أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - ما بين باريس و سوتشي















المزيد.....

ما بين باريس و سوتشي


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 02:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بداية عام 1936 و بدعوة من الكتلة الوطنية لاضراب الستين يوم و الذي عم كافة ارجاء سورية القابعة تحت الاحتلال الفرنسي, اضطرت الحكومة الفرنسية لدعوة قادة العمل السياسي الوطني في سورية آنذاك لمؤتمر حول مراحل استقلال سورية و توجه الوفد المؤلف من هاشم الاتاسي, فارس الخوري, سعد الله الجابري, جميل مردم, ادمون الحمصي, مصطفى الشهابي, نعيم الانطاكي, احمد اللحام, و ادمون الرباط إلى باريس عاصمة الاحتلال و خاض مفاوضات سياسية انتهت بتوقيع معاهدة سنة 1936-1941 الفرنسية السورية و تنص على تسعة بنود و ملحق عسكري.
لم تكن البنود تعني استقلالاً سورياً حقيقياً و لكنها فرضت على المستعمر البدء جدياً بالتفكير في الرحيل عن سورية التي لم يكن الصراع السياسي هو الطريق الوحيد لمؤتمر باريس بل كان صراعاً متلازما بين العمل المدني و بين العمل العسكري الموحد كامتداد للثورة السورية الكبرى بعد توحد فصائلها تحت قيادة وطنية واحدة.
ما حدث في تاريخ سورية المعاصر يدعونا للنقاش في ظروف و مخاطر الخوض في مؤتمرات يدعى لها السوريين بين الحين و الآخر على امتداد سبع سنوات من قيام الثورة و ما رافقها من انحرافات و تشوهات كانت سبباً جوهرياً في انحسار الثورة و تعويم نظام الآسد و شرعنته بحجة فقدان البدائل, لنقف عند اخطرالدعوات للمشاركة بمؤتمر سوتشي باسم مؤتمر الشعوب السورية.
لا يعني ذلك أن نرفض فرص البحث مع الاحتلال و في عاصمته باستقلال سورية و لكن قبول ذلك يتطلب جملة من الظروف الموضوعية و أهمها العمل الوطني السياسي و العسكري في الداخل السوري تحديداً لتحرير الوطن من أي قوات غير وطنية تقف على ارضه.
في الشكل:
- إن دعوة لمؤتمر سوتشي باسم الشعوب السورية هي دعوة لتفريغ سورية من أهم مكوناتها كدولة أو وطن لكل السوريين المتعايشين على امتداد آلاف السنين رغم كل الاشكالات و الخلافات التي لطالما عملت الاحتلالات و الحكومات العسكرية على منع طرحها كقضايا وطنية للوصول لقواسم مشتركة تؤسس لدستور يحمي كل تلك المكونات تحت سقف القانون.
- إن دعوة المئات من السوريين للمشاركة مؤتمر يبحث في مستقبل سورية هو تأسيس حقيقي لتصنيف المشاركين و من ثم تصنيف السوريين حسب انتماء كل سوري الاثني او الديني او الطائفي او المذهبي و حتى العشائري, بمعنى آخر تحطيم لكل الروابط الوطنية بين السوريين و تقنيين لصراعاتهم المستقبلية كما حدث و يحدث في العراق و لبنان و غيرها.
- إن الدعوة المباشرة من قبل أهم الاحتلالات القائمة على الارض السورية و تحت علمه و على ارضه دون توحد السوريين حتى على العلم الذي يمثلهم هو بمثابة تفخيخ لأي اتجاه لبناء كيان وطني يمثل غالبية السوريين و طموحاتهم في بلدهم.
في المضمون:
- لا يمكن أن يكون هناك مفاوضات أو مباحثات بين طرفين لا يتمتعان بقدر من الندية حتى بين دولة مٌحتلة و بين شعب محتل و هذه الندية يمكن أن يصل إليها الشعب المحتل بوجود عمل سياسي وطني متكامل و بكافة اشكاله على ارض الواقع.
- لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات بين طرف محتل و راعي للنظام القمعي و بين آلاف من البشر لا روابط حقيقية بينهم و لا ضوابط لعملهم و لا قيادة لهم و ماذا يمكن أن يكون لديهم بدائل في حال تجاهل المستعمر كل المواثيق و الاتفاقات كما يفعل الروسي كل يوم في سورية.
