أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الشاوي - في نقد ديداكتيك تدريس الفن بالمغرب














المزيد.....

في نقد ديداكتيك تدريس الفن بالمغرب


محمد الشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5429 - 2017 / 2 / 11 - 04:01
المحور: الادب والفن
    


"بعض الرسامين يحولون الشمس إلى بقعة صفراء، والبعض الآخر يحول البقعة الصفراء إلى شمس."   بابلو بيكاسو


لا شك أن كل مهتم  بتدريس الفن  التشكيلي بالمغرب سيلاحظ حتما وجود تعدد وتدرج في مدارس ومذاهب تدريس الفنون التشكيلية؛ أنواعاً مختلفة من التقنيات التي تروم تقديم دروس نظرية وتطبيقية للطلاب الفنانين .
لكن السؤال الأساس لهذه الدروس يرتبط بديداكتيك تدريس الفن، والمراد به منهج تلقين الفن وطريقة تدريسه للطلاب. فهو بتعبير أكثر دقة: العلم المرتبط بعملية التدريس.

 فكما أن لكل مادة من المواد التي تُدرس في المؤسسات التعليمية ديداكتيك تدريس خاص بها، مثل ديداكتيك اللغة العربية والفرنسية والرياضيات ... فإن للفن أيضاً ديداكتيك وبيداغوجيا ومناهج وطرق متعددة لتدريسه. وعلى هذا الأساس  يمكن طرح التساؤل الآتي:
 ما طبيعة وخصائص ديداكتيك الفن بالمغرب؟
وعلى أية أسس ومقومات يقوم هذاالديداكتيك؟ 

في تقديرنا فإنه يصعب على كل من الفن والفلسفة القبض عليهما بديداكتيك معين بالنظر إلى التخصصات المعرفية الأخرى، بل إن الفن نفسه خرج من رحم الفلسفة .
من هذا المنطلق صار الفن التشكيلي وغيره من الفنون الأخرى التي تدرس في المعاهد كالنحت والرسم والصباغة و الفنون البصرية والجميلة  في الوطن العربي عامة وبالمغرب خاصة،  مرتبطاً بعملية اجتهاد خاص بالأستاذ الفنان الذي يُدرس في غالب الأحيان مجال تخصصه، أو نفس موضوع  شهادة تخرجه من نفس المعهد أو دبلوم الدراسات العليا الذي  أنجزه خارج الوطن...              ولا نستغرب أن يدرس مادة من مواد الفن لا علاقة له بها غير الخير والاحسان وهكذا دواليك. والنتيجة أن  طالب الفن تم تنميطه وخندقته وفق أفق تفكير أستاذه، ورهين تصوره البصري. وهذه مسألة قد نقبل بها في السنة الأولى للتكوين، لكن أن يصاحب هذا التوجه جل مسيرة طالب الفن التكوينية ، فهذا أكبر خطأ يعتري التوجه البصري والتكويني بمعاهد الفن عندنا .

أضف إلى ذلك تموقع الطلاب في عباءة أستاذهم الفنية وعدم السماح لهم بالخروج منها وإلا تعرض للعقاب المرتبط بالنقطة. طبعا لأن المعيار هنا هو  إرضاء الأستاذ وليس فتح أفق للتفكير البصري في وجه هذه الفئة التي حصرها هؤلاء في محطة أولى من محطات التعلم ولم ترتق للمحطات الأخرى لكي تعانق الإبداع وتكتشف أسراره الدفينة.

عجبا لكم أيها السادة الأساتذة مازلتم لم تفهموا أن طلابكم لا يفهوا ..!! 
نعم لا يفهمون حقيقة الفن وجوهره ، تلك المهمة الملقاة على  عاتق من يمتلك حساً وشعوراً فنياً لخلق الأفكار الجمالية. ويحكم لقد سجنتم طلابكم في زنزانة توجهاتكم ومدراسكم الفنية..!!  أتركوهم لكي ينسجوا على منوالهم و يبرزوا لنا  ما حصدوه من ثمار أزهاركم طيلة سنوات التكوين والبحث.
  إن وظيفة  الفن كما حددها  الفيلسوف الفرنسي  جيل دولوز في كتابه المشترك مع فيليكس غواتاري حول موضوع: "ماهي الفلسفة ؟"، هي وظيفة خلق الأفكار الجمالية. أما العلم فوظيفته ارتبطت بخلق التخصصات والمعارف. بينما الفلسفة فإن وظيفتها هي صناعة المفاهيم. فل تدعوهم يخلقون الأفكار الجمالية ويسارعون إلى تفعيلها .

