أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عديد نصار - تشويش .. تشويش














المزيد.....

تشويش .. تشويش


عديد نصار

الحوار المتمدن-العدد: 5613 - 2017 / 8 / 18 - 04:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أننا نعيش مرحلة تشويش مديدة وشديدة الوطأة وساحقة ودموية يمكن تلمس بداياتها مع هروب زين العابدين بنعلي في الرابع عشر من يناير 2011 إثر انتفاضة الشعب التونسي الكبرى التي بدأت من أكثر النواحي التونسية تهميشا لتصل في غضون بضعة أسابيع الى قلب العاصمة التونسية حيث انهارت مقاومة النظام، فكانت لحظة الهروب، الهروب المدبر، ليكون بداية هذه المرحلة من التشويش المتواصل والمتفاقم.
تشويش بدأ في التصاعد والتحول كلما تصاعدت وامتدت الانتفاضات الشعبية التي لامست قلب النظام الرأسمالي العالمي وعقله في وول ستريت.
ولئن كانت شرارة سيدي بوزيد قد مثلت بداية انطلاقة الانتفاضات والثورات الشعبية العربية التي امتدت كالنار في الهشيم، فإن لحظة فرار بنعلي قد مثلت بداية مرحلة التشويش على الثورات وعلى مسبباتها الحقيقية وبالتالي على الأهداف البسيطة والمتواضعة للشعوب التي نهضت تطالب بالتشغيل: ها نحن هنا، نريد أن نشتغل في مؤسساتكم ومصانعكم وحقولكم لنتحصل على لقمتنا بعرق الجبين، نحن على استعداد لتمارسوا علينا الاستغلال الذي يسيّر مصالحكم وينمي ثرواتكم، نريد التشغيل ولو كنا فيه مادة للاستثمار وللاستغلال الرأسمالي الجشع. شغلونا! استغلونا! التشغيل استحقاق يا عصابات السراق!
غير أن هتاف المهمشين لم يكن سوى صرخة في واد. فالرأسمالية العالمية اليوم قد تخلت عن الإنتاج السلعي كمصدر رئيس للأرباح ومراكمة الثروات، وبات الاستثمار في الأسهم والريوع والأموال والعقارات واحتكار المعلومات وفي نهب الموارد الطبيعية هو الطريق الأقصر لمراكمة الأرباح الفلكية التي لم يسبق ولا يمكن للإنتاج السلعي أن يؤمنها. عدا عن المشاغل والمشاكل التي يقود اليها الإنتاج السلعي من فيض انتاج وركود ونقابات عمال ومطالب وووو.. ما يتنافى مع رأسمالية اليوم القائمة على "البيزنس النظيف"!
من هنا جاءت مرحلة التشويش الكبرى، تشويش في كل الاتجاهات، تشويش من كل مصدر وموقع ومنبر، تشويش يبدأ من مواقع التواصل الاجتماعي التي كان لها الدور الريادي في انتفاضة الشعب التونسي، وصولا الى كتبة الرأي في كبريات الصحف، تشويش يبدأ من مروجي الأخبار الكاذبة والشائعات ليتواصل لدى المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين على الفضائيات الكبرى، تشويش يبدأ من السياسيين المحليين ليصل الى قيادات السياسة العالمية في واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبكين، تشويش يبدأ بالحديث عن العدالة الانتقالية ليصل الى إعادة تأهيل النظام مرورا بمراحل تفاوضية ووعود خلبية بمراحل انتقالية ومبادرات محلية وإقليمية ودولية... وفي ظل هذا التشويش يتم سحق البشر والحجر وتدمر مدن كبرى وتاريخية ويهجر الملايين وتبتلع المعتقلات والبحار عشرات الألوف.
تشويش يشارك فيه المؤيد والمعارض، اليسار واليمين واليمين المتطرف، القومي والعنصري والإسلامي واللبرالي والمقاوم والمحتل!
يتفاقم التشويش كمّاً، ويتحول نوعاً، من أحابيل استخباراتية الى تصنيع منظمات إرهابية الى تدخلات إقليمية ودولية. من التسديد على نظام العصابة المافيوية إلى محاربة الإرهاب الى إعادة تأهيل نفس النظام، إلى الحديث عن الكانتونات والفيدراليات والأقاليم.
التشويش كان في التعامل الدولي مع مجزرة الكيماوي في الغوطة وصولا الى القصف الأمريكي "الذكي" لمطار الشعيرات العسكري الذي انطلقت منه غارات السارين على خان شيخون.
التشويش كما الغبار وأدهى، فالغبار يعيق الرؤية ويؤذي العيون ولكنه قد يصبح أداة قتل جماعي ومجازر كبرى وسلاح دمار شامل، فهو إذ بدأ بغبار الصحراء الذي أثارته طوابير سيارات الدفع الرباعي الداعشية والتي لم تهبط من السماء، قد يتطور ليصبح غبارا نوويا تثيره كل من واشنطن وبيونغ يانغ، مرورا بالغبار الكيماوي الذي أزهق أرواح آلاف الضحايا في الغوطة وخان شيخون وحلب وسواها.
التشويش هو الإرهاب والحرب على الإرهاب، هو القاعدة وداعش والنصرة. التشويش هو تسليم مدينة الموصل لداعش ومن ثم تدميرها وتشريد أهلها. التشويش هو افساح المجال لداعش لتحتل ثلث العراق ونصف سوريا، ومن ثم إفساح المجال للحشد الطائفي لممارسة جرائمه تحت مسمى الانتقام الجماعي من أبناء العراق، هو استجلاب والسماح باستجلاب المليشيات الطائفية التي تأتمر للحرس الثوري الإيراني الى سوريا والى اليمن، والتلويح باستجلابها الى لبنان. التشويش هو عزل مبارك والإتيان بالمجلس العسكري ودعم وصول مرسي والاخوان ومن ثم عزلهما، التشويش هو دعم الجهاديات وسحق الجيش السوري الحر. التشويش هو مسرحيات تدمر وعرسال والتفجيرات الانتحارية المتنقلة من بلد الى آخر ومن مدينة الى أخرى، التشويش هو محاولة الانقلاب "الفاشلة" في تركيا وانقلاب أردوغان الناجح، التشويش هو في وصول ترامب الى البيت الأبيض والعلاقات الملتبسة مع موسكو، التشويش هو في تأهل مارين لوبان ووصول ماكرون الى الأليزيه التشويش هو أزمة الخليج مع قطر والدور التركي فيها وألاعيب الإدارة الأمريكية حولها، التشويش مرحلة دموية طويلة وصل غبارها الى مرحلته النووية مع تبادل التهديدات بين واشنطن وبيونغ يانغ!
ما هو الأمر الذي يلزم لتوريته كل هذا التشويش وكل هذه المجازر وكل هذه الدماء؟
كتب الشاعر السوري حازم العظمة يقول:
"بعد ان تعلموا كيف تلفظ، ولحنَها ومعناها.. في وول ستريت نيويورك 2012، المتظاهرون راحوا يهتفون بالعربية: الشعب يريد اسقاط النظام!
كان سببا إضافيا لسحق الثورات العربية بهذه الشراسة."
فحين يسيطر حفنة من المافيويين يُعَدّون على أصابع أرجل أطفال درعا الذين كان كافيا أن يكتبوا على جدران مدرستهم: "جاييك الدور يا دكتور"، ليتم التنكيل بهم وسحب أظافرهم وتقطيع أعضائهم وقتلهم على أيدي أجهزة العصابة الأسدية، حين يسيطر هؤلاء القِلّة على أكثر من نصف موارد العالم في حين يقبع أكثر من نصف سكان المعمورة تحت سيف الإفقار والتهميش والموت جوعا، وحين تصبح شعلة انطلقت من ذات سيدي بوزيد قادرة على أن تصل الى جدران وول ستريت بهذا الزخم، فإن كل ما جرى ويجري من تشويش مدمر وكل ما يثار من غبار قاتل يجد له تفسيرا.



