أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - أسبيون ..انا والامس















المزيد.....

أسبيون ..انا والامس


سارة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5092 - 2016 / 3 / 3 - 15:34
المحور: الادب والفن
    


آسبيون ...انا والامس
سارة يوسف

ساعدني السيد آسبيون كثيرا في اول يوم عمل لي هنا وكان رقيقا جدا .. قدمني لجميع العاملين في الاقسام المختلفة الموجودة في المبنى بحكم ادارته لهذه المؤسسة الاجتماعية ..اعطاني نبذة مختصرة عن عملي ومعلومات وافية عن المكان . النرويجيون عندما يتكلمون معك ينظرون بعينيك كجزء من الاحترام لك .. اخذتني زرقة عينيه ووسامته التي لم تذبل رغم تجاوزه الستين من العمر الى السينما. خيل لي انه بطل احد الافلام الامريكية. يمثل دور الاب الحنون مثلا !! الشعور بالالفة والهدوء احاطني بالامان الذي لطالما يفتقد عند المبتدئين في الحياة العملية .ابتسم وقال ...بالمناسبة من اي بلد انت ؟ اجبت من بلد الجنة.. ضحك واين تقع الجنة ياترى !! . رددت في ...العراق . ارتسمت على نظرته علامة التعجب !!! . ثم اضاف معك في هذا انا كل وطن لاهله جنة . ضحكت بعفوية و اضفت الجميع يطلق عليه بلد الحروب حتى اني سمعت المعلق النرويجي اثناء مباراة العراق مع البرتغال في البطولة العالمية يقول بطل الكوراث الانسانية والحروب فاز على بلد البرتغال وبحضور كرسيتيانوا رونالدوا !!!!! كانت معجزة للجميع تلك المباراة نعم بلد الحروب يلبس الفرح وثوب الجنة احيانا . غادرني السيد آسبيون وهو يردد اسمي سمية . اما انا وضعت جل اهتمامي في عملي.
بمرور الايام اصبحت علاقتي مع السيد آسبيون قريبة الى حد كبير . والحقيقة احترامه لي ولنفسه جعل الجليد والجبل يتكسران بسرعة كبيرة . شجعني ودربني وصحح اخطائي بهدوء وبطريقة سلسة .
بذلت الجهد من اجل اتقان عملي والتقليل من الاخطاء. اسأل عن كل كبيرة وصغيرة في العمل وكان هو يقدر فضولي وحبي للتعلم . انسان رائع ومهذب يحمل بين صفاته تحضر الغرب وصدقه مع شهامة الشرق ونبله .
كانت فترة الاستراحة او مايطلق عليه lunch time زمنا كافيا للالتقاء مع مديري السيد آسبيون .. كما ان الايام سهلت الامور في العمل حيث اصبح كل شئ روتيني والعلاقة مع الجميع باتت دافئة . نشتغل مثل الفريق الواحد لادارة هذه المؤسسة .
دخلت المطعم وانا هاربة من البرد في مساء يوم من شهر كانون الثاني . اوسلو قارصة متجمدة في الشتاء الظلمة تجعل الانسان مكتئب بعض الشئ رغم ذلك لا شئ متعطل والجميع راضي متأملا الربيع والاجمل الصيف وشمسه التي ترافقنا حتى اوقات متاخرة من الليل . صحيح هل الليل مرتبط بالقمر .ام بغروب الشمس .. في الدول الاسكندنافية حكمة الله في النهار والليل خارجة عن المنطق ... توجهت عيوني لوحدها تبحث عن مكان بعيداعن الانظار في هذا المطعم لاجلس فيه ..
الارث الشرقي الذي يضطهدني على جريمة دخولي المطعم لوحدي مازل يؤنب الضمير . تلك المرأة العراقية المسلمة كيف لها الدخول لهذه الاماكن دون محرم . ليس هناك من ثقافة او حضارة فقدت كل شئ . من قال الثقافة هي التحضر . التحضر هو تحويل الثقافة الى سلوك .. كل القصص والكتب التي قرأتها مهما كثرت لا اجدها .. تبخرت واختفت مع الاحساس بالذنب .. كانت هناك روح جاهلية محفورة بعمق في جيناتي وخلاياي . الخطيئة كبيرة الافضل ان اتوارى عن الانظار علني اخفف منها.. واجلس منزوية بعيدة عن الجميع وانا في زحمة المحاكمة وجلد الذات ظهر لي آسبيون يدعوني للجلوس معه وعلى مائدته .
ترددت كما هي عادة الشرقيات . تنقصني الثقة في كياني كانسانة بالغة . ثم قلت نعم سيد آسبيون اين طاولتك .. الان اصبحت الجريمة كاملة .. انا وآسبيون . وتذكرت ثالثنا الشيطان .. لماذا تتجسس علينا الاله دائما وترسل لنا الشيطان يوقعنا في شرك الرذيلة سؤال يحيرني ..