في نظرنا لا يمكن أن يكون ديداكتيك الفن عبارة عن مقاطع جوفاء من دروس نظرية وتطبيقية، فهو ديداكتيك قائم بنفسه يسائل الفنان ويقدم له الجواب ويطرح أسئلة أخرى ترتبط بفلسفة تدريس الفن ، وهي فلسفة عمادها تاريخ الفن ومذاهبه كما مارسه محترفو الفن ورواده . فضلا عن كون مستقبله رهين بما تعرفه العلوم من تطور ومعارف في شتى المجالات .أما أولائك الذين مازالوا يعتقدون أنهم قساوسة الفن ورهبانه وكرادلته، فإنهم يقولون قولا بئيساً يعود بنا إلى القرون الوسطى .
 
لا حرج عليكم  أيها الرهبان، لقد  صار الكل يعرف بأنكم كاتوليكيي المذهب.فل تترقبوا ثورة بروتستانتية جديدة لصغار الرهبان  والراهبات من طلابكم، وهم طلاب لا يقيمون  القداس على منوالكم ، لقد تركوا لكم القداس وحطموا جذران كنيستكم وخرجوا من عباءتكم نحو عالم الحرية والتفكير الحر الذي خُلق الفن من أجله بكونيته. فروحه هي  روح التجديد والتعبير عن قضايا العصر . وقد صدق الفنان 
التشكيلي الراحل محمد شبعة حينما قال مخاطبا هؤلاء وهو يوجه طلابه نحو المسار الذي ينبغي عليهم اتباعه:"اجعلوا للتشكيل مكانا في حياتكم، واعملوا على تحريره من أسر النص الجاهز، وامنحوه  استقلاله وتميزه".إن  استقلال التشكيل وتميزه هاهنا يكمن حسب ملفوظ القولة في تحرره من كل ما هو جاهز ونمطي، ساد على مر عصور داخل الأعمال الفنية التي كانت نموذجا بصم على مخيلة الفنان المغربي ولم يتخلص منه،
بل إنه ظل يكرره، إن بطريقة أو بأخرى. مما جعل المتلقي يصنف التشكيل في قالب بعينه من خلال  التيمات التي سادت داخل دور العروض وهي تيمات ظلت مشتركة بين الفناننين آنذاك  وما زالت إلى يومنا. فالمعنى الحقيقي للتشكيل لا يمكن أن يستوعبه طالب الفن إذا لم يعمل على بناء ركيزة فلسفية منهجية يقوم عليها تفكيره الفني والجمالي، الشيئ الذي سيؤدي حتما إلى فتح آفاق رحبة للخروج من دوامة إعادة الإنتاج نحو الإبداع.
عموما وتأسيسا على ماسبق فإن سؤال الفلسفة هو الكفيل بإخراج الدرس التشكيلي في معاهد الفنون من صناعة الفنان الحرفي نحو صناعة الفنان المبدع الذي لا ينسج على منوال الآخرين، بل إنه يتجه نحو منوال خاص به وبالتالي فإنه حسب تقديرنا  يستطيع بناء  مسار  خاص به سيعطي  لأعماله تميزا وقيمة جمالية وعلمية. 
____________
(*) فنان تشكيلي مغربي وأستاذ فلسفة



#محمد_الشاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن الحديث عن إستحالة بناء ملكية برلمانية في  تأويل الخط ...
- حوار مع الذات المشكّلة
- إستبانة الأستاذ عبد الله العروي ورهان التاريخانية
- قضايا في بلاغة الإقناع الفلسفي عند المهدي بن تومرت
- في نقد الفكر التشكيلي العربي ، عوائق إبستيمولوجية في تلقي ال ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الشاوي - في نقد ديداكتيك تدريس الفن بالمغرب