أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - اليوم يرسم العراقيون مستقبلهم















المزيد.....

اليوم يرسم العراقيون مستقبلهم


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
اليوم يُستفتى الشعب العراقي بغالبيته العظمى على الدستور العراقي الذي سيرسم مستقبل العراق القادم. واليوم أيضاً عاد الوعي وانتصر العقل على جزء كبير من سُنّة العراق عندما أعلن الحزب الإسلامي العراقي قراره بالتصويت لصالح الدستور العراقي الجديد. ويتبع الحزب الإسلامي العراقي السُنّي عدد كبير من السُنّة في العراق الذين كانوا يتصرفون في الماضي وتجاه كل الاستحقاقات السياسية العراقية الجديدة تصرفاً سلبياً نتيجة للقهر والخوف والتهديد الذي يلقونه من قبل فلول حزب البعث والارهابيين الغربان. إن كل من في داخل العراق يعلم علم اليقين، بأن السُنّة في العراق مهددون بالموت ليلاً ونهاراً من قبل الجماعات المارقة إن هم انتسبوا إلى الجيش الوطني الذي يطلق عليه الزرقاوي "الجيش الوثني"، أو إن هم انتسبوا إلى الحرس الوطني أو عملوا مع الدولة القائمة في أية وظيفة من الوظائف. السُنّة في العراق وخاصة في الغرب منه مرتهنون لأزلام صدام وعصابات الزرقاوي، مرتهنون حتى في ابداء الرأي ،لان ذلك يعرضهم للقتل في قراهم ومدنهم، لذلك لا يسمح لهم لا بتصويت ولا بانتخاب ولا بانتماء الى جيش او شرطة. وهذه ليست رغبة غالبية السُنّة في العراق. ولعلم فإن هيئة علماء المسلمين وأولئك الذين نراهم في التلفزيون كممثلين للسُنّة لا يستطيعون حتى عقد اجتماع تداولي في مناطق معينة من العراق . السُنّة - كما علمت مؤخراً من أصدقاء لي من داخل العراق - ليسوا ضد الدستور وليسوا ضد العراق الجديد. من هم ضد الدستور وضد العراق الجديد، أولئك القتلة من أزلام النظام البائد والقاعدة والتكفيريين الذين قتلوا من شيوخ الجوامع والليبراليين أكثر من أية طائفة أخرى. والسُنّة الأشراف موجودون في الاحزاب السياسية العراقية الفاعلة على الساحة العراقية الآن، وفي الجمعية الوطنية وفي الصحف ودوائر الدولة. انهم غير موجودين فقط في أجندة الاحزاب الطائفية، وغير موجودين فقط لدى من يدّعون بتمثيل السُنّة في العراق. وأغلب الوجوه التي نراها على شاشات الفضائيات وهي ترفض كل شيء ما هم الا أزلام سابقون في النظام البائد.

-2-

إن أبرز النقاط التي يعترض عليها السُنّة العرب في الدستور العراقي نقاط لا تشكّل تلك الأهمية الكبيرة. بل إن بعض القانونيين يعتبرها شكلية لا تستدعي كل هذا التشدد من قبل بعض فئات السُنّة العراقية. ومن أبرز هذه النقاط:

1-يقول الدستور "أن العراق جزء من العالم الإسلامي وشعبه العربي جزء من الأمة العربية ". بينما يرى السُنّة العرب أن العراق جزء من الإقليم العربي ومن الأمة العربية.

2- يرفض السُنّة العرب أي إقليم فيدرالي غير إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ 1970. 3- يريد السُنّة العرب أن تكون اللغة الكردية لغة رسمية في إقليم كردستان فقط.

4 - يطالب السُنّة العرب، بأن يكون الإسلام دين الدولة الرسمي والمصدر الأساسي للتشريع.

5- يرفض السُنّة العرب مسألة اجتثاث حزب البعث المنصوص عليها في الدستور.

وكل هذه المواد يمكن تعديلها مستقبلاً. فالدستور ليس كتاباً مقدساً منـزلاً من السماء، ولكنه كتاب كتبه الشعب . والشعب هو الذي سيعدله غداً ، وسوف يُستفتى على هذا التعديل.



-3-

الذين سيقاطعون الاستفتاء على الدستور العراقي اليوم هم من قلائل السُنّة الذين يعتبرون الدستور كتاباً منـزلاً لا تعديل فيه، في حين أن الجمعية الوطنية العراقية أقرت قبل أيام تعديلات للدستور سوف تجري عليه بعد أربعة أشهر من تاريخ الاستفتاء. وسوف يجري تعديلات أخرى على هذا الدستور كما جرت على الدساتير العالمية والعربية من حين لآخر وحسب مقتضيات الواقع العراقي.

