أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - الهجرة نحو العالم الآخر














المزيد.....

الهجرة نحو العالم الآخر


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 5877 - 2018 / 5 / 19 - 22:46
المحور: الادب والفن
    


الهجرة نحو العالم الآخر

إنّها امرأة متميزة، اختصرت بقوّتِها السِّحرية وحضورها الطّاغي قدرة عشرة رجال. واستطاعت بشخصيتها اللّامعة أن تَتَحدّى قوانين وأعراف المجتمع وكسرت قيوده التي جعلت من الأنثى ظِلاً مُستكيناً يحتمي خلف الرجال. لقد دخلتْ مُعترك الحياة غيرَ آبهةٍ بكلِّ مصاعبها.
عَمِلتْ بوظائف عدة بعضها حكومية وأخرى أعمالاً حرة.
كان همُّها تربية أولادها الصغار بعد أن رحل أبوهم مبكراً إلى دنيا الغيب دون أن يترك وراءه شيئاً سوى امرأة من حديد.
ابتنت لهم داراً يليق بهم وأدخلتهم المدارس والجامعات وشقَّت طريقها في دروب الحياة واثقةً كسيّدة مجتمع فُضلى.
دخلت مجالس الرجال ونزلت إلى الشارع وتعاملت مع صنوف البشر في الأسواق بثقة واعتدادٍ بالنفس. كانت تقود مركبتها بثقة مخترقةً زحام الشوارع بحرَفيّة عالية دون أن تفقد وقارها ورزانتها. فاحترمها الرجال والنساء على حدِّ سواء فليس في سلوكها وتفاعلها مع عالم البشر مُتقلِّبي الأطوار ما يعيب، لأنها استطاعت أن تتفاعل مع الجميع وتستوعب الجميع دون أن تثلب شخصيتها.
طيبة .. ودودة .. متحدِّثة.. لَبِقة، لا تخذل أحداً إذا طُلِبَ منها العون وطموحاتها لا حدود لها .... حيويتها تفوق الوصف والخيال رغم اقتراب خط عُمرها من الخمسين .. لم تنسَ واجبها في القِوام على المنزل الذي يضم بناتها وأولادها حتى الذين تعدّوا سنّ الثامنة عشر فهي تتصرّف معهم كأمٍّ وكأب. لم تتعب أبداً أو تملّ في مُقارعة مصاعب الحياة الكبيرة، لكنها فطنت على نفسها آخر المطاف عندما حمي وطيس السياسة في البلد الذي لوّث تركيبته طمع الغرب، ورأت صراع الأقوياء لا يُبقي ولا يذر، ويدفع ثمنه كل يوم، بل كل ساعة أبرياء الوطن الذين لا ناقة لهم ولا جمل في حرب الهويات المُخْتَرَعة، فقررت الهجرة إلى أرض الله الواسعة مُرغمة، لتهرب من جحيم البلد الذي لا يرتوِ من الدم. فشدّت الرحال إلى بلد قريب كخطوة أولى ومنه أرادت أن تنطلق إلى حيث الحرية والأمان فهيأت كل شيء؛ حقائبها... موافقات البلد المضيف... ما ادَّخرَتْهُ من مال. لكن ليس كل أماني البشر قابلة للتحقيق، ففي الصبيحة التي ستستلم فيها أوراقها لتطير هي وأفلاذ كبدها إلى بلاد الحرية استعجلها الرحيل إلى حيث الفضاء الأرحب، فكوكب الفناء لا أمل فيه للبقاء إلاّ لومضات بارقة فقط من لمحة الوجود، حتى تلك التخوم المُظَلَّلة بقوانين الحضارة المُسبغة بالحرية ودعة العيش. لقد اختارت لها الأقدار الرحيل النهائي حيث الصمت الأبدي الذي لن تسمع فيه بَعدُ انفلاق القنابل، أو تشهد أمام أعينها ظُلم الأفّاكِين.

يحيى نوح مجذاب



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاط الضوء
- بوّابة القيامة
- سماواتُ الغَسَق
- القيامة الآتية
- السرداب
- صفحة القمر
- غيبة في المجهول
- تهجد مؤمن أضاع ميقاته
- صفحة الجسد
- جبروتُ القدرة العظيمة
- فقاعة صابون
- فوضى الأفكار
- فاروق مصطفى، فهد عنتر الدوخي، وعامر صادق في ملتقى (دورت يول)
- نص خارج الزمن - الرؤيا الهلامية
- نفحات صنوبر - قصة قصيرة جداً
- عصارة العشق - قصة قصيرة جداً
- حمقاوتان - قصة قصيرة جداً


المزيد.....




- “مبروك النجاح” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- رابط رسمي وشغال. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس الي ...
- بعمر الـ80.. يحيى الفخراني يقف على المسرح مجسدًا -الملك لير- ...
- نجيب الحصادي… أفَلَ العقل المُنيف ومضى مَن أوقد البصيرة في ل ...
- مبروك للجميع.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس ...
- الفنان يحيى الفخراني يعود لـ -الملك لير- في عامه الثمانين
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. رابط النتيجة على م ...
- وفاة الممثلة العراقية إقبال نعيم.. وداع لصوت مسرحي نادر
- ألبوم -صنع في أفريقيا- لزياد الزواري: موسيقى عالمية بطابع تو ...
- -حول تعريف البطل الحقيقي-.. إليكم ما نعرفه عن فيلم -درويش- و ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - الهجرة نحو العالم الآخر