حيدر الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 5690 - 2017 / 11 / 6 - 02:03
المحور:
الادب والفن
ثياب العيــــد
ــــــــــــــــــــــ
لم يزل دولاب الماكنة النسائية السوداء يدور بجهد متواصل عنيد.
والأرملة ذات الثلاثين من السنوات الثقال تحاول ان تضع بساعديها فساتين بنات المحلة بين
اسنان تلك الماكنة القديمة الهرمة ، وهي تقاوم بصراعٍ دائم وتحدٍ واضح للتعب المرير .
لعلها توفر لأيتامها الصغار بعضاً من متطلبات الحياة الصعبة :
( اجور ماءٍ ، كهرباء ،دواء ، غذاء ،غرفة متهالكة و لقمة عيشٍ هني ) .
أما مروحتها المنضدية التي تدور هي الأخرى ،فهي تشاطر منديلها المنكود بقطرات عرق
جبينها وتئن لحالها بأسى تك تك تك ،
بينما أصابع ابنتها اليتيمة تداعب ببرائة سنواتها الأولى ، اصابع اختيها الصغيرتين ، ببعض
لوالب الخيوط الفارغة لتبني لهما بيتاً من الاحلام ، وعرائس من دمى ...
ومدفع الإفطار يعلن عن آخر يوم من شهر رمضان ، ومذياع جارتها في الغرفة المجاورة
يدندن ( خاله يخياطه وين ثيابنه خاله .. باچر يجينه العيد ويدك بابنه خاله )
وجاء صباح العيد بملابس ملونة جديدة ومجاميع الأطفال تتسابق نحو دواليب الهواء
ومراجيح العيد ، وهي تلهو وتمرح وتبتسم وتضحك للجميع بنشوة عارمة وفرح طفولي
بريء لا يدانيه مثيل ....
وابنة الخياطة تراقب المشهد من الدكة المرتفعة للدار بعينين دامعتين ، ووجه حزين ،
تحبس دموعها وتمسحها تارةً بثوبها الرث القديم .
وصوت ذاك المذياع ما برح ينشد في خاطرها :(خاله يا خياطه وين ثيابنه ) ؟
تركض اليتيمة نحو أمها لتسألها : واين ثيابنا الجديدة يا ماما ؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27/8/1998
#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