#عديد_نصار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور الظاهرة الترامبية وتجلياتها
- إيران في لعبة الابتزاز الأمريكية
- في ضرورة استعادة ناصية الحوار
- الانحدار الذي لا قاع له
- لا حل بمفاوضات قوى الهيمنة بل باستعادة خيارات الثورة
- الطبيعة الطبقية لنظام الولي الفقيه في إيران
- برعاية دولية كانت وتستمر.. مجزرة الكيماوي
- -كشاتبين- الشاطر حسن
- جحا والدجاجة وحكومة السبعة نجوم
- النخب العربية ومحاولة الانقلاب في تركيا
- الطبل في الرقة والرقص في مارع
- وماذا عن -علي والرئيس-؟
- جبهة النصرة، عدوة للثورة
- اللقاء الحواري في مجموعة يساري، اليسار السوري بين الأمس والي ...
- اللقاء الحواري في مجموعة يساري مع الأمين البوعزيزي حول الحال ...
- اللقاء الحواري في مجموعة يساري مع الدكتور فواز طرابلسي في حو ...
- السيطرة الرأسمالية: المقاومة والثورة
- الثورة وحدها ترعبهم!
- اللقاء الحواري في مجموعة يساري، حازم العظمة وهجاء الأيديولوج ...
- أربع سنوات، وتستمر الثورة


المزيد.....




- قبيل زيارته إلى المنطقة.. شركة ترامب تعلن عن مشروعين في دبي ...
- وزير الصحة الأمريكي يثير جدلًا بادّعاءات غير دقيقة حول لقاح ...
- المبادرة المصرية تشارك في مؤتمر المنتدى العربي للتنمية المست ...
- سوريا.. شركة فرنسية تستثمر في تطوير ميناء اللاذقية
- والتز يعدد فوائد اتفاقية المعادن المبرمة بين واشنطن وكييف
- إدارة ترامب تدعو لمراجعة برنامج الرعاية الصحية للمتحولين جنس ...
- مستعرضا قدراته الحديثة.. الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية ...
- فعاليات روسية في معرض تونس للكتاب
- فانس: واشنطن ستسعى إلى محادثات مباشرة بشأن أوكرانيا خلال الم ...
- البيت الأبيض: اتفاق المعادن مع أوكرانيا يعكس التزام الولايات ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عديد نصار - تشويش .. تشويش