لماذا رفض نيتشه فكرة الفن من أجل الفن؟

محمد الشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5893 - 2018 / 6 / 4 - 04:35
المحور: الادب والفن
    

لماذا رفض نيتشه فكرة الفن من أجل الفن؟
بقلم: محمد الشاوي(*)

الفن هو رغبة في إستمرارية الحياة عند الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه؛ إنها إستمرارية تتسع بالضرورة لمعانقة عملية تطور الحياة واتجاهها نحو ما أراده الإنسان لكي يحقق ذاته ومجده. وفي هذا التحقق هروب من الفكرة الأخلاقية التي تأسست على مبدإ الفن من أجل الفن، وهو مبدأ يرفضه نيتشه لكونه بمثابة الأفعى التي تعض ذيلها، ما دام الهدف المبتغى حسب نيتشه هو: "أن يفقد الفن كل غاية، أفضل من أن تكون غايته أخلاقية0"

إنها غاية تقوم على اخراج كل الرغبات الطبيعية للإنسان والعمل على استثمارها لكي تتحقق حياة الفنان بمعية أعماله وتعطي للمتلقي نوعا من الإقبال على الحياة وملذاتها والهروب من كل إلزام أخلاقي أو مبدإ يفرض على الفن تمذهبا قيميا. يقول: "إن الفن هو أكبر مثير من أجل الحياة: فكيف يمكننا اعتباره بدون غاية وبدون هدف؟ فكيف يجوز لنا القول بأن الفن من أجل الفن."(**)

لذلك فعالم النفس يتساءل عن الهدف والمبتغى الذي يفعله كل نوع من أنواع الفن؟ إنه يتساءل أيضاً عن إمكانية تمجيده لمسألة بعينها؟
فقد يقوي أو يضعف في الآن نفسه بعض التقويمات؟
وهل للغريزة دور في هذا الجانب؟ أوليست تتجه نحو بلوغ معنى الفن عبر ربطه بالحياة والرغبة فيها؟
وعلى هذا الأساس فقد اختار نيتشه فكرة التعبير الفني الذي يجعلنا نُقبل من خلالها على الحياة ويدعونا عبر خلق فعل الانتباه نحو الرغبة القصوى في التمتع بأمل الإستمرارية والمحافظة على البقاء وتطور النوع الإنساني. ولعل هذه هي أعظم غاية نعيشها ونستمتع بها بدون أي إلزام أو تمذهب يفقد الفن حياته وروحه التي جاء من أجلها.
__________________
(*) فنان تشكيلي مغربي وباحث في النقد الفلسفي للفن.
(**)
Voir: F.Nietzshe,Crépuscule des idoles,ED Gallimard, pp:106-107, 1974.

#محمد_الشاوي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل