أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - الفستان الاصفر














المزيد.....

الفستان الاصفر


سارة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5603 - 2017 / 8 / 6 - 17:13
المحور: الادب والفن
    


الفستان الاصفر
سارة يوسف

لم تعد باسمة تملك الصورة التي بقيت في الذاكرة ثلاثين سنة .. محا الزمن تلك النظرة الجميلة الثاقبة .. بياضها وملامحها البريئة بقيت رهينة في داخلي لثلاثة عقود .. كانت انيقة لحد كبير وسر اناقتها اجادتها فن التفصيل والخياطة .. باسمة تصنع من قطع القماش فساتين رائعة تستحق ان تعرضها اهم دور الازياء العالمية...
ناديت بصوت عال بعض الشئ باسمة.. عفوا ست باسمة تسعدني رؤيتك : اجابت بعذوبة وانت ايضا .. سهاد !! اليس كذلك !! كم كبرتي!!! هل تزوجتي ؟؟
نعم انا ام لبنت اسمها سلمى هي في السابعة من العمر .. هل هي جميلة مثلك ؟ ربما اجمل ... وانت ماهي اخبارك ؟؟ سمعت انك سافرت الى الكويت .. لم اشاهدك بعد تلك الامسية .. بالمناسبة اختي جنان بقيت تسال عنك كثيرا .. تعيش الان في لندن مع عائلتها ... وبدون شعور خرج الكلام من فمي لطالما سألته في داخلي .رغبةجامحة امتلكتني . شي يدفعني لمعرفة الحقيقة بعد ان فقدت نصفها .. هل لي بسؤال خاص ؟
ترددت!! ثم قالت: نعم سافرت للكويت انا وزوجي ورجعت قبل حربنا العبثية الثانية .. اسألي ماتشائين !!!
هل مازلت تحبيه ؟؟ مازلت تحبين عمي محمد ؟
ماذا!! لماذا تطرحيين هذا السؤال !! الدنيا قسمة ونصيب هكذا هي .. تزوجت وانا راضية عن حياتي .. الماضي قتل في تلك الامسية ..
ثم ابتسمت بخجل زادها جمالا . .انت عزيزة على قلبي .. هل تذكرين ثوبك الاصفر ..لدي صورة وانت ترتديه كنت طفلة جميلة .. انت قريبة الشبه منه نفس السمرة والشفاه .. ثم صمتت .. وبتلقائية شديدة اكملت.. نعم احبه كثيرا .. لم استطع نسيانه .. رغم البعد عنه .. ببساطة الحب لا يعرف الكره او الحقد ... ماذا عنه هل هو بصحة جيدة ؟سعيد ؟ نعم هو سعيد... اجبتها والدموع تسكن عيوني والم في القلب يهز كياني .. شكرتها كثيرا وكانها قدمت لي معروفا كبيرا على كلماتها تلك . لم ينتهي حبك اذا في ذلك اليوم ...
كانت باسمة تتردد على دارنا صديقة لأختي جنان قبل ان تقع في هوى عمي محمد .. وبالتالي امست ضيفتنا خصوصا عندما يزورنا هو .... يتبادلان الحديث والنظرات يهمسان لبعضهما في اية فرصة سانحة حيث كنا دائمي التواجد معهما ونادر ما نختفي ... بدا لي حبها لعمي كبيرا لا يمكن ان يحتفظ بسره قلبها الصغير ..فاصبح حكاية دارنا خلال تلك الفترة .
في مساء احد ايام الصيف حيث كان عمنا محمد يعاني من ازمة صحية.. زارتنا باسمة حاملة ثوبي الاصفر التي خيطته لي .. ازهار بيضاء للحبيب .. اعطتني الفستان . ارتديته في الحال.. احببته كثيرآ كان انيقاوجميلآ.. .
حينها التقطت تلك الصورة التي تحدثتي لي عنها .. جميعنا حضرفيهاحتى عمي محمد ..
فجأة تغير كل شئ فقدت تلك الجلسة بريقها ودفئها ..حينما قرر مريضنا الغالي المغادرة مدعيا موعدآ طبيآ ذهب تاركا عطرأ يفوح في اثره ...
بقينا انا وجدتي وثوبي الاصفر واختي معها ... نظرت جدتي لباسمة بعمق ثم قالت بصوت مرتفع يجب ان تعرف .. اعطت ظهرها لأختي التي ظهر ارتباكها واضحا سأقول لباسمة ..... .. باسمة كانت لا تزال تحمل ابتسامتها التي قتلت بصوت جدتي الذي ارتفع .. محمد لا يفكر في الزواج منك .انت أمراة جريئة ياباسمة ... لم تخجلي بأقامة علاقة حب معه .. كيف له ان يأتمن على شرفه معك .... هذه ليست عاداتنا.. الحب خطيئة في ديننا. كما انه خطب أمراة خلوقة لا تعرف غير سجادة الصلاة وليس لها في الحب والسخافات.. ارجو ان تبتعدي عنه ..
حزنت كثيرا بعد هذا الكلام .. وتحول قلب جدتي الطيب في نظري الى قاس .. حتى الافئدة الطيبة تتكلم بذلك المنطق.
لم تستطع جدتي فهم الحب على انه حالة انسانية سامية لانها ببساطة حرمت منه بأسم الدين .... داعش قديمآ كانت حاضرة فينا ولم تزل .. جهلنا هو داعش يقتل احاسيسنا ورغباتنا من الداخل يذبحها بسيف الدين فنصبح جواري وسبايا .. ..
اختي جنان بقيت تلوم جدتي كثيرا على كلامها الحاد . وتحاول مواساة صديقتها لكنها لم تنفي خطوبة محمد ابدا .. بقيت باسمة معنا صامته محافظة على تلك الاناقة والرزانة ثم حملت حقيبتها ودعتنا وذهبت ...

