أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - ديةُ رجلٍ ميت














المزيد.....

ديةُ رجلٍ ميت


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5843 - 2018 / 4 / 12 - 00:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ديّةُ رجلٍ ميت
محمد الذهبي
لم أكنْ مصدقاً للحكاية برمتها، لكنني ومن فرط اليأس أصبحت أتتبع ما يدور في أفواه الناس ولا استبعد حصول أيِّ شيءٍ لغرابته، وكذلك لغرابة العالم المحيط، لم يقدر أبو حسين عاقبة الرؤيا التي رآها البارحة، ولم يكن مستعداً لتقدير نتائجها الخطرة، استيقظ صباحا وهو مهموم ، ولم ينبس بابنة شفة، تناول فطوره الصباحي بصعوبة، وجال ببصره في البيت وكأنه يفتش عن شيء مفقود، أطال الوقوف أمام غرفة نومه، وبعد تفكير وتمحيص ووجل قرر الذهاب الى بيت (أبو سالم)، طرق الباب فخرج ابنهم الكبير واستقبله بكل حفاوة، سأله أبو حسين عن والده، فقال: انه نائم وهذه أول مرة يفعلها، انه لا يتأخر بالنوم لهذه الساعة، هل تحب أن أوقظه لك، رفض أبو حسين الفكرة، ولكنه قص على الابن حلمه المزعج: لقد رأيت ليلة البارحة رؤيا أحزنتني، وأنا جئتكم الآن بخصوصها لأطمئن على صحة والدكم، يا بني جاءني ملك الموت، وسألني عن محل سكن أبيك، فهديته الى بيتكم بعد أن أصابني الهلع، انتهى من قص رؤياه وعاد مسرعاً الى بيته، وما هي إلا لحظات حتى تعالى الصراخ من بيت أبي سالم، هرول باتجاه الصوت ، انه في بيت أبي سالم، اقترب من ابنه الذي كان يبكي بصوت عالٍ، ما الأمر؟ لقد أيقظت والدي فوجدته قد فارق الحياة، حضر مجلس العزاء بأيامه الثلاثة، ولم يدر بخلده انه سيكون مساعداً لملك الموت بقبض روح أبي سالم، كان مستبعداً للفكرة تماماً، لكنه انتبه على صوت طرق الباب بقوة، فخرج ليرى جلية الأمر، وإذا بوفد عشائري كبير يتقدمهم سالم ابن صديقه الذي رحل للتو من الحياة، دخل الوفد الى بيت أبي حسين، وبعد المقدمات الكلامية المشهورة، من أن القوم أبناء حمولة وأنهم لا يظلمون أحداً، وان الحق يجب أن يعمل به وهذه سنة العشائر، وانطلقت المفاجأة من فم احدهم : ( عمي ابو حسين، عليك ان تجلب عمامك وتحول لدفع دية المقتول ابو سالم، فلولا انك أرشدت ملك الموت الى بيته لما كان قد قبض روحه).
تفاجأ الرجل وحاول أن يتذرع بأقوال عديدة للصالحين والأنبياء وآيات من القرآن في أن الموت حق، وانه خُطّ على بني آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، لكن الوفد كان مصراً على إنها جريمة قتل وعليه ان يجلب (عمامه) لدفع دية المقتول، قطعوا الطرق ونصبوا السرادق الكبيرة، وراحت القدور تغلي ، واجتمعت العشيرتان مع تقديم السادة من آل الرسول، ووضع كل منهم ( حظه وبخته) أمامه وراح يحكي الحكايات التي تمتلك دلالات على دفع الدية من قبل عشيرة الميت، فيما انبرى أبناء عشيرة (أبو حسين) إلى سياق آخر، الجميع يعرف أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى سباقٍ بالكلمات، ويؤمنون أن الحقوق تحتاج إلى أفواه: ( الحكوك ينراد الها حلوك)، في هذا الوقت بالذات صارت العشائر معروفة بلباقة شيوخها، وأنهم قادرون على الحصول على المغانم في جلسات كهذه حتى إنْ كانوا مع الباطل، انتهت الجلسة بدفع دية القتيل الذي صادرته رؤيا، وبدأت العشيرة بجمع الأموال من أفرادها أمام استهجانهم واستغرابهم لما وصلت إليه الأمور، عقب أبو حسين على اعتراض بعض أفراد العشيرة، هذا هو البلد الذي نعيش فيه وعلينا تقبل الأمر مهما كانت تبعاته، نحن نرتدي العقال منذ زمان طويل وارتداه قبلنا آباؤنا، وهذه ضريبة ندفعها من أموالنا في حين دفع الكثيرون دماءهم ضريبة لما وصلت إليه الحال، سنجمع العشرين مليوناً ونبعثها لهم لنقطع دابر هذه الحكاية، ليكن فنحن ندفع ديةَ رجلٍ ميتٍ وهذه سابقة خطرة.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في التاسع من نيسان
- (عزه ابعين الحكومه)
- رفكة الشحماني والغريباوي
- لعينيك ونوروز
- أفيش
- عكال ثورة العشرين واعكال انتخابات 2018
- ( لزم المرايه...أو شايف وجهك بالمرايه)
- حكاية غير مرتبطة بزمن
- عزّلنه وفدوه لخصيانك
- نديمي في الجاهلية
- فراشة
- عددت العداده وكلمن على ضيمها بجت
- بيت السبع مايخله من العظام
- كان يهديها حضوراً... وهي تهديه غيابا
- ضاع ابتر بين البتران
- طابور العشاق
- الأذن
- نهر
- أوشكت ان اكون شهيداً
- معاناة خريج


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - ديةُ رجلٍ ميت