ماجد ساوي
شاعر وكاتب
(Majed Sawi)
الحوار المتمدن-العدد: 5647 - 2017 / 9 / 22 - 13:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في البدء ارغب بان ابعث ارق الامنيات للطواقم العاملة في هيئة الامم المتحدة بمدينة نيويورك بمناسبة بدء الدورة الثانية والسبعين للامم المتحدة واخص بالتهنئة سعادة الامين العام جوتيريس , وهم الذين يقومون بخدمات جليلة للنوع البشري على مدار العام وفي مختلف الاصقاع , ولعلنا نتذكر من مضى منهم بالخير ونبدي تشجيعنا لمن انضم حديثا لهذه القافلة الخضراء ,.مع صادق الاماني بالتوفيق للعاملين جميعا والمنتدبين كذلك , في غاية هي جعل العالم افضل والارض اكثر صحة كبرى.
لقد تابعت خطابات العديد من القادة في هذه الاجتماعات التي بمجملها تنبيء عن فشو ثقافة السلام والسلم بين الرؤساء ذوي السلطة في بلدانهم وتاكيدهم على معاني التعاون والشراكة بين الدول والشعوب وتعبيرهم بمختلف اشكال العبارات عن الرغبة في عالم يسمو للفضيلة ويسعى للاخاء , وذكرهم المتكرر لمحاور برامجهم السياسية التي تحارب الفقر والبطالة وتهدف للنمو والرخاء ساعين لهذه الاهداف كما يقولون ونتمنى ان تصدق الخطط والطموحات لكل الفرقاء في هذا العالم .
لكن هنالك كلمتان حظيتا باهتمامي الشخصي واريد ان اتحدث عنهما هنا في هذه العجالة , والاولى كلمة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي لم يوفر تمتع دولته براس الهرم داخل هذه المنطمة الدولية وتحدث عن دولة عضوة في المنظة هي كوريا الشمالية بشيء من التهور – لم اجد وصفا افضل – وقال انه على استعداد لتدميرها , وهذه الكلمة التي حفلت بلغة راغبة رغبة شديدة بجعل العالم كتلة من الحطام هو شيء مؤسف وامر محزن حقيقة ونحن ندخل الالفية الثالثة بالتقويم الميلادي ومنتصف الالفية الثانية بالتقويم الهجري محملين بعشرات الاختراعات ومئات الاطروحات والاف النظريات والعديد - بحيث لاتعد ولا تحصى - من الطموحات وساعين اخيرا ً لهدف نبيل وهو مليء الارض قسطا وعدلا وقد امتلئت ظلما وجورا – وهو الشيء الذي لا يمكن انكاره الا من فاقد للروح والمنطق والدين –
وسعينا هذا لملء الارض عدلا ليس نابعا من دوافع الايمان او قادما من فضائل الاخلاق الماثلتين في كل دين موجود على هذه البسيطة بل هو منطلق من حقيقة الا وهي وجوب العدل في حق المظلوم الذي وقع عليه الظلم من احد من الظلمة والقصاص منه ورد المظلمة بحيث لايعود هذا المظلوم مظلوما وبالتالي لايكون هنالك احد مظلوم على هذه الارض البتة , ويكون الجميع متنعمين بمظلة العدالة التي كثيرا ما يضاف اليها كلمة " الاجتماعية " بين ذوي الفكر والقلم والكتابة والراي والتعبير ويرددونها ليل نهار دون ان نراها حقيقة واقعة في حياتنا المعاصرة .
الكلمة الثانية – التي حظيت باهتمامي - الا وهي كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي امتدت قرابة الساعة وتحدث فيها باستفاضة عن الوضع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني المظلوم على يد القوة الغاشمة دولة اسرائيل منذ نشاتها وذكر بلا ملل ولا كلل العديد من محاور المعاناة ومفاصل الخلاف معها على مسمع ومراى من الوفد الاسرائيلي الذي لا اظنه حفل بمحتوى هذه الكلمة ولم يعرها اهتماما – وهو المستند لمنطق القوة التي نملكها كما يملكها - وهي الكلمة التي تعريه في احد اكثر منابر العالم حضورا , مفندة كل ادعاءات اسرائيل التي تسوقها للعالم الغربي والشرقي عاملة على صناعة رافد هناك سياسي وغير سياسي لبطشها وغطرستها وعدوانها وارهابها وهي التي تزعم انها واحة الديموقراطية في غابة الاستبداد والارهاب في الشرق الاوسط .
