأحجار كريمة تؤكد لي أننا هنا.
#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلة موفقة
-
بعد إنتظار طويل ... عاد غودو
-
عامود البيت
-
أهرب
-
جِئتكَ
-
الميسوفونيا
-
حبل أمي
-
إنتبه!
-
هدية من بلاد ما بين الجرحين
-
الوقت
-
مات فيدل كاسترو
-
خذي الصدق من فم امرأة يا امرأة
-
ع الضيعة يمة ع الضيعة
-
كنت صغيرة
-
يوميات أرملة مملة
-
قصتان
-
من يوميات فلاحة
-
من دفاتر لم تقرأ
-
من يوميات أمراة شبه منسيه.
-
الحضور والرحيل
المزيد.....
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
-
ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري
...
-
الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني
...
-
فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
-
فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز
...
-
كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
-
فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو
...
-
فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت
...
المزيد.....
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|