أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - العقل العربي و-الملحمة- الكاريكاتيرية















المزيد.....

العقل العربي و-الملحمة- الكاريكاتيرية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 10:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-
أعلن الشيخ يوسف القرضاوي، بأن يوم الجمعة الماضي هو يوم الغضب العالمي لمسلمي العالم أجمع. وشدد في خطبة الجمعة على ضرورة الاستمرار في مقاطعة الصناعات الدنماركية. وجاء اعلان الشيخ القرضاوي في ظل موجة عارمة من الاحتجاجات والمظاهرات ومقاطعة المأكولات الدنماركية في انحاء مختلفة من العالم العربي والإسلامي وسحب بعض السفراء من الدنمارك، واحراق الأعلام الدنماركية في الشوارع، وكأننا أمام حرب مواجهة مع الدنمارك، أو كأن القيامة ستقوم غداً نتيجة لرسوم الكاريكاتير التي نشرتها صحيفة جيلاند بوستن الدنماركية.

والسؤال هنا: هل كان ما قام به المسلمون في العالم العربي والإسلامي وأوربا من احتجاجات على هذه الرسوم هو الطريق الصحيح لكي تعترف الدنمارك بذنبها، وتعترف الصحيفة الدنماركية بالفعل الشائن الذي اقترفته بحق رمز كبير من رموز الأديان السماوية؟

-2-

لقد قام المسلمون في مختلف أنحاء العالم برد فعل عاطفي متشنج أهوج، لم يؤدِ إلا إلى مزيد من الامعان في الخطأ الدنماركي، وانتقاله إلى الغرب. فقد أدت هذه الاحتجاجات على المستوى الرسمي والشعبي إلى زيادة انتشار هذه الرسوم في العالم، وابلاغ الحاضر للغائب والداني للقاصي. وانتشرت على صفحات الانترنت وفي معظم صحف العالم ، ومنها العالم العربي (صحيفة شيحان الأردنية مثالاً) ما عدا الإعلام الأمريكي الذي امتنع عن اعادة نشر هذه الصور واكتفى بالتعليقات على ما جرى ويجري.

فتشنجات المسلمين في الشوارع العربية والإسلامية وفي الدوائر الرسمية العربية، هي التي نشرت الرسوم من نطاقها الدنماركي المحلي المحصور والمعزول في بلاد الصقيع إلى نطاقها العالمي، وهي التي جعلت فضيحة سرية محصورة بجريدة في آخر أصقاع الدنيا إلى فضيحة عالمية بجلاجل.

-3-

أما كان أولى بالعقل العربي، أن يتمهل في كيفية علاج هذا الخطأ الإعلامي الدنماركي الفردي ويحاصره ويحصره في أضيق دائرة ممكنة، كأن ترسل منظمة العالم الإسلامي مثلاً وفداً من العقلاء للالتقاء بهيئة تحرير الصحيفة الدنماركية، ويشرحوا لها بهدوء وبالعقل أضرار مثل هذه الرسومات على العلاقات العربية الدنماركية، وحجم النتائج الوخيمة المترتبة عليها، ويطلبوا منهم الاعتذار عن هذه الرسوم دون اقحام الحكومة الدنماركية في هذا الأمر، حيث لا سلطة للدول الديمقراطية على الصحافة؟

أما كان الأجدر، أن تتحرك الجامعة العربية وترسل وفداً دينياً ثقافياً إلى هيئة تحرير الجريدة لكي تشرح لهم أبعاد الاساءة التي أحدثتها هذه الرسوم في نفوس العرب والمسلمين ومدى تأثير هذه الإساءة على العلاقات الدنماركية – العربية. وبأن الشعب الدنماركي سوف يدفع ثمناً غالياً نتيجة لنشر مثل هذه الرسوم؟

أما كتن الاجدر أن يتم تحرك ديني أزهري مع تحرك من منظمة العالم الإسلامي نحو الفاتيكان وبهدوء وتعقل، للاتصال بالبابوية، وشرح أبعاد هذه الإساءة لمشاعر العرب والمسلمين والطلب من البابوية الاعتذار نيابة عن الجريدة الدنماركية؟

-4-

كان يمكن أن يتم مثل هذا، وغيره من الخطوات لو جنح العقل العربي إلى الحكمة والموعظة الحسنة.

ولكن باعتبارنا أمة هيجاء وصحراء، ولا نعرف غير الكرِّ والفرِّ، لجأنا إلى الشارع لكي نعبّر عن رد فعلنا لما حصل. وكانت نتيجة ذلك أننا نبهنا العالم، ولفتنا نظره إلى هذه الرسومات، فقامت وسائل الاعلام في الشرق والغرب باعادة نشر هذه الرسوم. ومن لم يُعِد نشرها اكتفى بالتعليق عليها، لكي يدفع القارئ إلى البحث عنها والنظر إليها. وهكذا خسرنا معركة جديدة تضاف إلى خسائرنا لمعارك سابقة إعلامية وسياسية وعسكرية.

فنحن الخاسرين دائماً وأبداً.