- لا يمكن أن تحتكر دولة أو عدة دول مصير و مستقبل بلد دون أن يكون هناك ضمانات دولية و تحت علم الامم المتحدة لتنفيذ ما يمكن أن يصل إليه أي مؤتمر على افتراض أن نتائجه وطنية و يقبل بها غالبية الشعب السوري و خاصة قضية وطنية كقضية كتابة دستور وطني لكل السوريين.
- الاكثر خطورة أن يشترط قبول الدعوة باستبعاد البحث في مصير رأس النظام في مخالفة واضحة لمؤتمر جنيف واحد و لمنطق العدالة في محاكمة كل من ساهم بشلال الدم السوري و في خيانة لآرواح مئات الآلاف من الضحايا من اطراف الصراع, من معارضي النظام الأسدي و حتى من مواليه, فكلا الطرفين هما ضحايا نظام قمعي مجرم احدث شروخ في تركيبة الشعب السوري على مدى خمسين عاماً من حكم الأسدية.
لا شك أن ما وصلت به الاوضاع في سورية هي حالة كارثية و ما يتحمله السوريين داخل سورية و ايضاً خارجها من قهر و جور لا يماثله عبر التاريخ إلا القليل من مصائب الشعوب و لكن ما انتجته فكرة و عملية انتفاضة السوريين ضد النظام في وقت كانت كل المؤشرات تستبعد قيامتهم ضد فاشية اسدية دموية وضيعة, قل مثيلها في التاريخ البشري, اسست بالدم لمفهومي التحرر و الحرية و بحتمية سقوط الدكتاتوريات العسكرية حتى بتخليها و بنفسها عن كل اشكال السيادة الوطنية.
رغم كل شيء, إن السوريين يملكون فرصة قيامهم من جديد و هذه الفرصة مبنية على ظروف موضوعية حقيقية أولها عامل الزمن الذي لا يخدم أي مستعمر يتلقى ضربات موجعة على الصعيد السياسي و العسكري و ثانياً امكانيات كبيرة للتحرك بين خلافات الاحتلالات القائمة على الارض و هذا ظرف موضوعي مهم في حال تم استغلاله بشكل جدي و ذكي و لكن كل هذا لن يتحقق بدون وجود وعي وطني جمعي لدى معظم السوريين انهم امام مهمة تحرير وطنية طويلة و مستمرة و صعبة و أن هذا الوعي يتقولب باستراتيجية وطنية تشبههم و تسعى لاقامة دولة حرة مستقلة كاملة السيادة على كامل ترابها الوطني تكفل حرية كل مواطنيها و مكوناتهم البشرية. هذه الاستراتيجية تستبعد خطط التحرير المناطقي التي اتبعتها الفصائل العسكرية خلال السنوات السابقة و ادت لتدمير المدن و القرى السورية و تهجير اهلها بطيران النظام و التحالفات الدولية و المافيا الروسية.
و بالضرورة يعني ذلك ان تخرج من صفوف السوريين الوطنيين كوادر و قيادات وطنية حقيقية يثق السوريين بقدرات اعضائها و بانتمائهم و بامكانياتهم, يملكون فقط رؤية تحرير سورية و بناء دولتها المستقلة دون مطامع شخصية في الثروة و الاستئثار و الاقصاء كما كان حال وفد الاستقلال السوري في مؤتمر باريس 1936.
عندئذ, يمكن أن يشارك ممثلين عن السوريين بأي مكان في العالم بمفاوضات استقلال وطنهم و مع أي محتل كان و تحت علم الشرعية الدولة, متسلحين بقوة شعب لا يبخل بأي ثمن من أجل حريته غير المنقوصة.






#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن انهيارات القيم الوطنية
- بالنار كللت يا شام
- لماذا علينا و ليسوا معنا؟
- صور من المقالب الآخرى
- سورية بين دولة العدالة و سراب الدولة
- استدعاء الماضي لخسارة المستقبل
- دروس سريعة من ليلة الانقلاب
- زنوبيا السورية
- هدف الحرب هو الحرب
- القبعات الزرق في سورية
- أين الصين من الثورة السورية؟
- جواز سفر سوري, و جثة ارهابي
- أوهام الانتصارات
- مصالح الدول, بين الشر المطلق و الخير المطلق
- آذن القلعة, ينادي!
- لا تنسوا كي نذكر العالم دائماً بجريمته
- تركيا الجار الحنون
- قرص شنكليش
- فمتى نبدأ أيها السوري؟
- دولة المواطنة و ضمانة الانتماء


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - ما بين باريس و سوتشي