الغى الثوب الاصفر جميع الفساتيين الاخرى التي امتلكتها في فترة الطفولة من الذاكرة ... رسخ في داخلي .. وكأن تلك الفترة قضيتها بذلك الفستان الجميل فقط .. لطالما شعرت اني مميزة عن الاخريات وانا ارتديه.. ..
لم يسعد عمنا الوسيم ابدا بزواجه من المرأة الاخرى .. شكى كثيرا منها.
وددت في لحظات جمعتني به بعد زواجه ان اسأله عن الذنب الذي اقترفته باسمة معه ..فقط من اجل الحقيقة لانني لطالما شعرت ان حبها له هو الاثم الذي فرقهم .. لكنني لم استطع ...منع القدر ان يمنحني تلك الفرصة التي اجلتها عدة مرات..
.. رحل العم محمد عن عالمنا الغارق في المشاكل في احدى مذابح الارهاب الاعمى التي طالت الجمال في بغداد الحبيبة ..
تحدثنا كثيرا انا وباسمة التي مازلت انيقة عن احداث الماضي تلك دون لوم او عتب .. قاطعتنا اصوات ابواق السيارت التي تحاول ان تقف بالقرب من الرصيف الذي قابلتها صدفة عليه .. ودعتها بعد ان تبادلنا ارقام الهواتف .. مشيت مسرعة الى مول المنصور باحثة عن ثوب اصفر انيق لابنتي سلمى ...



#سارة_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة الفقراء
- عندما ولد الزمن
- قصص قصيرة عن العيد
- الزمن الذي كان فيه ابي طفلا
- السيد شاهين
- افراح افراح
- العشائر السنية في الانبار كمان وكمان
- شارعين وجدول
- احرف لا تقرأ
- ازهار ثوب امي الازرق
- مشهد من موطن الاحزان
- مشهد في قاعة تولستوي
- بنطلون جينز
- الطريق
- لوحة
- عشق .. وكرة.
- تعقيب على مقالة السيد سجاد ا(الحشد .. يلقم مقتدى الصدر ..بحج ...
- أسبيون .. انا والامس
- أسبيون ..انا والامس
- حبك .....وانا


المزيد.....




- هيلين كيلر.. الكفيفة الصماء التي استشارها رؤساء أميركا لعقود ...
- 40 عاما على إطلاقه.. ماذا تبقى من -نقد العقل العربي- للجابري ...
- فيلم -شرق 12-.. سردية رمزية لما بعد ثورات الربيع العربي
- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...
- قانون التوازن المفقود.. قراءة ثقافية في صعود وسقوط الحضارة ا ...
- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة يوسف - الفستان الاصفر