أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد قنوت - شهادة وفاة














المزيد.....

شهادة وفاة


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 10:28
المحور: كتابات ساخرة
    


ساعة و نصف و هي تنتظر طابور المراجعين أن يتحرك و لم يتحرك, فالموظف المسلح ببندقية و الموظفة يتبادلان الثرثرة و كاسات الشاي و الغزل السمج. الحرارة في الخارج مرتفعة و الرطوبة عالية لمدينة ساحلية سورية و بداخل مكتب النفوس المهترء تزيد رطوبة المكان من بؤس الانتظار رغم حياد أكثر الواقفين و حالة القبول و الخنوع دون أن يصرخ أحد بالموظفين الثرثارين لكي ينجزوا عملهم فكما يقال: (كل ديك على مزبلته صياح) و هاذين الموظفين يملكان من السلطة على مزبلتهما ما لا يمكن لأي مواطن عادي بسيط أن يتجازوها فقد يتحول الموضوع لاتهام بخيانة النظام و الوطن الصامدان المقاومان الممانعان و سيد الوطن الفذ القائد الملهم.
نظرت حولها تريد أن تخرج من ثيابها و تصرخ لكن الشجاعة خانتها و سكبت على رأسها سطل ماء بارد. حاولت النظر للموظفين الأبلهين لتثير انتباههما و عطفهما على مواطنين مثلهم يريدون قضاء امورهم و اشغالهم, دون جدوى.
تلفتت حولها محرضة بعضاً من الرجال أو الشيوخ كي ينادي على الموظفين, كانت الوجود بلا معالم و كأنها أقنعة صفراء لاناس بلا ردود أفعال.
أثار كم صور الرئيس المفدى و شعارات (شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد) الدم في عروقها تنحت يميناً و كذلك يساراً فكان هناك صور أخرى و شعارات أكثر وضاعة .
لم ترى نفسها إلا و دموعها تنهمر على خديها, بصمتها راحت تكيل الشتائم و السباب للرئيس المناضل الفذ ابن العظيم الراحل الخالد: (يا أولاد الكلب, يا أولاد الحرام. يلعن أبوكم على أبو أبوكم يا مجرمين يا خونة. يلعن أبوك يا خاين يا ابن الخاين دمرتوا البلد و هجرتوا أهلها و كنتم السبب بكل هذه المصائب من يوم ما كان ابوك يحكم سورية و يفلت ابناء عائلته للتسلط على البشر و نشر الرعب و اللصوصية و التهريب و الفساد و تجارة السلاح و الحشيش و المواد التي كان يمنعها حافظ الأسد على السوريين حتى صارت حلم. نحن العلوية كان الذل الذي شفناه على ايدي كل بيت الأسد, جميل الأسد و رفعت الأسد و شيخ الجبل و فواز الأسد و حسين الأسد و هلال الأسد و خرى الأسد و غيرهم و غيرهم من كلاب الأسد كان ذل من نوع تكسير الروؤس و تمريغ الأنوف بالوحل. من يوم يومكم خوفتونا من بقية السوريين و من حالنا لحتى وصلنا ليوم نشوف بيت الأسد بكفة و حياتنا كلها بكفة. انت و ابوك و عمك و عيلتك, بعتو سورية و بعتو اهلها و سرقتو نفطها و ثرواتها و اثارها و كل يوم موجدين فيه بالحكم عم يروح البلد للهاوية و السراب و عم يموتوا اولادنا و أولاد كل السوريين, يا أولاد الكلب يا أولاد الوحش يا أولاد الحرام. خربتوا نفوسنا قبل ما تخربوا بيوتنا. شو برجع جيل من الشبيحة و المجرمين و اللصوص ليكونوا متل ما كانوا زمان بشر بسطاء و كلهم خير. شو كم عمر لازم ينقضي لحتى ترجع تضمد الجراح و الذنوب. ورطوا الجميع بحربكم على كل السوريين و صار مستحيل يتراجع كل من ساهم بالقتل و الاجرام و المجازر و السرقات. أتمنى أن يأتي يوم و أرى فيكم البعض مما فعلتوه بالسوريين يا انجاس يا اذناب ايران و عبيد اسرائيل...)
تحول بكاؤها الصامت إلى اجهاش و تنهدات عميقة اثارت انتباه من حولها, كانت سيل الشتائم و السباب يخرج متواصلاً و كأنه تمتمات أو عنين, حتى تحول لعواء أو صراخ يصل المدى حرقة و ألماً.
تجمع الناس حولها و بدأوا يسألونها عن سبب بكائها و نحيبها, حتى الموظفان البليدان خرجا من خلف شباك المراجعة مستفسران عن سر بكاء الصبية.
من بين دفق دموعها و ألمها و نظرات الحقد و الكراهية لصورة الرئيس المفدى و هو يبتسم ببلاهة مفرطة و يلوح لشبيحته و من إصرار المتجمعين حولها قالت: (ابكي على وفاة والدتي التي رحلت منذ اسبوع و قد تذكرتها عندما وقفت لاستخراج شهادة وفاة لها)
واساها الجميع و هم الموظفان البليدان لتأمين شهادة وفاة والدة الصبية بخمس دقائق أو أقل.
و مضت تشتم بصمتها عائلة الأسد واحداً واحداً.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا, دروس في السياسة
- بيضة القبان
- من أورشليم إلى دمشق
- من فكرة الأصفار إلى مبدأ المعادلات
- محاكمة العصر
- سوريون دائماَ و لا نخجل
- عيد جيش الوطن
- رجال الغوطة
- -لابد من فعل شيء-, ديغول سورياً
- مبروك لمخيم اليرموك الصامد
- باسل و محطات من السفرجل الأسدي
- افتتاح مونديال الشعوب الفقيرة
- الحرية تليق بكم
- عودوا, الأرض حنت لكم
- الثورة السورية و بعدها الوطني و الأخلاقي
- الدكتوراه قبل القيادة و المناصب
- سورية: إقليمياً, دولياً بعد 38 شهر من الثورة
- ثورة من أجل الثورة
- قذائف هاون ... على الأهل
- المزاودة في سيكولوجيا العقل السوري


المزيد.....




- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد قنوت - شهادة وفاة