فالدستور العراقي لن يكون أول وآخر دستور عربي سيجري عليه التعديل. فالدستور المغربي لعام 1962 اجريت عليه تعديلات في السنوات 1970 و 1972 و1980 و1992 و1996 . والدستور الأردني لعام 1952 أجريت عليه تعديلات في السنوات 1974 و 1976 و 1984 . والدستور الجزائري لعام 1976 اجريت عليه تعديلات في السنوات 1986 و 1989 و 1996. وفي اليمن تم تعديلات على الدستور في السنوات 1970 و 1991 و 1994 و 2001. والأمثلة تطول إلى ما لا نهاية. فعلى السُنّة أن يكونوا ذوي بصر وبصيرة، لكي لا يخسروا طويلاً حقوقهم السياسية ويتبعون هذا الشلل من غوغاء الشوارع العراقية المسلحة، التي سوف تنتهي كلما تقدم العراق سياسياً إلى الأمام.

-4-

للعراقيين أن يتيهوا على العرب بدستورهم الحداثي الجديد. ولهم الحق في يفخروا بهذا الدستور. فرغم كل المآخذ الشكلية السابقة على هذا الدستور، يبقى هذا الدستور من أكثر الدساتير العربية حداثة وتقدماً.

فهو الدستور الوحيد في العالم العربي الذي قلل من سلطات الحاكم . ولم يجعل من الحاكم ملكاً مطلقاً أو رئيساً مفرداً. وهو الدستور الذي اعطى الشعب كافة حقوقه بموجب المادة 58، 59 . ولم يُبق للحاكم غير صلاحيات محدودة جداً، بموجب المادة 70 ، لكي لا يصبح الحاكم زعيماً يُعبد، أو قائداً يُمجّد. في حين أن الدساتير العربية في غالبيتها اعطت للحاكم حقوقاً أشبه بالحقوق التي كانت للحكام في القرون الوسطى، عندما كان الحاكم حاكماً مفوضاً بالحق الإلهي. فالدستور المغربي لعام 1996يضع السلطة التنفيذية بيد الملك، ويعتبر شخصه ذا مكانة دينية، لا يمس ولا تنتهك حرمته. والدستور الأردني أتاح للملك حل مجلس الأمة وتأجيل انتخابات مجلس النواب سُنّة كاملة. كما أتاح له تعديل 1976 إرجاء الانتخابات النيابية إلى أجل غير مسمى. والدستور التونسي 1959ينص على صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية تشمل اختيار رئيس الوزراء، وتعيين أعضاء الحكومة . ولرئيس الجمهورية بصفته رأس السلطة التنفيذية نفوذ كبير على الحكومة وعلى رئيس الوزراء وعلى القوات المسلحة. وهو الذي يعيّن كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين بناء على توصية الحكومة. والدستور المصري لعام 1971 يمنح رئيس الجمهورية الكثير من السلطات.

-5-

اليوم، يرسم العراقيون مستقبلهم بالاستفتاء على الدستور الدائم. واليوم يخطوا العراقيون خطوة أخرى نحو الحداثة السياسية، بعد خطوة الانتخابات التشريعية في يناير الماضي. وفي ديسمبر القادم تتم الخطوة الثالثة وهي انتخاب أعضاء الجمعية العمومية الدائمين، وانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس جديد للوزراء. وبذا يكتمل تقريباً البناء السياسي الحداثي العراقي الثمين الذي دفع الشعب العراقي ثمنه دماء أبنائه. أما المعتوهون الذين يتساءلون عن أين الحرية وأين الديمقراطية العراقية "المزعومة" في ظل هذا الارهاب اليومي والقتل اليومي وانقطاع الماء والكهرباء، فعليهم أن يقرأوا جيداً ما يدور على الساحة العراقية من تغيرات جذرية لا يراها إلا من فتح الله قلبه للحرية. أما العبيد فإنهم يرون شمس الديمقراطية تسطع على صفحة دجلة والفرات ويتساءلون ببلاهة البهاليل:

لماذا كل هذا الديجور في العراق، وأين النور؟



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو قال العراقيون -لا- للدستور؟
- ورغم هذا، فالعراق بألف خير !
- ميلاد شعب عظيم
- عار المثقفين العرب في العراق
- هل الإرهاب ضرورة تاريخية للتغيير؟
- القرار 1626انتصار لبيان الليبراليين
- كيف سيَمْكُرُ تاريخُ العربِ بنابليون الأمريكي؟
- خُرافة علاقة الإرهاب بالتعليم الديني!
- هل ستصبح الفيدرالية العراقية نموذجاً عربياً يُحتذى؟
- تهافت المعارضة الدينية الأردنية
- النوابُ اليومَ والشعبُ غداً
- السُنَّة والفيدرالية والدستور العراقي
- مكاييل الأردنيين شارعاً وإعلاماً
- عندما يرفضُ الملكُ مصافحةَ رعاياه!
- ما هو مستقبل الهاشميين في الأردن؟
- هل سيصبح الأردن النموذج الديمقراطي العربي؟
- ثقوب في -الشورت- الديمقراطي الأردني
- لماذا لم يُفتِ أحد بقتل ابن لادن حتى الآن؟
- الدستور العراقي ومسؤولية الليبراليين
- وباء الديكتاتوريات يلتهم المليارات


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - اليوم يرسم العراقيون مستقبلهم