أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - بائع الدخان














المزيد.....

بائع الدخان


سارة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5782 - 2018 / 2 / 9 - 14:31
المحور: الادب والفن
    


بائع الدخان
سارة يوسف


قال بصوت هادئ سيدتي انت غيرتي حياتي .. تراجع راسي الى الخلف ورسمت على الملامح علامة التعجب !! .. أجبته من .. آنا !!؟ أتمناه ايجابيآ اقصد التغير .... نعم .. وانا مدين لك بذلك ..
سيدي لا اعتقد أني التقييتك !!
.. انا متاكد .. كنت في المدينة البعيدة .. أبيع الدخان . انا صاحب الساق الواحدة ... اشتريت السكائر التي في حوزتي ذاك الْيَوْم
لن أنسى صوتك ابدآ .. عمي أرجع لبيتك نفذت البضاعة .. ثم ابتسمتي لي بلطف من حينها وانا آحمل رسم وجهك معي .. ليس لانه يحمل تلك العلامة الفارقة .. بل لآنني وجدت بعد الحديث معك للكلام معنا مؤثرا..مست أحرفك قلبي الموجوع .. حتى انني آمنت بكلماتك تلك .. القانون في البلدان الأوربية يمنح البشر الكرامة ... ... أجبته بذهول نعم تذكرت .. حدث ذلك في المدينة البعيدة ، كنت في زيارة لكنك تغيرت !!!!! لا لحية ولا ثوب قصير !! وقبل ان اكمل اجاب : نعم وأملك ساقين والاهم من ذلك الشعور بإنسانيتي ! عندما أمرض اجد العلاج .. اموت وانا بشر .. ذلك هو الطموح ..
ليتك ظهرتي لي قبل ان افقد طفلتي وزوجتي وساقي...خسرت كل شئ بسبب الفقر ... كان من السهولة ان تعيش ابنتي لم يكن المرض خطير ..... توسلت كثيرآ بالميسورين في مدينتي المسلمة المؤمنة ... فقدت كرامتي مع أولئك الملتحين بالدِّين وانا اطلب منهم ثمن حياة ابنتي .. لكنهم رفضوا بكل برود وهم يؤدون صلواتهم وتسبيحاتهم .. .
بعد حين ظهرتي لي ..
اخذنا الحوار في ذلك اللقاء معك لأسرتي .. تحدثنآ عن اوربا بعد انتقالك لها على اثر الحادثة واقصد العملية التي كنت قد أطلقت عليهايومها كلمة جهادية وانا انظر لأثرها في وجهك .... اعتذر منك ياابنتي ..تجاوبتي معي على الرغم من كثرة أسألتي .... تغيرت !! كانني رآيت العالم من خلال عينيك .. نظفتي خلايا عقلي ... واخذت اسأل نفسي يوميآ كيف لنا نحن الفقراء ان نعيش في انتظار كرم المحسنين ؟؟ ماذا لو لم يآتي ابدآ ؟ ..... ملامح الكافر والمؤمن لدي اختلفت .. خلعتي ثوبي القصير ولحيتي . حتى الله وقف معي عندما ادركت الانسانية وفتح ابوابه لي للعيش في السويد طبعا بمساعدة منظمة إنسانية سويدية .... جهادي تحول ساعتها الى هدف اخر ارى فيه نفسي ولو للبقية القليلة من العمر وانا انسان كما ولدت ..... لو لم أجدك تلك اللحظةربما كنت ازرع الموت للآخرين الأبرياء ... كما فعل الآلاف...
تفاجأت كثيرآ منه .. تصورت حينها ان صوتي معه ضاع في هدير أصوات السوق المكتظ ..
رحلت في وجهه الجديد الى ذلك الْيَوْمَ الذي التقيته .... ترددت كثيرآ حينها غير أني ارغمت نفسي على العلاج كما يقولون .. المواجهه مع ذلك الخوف والهلع الذي امتلكتني على اثر ذلك الحادث الإرهابي الذي وقع امام نظري في بغداد الحبيبة والذي رسم اثره علي وجهي الى الأبد.
ذلك المشهد لن اتمناه لغيري .. القتل والدمار واهات الوجع من المصابين . كنت واحدة منهم ... الآلام مزقت قلبي جعلتني اشعر بالغضب .. الضحايا كثر والجرائم تسجل ضد مجهول .
غضبآ عارم يجتاحني .. من كل شئ .. الاٍرهاب .. من الوطن الذي فيه المجرمون والجهلة رموز وطنية مقدسة .. الروح قتلت مع الأبرياء هناك في الكرادة .. اريد ان اخرج من تلك الساعةالمريرة .. احساس غريب اجتاحني وانا امد يدي و نقودي وأشتري علب الدخان من ذلك البائع صاحب الساق الواحدة .. رغم أني لا ادخن .
توجهت له ثوبه القصير ولحيته الطليقة اخافتني .. كآنني أعطي الإرهابي الذي فجر نفسه وقتل الناس ودمر حياتي هدية وفرحة .. نظرت في عينيه ومشهد الانفجار يعاد في ذهني لمرات ومرات .. لكنني عندما سمعت قصته بكيت .. ليس هناك عدو مطلق بيننا نحن البشر ... تحدثنا بآمور أوربا ، واذكر انه تعجب كثيرآ كيف لبلاد الغرب الكافر ان يكون القانون فيه انساني الى هذا الحد .....

رحب جميع الاهل بالشيخ معنا علي الطاولة .... بقيت أفكر في نفسي ... دون ان أنطقها ... انت ايضآ سببآ في خروجي من ذلك الكره العجيب والغضب والانتقام الذي دمرني ..
شعرت براحة لم ألمسها منذ اصابتي وأيقنت ان مجرد عيشي هو انتصار لي وهزيمة لهم
وجد الكباب العراقي والخبز الحار شهية مفتوحة لدينا جميعآ في ذلك المطعم العراقي الشهير في مالمو بعد ذاك اللقاء .... غادرنا المدينة السويدية في اتجاه أوسلو .. ودعنا بائع الدخان رغم انه بقي حديثنا طوال الرحلة ...



#سارة_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فجر- وزخات المطر الأحمر
- للحقيقة مكان اخر تسكنه
- رحيل غادة
- جالغي نسائي
- ماعاد النهر ينبع منك
- كلمات
- صرخة في فراغ
- الوان الوجع العراقي الجزء الثاني
- الوان الوجع العراقي
- الفستان الاصفر
- رائحة الفقراء
- عندما ولد الزمن
- قصص قصيرة عن العيد
- الزمن الذي كان فيه ابي طفلا
- السيد شاهين
- افراح افراح
- العشائر السنية في الانبار كمان وكمان
- شارعين وجدول
- احرف لا تقرأ
- ازهار ثوب امي الازرق


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - بائع الدخان