|
قرص شنكليش
خالد قنوت
الحوار المتمدن-العدد: 4876 - 2015 / 7 / 24 - 10:22
المحور:
كتابات ساخرة
عام 2005 في مكتبة ميسلون بدمشق دخل شاب و شابة و سألا موظفة المكتبة بلغة انكليزية عن كتب محددة. لم تفهم عليهما الموظفة فسألتني المساعدة بحكم معرفتها بي حيث كنت اضع لديها في المكتبة مجموعة الاعمال الكاملة للسيدة فيروز و الرحابنة. المهم, كان الشاب و الشابة ألمانييان و يسألان بالانكليزية عن دواوين للشاعر نزار قباني باللغة العربية. صعقت الموظفة من طلبهما و سألتني أن استفسر عن الموضوع فأجابا أنهما مغرمان بسورية و يريدان أن يأخذوا منها لألمانيا كتب لأهم كتابها و شعرائها و مفكريها لترجمتها هناك. جمعت لهما دواوين نزار قباني و ديك الجن و رياض الصالح حسين و عمر ابو ريشة و أدونيس و مسرحيات سعد الله ونوس و مؤلفات و ترجمات لالياس مرقص و جورج طرابيشي و فراس سواح و محمد الماغوط و ممدوح عدوان و بعض المنشورات الاخرى التاريخية فاشتروها جميعها و شكروني امام فرحة الموظفة. في الاغتراب, يستغرب الاجانب عندما كنت اتحدث لهم عن وطني سورية (طبعاً قبل تطور الامور الحالية) و عن تاريخها الثقافي و الادبي و الفكري و عن تنوعها الاجتماعي و انفتاح السوري عموماً للثقافات و للعلم و للعمل و التجارة, ليسألوني عن موقع على الانترنت يمكنهم من البحث و المعرفة عن سورية لأصدم بمواقع تتحدث عن الفتة بحمص و الفول و الكبة بلبنية و التبولة و الوربات بقشطة و العرقسوس و البوظة العربي و لف اليبرق و المحاشي عن قهوة النوفرة و الحكواتي و الارجيلة...كل شيء عن سورية ينحصر فقط بالأكل و الشراب و الكروش و الاوابد التاريخية. اسرائيل سرقت منا التبولة و الحمص و الفلافل و الكثير من الاطباق المتداولة في بلادنا لكنها دولة من أهم مصنعي السلاح بالعالم و من أقوى الدول من الصناعات الكيميائية و الالكترونية و الذرية و لديها اقوى الشركات الاقتصادية و المالية و الاعلانية و الاعلامية في العالم, نقابلها انتقاماً بأكبر صحن حمص و أطول سندويشة فلافل و اكبر جاط تبولة لكي نعلن للعالم أننا أصحاب هذه الاختراعات العظيمة بينما لا نقدر على صناعة برغي أو مسمار في بلادنا أو بأفضل الاحوال نستورد كل مكونات بعض المنتجات و نقوم بتركيبها و نقدمها على انها فخر الصناعات الوطنية. ليست المشكلة في أكبر قرص شنكليش يدخل في ارقام غنيس الغبية, المشكلة بالشنكليش الذي في عقولنا و فكرنا و الذي بمعايير الشنكليش العالمية هو الافضل لأنه الأكثر عفناً و تخلفاً حتى فاحت روائحه الكريهة فور قيام ثورة شعبية قصدها انفتاح العقل و منح المواطن حرية لكي يبدع فيها فكراً و عملاً. قرص الشنكليش ليس المشكلة, الكارثة أن يكون بديلاً عن العقل في الرؤوس التي تبرر القتل و الاستبداد و الظلم و ترى في النظام المجرم نظام مقاوم و هو يقتل السوريين و يدمر سورية و تلك الرؤوس التي ترى في تدمير ما تبق من سورية و القتل و الانتقام من الجميع هدفاً مشروعاً لحربهم الطائفية بحجة العين بالعين و السن بالسن و أيضاً بتلك الرؤوس التي ترى أنها هي من تملك الحقيقة و الحق و كل الآخرين بواطل و مباحة الالغاء و التصفية و رؤوس اخرى ترى في دخول قوات تركيا أو اسرائيل أو ايران أو الولايات المتحدة لسورية حلاً. قرص الشنكليش المسكين, و في ظروف تاريخية سورية كان المنقذ لآلاف السوريين من الجوع خلال حرب السفربرلك و غيرها كما كانت البطاطا منقذة أوربا من الجوع خلال و بعد الحرب العالمية الثانية لكن شعوب أوربا لم تفكر يوماً بصنع أكبر صحن بطاطا مهروسة بل اقامت امبراطوريات صناعية و علمية و فكرية للعالم. نظلم الشنكليش كثيراً عندما نحمله أسباب تخلفنا و جهلنا و عصبيتنا و صراعاتنا الدينية و الطائفية و الاثنية و ننسى أننا كنا و مازلنا أمام حدث وطني كبير هو قيام ثورة وطنية قدمت الكثير و انجزت الكثير و لكن الكثيرين يعشقون و يفضلون العفن و رائحته على طعم و رائحة الحرية و الكرامة.
#خالد_قنوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فمتى نبدأ أيها السوري؟
-
دولة المواطنة و ضمانة الانتماء
-
الطاغية لم يمت بعد
-
سقوط سجن تدمر
-
العرس بسورية و المؤتمر بالرياض
-
خاين يلي بيخطف ثائر
-
تحليل في خطاب الشيخ زهران علوش
-
ثورة تحت الرماد
-
امتحان إدلب الصعب
-
ائتلاف, بلا عطارين
-
البعد الوطني و صراع الاحلاف
-
المزاودة, تبرر شلال الدم السوري
-
كرة الثلج الارهابية
-
من الثورة السورية الكبرى 1925 إلى الثورة السورية 2011
-
إلياس مرقص, من أجل الانسان الفرد و الحرية.
-
متى نتعلم من جوهر الاسلام؟
-
تونس تمد لسانها لشهداء سورية
-
خراب لعبة الأمم
-
شهادة وفاة
-
تركيا, دروس في السياسة
المزيد.....
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|