استطيع ان اجمل القول هنا حول هذا المؤتمر العالمي والمنتدى الدولي واقول ان هذا المنبر – منبر الامم المتحدة ذو الخلفية الرخامية الخضراء – كان معبرا عن رؤي مختلف الشعوب وهو يمثل ندوة كانت الكلمة فيها لكل البشرية وهو الامر الذي لم يكن موجودا في هذا العالم قبل العام الف وتسعمائة وخمس واربعين , وقد كانت الامم والشعوب لقرون طويلة لا تعرف الا القتال ولاتفقه الا الصراع ولا هواية لحكامها الا شنن الغزوات هنا وهناك للظفر بالمزيد من الذهب والكنوز والفوز بالكثير من العبيد والنساء .
فلعلنا اليوم اكثر تطورا وتفهما لاختلافاتنا واعظم مضيا نحو التشارك والتعاون محترمين ادياننا المختلفة وانفع واقرب لبعضنا البعض اقول لعلنا وهذا الامر الذي اذكره هنا ليس حلما بل هو حقيقة ماثلة بين مختلف الشعوب وان لم يكن كذلك على مستوى الحكومات بل هو كذلك على مستوى الافراد الا من سلك طريق الشيطان واتخذ من الباطل منهجا له ,
اقول لعلنا وان كانت الامال والاماني بعيدة الاحلام الا انني لا انكر وجود العديد من العيوب في هذه المنظومة الاممية كالية تعاون بين الامم وفي نفس هيئة الامم المتحدة كمؤسسة فاعلة بين الشعوب , وهنالك الكثير من السوء والضعف في الكثير من اعمالها والعشرات – بل ربما المئات - من النواقص والهفوات في المئات من نصوص القرارات والخطط والمشاريع .
اختم هنا كلامي في هذا اليوم المشهود , واتحدث عن القرار الاخير – قبل يومين – ذي الرقم 2379 – الذي ياتي ضمن سلسلة – فريدة ومميزة وطريفة – من القرارت حول تنظيم الدولة الاسلامية المشهور باسم " داعش " والخاصة به , اقول ياتي هذ القرار وانا اتابع بالم تطورات احوال شعب الروهينجا في دولة ميانمار الذين فاق مشردوهم خلال شهرين الاربعة مائة الف عدى الالاف من الضحايا والشهداء , وانا انظر لجمعية الامم المتحدة العامة بعين ملؤها الغيظ وهي تقف صامتة ازاء هذه الجرائم من حكومة ميانمار ولا تكتفي بهذا بل وتسرع راكضة لسن قرار جديد في حق جماعة تنظيم الدولة الاسلامية الذين لا يتجاوز عددهم بضعة الاف في قبال تحالف دولي مكون من ملايين الجنود ومئات قاذفات القنابل النووية في توازن للقوى مفقود في هذه الحرب الاثمة .
اقول باختصار – كبيان لواقع حال لا اكثر - ان تنظيم الدولة الاسلامية نشا في العراق لدفع شر المحتل الامريكي , بعد الغزو الشهير في عام الفين وثلاثة من قبل الرئيس الطاغية جورج بوش للعراق بحجة وجود اسلحة للدمار الشامل لديه وهو الامر الذي تبين بطلانه وكذبه وهي فضيحة في حق الامم المتحدة قبل كل شيء لانه في اروقتها جرى تسويق هذه الاكاذيب ولمسؤوليها جرى الخداع قبل اي اناس اخرين في هذا العالم ولم يكتف هذا الرئيس بالاحتلال بل انه غير معالم الحياة السياسية في العراق المتجذرة فيه منذ قرون مروجا للديموقراطية الامريكية فيه واهل العراق شعب مسلم لديه شرائع عريقة ونظم حكم عتيدة ضرب بها الاحتلال – بفرض ديموقراطيته - عرض الحائط في تعبير فج عن الشخصية العدوانية المتطرفة – ولا اجور الارهابية - .
