|
وما اوحى المطر
حيدر الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 5689 - 2017 / 11 / 5 - 15:18
المحور:
الادب والفن
وما أوحى المطر
الإشارة الضوئية الحمراء تنبض في الشارع المجاور للمقهى ، وذرات المطر تنشط مع هبوب الرياح، والعربات تتوقف عند اشارة رجل المرور .... وبعض المارّة يسرعون الخطى في عبور الشارع .. بعضهم يفتح صدره بنشوةٍ وآخرون يحتمون بما في أيديهم من مظلات ذات الوان معتمة ، وقاية من دغدغات قطرات ناعمات من الوان مطرٍ يخفق منها ضعاف القلوب . الرجل الخمسيني الوقور ، الجالس بمعطفه البني بالقرب من الزجاجة الداخلية المطلة على الطريق يتأمل المنظر بنفسٍ راضية مطمئنة ، من داخل تراثية تلك المقهى المشبعة بالذكريات الجميلة ... انه يرتشف القهوة بتلذذٍ لمذاق رائحة البخار المتصاعد منها ، ومن صنع نادل حبيب .... هدوء وارتياح تام ينساب الى ذهنه ، وهو يستعرض بنظراته ، طبيعة الحياة في ربيع شارع بغدادي رهيف في خصره المتمايل ، يردد بنغمات بغدادية قادمة من شجن الماضي القريب : ( مطر .. مطر شاشا ... عبّر بنات الباشا ,, مطر مطر حلبي عبّر بنات الچلبی ) لم تزل الرياح المتوسطة في خفتها تحرك لافتات بعض المحلات المحاذية للشارع العام . وفتىً يضع يده حول كتفي صاحبته يغطيها بمعطفه الجلدي الأسود ، وهما يسيران بخطواتٍ وئيدة مع نشوة تفوح منها نسائم نيسانية ، هائمة صادقة في معانيها ... غير مبالين لصوت دراجة بخارية تخرق درباً فرعياً من ذلك المكان المنغمس بإيحاءات ذاتية ٍ تختبأ في صدر بغدادي أصيل ،قد تهيج الأسى أو الشجون مع صوت الرياح ولحن المطر . الرجل الجالس يتابع المنظر بأدق التفاصيل ، يهز رأسه بحنين دافق ، يمرر أصابعه فوق شفتيه ويمد يده لعلبة سكائره ليشعل واحدة منها بعود ثقاب أخير ويخمد اللهب ببطئ متعمد مقصود ... يخرج دفتراً صغيراً وقلماً فضيّاً من الجيب الداخلي لسترته ، ليبدأ بكتابة ما أوحى اليه ذلك المنظر الشاعري لمطر ٍ نيساني رَوي . .................................. 1/ نيسان / 1978 / بغداد ـ شارع الرشيد ـ مقهى البرازيلية
#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حنين عبر الرمال
-
هروب من كابوس
-
ليلة من ليالي الخريف
-
فلا تقلق
-
رحيل الذاكرة
-
جولة تصيبها الخيبة
-
جمجمة جدّي
-
من هوَّ
-
رمضان بريمري
-
لوحة موناليزا في مختبر نٍزار قباني
-
صوّر من الحياة ( مشاهد قصيرة )
-
آه يا أنا
-
مهداة الى صديقي الشاعر الراحل حسين السلطاني
-
ذكريات
-
وللجسور البغدادية حكاياتها
-
سهرة مع توجعات نساء الارض
-
التأثير المتبادل بين العرض والمتلقي
-
ليلة عودة الربيع
-
محنة الاسماء المتشابهة واختلاف المنجز
-
مسرحية بيرجنت بين الرمزية والتعبيرية
المزيد.....
-
روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي
...
-
طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب
...
-
الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو
...
-
الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض
...
-
الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة(
...
-
شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و
...
-
في وداعها الأخير
-
ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
-
عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني
...
-
شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|