أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - حنين عبر الرمال














المزيد.....

حنين عبر الرمال


حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 5687 - 2017 / 11 / 3 - 19:28
المحور: الادب والفن
    


حنين عبر الرمال
ـــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر

على خارطة الصحراء كثبان من الرمال تحركها الريح ، فتتلون الخارطة برسومات غريبة لحدود لا منتهى لها ، ومن وحي جديدٍ لرسومات سرابية تلمع عن بُعدٍ ليس بقريب ،
كانت الرياح الصحراوية العاتية تغور بصفير رمالها في امعاء مقبرة بمساحة ٍ صغيرة تطل من فوق ربوةٍ على قرية كان اسمها قرية ، فاتها الزمان فغدت منسية بمكانها وناسها ،
ولم يبق منها الا بعض ملامحٍ رمليةٍ غطت على ذكر من كان يسكنها ،
يبدو ذلك واضحاً من رؤية شواهد تلك القبور المتباعدة المتآكلة ،
وهي توزع حنينها على شجيرات يابسةٍ متهرئة ، وبئر ماء بلا ماء يتدلى منه دلو مشدود بحبل مقاوم يئن جيئةً وذهابا من غير جدوى .
بيد أن قافلة من النمل الصحراوي باتت تشكل خيطاً او شريطاً بلونٍ اسود ،
تدب بأملٍ عند قرنة بيت ٍ مهجور ، صرير بابه الخشبي ، قد يطرب مسير القافلة .
وقد يزعج سعف نخلة معزولة تبكي بالقرب منها .
وموجة عواء قادمة من بعيد لذئاب ريح جائعة تطمع في لحس رقبة عجوز قادم بعكازةٍ عرجاء ، ولحية مجعدةٍ احرقت الشمس بياضها وصبغتها بصبغة ٍ صفراء تميل الى لون الرمال ، تشطب ملامح وجهٍ شاحب مهزول من تعب البحث في زوايا الذكريات ،
وبعينين صغيرتين ذابلتين ذائبتين في لهب حرارة الايام ، وفم مفتوح يلهث من عطشٍ قاتل ، واسنان مدببة ، ليس لبعضها حضور في فمه ، تستغيث بألمٍ من جور سنواتٍ جحاف هالكة ، هذا هو حال الشيخ وهو يقلّب نظراته بين اطلال القرية والمقبرة التي تقتلعها دوامة الريح ..!
ــ ايه يا شيخ ! ما الذي عاد بك الى هنا ، والحبيب قد مضى من هذا الطريق ؟
انه الحنين للماضي ايتها الذكريات .. ( حنين صامت وشوق مكتوم وأمل معدوم وأماني بعيدة تختبئ خلف حنايا الصدر تكتمها النفس لصعوبة تحققها أو لخوف ما )!
لحنت نملة سوداء ، مفردة الخوف من رأس الشيخ العجوز ..
واسرعت محذرة قافلة النمل من ضيفٍ غريب .
(يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده ...)
لعل لسانها الفصيح بتلك اللهجة الخافتة جاء متوارثاً عن جدتها الكبرى ...
ومثلما تبسم سليمان ثم ضحك من قول جدة النملة ، في ذات يوم مضى ،
تبسم الشيخ العجوز وترقرقت عينيه بالدموع ، وحسبهُ قد ادرك الفزع العجيب !
عند جذع نخلة عطشى , تعودت الهذيان في صخد الهجير !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20/8 /1999



#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هروب من كابوس
- ليلة من ليالي الخريف
- فلا تقلق
- رحيل الذاكرة
- جولة تصيبها الخيبة
- جمجمة جدّي
- من هوَّ
- رمضان بريمري
- لوحة موناليزا في مختبر نٍزار قباني
- صوّر من الحياة ( مشاهد قصيرة )
- آه يا أنا
- مهداة الى صديقي الشاعر الراحل حسين السلطاني
- ذكريات
- وللجسور البغدادية حكاياتها
- سهرة مع توجعات نساء الارض
- التأثير المتبادل بين العرض والمتلقي
- ليلة عودة الربيع
- محنة الاسماء المتشابهة واختلاف المنجز
- مسرحية بيرجنت بين الرمزية والتعبيرية
- ثرثرة بدخان ساخن


المزيد.....




- كتارا تطلق مسابقة جديدة لتحويل الروايات إلى أفلام باستخدام ا ...
- منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة تحتفي بأسبوع ...
- اختيار أفضل كلمة في اللغة السويدية
- منها كتب غسان كنفاني ورضوى عاشور.. ترحيب متزايد بالكتب العرب ...
- -دليل الهجرة-.. رحلة جاكلين سلام لاستكشاف الذات بين وطنين ول ...
- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - حنين عبر الرمال