أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - العراق اليوم: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر















المزيد.....

العراق اليوم: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1400 - 2005 / 12 / 15 - 11:01
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-
يتوجه الناخبون العراقيون إلى صناديق الاقتراع، لكي ينتخبوا أعضاء الجمعية الوطنية التشريعية العراقية لمدة أربع سنوات. وهذه الخطوة هي المدماك الأخير في أساس البناء السياسي العراقي الذي سينبثق عنه تشكيل الحكومة العراقية الدائمة واختيار رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات كذلك، لكي يتفرغ كل هؤلاء للبناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني العراقي الجديد.

وفي يوم الانتخابات سوف يقول الشعب العراقي للساسة المتنافسين على مقاعد الجمعية الوطنية التشريعية:

ها نحن قد تحدينا الموت والارهاب من خلال صناديق الاقتراع، وأقمنا لكم الجمعية الوطنية الدائمة، ووافقنا من قبل على الدستور، فأرونا ماذا أنتم فاعلون.

إن المطلوب من الساسة العراقيين الشيء الكثير، والجهد الكبير.

الساسة العراقيون سوف يحكمون بلداً محطماً منهكاً خارجاً من معركة سياسية مع أنظمة حكم حكمته أكثر من نصف قرن بالحديد والنار، وعلى الساسة العراقيين أن يحولوا بلد الحديد والنار هذا إلى بلد الخير والرخاء والأمان.

والساسة العراقيون سوف يحكمون بلداً يحتاج إلى الكثير من خدمات الماء والكهرباء والتعليم والصحة والقضاء على البطالة والفساد والتهريب وانتشار الجريمة والفلتان الأمني. وتلك هي المهمة الشاقة والعسيرة.

فبناء بلد جديد أسهل الف مرة من ترميم وطن كاد أن يسقط سقوط الجدران المتداعية، من شدة الزلازل المدمرة التي تعرّض لها منذ استقلاله السياسي إلى يومنا هذا.

-2-

العرب والعالم ينظرون اليوم إلى ما سيفعل غداً هذا العراق، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.

كثير من الحكام العرب لا يريدون للعراق غير الدمار ، حتى لا يصبح النموذج العراقي نموذجاً يُحتذى في العالم العربي.

وكثير من الأحزاب السياسية العربية الدينية والقوموية، لا تريد للتجربة العراقية أن تحقق نتائجها الايجابية لكي تبقى هذه الأحزاب مسيطرة على الشارع العربي بشعارات غيبية دينية (الإسلام هو الحل) وبشعارات قوموية رومانسية (العروبة هي الخل).

والإعتام العربي الظلامي، لا يريد أن تشرق شمس البناء والغناء على العراق، لكي تبقى سرادقات اللطم والبكاء على الديكتاتورية المنهارة قائمة، ولكي تبقى النادبات تندب، واللاطمات تلطم. ولكي تبقى شاشات بعض الفضائيات العربية مصبوغة بدماء النساء والأطفال والشيوخ ورجال الجيش والحرس الوطني العراقي.

-3-

سوف يتوجه الشعب العراقي إلى صناديق الاقتراع تحت نيران الارهاب، وتحت التهديد والوعيد بالموت والدمار كما فعل في يناير الماضي من هذا العام عندما انتخب أعضاء الجمعية الوطنية المؤقتة، وكما فعل في منتصف اكتوبر الماضي عندما استفتى على الدستور الدائم. ولو وعى أعضاء الجمعية الوطنية التشريعية العراقية التضحية الكبرى التي قدمها ويقدمها الشعب العراقي للبناء السياسي العراقي لحرصوا جميعاً على الوفاء لهذا الشعب الطيب العظيم الذي غامر وقامر بحياته وبحيات أبنائه من أجل أن ينهض العراق.

إن مشاهد الانتخابات العربية الأخرى تبدو مشاهد هزيلة وباهتة ومضحكة ومحزنة قياساً لمشاهد الانتخابات العراقية هذا العام 2005، سواء من حيث التنظيم والجدية ونسبة المشاركين فيها ونظافتها ونزاهتها. ولو أجرينا بعض المقارنات لما تم في الانتخابات المصرية التشريعية مؤخراً وبين ما جرى في الانتخابات العراقية السابقة، لأحرجنا المصريين حرجاً كبيراً، وهم أول شعب عربي مارس الديمقراطية منذ عهد الخديوي اسماعيل، في القرن التاسع عشر.

-4-

إن أهم ما في الانتخابات التشريعية هذه عودة الوعي الوطني والسياسي للسُنّة العربية العراقية التي من الملاحظ أنها ستشارك بكثافة في هذه الانتخابات. فقد دعا ألف رجل ديني سُنّي البارحة الشعب العراقي للانتخاب بكثافة حتى لا يفوتهم القطار الأخير.