جلست على المقعد المقابل له سألني اين العائلة ؟ قلت له خرج زوجي مع اصحابه اما ابني مسافر مع المدرسية في رحلة الى انكلترا... . وانت اين هي العائلة في هذا اليوم من العطلة الاسبوعية ؟..
خرج سؤالي دون تفكير. غير ان عطر الطعام اخذني منه الى عالم معدتي الخاوية غير الصبورة على الانتظار . اجاب بهدوء انا لا املك عائلة اعيش وحيدا.. واضاف انا لم اتزوج . نظرت له بشعور الاسف . استطرد كان علي ان اختار بين قلبي وكرامتي !! اخترت الثانية .
رحت مع الكلمة بعيدا واقصد الكرامة فقدت بريقها في داخلي لكثرة سماعها . منذ الصغر وانا اعيش في اسرة ومجتمع وبلد وامة يرفعون شعار الكرامة ولا يعملون من اجلها شئ . والجميع بلا كرامة .....
الكرامة فعل وليس شعار انا اضعف من ان تكون لي كرامة اقولها بداخلي بصراحة . رجعت الى المكان سألته كيف .؟؟ اغمض عينيه وفتحها معطيا وجهه اشراقة جديدة .. ربما قلبه لم يعد يطيعه على الصمت وقرر التكلم وبدأت الكلمات تخرج بصوت حزين منه ... ملعونة هي الكرامة التي تفقدنا عمرنا وفرحنا وزعلنا ونشوتنا وانكسارنا .. الكرامة والمبادئ بضائعة رخيصة عندي جدا ..
ارجع للسيد أسبيون الذي واصل حديثه عبر ذاك الصوت الشجي وقال : عندما كنت بعمرك او اصغر قليلا التقيت بأمرأة جميلة. احببتها كثيرا وطلبتها للزواج لكن سوء حظي وجود شخص آخر في حياتها .. كان اوسم مني او يبدو كذلك لا اعرف واغني ايضا .. تقدمنا للارتباط بها نحن الاثنان نفس الوقت ... اختارته هو رغم شعوري انها كانت تبادلني الحب .
اختارته !!!! هو الاجدر لها هكذا قررت.... بعد سنوات من الزواج كانت قاسية داخلي .افترقا رجعت لي تطلب السماح وتقبل الارتباط بي .. ببساطة رفضت العرض ..
لم اتقبل ذلك رغم عشقي لها ومازلت كذلك ليومنا هذا لم يخذلها قلبي ثانية واحدة ولم ينساها عقلي .. لا استطيع ان اكون مع غيرها ولم افقد الذاكرة وقت تفضيلها له .. الزمن الذي كانت معه دمرني اشقاني ..
لم اتزوج . لا استطيع ان اخدع نفسي . هي فقط ماأريد . وضحك اليوم اصبح عمري اثنان وستون تعودت الوحدة . تأثرت بقصته كثيرا كم اتمنى ان اكون تلك الانسانة رومانسيتي عطلت دماغي للحظات غير اني رجعت على ارضي وخارطتي . ووجدت حكايتي تخرج من قلبي وفمي نفس الوقت ارويها له بخجل من نفسي وشفقة عليها.
انا في النقيض منك سيد آسبيون بالضبط . كنت قد احببت شابا واراد الارتباط بي رفضه والدي لاسباب اقتصادية فتزوجت الاخر الغني لان الحب ياصديقي شيئا خيالي لدينا اما الزواج حقيقة واقعة . اصبحت حياتي تمثيل بتمثيل . ياعزيزي انا احدى المصابات بانفصام الشخصية بارادتي ووعي. لي شخصيتان داخلي ليس كما هو منظري . لا احد يستحق الاوسكار مثلي انا اتقنت الدور جدا .. طوال حياتي امثل الحب وابيع الجسد كل ليلة . انا المرأة الآلة التي اصدر التعليمات لها فتعمل بجد ...المشكالة اني لا اعرف من الضحية . انا .. زوجي .. ام ابني الذي لطالما تعذب من كثرة المشاكل بيني وبين ابيه .. وقطعا حبيبي الذي تألم كثيرا بعد الرفض . قاطعني آسبيون وهو يقول بالفرنسية هذه هي الحياة c est la vie

خرج المطعم عن صمته وعلت ضحكات الشاب والفتاة الجالسين في المائدة المقابلة. تناولنا طعامنا وغادرنا .


سارة يوسف



#سارة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبك .....وانا
- مدينة الشرق والدكتور جون
- اخطاء الحياة المتكررة
- ارض الخراب. النص الثاني
- اشياء صغيرة النص الخامس
- اشياء صغيرة النص الرابع
- ارض الخراب
- اشياء صغيرة. النص الثالث
- اشياء صغيرة النص الثالث
- اشياء صغيرة ... النص الثاني
- اشياء صغيرة
- الخيار الاستراتيجي الوحيد للعراق مع تركيا
- بين الامس واليوم الكرامة المفقودة بين العبادي والسلطان العثم ...
- اوروك احببتك بعد الرحيل
- العبادي : هل انت خائن ام فاسد
- تقرير امريكي:تركيا ليست حليفا ضد الارهاب . تجمع سومريون / سا ...
- القرية المنسية 00000قصة قصيرة
- سارة يوسف


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - أسبيون ..انا والامس