-5-

وماذا بعد؟

نحن نطالب الدنمارك بالاعتذار، والدنمارك تعتذر الآن. ولكن ماذا عن العالم الآخر الذي نشر الرسومات، وعلق عليها التعليقات الطوال.

هل نطلب من العالم كله أن يعتذر لنا؟

ثم لماذا كل هذا التشدد والتشنج على رسومات سخيفة ارادت الجريدة الدنماركية من ورائها زيادة مبيعاتها؟

وهل هذه الرسومات هي التي اساءت فعلاً إلى الإسلام والمسلمين في العالم؟

ماذا عن ضحايا البرجين الثلاثة آلاف في أحداث سبتمبر 2001؟

ماذا عن كل الأعمال الارهابية التي ارتكبت في لندن ومدريد وعواصم افريقية وعربية ومنتجعات آسيوية وعربية؟

ماذا عن الرؤوس البريئة التي قطعها الارهابيون بالسيوف على شاشات الفضائيات، وفي مواقع الانترنت؟

ماذا عن مئات الكتب التاريخية التي تصدر في الغرب والشرق ناقدة للدين الإسلام؟

ماذا عن مئات المستشرقين الذين قاموا بتشويه صورة الإسلام في العالم؟

ماذا عن مئات الروايات ودواوين الشعر الغربية والعربية التي مست الإسلام بسوء؟

-6-

يبدو أن مسألة "الملحمة" الكاريكاتورية ليست في ذاتها. وأن الرسومات الدنماركية كانت القشة التي قسمت ظهر البعير كما يقولون. وأن الموقف الغربي من السلاح النووي الإيراني ومن فوز حماس ومن المطالبة بنـزع سلاح حزب الله، ومن الأزمة السياسية ككل في العالم العربي هو الذي فجَّر هذه "الملحمة" الكاريكاتيرية. والدليل أن هذه الرسومات نشرت منذ سبتمبر الماضي أي منذ خمسة أشهر ولم يسمع بها أحد، ولم يلتفت اليها أحد.

والدليل أيضاً، أن ما كتبه سلمان رشدي في (آيات شيطانية) كان أعمق أثراً ، وأكبر اساءة إلى الإسلام ونبيه الكريم من هذه الرسومات إلى الحد الذي دفع الخميني دون بقية فقهاء العالم الإسلامي لاهدار دمه في 1989. وكان ذلك أيضاً في ظل ظروف دولية واقليمية نحو ايران أشبه بالظروف الحالية.

وكما ساعدت فتوى الخميني في انتشار (آيات شيطانية) بحيث أصبحت أشهر رواية في العالم في ذلك الوقت، وما زالت، وبيع منها ملايين النسخ بعد أن كان الناشرون متخوفين من الخسارة فيها، لأنها كانت رواية تافهة وسخيفة فنياً، ومن أسوأ ما كتب رشدي فنياً وروائياً، فكذلك ساعد القرضاوي وجملة من الفقهاء وتصرفات الشارع العربي والجهات الرسمية التي سحبت سفرائها من الدنمارك على انتشار هذه الرسوم في جميع أنحاء العالم، وتأكيد نيّة كتاب وإعلاميين أجانب لكتابة كتب وأبحاث عنها غداً !

-6-

نعم، الدنمارك اعتذرت، وستكرر اعتذارها، وعرفت أنها خسرت كثيراً جرّاء نشر صحيفة "جيلاند بوستن" هذه الرسوم.

ولكن، ماذا عن بقية العالم الذي نشر هذه الرسوم، من يعتذر عنه؟

نحن العرب أصحاب الهيجاء والهوجاء والصحراء، يجب أن نعتذر عنه لأنفسنا ولروح نبينا، لأننا سبب هذه الضجة الكبرى التي احدثناها بحمقنا، وتسرعنا، وعدم استعمال العقل فيما نواجه من مشاكل.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأردن ليس استثناءً
- حزب الله: المفتاح في نزع السلاح
- حماس تواجه العالم
- الطريق الى القدس تمرُّ عبر صناديق الاقتراع
- ساحة للحرية بعمّان.. واو!
- سور العرب العظيم
- سوريا وإيران تشعلان النيران
- المليشيات الفلسطينية وحلف -فلسان- الثلاثي
- لماذا يريد العرب انسحاب امريكا من العراق؟
- ضياع العرب بين صدّام وخدّام
- لكي لا تحرثوا في البحر!
- لم يبقَ غير الرحيل يا عباس!
- قراءة أولية في الانتخابات العراقية
- وثيقة ارهابية جديدة مدموغة بخاتم الشرعية الدينية الأكاديمية
- العراق اليوم: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر
- كلام تافه في حريق الأرز!
- محاكمة صدام محك ديمقراطية العراق
- الإرهاب والفوضوية وجهان لعملة واحدة & رسالة مفتوحة إلى خادم ...
- بعد أن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود العراقي & قراءة في ...
- أزمة الأقليات في العالم العربي الى أين؟


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - العقل العربي و-الملحمة- الكاريكاتيرية