وعودة الوعي السياسي هذه ومشاركة السُنَّة تعني معان كثيرة، أبرزها أن بعض السُنَّة العربية العراقية التي تدعم الارهاب في العراق سوف تتخلى عن هذا الدعم، وستمارس المقاومة السياسية بدلاً مما يطلق عليه "المقاومة المسلحة". بمعنى أنها سوف تمارس معارضة الوجود المسلح الأجنبي من خلال الجمعية الوطنية التشريعية، وليس من خلال ميليشات الشوارع القاتلة والمدمرة. ومن أبرز هذه المعاني أيضاً أن السُنَّة العربية العراقية قد اقتنعت بأن الحل السياسي والطريق السياسي هو الحل والطريق الحضاري الذي يقود إلى التقدم وانسحاب الجيوش الأجنبية. وأن السلاح لا يفيد ولن يفيد في الحالة العراقية الراهنة، سيما وأن الشعب العراقي على قناعة تامة، بأن لا احتلال في العراق لكي يُقاوم، كما قال الرئيس الطالباني، وكما قال زعماء سياسيون عراقيون كُثر.

إن عودة الوعي السياسي للسُنَّة العراقية الآن، يعني أيضاً أن جزءاً كبيراً من عذابات العراق السياسية والاجتماعية والأمنية والخدماتية في طريقها إلى التلاشي، بعد أن ذاق العراق المرَّ المرير خلال الثلاثة أعوام الماضية نتيجة لحماقات بعض السُنَّة العربية العراقية، وتصديقها لوعود وشعارات بعض جيران العراق، بأن العراق الجديد لن يتم بناؤه. وبأن حكم حزب البعث الفاشي عائد قريباً. وما هي إلا سحابة صيف وتنتهي "الفتنة الكبرى".. الخ.

-5-

إن أهم النتائج المنتظرة من الانتخابات التشريعية هذه، انهاء وضع المليشيات الارهابية، التي لم يقتصر أثرها على القتل والخطف واستباحة دماء الأبرياء فقط، ولكنه امتد إلى تدمير البنية التحتية العراقية وتدمير الاقتصاد العراقي وتدمير القيم الاجتماعية العراقية. وقد كشف الباحث الأمريكي روبرت لوني في بحثه (الفوائد المالية التي تجنيها المليشيات) في مجلة (The National Interest، العدد81، خريف 2005)كيف أن انتشار المليشيات العراقية، قد أدى إلى أن يصبح العراق البلد الـ 129 في قائمة انتشار الفساد من ضمن 145 بلداً في العالم خلال 2003-2004. كما أن انتشار المليشيات الإرهابية قد فتح أبواب التهريب، والسرقة، والسوق السوداء، وغسيل الأموال، وانتشار المخدرات، والدعارة، وانتشار الجرائم، في ظل الفلتان الأمني الناجم من انتشار هذه المليشيات.

وكل هذه الأعباء سوف تكون ملقاة على كاهل الجمعية الوطنية التشريعية الجديدة، وعلى الحكومة الجديدة المنبثقة عن هذه الجمعية. وعملها طوال السنوات الأربع القادمة هو الجهاد الأكبر، بعد أن فرغت من الجهاد الأصغر، وهو وضع الدستور والاستفتاء عليه، والبدء باعادة بناء الجيش والحرس الوطني، واقامة هياكل الدولة الأخرى.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام تافه في حريق الأرز!
- محاكمة صدام محك ديمقراطية العراق
- الإرهاب والفوضوية وجهان لعملة واحدة & رسالة مفتوحة إلى خادم ...
- بعد أن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود العراقي & قراءة في ...
- أزمة الأقليات في العالم العربي الى أين؟
- هؤلاء هم الارهابيون الحقيقيون يا جلالة الملك
- كيف يجب أن يكون الرد الأردني على الارهاب؟
- كيف انفجر بركان الارهاب في الأردن؟
- لكي لا ينبت الشوك في أيدينا!
- هل سيكرر العرب أخطاء الطفرة الأولى؟
- ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟ 4/2
- ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟!
- المعاني الكبيرة لإقرار الدستور العراقي
- أخطأ موسى، فالعراق هو شبكة أمان العرب!
- واجبنا تجاه اعلان المعارضة السورية
- اليوم يرسم العراقيون مستقبلهم
- ماذا لو قال العراقيون -لا- للدستور؟
- ورغم هذا، فالعراق بألف خير !
- ميلاد شعب عظيم
- عار المثقفين العرب في العراق


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - العراق اليوم: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر