أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - عندما ولد الزمن














المزيد.....

عندما ولد الزمن


سارة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5569 - 2017 / 7 / 2 - 17:14
المحور: الادب والفن
    




قالت السيدة المسنة طول العمر يعني الحزن . نتألم لفقدان احبتنا .. ننتظر كل يوم الرحيل ألا اننا نتفاجأ بغياب اخرين .. بعضهم اصغر سنا منا سبقونا في الذهاب بعيدا حيث الموت .. البعض نستطيع توديعه .. اخرون حرارة فراقهم تسير معنا .. ضحكنا كثيرا انا واخي الذي يكبرني بعام عندما بكت جدتي اخاها الذي مات في الثلاثينيات من القرن الماضي .. سكتة قلبية اودت به رحل دون اذن .. دموعها سقطت بغزارة عليه .. نظرت لاخي وابتسامة عريضة مرسومة فوق ملامحنا البريئة . مخيلتنا الصغيرة افترضت ان من تبكيه مات في عهد حمورابي . .. كان لها عالمها يعيش معها تلامس تفاصيله بقلبها الطيب .. هي عالمنا نحن الاحفاد دون تلك الذكريات التي تحملها..

افتقدها كثيرا ذلك المقعد الذي يقع في منتصف الحديقة العامة .. مر يوم وشهر ربما اشهر على غيابها.. دون اي خبر .. سلمى امرأة في العقد السابع من العمر .. رحل الزوج.. البنت تزوجت .. اما الصغير المدلل كبر هو الاخر .. حصل شهادة الدكتوراء ثم هاجر الى بلد العم سام هناك وجد ضالته وظيفة مهمة في شركة عملاقة ..

الحديقة وناسها اصبحت عالمها وأسرتها رغم ان جميع الاحداث كانت تكتب بصمت في ذلك المكان الذي تتواجد فيه تلك السويعات القليلة من الصباح .. لم تخلف الموعد شتاء او صيفا .. الحياة تكرر نفسها ..نفس الوجوه تلتقيها حتى السلوك ذاته يعاد .. الرجل الذي يصطحب ابنه الصغير للنزهه .. الموظفون والطلاب والعمال يكون فعلهم ووقته بنفس الطريقة تقريبا كل يوم وهي جالسة تراقبهم .. حتى انها تقلق كثيرا لو لم يكون للروتين حضور ... غياب وجها مألوف لها ليوم او اكثر يطرح في داخلها اسئلة عن السبب وربما تقفز الى نتائج او قصص عنه .. .

بعد رحيل الزوج مباشرة حاولت الرجوع لبلدها الام لكنها لم تجده .. او ربما يعز على بغداد ان تتقبلها .. حملت افكارآ جديدة وعقل اخر يختلف كثيرا عن السواد الاعظم الذي يسكن ذلك البلد الحضاري ..
.. الجنس اللون حتى الدين او المذهب او العرق هو اخر ماتفكر به اصبحت لديها قناعة راسخة ان تلك المفردات مجرد عوائق في وجه هذا العالم الواسع الملئ بأمور اكثر اهمية من تلك الصغائر .. العراق غير قادر على احتوائها .. منطقها انقلب . المشكلة ان ابواب العقل قد فتحت .. لمست الحقائق بنسبة بدا لها انها قادرة على التفكير بعقل مفتوح بلا حدود او عائق .. وفجأة ترأى لها ان العلماء و الادباء والمخترعون هم الانبياء .. قدموا حقائق ونتائج ملموسة لهذه الارض .. احيوا وطوروا هذا المكان الذي نعيشه الرسل ينشرون الجمال والحياة لا القتل والمعارك مهما كانت الاسباب او النتائج .. كل من نشر النور والعلم والفن والادب في هذه الحياة الممتدة من حيث مولد الزمن الى يومنا هذا هو الجدير بالحب والتقديس .. مخترع البنسلين ألكسندر فليمنج هو قدوتي . من منا لا يعجب بكلمات المتنبي او تولستوي .. كلهم يستحقون ان نشكرهم في كل يوم .. بفضلهم نستمر ونتطور.. انبيائي كثر بعدد احلامنا واحلام تلك الارض الكروية .. لهم التعظيم والتبجيل .. هذه انا وهذامااحمله!! هل يحترم تفكيري من لبس الجهل ثوبا وعمامة له ؟؟ ..

في ذلك البيت كان المكان مزدحم .. انا واخوتي اهلي الخوال والاعمام واولادهم نعيش حياتنا معا افراحنا والاحزان ضحكاتنا مشاكلنا .. يومها كان المصير واحد او كان يبدو لنا ذلك .. ظننت حينها ان ذلك الزمن سيبقى الى الابد .. .. لكنه رحل .. فجأة تغيرنا واصبح موت احد سكان ذلك المنزل الملئ بالاحلام مجرد خبر او جرح صغير تعالجه مشاكل الحياة التي تاخذنا الى مكانا اخر .. افترقنا واصبح لكل منا عائلة .. .. المشكلة اننا لا نتعض .. نكرر الاخطاء بغباء .. العائلة هي الخلود .. مازالت ضحكات ابني وابنتي ترن في اذني وهم صغار .. مشارعينا انا وزوجي مازلت في طور البناء .. نرغب في تحقيقها .. الزمن غبي ام نحن اغبى منه ..يسرقنا ونحن نتكلم بأمور ثانوية .. وفجأة نلتقي وحدتنا مرة اخرى ... يكبر الابناء .. نبحث عن اسرة اخرى فوق ذلك المقعد تحت تلك الشجرة التي لطالما منعت عني المطر او الشمس في تلك الحديقة العامة .. انا سلمى لوحدي انتظر الموت .. .. التقيه .. . اموت بصمت .. ربما الرحيل سبب الم بداخل صغيرتي وصغيري ...سرعان مايرحل هو الاخر... .
سارة يوسف






#سارة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة عن العيد
- الزمن الذي كان فيه ابي طفلا
- السيد شاهين
- افراح افراح
- العشائر السنية في الانبار كمان وكمان
- شارعين وجدول
- احرف لا تقرأ
- ازهار ثوب امي الازرق
- مشهد من موطن الاحزان
- مشهد في قاعة تولستوي
- بنطلون جينز
- الطريق
- لوحة
- عشق .. وكرة.
- تعقيب على مقالة السيد سجاد ا(الحشد .. يلقم مقتدى الصدر ..بحج ...
- أسبيون .. انا والامس
- أسبيون ..انا والامس
- حبك .....وانا
- مدينة الشرق والدكتور جون
- اخطاء الحياة المتكررة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - عندما ولد الزمن