اقول ان هذه الجماعة – تنظيم الدولة الاسلامية – قاتلت الاحتلال وهو حق مشروع تكفله كل مواثيق واعراف الامم المتحدة ومختلف مؤسساتها .
وبعد رحيل الاحتلال قامت هذه الجماعة بممارسىة الحكم وانشاء امارة ودولة – وهو ايضا حق نصت عليه وثيقة الاعلان العالمي لحقوق الانسان – وسعت لتتطبيق النظرية التي تؤمن بها لهذا الغرض – الا وهي الشريعة وهي الطريقة الوحيدة للحكم التي تبغضها قوى الهيمنة والانتهاب .
وعلى الرغم من كوننا كمسلمين نأخذ على هذه الجماعة العديد من الماخذ ونعرف لها الكثير من الاخطاء – وهي الاخطاء التي يقع فيها كل مخلوق فاقد للعصمة بطيعة الحال - الا اننا لا نرى الحق لهذا المجلس- مجلس الامن – باصدار مثل هذه القرارات المفجعة المحزنة , واعتبار هذه الجماعة جماعة اجرامية مرتكبة لجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة – وهذه التهم الثلاث نفسها برئت منها جمهورية اتحاد ميانمار ورئيستها وقادة جيشها في نفس وقت صدور هذا القرار بالرغم من ارتكابها لها كلها في حق شعب الروهينجا المسلم على مراى ومسمع من كل وكالات الانباء والاخبار وبالتالي كل العالم بما فيه مجلس الامن مصدر القرار الاخير البائس.
يصدر هذا القرار بحق هذه الجماعة كما القرارات السابقة له , لا لشيء الا لانها جماعة رفضت وصاية القوى المهيمنة والمنتهبة وقامت بحقها – وايضا نصت على هذا كل مواثيق هيئة الامم المتحدة ومؤسساتها – بتقرير المصير , والاهم من كل هذا ان هذا القرار يعد اعلانا من اعلى هيئة دولية في العالم نصه انه لايحق دفع شر الاحتلال للشعب الواقع تحته وان الاحتلال امر مشروع دوليا , بالرغم من انه – للطرافة – نفس المجلس – مجلس الامن ونفس الهيئة - هيئة الامم المتحدة – تنصان على انه من حق الشعوب مقاومة الاحتلال وانه حق مشروع لها , فيالهذا الاضطراب الكبير والتناقض الشديد .
اقول في النهاية ان هذه الحرب على هذه الجماعة – وكذلك الحرب على جماعة طالبان في افغانستان – هو من افظع الجرائم التي تقوم بها قوى الهيمنة والانتهاب في العالم , جرائم لا نرى في الافق القريب مجالا لمحاكمة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة لانهم بكل بساطة ووضوح ينتمون الى الدول الخمس ذات حق النقض اي ذوي السلطة والقدرة في مجلس الامن في هيئة الامم المتحدة – في عيب واختلال فادح للنظام الدولي غير المبني على المساواة والعدالة – وهو شيء ظاهر الظلم , الظلم الذي تكلمت عنه في بداية الحديث هنا وعن املنا في احداث العدالة في هذ االعالم ومثل هذا الامر يجعله بعيد المنال .
نهاية اقول انني اتمنى بصدق التوفيق لكل طواقم هذه المنظمة في خير الانسان والسير به نحو عالم الفضيلة والرفاه بالرغم من كل الصعوبات الا انها خطوة خطتها ذرية الوالد آدم في الطريق الصحيح وامامنا التحدى القائم وهو السير – جميعا - بالمزيد من هذه الخطوات نحو الحرية والعدالة.
ماجد ساوي
الموقع الزاوية
http://alzaweyah.atwebpages.com
#ماجد_ساوي (هاشتاغ)
Majed_Sawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